الأحد، 26 أغسطس 2012

الطفل والإعلام


إعلام الطفل نظرة إيجابية:
     حقاً من ملك الإعلام ملك كل شيء، لا أقول ملك الشارع، بل ملك كل شيء، فالإعلام يسيطر ليس على الشارع، بل على الشارع والبيت وغرف النوم، وحتى على الأحلام والمنامات، أليس بعض الأطفال يعانون من القلق الذي تسببه أفلام الرعب، فإذاً هناك تأثير شديد للآلة الإعلامية.

    إن الطفولة مرحلة مهمة من مراحل الحياة، ولا سيما في مجتمعات خصبة كمجتمعاتنا، وقد بينت الإحصاءات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن (40%) من أبناء مجتمعنا العربي هم من الشريحة العمرية من (0) إلى (14) سنة.
     وإعلام الطفل من أهم أنواع الإعلام إذا نظرنا له من جانب التقسيم بالشريحة العمرية، ولذا فإن الشركات تعمل على أساس أن الطفل عالم قابل للتشكيل بحسب الرغبات والأهداف المقصودة، وأنه رهان كبير على المستقبل والحاضر، إذ بامتلاكه والسيطرة على وعيه والتحكم في ميولاته يمكن امتلاك المستقبل والسيطرة عليه، فالطفل هو الغد القادم، وما يرسم هذا الغد هو نوعية التربية والتلقين التي نقدمها لهذا الطفل في الحاضر.
     قليلون هم الذين إذا درسوا الجوانب الإعلامية المختلفة يحرصون على ذكر الإيجابيات لوسائل الإعلام، وإنما تطغى النظرة العامة فيكون الحديث منصب في جانب السلبيات فقط، ومن هنا أحببنا أن نطرح بعض الإيجابيات:
إيجابيات إعلام الطفل:
     تنمية الحس الجمالي لدى الأطفال: إذ تُعطي الطفل إحساساً باللون والشكل والإيقاع الصوتي الجميل وتناسق الحركة وملائمة أجزاء الصورة بعضها لبعض.
     ذكر العلماء والتربويون الحاجات الأساسية للطفل وهي:
(الحاجة إلى الغذاء، والحاجة إلى الأمن، والحاجة إلى المغامرة والخيال، والحاجة إلى الجمال، والحاجة إلى المعرفة) وأفلام الكرتون الرسوم المتحركة تلبي الثلاث حاجات الأخيرة، وبهذا المقياس تكون إيجابية.

تنمية الخيال بأنواعه: القصصي والدرامي، والخروج عن الواقع إلى شخصيات لا نجدها في عالمنا، وأحداث لا يمكن أن تقع، وقد يتسرع بعضنا إلى القول بأن ذلك سلبي، والحق أن الخيال حاجة أساسية من حاجات الأطفال بشرط ألا يكون مغرقاً سلبياً لا يحمل قيمة، ولا يغرس فضيلة.
إن الخيال الذي نصادفه في أفلام الرسوم المتحركة هو الذي يعطي الطفل الرؤيا البعيدة المدى، وهو الذي يجعله يحلل ما يدور حوله من أحداث ومواقف، ويفعل عمليات التفكير العليا لديه، كالاستدلال والمقارنة والاستنتاج والتحليل والتركيب مما نفتقده في المدارس غالباً، بسبب أننا نستبدل ذلك كله مهارة واحدة فقط تجعل الطفل كالببغاء، وهي مهارة التذكر.
تعزيز الشعور الديني وتنمية المشاعر والوجدانات: وقد ظهرت بعض الشركات في العالم العربي أنتجت أفلاماً من التراث وغيره، وأذكر منها آخر الأفلام وهو فيلم ( محمد خاتم الأنبياء ) الذي أنتج وفق أحدث التقنيات، وبأيدي أمهر الرسامين في العالم، وسجل أصواته في نسخته الانكليزية أقوى الممثلين الأمريكيين. هذا الفيلم يُذكّر الطفل بأحداث السيرة النبوية الشريفة، ويعطيه صورة رائعة لبطولات الصحابة رضوان الله عليهم إبان الدعوة وبداية ظهورها، وهو على إيجابياته الكثيرة لا يسلم من انتقاد.تنمية الشعور الوطني: من خلال حث الطفل على حب الوطن، والتضحية في سبيله.
تنمية الثروة اللفظية للطفل: مما يمنحه قدرة على التعبير، وفهم العربية الفصحى أكثر، وأفلام الرسوم المتحركة تعلم الأطفال العربية أكثر مما تفعله الكتب المتخصصة في القواعد والنحو، ذلك لأن الطفل يتكلم الفصحى، ويسمعها في مجال التطبيق بعيداً عن التنظير، وكثيراً ما يفاجئنا الصغار جداً بتعبير فصيحة، مما يرسم البسمة على وجوهنا.تقديم المعلومات المختلفة للطفل مما يزيد من إطلاعه، ويُوسع من معارفه، والطفل اليوم يتعلم من أفلام الكرتون أكثر مما يتعلمه في المدارس، خاصة أن هناك بعض البرامج التي خُصصت لتقديم المعلومات بطريقة ممتعة وجذابة.إطلاع الطفل على بعض الأحداث التاريخية مما يذكره بماضي أمته المجيد، فهناك أفلام تحدثت عن: ( محمد الفاتح – صلاح الدين – أسد عين جالوت – فتح الأندلس ) وآخرها فيلم ( محمد خاتم الأنبياء ).أفلام الرسوم المتحركة الهادفة، والجيدة المحتوى لها دور مهم في غرس القيم التربوية عند الأطفال، فهي تقدم أمثلة واقعية تطبيقية للصدق – والوفاء – والتعاون – ومساعدة المحتاجين – وتقديم العون للفقراء – وحب الوالدين – واحترام الجدين – والمعلمين والكبار.
سلبيات وسائل الإعلام على الطفل:
نقل أخلاق ونمط حياة البيئات الأخرى إلى مجتمعنا، ونقل قيم جديدة وتقاليد غريبة تؤدي إلى التصادم بين القديم والحديث، وخلخلة نسق القيم في عقول الأطفال من خلال المفاهيم الأجنبية التي يشاهدها الطفل العربي.مشاهدة العنف في أفلام الأطفال والذي بدوره يثير العنف في سلوك بعض الأطفال، وتكرار المشاهد تؤدي إلى تبلد الإحساس بالخطر وإلى قبول العنف كوسيلة استجابة تلقائية لمواجهة بعض مواقف الصراعات، وممارسة السلوك العنيف، ويؤدي ذلك إلى اكتساب الأطفال سلوكيات عدوانية مخيفة، إذ إن تكرار أعمال العنف الجسمانية والأدوار التي تتصل بالجريمة، والأفعال ضد القانون يؤدي إلى انحراف الأطفال.صناعة قدوات غير ما نطمح إليه في تربية أبنائنا على العلم وأهل المعرفة والإنجاز الحضاري للمجتمع، ومن تلك القدوات التي تُصنع لأطفالنا مثل: نجوم الفن والغناء والرياضة...  والتركيز عليهم يكون على حساب العلماء والمعلمين.
تصوير العلاقة بين المرأة والرجل على خلاف قيمنا الإسلامية والعربية الأصيلة.
     كثير من الأحيان تثير في النفس الغرائز البهيمية في وقت مبكر، ولذا فقد ذكرت ( وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك ) أنه: شن تحالف من منظمات أهلية ودينية وتعليمية أمريكية هجوماً على السينما الأمريكية، متهمين إياها أنها تروج لأفلام أطفال تحتوي على مشاهد وإيحاءات جنسية تضر بأطفالهم، كما أنها تعمل على ترويج إعلانات تعلم أولادهم ثقافة الجشع والتصرفات الاستهلاكية من الصغر.
أضرار تربوية مثل: السهر وعدم النوم مبكرًا، والجلوس طويلاً أمامها دون الشعور بالوقت وأهميته، مما له أثره على التحصيل الدراسي وأداء الواجبات المدرسية.
أضرار صحية: الجلوس الطويل أمام وسائل إعلام الطفل يسبب العديد من الأضرار الجسمية والعقلية كالخمول والكسل، والتأثير على النظر والأعصاب وعلاقة ذلك بالصرع والسلبية، والسمنة أو البدانة التي تصيب بعض الأطفال لكثرة الأكل أمام هذه الوسائل مع قلة الحركة واللعب والرياضة.
أضرار نفسية: منها إثارة الفزع والشعور بالخوف عند الأطفال عبر شخصية البطل والمواقف التي تتهدده بالخطر، والغرق في الظلمة والعواصف والأشباح خاصة إذا كان الطفل صغيرًا ويتخيل كل الأمور على أنها حقائق.[1]
 
أفلام الكرتون "ياما تحت السواهي دواهي"
إن مشكلة التلقي من خلال هذه الشاشة تكمن في أن المشاهد غير قادر على مراجعة ما يستقبله من برامج، فهو يشاهد البرنامج تلو الآخر، فتنساب الغايات والمفاهيم إلى اللاوعي من دون محاكمة، هذا للمشاهد الكبير والواعي فما بالك بالطفل ؟!
وإشكالية أن برامج الرسوم المتحركة لا تدخل بمجرد وصفها رسوماً ملونة، بل بما تحويه من قيم ومفاهيم وأدوات درامية اختزنتها المسلسلات الكرتونية ويتقبلها الطفل كما هي.
     إذا جلس الطفل أمام شاشة التلفاز فإنه يعيش لحظات ممتعة بالنسبة له، وأقوى تعليم ورسوخاً في ذهن الطفل هو: التعليم عبر الترفيه والشاشة الصغيرة أجادت ذلك وتفننت فيه، فكيف كان الأثر ؟
في إحصاء عن الأفلام التي تُعرض على الأطفال عالمياً، وُجد أن:
29.6% منها يتناول موضوعات جنسية بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
27.4% منها يعالج الجريمة والعنف والمعارك والقتال الضاري.
15% منها يدور حول الحب بمعناه الشهواني العصري المكشوف.
وهنا انقل مقولة مهمة للطبيب النفسي (فريدريك ورثام) حيث يقول: "إن الأطفال في سن الحادية العشرة يتأثرون بالعنف والجنس، ويحيون حياة أشبه بأحلام اليقظة، ويمارسون العادة السرية، ويربطون بين القسوة والعنف والجنس".
 ماذا عن إنتاج أفلام الكرتون العربية على مستوى العالم ؟
     في عام 2000م كان إنتاج اليابان من أفلام الكرتون 22 ساعة أسبوعياً، والرقم السنوي لليابان بمفردها هو1144 ساعة تقريباً!! وأما الدول العربية مجتمعة، ففي أحسن الأحوال، كانت لا تُقدّم أكثر من 30 ساعة سنوياً، ليس أسبوعياً ! فالنسبة بين إنتاجنا وإنتاج اليابان 2%، وهذه النسبة قد بُنيت على أحسن احتمال لإنتاجنا، وأسوأ احتمال لإنتاجهم، ناهيك عن فرق النوعية والجودة المتميزة في أعمال اليابانيين، وأفلام الكرتون المنتجة محلياً، البسيطة التي تفتقد إلى الحرفية والجودة العالية، ومع ذلك فقد كانت نسبة إنتاجنا إلى إنتاجهم 2% ![2]
 
وماذا عن ثقافة الطفل ؟
في ميدان ثقافة الطفل تتجلى أقصى صور التحدي، حيث تستهلك جميع البلاد العربية ما لا يزيد على 10% مما استهلكته دولة مثل بلجيكا في الكتابة على الورق للأطفال، على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز نسبة 10% من سكان الدول العربية ! وفي الاتحاد السوفيتي السابق كان نصيب الطفل 457 كتاباً في السنة، وفي المقابل تصدر جميع الدول العربية 6 كتب سنويا للطفل!
ولعل جزء من السبب هو ندرة الكُتّاب المختصين بثقافة الأطفال، ففي دراسة علمية أعدها خبراء المجالس القومية المتخصصة بمصر، وجدوا أن هناك ( 166 ) متخصصاً في ثقافة الأطفال مقابل 22 مليون طفل عربي ![3]
عالم ديزني:
توصل باحثان أمريكيان قاما بدراسة لبرامج وكتب ديزني الهزلية التي لقيت رواجاً على نطاق واسع عبر العالم  إلى: أن هذه البرامج والكتب تتضمن قيم العنصرية والإمبريالية والجشع والعجرفة، وفي النهاية فإن هذا العالم الخيالي الموجه للأطفال يغطي نسيجاً متشابكاً من المصالح ويخدم إمبريالية أمريكا.
ولك أن تعلم أن ديزني قد ظهرت بوجهها الحقيقي عام 1999م وبتوجهاتها المنحازة لإسرائيل وأنها ليست محايدة كما كان يعتقد البعض، عندما اعتزمت إقامة جناح خاص بالقدس الشريف يعرضها كعاصمة للكيان الصهيوني بمناسبة معرض الألفية الثالثة.[4]
ميكي ماوس:
لتتبلور الصورة أكثر في معرفة مدى انتشار أفلام الكرتون وتأثيرها على الناس والمجتمعات:
 هل تعلم أن برامج ( ميكي ماوس ) قد شاهدها أكثر من (240) مليون.
واشترى اللعبه أكثر من (80) مليون.
وقرأ مجلاته أكثر من (800) مليون.
ورقص على موسيقاه أكثر من (50) مليون فرد.
في حين أن الدول العربية لا تزال تختلف على اختراع شخصية كرتونية عالمية ومؤثرة.[5]
  ( بيب بيب ):
قد يكون البعض شاهد الذئب ( رود رنر ) الذي يطارد عداء الطريق، أو ما كنا نسميه صغارا ( بيب بيب ) وهذا الذئب دائماً ما تنتهي كل ابتكاراته الرائعة للقبض على ( بيب بيب ) بالفشل، ورغم أنه لا يألو جهدا في سبيل تطوير أفكاره، فيريد أن يُسقط صخرة على ( بيب بيب ) فتسقط على أم رأسه ويفشل، يريد أن يمسك ( بيب بيب ) فيصطدم بشاحنة ويفشل، يريد أن يفجره فتنفجر القنبلة فيه !
والغريب أن هذا المسلسل الكرتوني ممنوع من البث في اليابان لأنه يسبب الإحباط لدى الأطفال، ويغرس فيهم  الانهزامية لأنهم يرون أن الذي يخطط ويفكر لا يخرج بنتيجة بل على العكس تنقلب خططه كلها ضده.
وكذلك أطفال أمريكا قدموا اعتراضا أيضا على هذا المسلسل، واسم هذا المسلسل بالانجليزية ((
to beeb or not to beeb  )) وهو مأخوذ من مقولة في مسرحية شكسبير ((to be or not to be  )) ومعناها أكون أو لا أكون..
ونحن مازال أطفالنا يستمتعون بالضحك عليه، أو كأحسن حال مازال مثقفونا يتناقشون هل يمكن أن تكون لأفلام الكرتون أي تأثيرات على أفكار وسلوك المشاهد !
 
لنعش أسبوعاً واحداً مع برامج الأطفال:
دعونا نقترب لأطفالنا أكثر ونحرص أن نشاهد ما يشاهدونه أيضاً ولكن ننظر إليه بعين البصير الناقد، وحقيقة هذا ما قام به مدير الإعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية الأستاذ / عبد المنعم الأشنيهي، في دراسة خطيرة  تناولت أثر البرامج التليفزيونية الموجهة لأطفالنا، تم رصد إحدى القنوات العربية المتخصصة في الأطفال لمدة أسبوع واحد فقط فكانت النتائج التالية:
  في أسبوع واحد فضائية عربية للأطفال تعرض 300 جريمة قتل في برامج الأطفال !!!
فقد قام الأشنيهي في دراسته بتحليل مضمون ما تبثه قناة عربية واحدة من بين القنوات العربية الفضائية والأرضية، تم اختيارها عشوائيًا في ما بثته خلال أسبوع من برامج أطفال مستوردة من الغرب، أكد أنها عرضت أكثر من 300 جريمة قتل بالإضافة إلى إعلانات تدعو الأسر إلى شراء أشرطة فيديو تتضمن أعمال عنف، وبتحليل ما بثته هذه القناة من أفلام خلال نفس الفترة وجد أن:
 30% منها تتناول موضوعات جنسية، و27% تعالج الجريمة، و15% تدور حول الحب بمعناه الشهواني.
عنف وقتل
وأوضحت الدراسة أن تحليل مضمون الرسوم المتحركة المستوردة من الغرب التي عرضتها نفس القناة الفضائية العربية خلال نفس الفترة كشف عن أنها تتضمن عنفًا لفظيًا تكرر 370 مرة ونسبة بلغت 61% وبمعدل نسبي يفوق العنف البدني الذي بلغت نسبته 39% في أحد مسلسلات الرسوم المتحركة ( سلاحف النينجا ) كما تنوعت مظاهر العنف اللفظي حيث ظهر السب والشتائم بنسبة 49% والتهديد بالانتقام بنسبة 23% والتحريض 14% والاستهزاء والسخرية بالآخرين 12% والقذف 3%.
من جهة أخرى تجسد العنف البدني في سبعة مظاهر:
 يتصدرها الضرب بالأيدي بمعدل نسبي 25%
فإلقاء الأشياء على الآخرين بنسبة 20%
ثم تقييد حركتهم بنسبة 18%
ثم  الشروع في القتل بنسبة 17%
ثم خطف الأشخاص بنسبة 9%
فالسرقة بالإكراه بنسبة 7%
وأخيرًا الحبس بمعدل نسبي 3% [6]
قد يقول البعض ولكنها لن تؤثر على سلوك أطفالنا وإنما هي للترفيه فقط ؟
الطفل – كما هو معلوم – لا يملك رقابة ذاتية من وعيه وإدراكه وشعوره ؛ لأنه في طور تكوين فكرة عن الحياة، وعمره لا يسمح له – إلا في حدود يسيرة – التمييز بين الغث والسمين، والطيب والخبيث، والقبيح والجميل.
يضاف إلى ذلك أن مؤثرات الصوت والصورة والحركة التي يراها الطفل أمامه في الرسوم المتحركة تشده وتنقله إلى عالم آخر غير واقعي، فتراه متسمراً أمام التلفاز يتابع الأحداث بكل اهتمام وانتباه، ويكاد نفسه ينقطع إذا ما تأزّم الموقف، ثم تنطلق صيحاته وتتحرك يداه بعنف وعفوية عند أي موقف مثير، ناسياً ما حوله ومن حوله.
وبالدراسة وُجد أن الأطفال الذي يُقلّدون حركات: ( غريندايزر ) و ( أبطال الملاعب ) و (الرجل الحديدي) و (الكابتن ماجد) قد بلغوا نسبة 19.28%.

باحث كوري  يحذر:
من خارج الولايات المتحدة - وليس من اليابانيين المدرسة المنافسة لديزني - نجد مَن يعارض أفلام الكارتون التي تقدم من المدرستين اليابانية والأمريكية لأنها تشكل خطرا على الطفل ومعتقده.
فقد حذر البروفيسور ( هان ) أستاذ قسم الرسوم المتحركة في جامعة "سيجونغ " بكوريا الجنوبية من خطورة الرسوم المتحركة المستوردة على عقول الأطفال، وخاصة أفلام والت ديزني الأمريكية التي تمجد قيم الحضارة الأمريكية، وتقدّس سيطرة الرجل الأبيض وسيادته  وكذلك الرسوم المتحركة اليابانية المعقدة، والتي تضع نظرة تشاؤمية للمستقبل.
كما قال البروفيسور هان: إن تقبّل كل ما أنتجته ديزني بحجة أنه  " مجرد كرتون لا غير " ؛ لتغير المحتوى بشكل كبير عن الرسوم التي ظهرت مبكراً بقوله: لأن إنتاج ديزني هو من الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال والعائلات فإن الناس يميلون إلى تقبّل ما يأتي فيها والثقة بأنّ كل فيلم كرتون يحتوي على قصص جيدة وجميلة وبريئة بدون أي تحفظات أو فحص مسبق، وأكد أن النظرة العامة تعد الشخصيات الكرتونية فاقدة للهوية، وهذا ما يسهل انتشارها ونشرها لأيدلوجية راسميها.[7]
 
"البلاستيشن"  لذيذ..
 ألعاب الفديو ( البلاي ستيشن ):
يرى العالم التربوي (شيلر) الفكرة التي تقول: ( بأن الترفيه لا ينطوي على أي بعد تربوي أو نفسي، هي اليوم أكبر خدعة أو كذبة في تاريخ البشرية ).
     تؤكد إحدى الدراسات على أن الأطفال المشغوفين بهذه اللعبة يصابون بتشنجات عصبية تدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصالهم ودمائهم ؟ حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصرع الدماغي، إذ ماذا تتوقع من طفل قابع في إحدى زوايا الغرفة وعيناه مشدودتان نحو شاشة صغيرة، تمضي ببريق متنوع من الألوان البراقة المتحركة، ويداه تمسكان بإحكام على جهاز صغير ترتجف أصابعهما من كل رجفة من رجفاته، وتتحرك بعصبية على أزرار بألوان وأحجام مختلفة كلما سكن، وآذان صاغية لأصوات وصرخات وطرقات إلكترونية تخفت حينا وتعلو أحياناً أخرى لتستولي على من أمامها، فلا يرى ولا يسمع ولا يعي مما حوله إلا هي.[8]

ألعاب الفديو والعنف:
   يقول الدكتور سال سيفر: ( إن ألعاب الفيديو  يمكن أن تؤثر على الطفل فيصبح عنيفاً، فالكثير من ألعاب ( القاتل الأول ) " فيرست بيرسون شوتر " تزيد رصيد اللاعب من النقاط كلما تزايد عدد قتلاه، فهنا يتعلم الطفل أن القتل شيء مقبول وممتع ) [9]
لنتساءل: ألعاب الفديو مجرد ألعاب أم وسائط ثقافية ؟ هي ألعاب وفي حقيقتها وسائط ثقافية فهي تعيد صياغة شخصية الطفل وفقاً لثقافة أخرى غير ثقافته الإسلامية والعربية، وهذه الصياغة تشمل مشاعره وطريقة تفكيره وقيمه وسلوكه و مفهومه لذاته وعلاقته بنفسه و بغيره.
مثلاً:
 لعبة من ألعاب الفديو اسم اللعبة "وقت للقتل "
Time to kill " للوهلة الأولى اسم مخيف، وعنوان كبير يملأ الشاشة، مهمته تهيئة ذهن الطفل لممارسة القتل حينما يشرع باللعب، وهذه هي الرسالة الأساسية التي يتضمنها العنوان للطفل الصغير، والطفل يبدأ اللعبة متحفزاً مستعداً لقتل خصمه، ويشعر أن هذا القتل مشروع بل إنه لا يفوز في اللعبة من غير القتل.
إن هذا القتل يتناسب مع ثقافة (رامبو) الشخصية الأمريكية الكرتونية الشهيرة وشخصية الأفلام السينمائية المعروفة، والكاوبوي أو رعاة البقر، ولكنه لا يتفق مع ثقافتنا الإسلامية، نحن إذا رأينا الطفل يتتبع نملة ليقتلها نهيناه، وإذا رأينا معه قطة صغيرة يؤذيها أو عصفوراً صغيراً يلعب به أمرناه بالشفقة عليه، وذكّرناه أن إيذاء هذه الحيوانات عمل مذموم، فما بالك بقتلها أو التفنن في تعذيبها حتى تموت.
تبدأ اللعبة "وقت للقتل" باستعراض بعض صور شخصيات اللعبة، وتبدأ بعرض صور كرتونية لنساء جميلات عاريات أو شبه عاريات، هذه الصور تهدم معنى من معاني ثقافتنا وأدبنا الإسلامي الذي ننشئ عليها أبناءنا وبناتنا وهو الستر والحياء والعفاف.
وبدأ الطفل يلعب، ولكن ضمن معايير وقيم ثقافة أخرى، وصور العري والقتل والدم المتفجر من الأجساد تتوالى على ذهنه سِراعاً، وتنطبع فيه مصحوبة بمشاعر الفوز والانتصار وبلوغ الهدف، وكلها مشاعر جميلة تدخل السرور على النفس، وفي كل مرة يتذكر الطفل انتصاره في اللعب يقفز إلى ذهنه مع صور الانتصار وفقاً لقانون الارتباط الشرطي في علم النفس صور العري وصور القتل والدم، وهكذا كما يستلذ الطفل للانتصار يستلذ لصور العري والقتل والدمار، ومرة بعد مرة تتغير قيم الحسن والقبح عند الطفل، وتتغير معها معايير الجمال والخير والشر والحق والباطل، وهذا نموذج للعبة واحدة فقط وأطفالنا لو سألناهم لذكروا لنا الكثير التي ينكرونها في بداية لعبهم ثم يألفونها ويستمتعون باللعب فيها.[10]
مثال آخر:
لعبة بلاستيشن ملخصها أن اللاعب الفائز هو الذي يستطيع أن يعري المرأة التي أمامه أكثر من الآخر، وآخر قطعة يسقطها الطفل عن جسدها تكون هي مكمن فوزه ![11]
التعامل مع الأديان:
ولعبة أخرى يدخل فيها اللاعب إلى قصر كبير له قبب ثم يجد أناساً على شكل صفوف ولا يمكن للاعب أن يفوز حتى يقتلهم ثم يتجه بعد ذلك إلى صندوق صغير أخضر ليطلق عليه بعض الرصاصات وينفجر بعد ذلك تنتهي المرحلة وينتقل إلى مرحلة أخرى.
(هل اتضحت الصورة أم تحتاج إلى شرح: ( مسجد – مسلمون يصلون – مصحف يتم تدميره).
 
سلبيات ألعاب الفديو على القيم الإنسانية:
الألعاب الإلكترونية تعتمد اعتماداً كلياً على الخيال، والإكثار منه، وهذا بالنسبة للأطفال الصغار فيما دون العاشرة مضر لهم معيق لنموهم، والطفل يحتاج أن يدرك الواقع ويتعرف عليه كي يصدر أحكاماً واقعية على بيئته، ويحتاج أن يدرك الواقع كي يعرف قوانين السببية التي تحكم العالم من حوله.
الألعاب الالكترونية تقوم على قلة الحركة فالطفل يجلس في مكان واحد ساعات طويلة يلعب أمام الشاشة، وربما كان أيضاً يأكل بعض الحلويات أو يشرب المشروبات الغازية، والجلوس من غير حركة مع الأكل المستمر مدمر لصحة الطفل. كثير من الألعاب فردية تفصل الطفل عن محيطه وتعلمه الوحدة، وهذا معيق للنمو الاجتماعي عنده مضعف لتواصله مع الآخرين.
 ما العمل ؟
ألعاب الفديو والتعامل معها بإيجابيه:

لست ممن يؤيدون منع ألعاب الفديو ( البلاستيشن ) تماما ً ولكن يمكن أن نتعامل معه بإيجابية وفق التالي:
 قلل من الألعاب الإلكترونية لطفلك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وشجّع طفلك على استخدام سواها، مثل الألعاب التركيبية اليدوية تُمثل بديلاً حسناً وغيرها كثير.
شجّع طفلك على الألعاب الذهنية التي تستخدم العقل في الوصول إلى الهدف وتجنب الألعاب التي تستخدم القوة في الوصول إلى الهدف.
شجع طفلك على الألعاب المشتركة وتجنب ما أمكن الألعاب الفردية، إن طفلك بحاجة إلى أن ينمو في تواصله الاجتماعي فشجعه على ذلك وهيئ له سبله.
شجع طفلك على الألعاب ذات الحركة الجسمية التي تستدعي منه الحركة والانتقال من مكان إلى آخر مثل: ( الجري وكرة القدم وكرة التنس وكرة السلة و السباق و السباحة... ).
في جميع الألعاب ابحث عن البديل القيمي والبديل الأقرب إلى ثقافة طفلك، لا تترك ثقافة أخرى تختطفه من بين يديك وأنت لا تشعر.
خصص وقتاً للألعاب الإلكترونية وما يشابهها كأفلام الكرتون، ولا تتركها تستأثر بوقت طفلك كله، فهو بحاجة إلى الحركة، وبحاجة إلى الثقافة، وبحاجة إلى أنواع أخرى من اللعب.
خصص لطفلك وقتاً لمشاهدة بعض الأفلام النافعة مثل: فلم الرسالة أو عمر المختار أو فلم صلاح الدين الكرتوني أو محمد الفاتح أو بعض القنوات والبرامج القيمية، أو الأفلام التي تتحدث عن الطبيعة وحيواناتها، أو الفلك ونجومه وأفلاكه، فهو بحاجة إلى الثقافة والمعرفة، وشجعه عليها، ولكن لا تتركها أيضا تستأثر بوقته.
علّم طفلك أن هناك أوقاتاً للجد والعمل المثمر وهناك أوقاتاً للعب، ومن الخطأ أن يطغى وقت اللعب على وقت الجد.
إياك أن تحرم ابنك أو بنتك من اللعب، أو تصوره له على أنه أمر مذموم يجب أن يترفع عنه، فاللعب ضروري له ولنموه ونشأته نشأة سليمة سوية، وهو عون له على مزاولة الجد في حياته، ولا يوجد إنسان يستغني عن اللعب، فشجّع ابنك على اللعب ولكن بقدر، وتذكر أن النفس السوية المستقرة تحتاج قدراً من اللعب والمرح.
 حدد ساعات معينة للعب في الألعاب المختارة بعناية بحيث لا تزيد عن ساعة في اليوم الواحد أو ساعتين على الأكثر متقطعتين غير متواصلتين، حتى لا تضيع أوقات الأطفال هدراً، وقد ذكر خبراء الصحة النفسية والعقلية على ضرورة قضاء 75%  من وقت فراغ الطفل في أنشطة حركية، وقضاء 25%  في أنشطة غير حركية.
لابد أن نمنح أطفالنا من أوقاتنا، لنتحاور معهم، ونقص عليهم قصص تاريخنا الجليل، وبعض القصص المعاصرة ذات القيم التربوية  ونخرج معهم للفسحة، ونخطط لأوقاتهم.[12]
ومع هذا كله..
  لننطلق أكثر في التفكير الدائم لإيجاد أفكار متجددة تنمي قدرات أطفالنا لإعدادهم للمستقبل، بدلاً من إفناء حياتهم فيما يعود بالضرر البالغ عليهم.

ماجد بن جعفر الغامدي

نقلاً عن المراجع التالية:
 -------------------------------------
[1] بتصرف من كتاب " الغزو الفكري في أفلام الكرتون، د. أحمد نتوف، 2007م )
 [2] كتاب: الإعلام في العالم الإسلامي الواقع والمستقبل، د. سهيلة زين العابدين
 [3] كتاب: الإعلام في العالم الإسلامي الواقع والمستقبل، د. سهيلة زين العابدين
 [4] بتصرف: مقال: ( الطفل المسلم والإعلام المطلوب، إدريس الكنبوري )
 [5] كتاب: ( الإعلام عالم وفكرة )، عبدالله زنجير.
 [6] الدراسة نشرتها مجلة المستقبل الإسلامي في عدد158 جمادى الآخرة 1425هـ
 [7] بتصرف: مقال: ( الطفل المسلم والإعلام المطلوب، إدريس الكنبوري )
 [8] بتصرف موقع الإسلام اليوم، مقال: ألعاب الفديو والخطر البديل، د. خالد الحليبي
 [9] نفس المرجع
 [10] بتصرف من موقع الإسلام اليوم مقال: (الألعاب الإلكترونية: مجرد ألعاب أم وسائط ثقافية؟، د. عبدالله الصبيح )
 [11]  بتصرف موقع الإسلام اليوم، مقال: ألعاب الفديو والخطر البديل، د. خالد الحليبي
 [12] بتصرف من موقع الإسلام اليوم مقال: (الألعاب الإلكترونية: مجرد ألعاب أم وسائط ثقافية؟، د. عبدالله الصبيح)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق