الممتزج
بأخلاقنا وتقاليدنا ورجولتنا وقدرتنا الفائقة على الصمود... المتناغم مع دفء الفم
وارتياح العيون. إذا كانت الحواجب هي أول ما يثيرك ويجذبك في وجه المرأة، حيث درجة
تقوسها وغلظتها وكثافتها ورُفعها ودقتها، قبل الفم والخدود ولون العين، فإن الشنب
هو أول ما يثيرك أو يضايقك في وجه أي رجل، حيث يظل الشنب عنوانا أو يافطة على وجه
الرجل، وعن طريقه تستطيع أن تستنتج شخصية من تشاهده أو تتحدث معه، حيث يظل الشنب
قادرا على إظهار شخصية هذا الرجل: خشن أو هادئ الطباع، حاد أو ماكر أو خبيث أو حتى
أبله، كل ذلك تستنتجه فور رؤيتك لشاربه، وبالطبع كل ذلك سوف لا تعلمه إذا كان
الوجه الذي تنظر إليه من دون شنب.
▼
الجمعة، 26 مايو 2017
• الزواج طريق للعبقرية
التعايش مع العباقرة هو نوع من الفن الصعب، وعدم المبالاة
بالآخرين قوام هذا الفن، هذا الكتاب لمؤلف ثاقب الذهن، قام بدراسة تمحيصية
للعلاقات الزوجية لتسعة من مشاهير الكُتّاب: ليو تولستوي 1828 - 1910، جورج برنارد
شو 1856 - 1950، جوزيف كونراد 1857 - 1924، جيمس جويس 1882 - 1941، فيرجينا وولف
1882 - 1941، د. هـ. لورنس 1885 - 1930، كاترين مانسفيلد 1888 - 1923، سكوت فيتز
جيرالد 1896 - 1940، وأرنست همنجواي 1899 - 1961 (إلى اليمين). وكل دراسة قام بها
المؤلف تبدو متألقة وتستوقف الانتباه، وكل دراسة تنعكس على الأخرى بفتنة تأسر
الألباب.
استحوذ المؤلف على ناصية الأدب المعاصر بصورة متشابكة، وأعدّ
سيراً ذاتية مكتوبة بصورة تطابق الأصل لخمسة من الذين تناول دراسة حياتهم، وأماط
اللثام بأن حياة من كتب عنهم قد تغلغلت بحذق إلى كتاباته السردية، إنها محاولة
صعبة المرتقى لكتابة السير الأدبية.
من هذه الباقة، فإن تولستوي يُعد دُرّة هذا العقد الفريد
وعبقريته، لكنه على الصعيد الإنساني، كان منفّراً وعنيداً متصلبا وأحمق، أحياناً،
بعد أن قضى ميعة شبابه بين الكأس والراح وموائد القمار، عندما نيّف من العمر أربعة
وثلاثين عاما (1862) انزلق إلى حب مجنون مع فتاة عمرها ثمانية عشر عاما، حسناء
الملامح تبدو كطيف تغلله البراءة تدعى صوفيا بيهوس، التي كرست كل حياتها لواحد
ينتمي لطبقة من الفلاحين البسطاء، وكان يعمد إلى كل هفوة تصدر منها ويعممها على
بنات جنسها - ولم يفتأ بأن يقول برأي أهوج: «إن المرأة غبية بصفة عامة وقبيحة
وقذرة أيضا؟!»، وقد أنجبت له خمسة أطفال، وعندما أسرت له عن مخاوفها في أن تكون
حاملا مرة أخرى، أطلق العنان لرغباته المتقدة، ولم يرض بديلا - في خمسينيات القرن
التاسع عشر - عن إنجاب ثلاثة عشر طفلاً، ثم وافاها أجلها بعد ذلك.
وعلى الرغم من كراهيته وخوفه من النساء، فإن الترتيبات التي
قام بها شو للاقتران بزوجته (تشارلوت بايين) الذي كان تياها بالزواج منها، كان قد
دفع لها دوطة (مهر) مرتفعة جداً بمعيار ذلك الزمن تبلغ أربعة آلاف جنيه إسترليني
(نحو 7400 دولار)، وعاشت كزوجة له لطيفة المعشر طيلة خمسة وأربعين عاما.
جوزيف كونراد، كان طبيعيا للغاية، فمنذ أن اقترن بامرأة سبق
لها الزواج تدعى
Jessie جيسي،
كانت موظفة سابقة على الآلة الطابعة، كانت من الناحية الفكرية، غير ناضجة، ولكنها
كانت ممتازة في الأعمال المنزلية الروتينية، كانت تعامل كونراد كابن، وليست كزوجة
له، تدلله فتناديه: «يا ولد»، وتطبّبه خلال نوبات الكآبة التي كانت تنتابه من حين
لآخر.
عندما جاء أول ابن له، شعر كونراد بالغيرة، لأنه حل محله من
تدليل واهتمام، وهذا قاده إلى فعل غريب، عندما كان يستقل قطارا مع زوجته وابنهما،
ألقى بملابس طفله مُطوّحا بها من النافذة! ارتسم الغضب على وجه جيسي وظهر الوجوم
على مُحيّاها، وتخيلت أن هذه الملابس ربما كانت تدثر جسد طفلها، فلربما وجدته جثة
هامدة؟!، وكانت هذه الحادثة مخاضا لروايته (العميل السري
The Secret Agent) حيث
إن بطل الرواية
verloc،
كان شخصية مريبة وعاجزة عن الاضطلاع بأي مسئولية، بل وقتل ابن زوجته من زواج سابق stevie الذي كان ملاذ حبها الوحيد.
جيمس جويس، نموذج للزواج الأكثر سعادة، قدمه المؤلف، والذي لا
نظير له، جويس مع نورا بارنكل
Noura Barnacle, كانت
فتاة غرّة لم تحظ بتعليم، تتحدر من غرب أيرلندا، كان فهمها للأدب متواضعا، وكانت
تعتقد بأن كتابات زوجها ما هي إلاّ «بلاهات» وكانت تناديه «جيم المغفل»، كان جويس
كاتباً بالسليقة، سعى سعيا حثيثا للارتقاء بمستوى نورا، كان زاجراً عقلانيا أمام
برودتها القاسية، ودائما كان يعبر عن احتياجه لامرأة تؤجج من مشاعره وتفتح مغاليق
خزينة براءته وتوصد أوهام مجونيته، خاصة أنه كان يعاني من مرض مؤلم في عينيه.
وقد بهتت نورا بخلاصة أفكار زوجها الأدبية، ولا سيما بعد أن
فرغ من كتابة أشهر أعماله
ULYSSES «يوليسس»،
حيث انغمست في قراءة - بعد أن أجادت القراءة - الرؤى الجميلة لبطل الرواية «موللي
بلوم» في النهاية، وعلّقت عليها قائلة: «إن هذا الرجل عبقري، ولكن أي عقل ملوث
يحمله فوق منكبيه، أليس كذلك؟!». كان جوليس يعاني من علة نفسية ما، وقد صَنّفها
عالم النفس فرويد 1856 - 1939 طبقاً لنظريته في اللاشعور والغريزة الجنسية.
د. هـ. لورنس، هو المؤلف الإنجليزي المشهور، ولم يلبث صداه
مرددا: «يجب أن تطوي بين جوانحك شيئا من الإثم - إلى حد ما - حتى تضحي كاتبا».
وتظهر كتاباته اهتماما عميقا للعلاقة بين الرجل والمرأة، والمضاعفات التي تصاحب
هذه العلاقة والصراع الذي يمزق الناس حول تعطشهم للحاجة إلى الحب والاستقلالية.
كان كفراشة انجذبت إلى نور فريدا فون ريتشسوفن Frieda Von Richthofen أشعّت فيه، أضواء التفكير العقلاني،
بالإضافة إلى محتد نسبها الأرستقراطي، وقد حررته من ربقة طبيعته المتشددة وانزوائه
على نفسه، لانه كان يعاني من السل، وسافر كثيرا للعلاج.
أشار المؤلف إلى أن أفكار وشخصية فريدا ظهرت في كل أعماله،
بالرغم من أنهما كانا على طرفي نقيض، كانا يظهران معا في المنتديات العامة يفعلان
نفس الشيء بحمية وحماس، وان شابت علاقتهما أشياء تشوش على هذا الحب، مثل جذب
الشعر، اللكزات الخفيفة، الصوت العالي، التحرش بأصدقاء كل منهما. يعتقد المؤلف أن
ثمة عنصرا للمزحات البسيطة والمحاكاة الأدبية الممسوخة في المناكفات الكلامية التي
كانت تشتجر بينهما.
كان لورنس، متبرمًا من الزوجة الخانعة، وقد صرح: «أريد من
يعارضني، أريد من أتشاجر معه، وإلا كان مصيري الإخفاق» - كما يظهر فسلوكه يتسم
بالقسوة والفظاظة مع زوجته التي تشاطره نفس الصفات، وهذا السلوك ناجم عن إدراك
باطن لهذه الحاجة، وفيما يخص زوجته فهي فرصة منصفة لها من ذات الصفات.
إن تحليلات المؤلف واضحة، وذات سمة جمالية، ولم يفقد رؤية
الحقيقة لان اتش. جي. ويلز
H.G.Wells (1866 - 1946) تحدث عن زواج لورنس بقوله: «إن أسرار العلاقات البشرية مازال
الغموض يكتنفها وتستعصي على الأفهام».
جيفري ميرس