الأربعاء، 26 يونيو 2019

• الحب أعمى فعلاً


تقول العرب إن "الحب أعمى" أي أن العاشق لا يرى في المحبوب حتى العيوب الظاهرة، وكثيرا ما يشكو العشاق، بعد الزواج، من أنهم كانوا "مغمضين" عندما علقوا وتعلقوا، ويبالغ بعضهم فيزعم أن الزواج يفتح العينين، وربما كان هذا صحيحا في العينين وفي "الجيبين" أيضا بعد أن ضربت تكاليف الزواج أرقاما قياسية، وبات الدخول في القفص الزوجة أصعب من الخروج من بغداد.

وكنت حتى مرحلة متأخرة أعتقد أن استخدام هذا المأثور الشعبي يقتصر على "الحماة" و"الضرة" وملحقاتهما، في الانتقام من "الأخرى"، تمهيدا للكشف عن عيوبها التي عمي الحبيب عنها. ولكن دراسة طبية ظهرت في الغرب أخيرا أثبتت علميا أن الحب يعمي البصر فعلا وواقعا.
تقول الدراسة إن العشق المفرط، وتواصل الحبيب مع حبيبه، يؤديان أحيانا إلى انفجار شرايين العيون وخلاياها مما يسبب للعاشق أو العاشقة عمى، يمكن أن يستمر شهورا، هذا في البداية، أما إذا أستمر العاشق في الإفراط بالحب، فان هذا الإفراط يمكن أن يؤدي إلى أن يصبح العاشق أعمى إلى الأبد.
ولا تحدد الدراسة مقياس الإفراط الغربي، ولكن بالتأكيد سوف يكون معتدلا مقارنة مع شرقيتنا المتطرفة، وخاصة في الحب، أقول هذا عن اقتناع ميداني فقد زرت معظم دول العالم، وسمعت كثيرا من اللغات الحية، ولكنني لم أسمع أحدا من العشاق الغربيين ينادي حبيبته قائلا: ياعيوني. أو.. يا بعد كبدي، أو يا قلبي... وكلها تكشف أن الحبيب يساوي - أن لم يكن أغلى- العينين والكبد والقلب... وكل جوارح الحب الأخرى.
وبالتأكيد فإن مجتمعات العالم الثالث لن تتوقف عن الإفراط في الحب، حتى ولو أدى إلى العمى، ولكن مشكلة هذه الشعوب تبدأ عندما تعشق " قائدها " وتفرط في هذا العشق بحيث يستمر عقودا، وعندئذ يمكن أن تصاب بالعمى، بينما القائد يطلب منها "أن تفتح عيونها على المؤامرات"
ربما كان " الحب العذري " هو الحل، أي الحب " من بعيد " فهو يحفظ. البصر والبصيرة مع أن السوابق الغرامية لا تشجع على هذا الاتجاه سواء عند جميل بثينة أو عند مجنون ليلى، إذ إن كليهما كان عذريا، ومع أن أحدا منهما لم يفقد بصره إلا أنه فقد عقله، ولعل فقدان العقل في العالم الثالث هو إحدى الراحتين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق