الثلاثاء، 18 يونيو 2019

• رسالة إلى زوج امرأة عاملة


هل تستطيع المرأة العاملة أن تقوم بواجباتها المنزلية ورعاية أطفالها بينما يكتفي زوجها بالمراقبة السلبية؟. أم أن عليه أن يترك دور "سي السيد" ويؤمن بأن الزمن لم يعد يناسب هذا الدور؟

سيدي.. أنت تشكو كثيرا من زوجتك العاملة.. تقول إنها لم تعد كـما كـانت قبل أن تلحق بذلك العمل. تتبرم من غيابها لمدة ثماني سـاعات يوميا عن بيتهـا، وبالتالي تقصيرها في واجباتها كزوجة وأم.
أوافقك الـرأي في أن العمل أو طموحاتنا الشخصية بشكل عام لا يجوز أن تأخـذ من اهتمامنا بالبيت ورعـايتنا لـلأولاد. أوافقك على أن تربيـة الأولاد- اليـوم بالـذات- أصبحت عبئـا ضخما لا يمكن أن يتركوا ليتحملـوه بمفردهـم. لم تعد الحياة ذلك الحقل الفسيح، واضح القسمات، محدد المعالم الذي تعبـره في استمتاع، وقـد تتساقط بعض قطرات العـرق، أو تصاب بلفحـة شمس، لكنك في النهاية تصل إلى مسافة منه بعـد جهد. إن الحياة اليوم صارت كغابـة كثيفة الأشجار لا تكـاد تتبين معـالمها، وإذا أنت توغلت فيها بمقـدار غابت عنك السماء واختفت أشعة الشمس وقد لا تجد إلا الظـلام الدامس. الحياة أصبحت كالمفازة، شاسعة بإفراط، بلا دليل عارف وخبير، يتربص بك السراب في جنباتها ويهلكـك الجهد الضائع بين دروبها. نحن متفقان أيضا على هذا يا صديقي. .
أسألك إذن: هل يمكـن للأم وحدها أن تقود سفينـة الأسرة وأن تنجو بها في هذا البحر المتلاطم من العـواصف والصخـور والدوامات؟!
هل تقدر الأسر في غياب الأب الفعلي أو المعنوي- على كبح جماح جيل لم تر البشرية من قبل في كل تاريخها ما يراه من إغراءات؟!
الأم ليست وحدها
مسئـوليـة البيت والأبنـاء إذن ليست مسئولية الأم وحدها.. ولا يمكن أن تكـون. إنها مسئـوليـة مشتركـة بين الـزوجين.. كـلاهما يتحمل نصيبه العادل منها. وقد يتصادف أن يكون عمل الأم أكثر ربما من الأب.. فهل نحـرم الأبناء من هذا الرزق بدعوى أن المرأة هي التي يجب ولا بد أن تبقى في البيت؟ وإذا استسلمنا لرغبة الأم في تحقيق ذاتها من خـلال عمل شريف ومـربح، فمن إذن يتولى مسئوليـة البيت والأولاد؟!
الإجابة بـالطبع: الجميع.. نعم. أنت وهـي والأبناء أيضـا. لا بد أن تكون القسمة عادلة، فتوزع الأعباء بـالقسط على الجميع. أنت تتبـاهى في كل مناسبة بأن الأعمال التي اختصت بها المرأة منذ أجيال لا حصر لها يجيدها الرجل ويتفوق فيهـا أيضا. إن أفضل طبـاخ في العالم رجل، وأحسن ترزي ومصمم أزيـاء في العالم رجل ومن قـديم الزمـان كـان في بيوت الأكـابر الإنجليز رجل مهمته إدارة شئون المنزل ويسمونه "البتلر" أي رئيس الخدم. كان يقوم بكل ما تقوم به ست البيت الراقية هذه الأيـام من مسك دفـاتر المصروف والإشراف على الخدم واختيـار وجبـات الطعام... وغير ذلك.
نصف الأعباء
أنت إذن قـادر على ممـارسـة أعبائك المنزلية التي تنصلت منها طـويلا.. والمطلـوب منك أن تؤدي نصف هذه الأعباء فقط وأن تترك النصف الثـاني لتقـوم بـه زوجتك..
جرب.. جرب يا سيدي أن تطبـخ لأبنائك مـرتين في الأسبـوع.. وأن " تكـوي " ملابسهم مرتين أيضا، وأن تتولى تنظيف المطبخ بعـد الانتهاء من وجبة الغداء ثلاث مرات، وأن تق! بتنظيف دورة المياه مرتين، وتشرف على عملية غسيل الملابس في الغسالة ثم نشرها ثم توزيعها على الـدواليـب مـرتين في الأسبوع..
جـرب أن تقتسـم مـع زوجتك كل أعباء البيت وسترى كم ستتغير حياتكما إلى الأفضل. جرب أن تدرب أبناءك منذ الصغر على اقتسـام العمل داخل البيت معك ومع أمهم وسترى كيف أن العمل الجماعي سيخلق جوا مختلفـا في البيت، وسينمي روح الجـماعة لـدى الأبنـاء ويحل كثيرا جـدا من المشكـلات التي تنجم عن الفراغ والشعور بالعـزلة والأنانية التي تتولد من عدم تحمل أي عبء في الحيـاة ثـم الأكل واللعب والنـوم.. وإثـارة المشاكل..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق