الخميس، 9 أبريل 2020

• 11 وباء غير مجرى التاريخ البشري


أثرت الأوبئة على الحضارات البشرية على مر العصور، حيث انتشر أول وباء في عام 430 قبل الميلاد خلال الحروب البيلوبونية، كان لهذه الأوبئة آثاراً سلبية كبيرة على المجتمعات البشرية، حيث تسببت بقتل أعداد كبيرة من سكان العالم، ودفعت الناس لطرح أسئلة أكبر من أكبر الحياة.

فيما يلي 11 وباء أثر على البشرية وغير مجرى التاريخ البشري، وربما سينضم فيروس كورونا لهذه القائمة مع مرور الوقت:
1)       طاعون جستنيان  (541-750) 
أعاق ظهور وباء الطاعون في مرحلة حكمه عمليات التوسعية في القرن السادس، سمي الوباء بـ ”طاعون جستنيان“ وهو أول وباء يقتل ما بين 30 إلى 50 مليون شخص، أي حوالي نص سكان العالم في ذلك الوقت!
لا يوجد شك حول تفشي هذا الوباء، لكن الباحثين يبحثون حتى اليوم عن أدلة تثبت مدى سوء هذا الوباء الذي أصاب العالم قبل حوالي 1500 عاماً، كانت الرواية التقليدية لهذا الوباء هي أن التجارة قد توقفت مما تسبب بضعف الإمبراطورية البيزنطية وبدأت الحضارات الأخرى بالسعي لفرض سيطرتهم على الأراضي البيزنطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من آسيا.
كان (جستنيان الأول) يحاول توحيد النصفين الشرقي والغربي من الإمبراطورية الرومانية ولكن الطاعون منعه من تحقيق مسعاه، لذلك لك أن تتخيل مدى سوء هذا الوباء الذي تسبب بموت نص سكان العالم ووقف عائقاً أمام توحيد الإمبراطورية الرومانية وبدأت العصور المظلمة.
2)       الموت الأسود (1347-1351)
لوحة بعنوان «انتصار الموت» للفنان بيتر بروغيل، تُظهر الفوضى والاضطراب والذعر الاجتماعي الذي أصاب أوروبا عقب الطاعون الأسود.
انتشر الطاعون الدبلي بين عامي (1347 و1351) في جميع أنحاء أوروبا وتسبب بموت حوالي 25 مليون شخص، حيث استغرق عودة مستويات النمو السكاني في أوروبا أكثر من 200 عام بعد تفشي هذا الوباء، ويُعتقد أنه تسبب بموت أعداداً كبيرة في آسيا وخاصة في الصين حيث يعتقد أنه نشأ هناك، ومن المرجح أنه قتل ما يقدر بنحو 75 إلى 200 مليون شخصاً حول العالم في القرون الوسطى وفقا للمؤرخ فيليب دايليدر.
وضع وباء الطاعون الذي عُرف لاحقاً باسم ”الموت الأسود“ حداً للعبودية بعد أن تسبب بموت الكثير من الناس وبالتالي زادت رفاهية الناجين من هذا الوباء، حيث أصبح هناك فرص عمل كثيرة وازداد الحراك الاجتماعي حتى أنه أوقف الحروب لمدة قصيرة.
أما من الناحية الثقافية تسبب تفشي الطاعون بزيادة التصوف حيث وقفت المعاناة في وجهة الهيمنة الدينية للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، كما تسبب الطاعون بتصاعد التعصب وازدادت المذابح المرتكبة بحق الأقليات كاليهود والغجر.
3)       الجدري (القرنين الخامس عشر والسابع عشر)
تسبب الأوروبيون بظهور العديد من الأمراض الجديدة في الأمريكتين في عام 1492، ومن بين هذه الأمراض هناك مرض الجدري المعدي الذي تسبب بمقتل حوالي 30% من المصابين به.
خلال تلك الفترة تسبب الجدري بموت حوالي 20 مليون شخص، أي حوالي 90% من سكان الأمريكتين، ساعد هذا الوباء الأوروبيين في استعمار المناطق التي تم إخلاؤها حديثاً وتغير تاريخ الأمريكتين، حتى أنه أثر يشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
أدى استغلال الثروة المعدنية من ذهب وفضة في أمريكا اللاتينية إلى تضخم هائل داخل الإمبراطورية الإسبانية، حيث كتب المفكر الاقتصادي (جون مينارد كينز) عام 1930 أن ”ثورة الأسعار“ كانت نقطة تحول حاسمة في تشكيل الرأسمالية الحديثة.
4)       الكوليرا (1823-1817)
ظهر وباء الكوليرا للمرة الأولى في الهند وانتشر في جميع أنحاء المناطق المجاورة، تسبب هذا الوباء بموت الملايين، إلى أن توصل الطبيب البريطاني (جون سنو) لاكتشاف مجموعة من الطرق التي تمنع انتشاره، وفي عام 1854 توقف انتشار المرض بعد عزل ومنع استخدام مضخة مياه في حي سوهو في لندن والتي تبين أنها ملوثة.
أطلقت منظمة الصحة العالمية اسم ”الوباء المنسي“ على الكوليرا، وصرحت أن الوباء لا يزال منتشراً منذ عام 1961 وحتى يومنا هذا، حيث أفادت التقارير أن الكوليرا تصيب 1.3 إلى 4 مليون شخص كل عام وتتراوح الوفيات سنوياً بين 21 و143 ألف شخص.
ينتشر الكوليرا بشكل خاص في البلدان التي تفتقر للتنمية الاجتماعية، نظراً لأن الكوليرا يصيب المناطق ذات الطعام والمياه الملوثة بجراثيم معينة، أي أنه يصيب البلدان النامية بنسب أكبر بكثير من الدول الغنية.
5)       الإنفلونزا الإسبانية أو إتش 1 إن 1  (1918-1919)
انتشر وباء الإنفلونزا الإسبانية أو H1N1 في عام 1918 وأصاب حوالي 500 مليون شخص أي حوالي ثلث سكان العالم في أوائل القرن الحادي والعشرين، أسفر هذا الوباء عن موت أكثر من 50 مليون شخص في العالم.
كانت الحرب العالمية الثانية على وشك الانتهاء عند تفشي هذا الوباء، أي أن العالم ومراكز الصحة العامة لم تكن مستعدة للتعامل مع الأوبئة الفيروسية مما تسبب بخسائر فادحة.
قامت وزارات الصحة بإجراء أبحاث لفهم كيفية نشوء هذا الوباء وكيف يمكن الوقاية منه، أدت هذه الأبحاث في تحسين الصحة العامة والتقليل من تأثير تفشي فيروسات مشابهة للإنفلونزا في السنوات المقبلة.
6)       إنفلونزا هونج كونج أو إتش 3 إن 2 (1968-1970)
بعد مرور خمسين عاماً على الإنفلونزا الإسبانية انتشر فيروس آخر للإنفلونزا وهو H3N2 في جميع أنحاء العالم، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد الوفيات العالمية قد بلغ حوالي مليون شخص، 100 ألف منهم في الولايات المتحدة.
كان هذا الوباء ثالث تفشي لفيروس الإنفلونزا يحدث في القرن العشرين، الأول هو فيروس الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918 والثاني هو فيروس الإنفلونزا الآسيوية في عام 1957، حيث يعتقد البعض أن فيروس الإنفلونزا الآسيوية هو المسؤول عن هذا الوباء حيث تطور وعاد للظهور مرة أخرى بعد 10 سنوات، أُطلق على هذا الوباء اسم “إنفلونزا هونج كونغ”.
وعلى الرغم من أن هذا الوباء لم يتسبب بقتل الكثير من المصابين به إلا أنه مرض معدٍ، حيث أُصيب 500 ألف شخص في غضون أسبوعين من اكتشاف أول حالة، كما ساعد هذا الوباء مجتمع الصحة العالمي في فهم الدور الحيوي للقاحات لمنع تفشي مثل هذه الأمراض في المستقبل.
7)       فيروس نقص المناعة المكتسب/الإيدز (1981 وحتى الآن)
تم الإبلاغ عن أول حالة إيدز عام 1981 ولكن لا يزال هذا المرض يصيب البشر ويتسبب بموتهم حتى يومنا هذا، فمنذ عام 1981 أُصيب حوالي 75 مليون شخص بفيروس نقص المناعة وتوفي حوالي 32 مليون شخص، ينتقل هذا المرض عبر الاتصال الجنسي ولا يوجد علاج له أي أنه وباء مستمر ولا يزال يصيب ملايين من الناس سنوياً، ولكن على الرغم من عدم اكتشاف علاج له إلا أنه هناك مجموعة من الأدوية التي تسيطر على الفيروس وتبطئ من تطور مراحله مما يسمح للشخص المصاب به عيش حياة طويلة.
يعتبر نجم كرة السلة الأمريكي (ماجيك جونسون) أول شخصية مشهورة تعلن عن إصابتها بالإيدز وتقاعد بشكل مفاجئ عام 1991، لا يزال (جونسون) رجل أعمال بارز وكان عضواً من المجموعة التي اشترت فريق (لوس أنجلوس دودجرز) عام 2012.
لا يزال فيروس الإيدز/نقص المناعة المكتسب يؤثر على الاقتصاد العالمي وخاصة في إفريقيا، حيث تضم هذه القارة على أكبر عدد إصابات بفيروس الإيدز، أول فيلم يتناول فيروس الإيدز ورهاب المثلية كقصة له هو فيلم ”فيلادلفيا“ الذي حاز على جائزة أوسكار في عام 1993.
8)       السارس (2002-2003)
السارس أو المتلازمة التنفسية الحادة والوخيمة SARS هو مرض تسببه إحدى الفيروسات التاجية السبعة التي يمكن أن تصيب البشر، تفشى المرض بشكل كبير في عام 2003 بعد أن ظهر للمرة الأولى في مقاطعة غوانغدونغ الصينية وأصبح وباءً عالمياً حيث انتشر في 26 دولة وأصاب حوالي 8000 شخص وقتل 774 منهم.
كانت آثار وعواقب وباء السارس في عام 2003 محدودة بسبب الاستجابة السريعة لمنظمات الصحة العالمية، حيث تم عزل المناطق المتأثرة والأفراد المصابين بالفيروس، كما وجد العلماء الذين يدرسون فيروس كورونا الجديد 2019 أن تركيبته الوراثية متطابقة بنسبة 86.0% لفيروس السارس، حيث يقوم الباحثون بمقارنة الفيروسين معاً لمعرفة ما إن كان بالإمكان تكرار الإجراءات المطبقة لاحتواء فيروس السارس عام 2003.
أدى تفشي وباء السارس إلى زيادة الوعي حول الوقاية والحد من انتشار الأمراض الفيروسية، حيث يتم تعقيم الأسطح العامة بانتظام منذ ذلك الحين وارتداء الكمامات وتعقيم اليدين بشكل مستمر.
9)       إنفلونزا الخنازير أو إتش 1 إن 1  (2009-2010)
انتقلت انفلونزا الخنازير إلى البشر عن طريق الاتصال المباشر بينهم وبين الخنازير المصابة.
ظهر نوع جديد من الإنفلونزا في عام 2009 وأصاب حوالي 60.8 مليون شخص في الولايات المتحدة فقط وتسبب بموت 151,700 إلى 575,400 شخص في العالم، أُطلق على هذا الوباء اسم ”إنفلونزا الخنازير“ لأنه ينتقل من الخنازير إلى البشر، يختلف هذا الفيروس عن فيروس الإنفلونزا العادي بأن 80% من الوفيات حدثت للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الـ 65، في حين أن 70% إلى 90% من الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا تحدث للأشخاص الأكبر من 65 عاماً.
انتشر فيروس H1N1 بشكل كبير في القرن الحادي والعشرين، أي أن المجتمع الطبي العالمي بحاجة لمضاعفة جهوده واستعداداته للاستجابة لمثل هذه الأوبئة في المستقبل، حيث تسبب هذا الوباء بكشف الغطاء عن تلك الدول التي لديها أنظمة صحية متطورة والدول التي تعاني من ضعف في أنظمة الرعاية الصحية والتي أسفرت عن تفشي فيروس إنفلونزا الخنازير بشكل كبير فيها.
10) الإيبولا (2014-2016)
سمي هذا الوباء باسم ”إيبولا“ نسبةً للمكان الذي اُكتشف به بالقرب من نهر إيبولا، نشأ هذا الوباء في قرية صغيرة في غينيا عام 2014 وانتشر في البلدان المجاورة في غرب إفريقيا، تسبب هذا الفيروس بقتل 11.325 شخصا من أصل 28.600 إصابة، أغلب الإصابات حدثت في غينيا وليبيريا وسيراليون، كما أصيب 8 أشخاص فقط في أمريكا توفي واحد منهم فقط بحسب ما أفاده مركز السيطرة على الأمراض.
تقدر تكلفة هذا الوباء 4.3 مليار دولار، حيث تسبب بانخفاض عمليات الاستثمار في البلدان الثلاثة التي ذكرناها، وأظهرت النتائج أن البلدان الأكثر تأثراً بهذا الوباء هي البلدان التي لم تكن مستعدة للدفاع ضده تماماً كما حدث بالنسبة لوباء الكوليرا ”الوباء المنسي“.
11) فيروس كورونا أو كوفيد 19 (2019 وحتى هذه اللحظة)
في 5 مارس عام 2010 تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا 97 ألف حالة في جميع أنحاء العالم وتسبب بوفاة 3300 شخص، أغلب الحالات موجودة في الصين لكن هذا الوباء تفشى في 86 دولة أخرى.
تشير التقديرات إلى أن فيروس كورونا سينتشر بشكل كبير في جميع أنحاء العالم ويمكن أن يصيب حوالي 40% إلى 70% من سكان العالم، ووفقاً لدراسة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية فإن فيروس كورونا سيتسبب بموت ملايين الأشخاص وسيكلف 2.4 تريليون دولار.
وعلى الرغم من أن هذا الفيروس التاجي لا يزال في مراحله المبكرة إلا أنه أظهر مدى ضعف ونقص الاستعدادات في عالمنا الحديث لاحتواء هذا الفيروس الذي يشبه الإنفلونزا، ولكن حتى الآن لم تعلن منظمة الصحة العالمية رسمياً عن الفيروس التاجي على أنه ”وباء“.
ووفقاً لما ذكرته الصحيفة الرقمية ”بيزنس إنسايدر“ فإن مراكز السيطرة على الأمراض تقدم اختباراً مجانياً لفيروس كورونا ولكن المستشفيات تفرض رسوماً على الخدمات ذات الصلة، مما يجبر الأمريكيين المعرضين للخطر على الاختيار بين الحصول على العلاج أو فاتورة المستشفى الكبيرة التي ربما لن يستطيعوا تحمل تكلفتها، كما كشف لنا فيروس كورونا عن نقاط الضعف في سياسات الإجازات المرضية الحكومية، حيث أن العديد من العاملين في سوق العمل الحر إما يقومون بأعمال تتطلب منهم الاتصال الجسدي أو أنهم لن يتمكنوا من التغيب عن العمل بحجة المرض دون أن يخصم من رواتبهم.

المصدر: 1
المصدر: 2
المصدر: 3
إقرأ أيضاً
للمزيد              
أيضاً وأيضاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق