إقرأ الناس جيداً
كان عامُ 1920 عامَ نَحسٍ شديدٍ على تُجّارِ الأعمال الفنية في أمريكا، فقد أخذ المشترون الكبار - وكانوا من أباطرة اللصوص في القرن التاسع عشر - يشيخون ويموتون بأعداد كبيرة كالذباب، ولم يظهر أثرياءُ يَخلفونهم.
وساءت
الأحوال لدرجةٍ جعلت عدداً من كبار التجار يجمعون مواردهم في صندوق مشترك وهو ما
لم يفعله أحدٌ من قبلهم أبداً، لأن ما كان بين تُجّار الفنون من تَوافقٍ لا يختلف
عن ذاك الذي بين القطط والكلاب.
جوزيف
دوفين تاجرُ الفنون الذي كان يبيع لوحاته لزعماء الاقتصاد في أمريكا، أَخَذَ يُعاني
أكثر من غيره في ذلك العام، وقَرّرَ أن يساهم في الصندوق المشترك، وأصبحت المجموعة
تَتَكَوَّن من أكبر خمسة تجار في البلاد. قررت المجموعة أثناء البحث عن زبون جديد
أن هنري فورد هو أملهم الأخير. كان فورد وقتها أكثر الأمريكان ثراءً، ولم يكن قد
خاضَ من قبلُ في تجارة الأعمال الفنية، وكان هدفاً ثميناً لدرجةٍ تَجعلُ تَجَمُّعَهُم
للعمل معاً قراراً حکيماً.
قَرَّرَ
التُّجّار إعدادَ قائمةٍ تَتَضَمَّنُ أعظمَ 100
لوحة في العالم، (و «تَصَادَفَ» أنهم كانوا يملكونها جميعاً) وأن يعرضوا على فورد
شراءها جميعاً في صَفقَةٍ واحدةٍ بحيث تجعله أكبر مُقْتَنٍ في العالم. وَعَمِلَ اتِّحادُهم
لأسابيع على إصدار عمل رائع: کتابٌ من ثلاثة أجزاء يحوي نُسَخاً جميلة للوحاتٍ
وبجوار كل منها شرحٌ بليغٌ عن تاريخها ومحتواها. بعدها ذهبوا لزيارة فورد في منزله
في ديربورن بولاية ميشغان وأدهشتهم بساطةُ المنزل: بدا لهم بوضوح أن السيد فورد
رجلٌ غير مُتَكَلِّفٍ ولا يهتم أبداً بالمظاهر.
استقبلهم
فورد في مكتبه، وبدأ في تَأَمُّلِ الكتاب وأظهرَ إعجابه وتَأَثُّرَه، وبدأ التُّجّار
في تَخَيُّلِ الأموال الطائلة التي سوف تَنصَبُّ في جيوبهم قريباً، ولكن فورد وضع
الكتاب وقال لهم أيها السادة لابد أن كُتُباً بهذه الجودة وصوراً مُلَوّنةً بهذا
الجمال سوف يكون ثمنها كبيراً، فاعترضه دوفين قائلاً «سيد فورد، لم نأتِ إليك لتشتري
هذه الكتب، فهي هدية مِنّا إليك، طبعناها لِتَعرِضَ لك اللوحات.
تَحَيَّرَ
فورد وقال «هذا لُطفٌ كبيرٌ منكم أيها السادة، ولكن كيف يمكنني أن أَقبلَ هديةً
جميلة ومكلفة كهذه من غرباء». فأخبره دوفين أن الصُّوَرَ في الكتاب هي للوحاتٍ يَأْمَلُون
في بيعها له. أخيراً فهم فورد ولكنه قال متعجباً «لكن سادتي، ما الذي قد أُريدُه
من اللوحات الأصلية إن كانت الصُّوَرُ التي في الكتاب على هذا القَدْرِ من الجمال».
التعليق:
كان
دوفين يعتز بقدرته على دراسة ضحاياه وزبائنه والتعرف على نقاط ضعفهم وذوقهم في
الفنون حتى قبل أن يقابلهم. ولكن بسبب الحالة البائسية التي كانت عليها تجارته وقتها تجاهل هذا التكتيك في
هجمته على فورد، وقد احتاج لشهور حتى يتعافي نفسياً ومادياً من هذا الخطأ في
التقدير. كان فورد من النمط البسيط حقاً ودون تكلف ولم يكن يستحق الجهد المبذول في
استدراجه، كان من النوع العملي تماماً ولم يكن يملك من الخيال ما يكفيك لتخدعه. من
وقتها ركز دوفين جهوده على أمثال مبلوني ومورجان، وهم أشخاص لديهم من البراعة
والخيال ما يكفي لتمكين أمثال دوفين من استدراجهم.
مفاتيح
للسطوة:
أهم
المهارات اللازمة لاكتساب السطوة والاحتفاظ بها هي القدرة على قراءة الناس وعلى
معرفة طبيعة من نتعامل معهم. فبدون ذلك تتخبط في الظلام: ليس فقط أنك قد تصيب
أشخاصاً يؤذونك بل ستخطئ أيضاً في اختيار من تعمل معهم، وقد تظن أنك تجامل أشخاصاً
لتجد في الحقيقة أنك تهينهم. قبل أن تبدأ في أي تحرك حدد بدقة طبيعة من ستتعامل
معه سواء كان خصماً أو ضحية، فبدون ذلك تضيع وقتك هباء وترتكب الأخطاء. ادرس نقاط
ضعف الآخرين والشروخ في دفاعاتهم ومناطق فخرهم وخورهم، واستشف باطنهم وظاهرهم قبل
أن تقرر أن تتعامل معهم.
أخيراً،
هناك أمران عليك أن تحذر هما: الأول هو أن لا تعتمد أبدا على إحساسك أو فطنتك في
تقييم خصومك، فسوف ترتكب أخطاء مزعجة إن اعتمدت على هذه المؤشرات غير الدقيقة. لا
شيء يغني عن المعلومات المحددة، فخذ ما يكفي من الوقت مهما طال في التعرف على خصمك
والتجسس عليه لأن ذلك سوف يأتي بثاره على المدى الطويل.
ثانياً،
لا تثق أبداً بالمظاهر، فمن لديه قلب أفعى قد يظهر الطيبة والتعاطف دائماً حتى لا
يكتشف الناس سره، والشخص الذي تراه كثير النزاع والتهديد للآخرين غالباً ما يكون
في حقيقته جباناً. عليك أن تعلم نفسك رؤية التناقضات في المظاهر الخارجية وأن
تستقرئ ما يكمن تحت السطح، ولا تثق أبدا بالصورة التي يمنحها الناس لأنفسهم - فهي
مضللة تماماً.
الصَّيّاد
لا يصنع نفس الفخ للذئب وللثعلب. ولا يضع الطعم في مكان لن تأتيه الضحية، فهو يعرف
بدقة عادات فريسته وأماكن اختبائها ويستخدم هذه
المعرفة لاصطيادها.
اقتباس
من معلم:
لتكن
واثقاً من أنه لا يوجد أحد أقل قيمة وأهمية عن أن تحتاج يوماً لمهارته وخبرته،
والتي لن يعطيها إليك إن كنت تحتقره وتزدريه، فالناس غالباً ما ينسون ما ارتكب في
حقهم من أخطاء لكنهم لا ينسون أبدا من عاملهم باحتقار، لأن كبرياءهم سيذكرهم به
إلى الأبد. (لورد شسترفيلد، 1694
- 1773).
عکس
القاعدة:
ما
الذي يمكن أن يستفيده المرء من عدم فهمه للآخرين؟ إن لم تستطع أن تفرق بين الليث
والحمل فسوف تدفع الثمن لا محالة. اتبع هذه القاعدة الأقصى ما تستطيع، فليس هناك
ما يناقضها - ولن تجد ما يعكسها وإن حاولت.
المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN
إقرأ أيضاً:
كيف تتعاملين مع سلوك طفلك العنيف
أنشطة كي يستمتع الأطفال بالعطلة دون نوادٍ
علاج سوء سلوك الطفل بالمنزل أو بالمدرسة
أفكار لتسلية الأطفال في العطلة الصيفية
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق