الأحد، 25 أغسطس 2024

• التـّأويل وحركة المعنى

التأويل

حظي التأويل باهتمامات القدماء والمعاصرين، من عرب وغير عرب، وتنوعتْ قراءات السلف بين: القراءة التفسيرية، والقراءة اللغوية، والقراءة التأويلية، والقراءة البديعية، والقراءة الجمالية، وذلك كله لدى المفسرين والبلاغيين والمتصوّفة، وأهل الفرق والمذاهب الدينية والفلسفية.

فكان لابن قتيبة (ت276هـ/889م) تأويل مختلف الحديث، صححه ونقحه إسماعيل الخطيب السلفي الإشعْردي الأزهري (مطبعة كردستان العلمية 1326هـ)، وطبعات أخرى، وتأويل مشكل القرآن، تحقيق السيد صقر (دار التراث، القاهرة ط2 1973)، وللقاضي النعماني (363هـ/973م) أساس التأويل، تحقيق عارف تامر، بيروت 1960، 386 ص، وله، أيضًا، تأويل الدعائم، تحقيق عادل العوّا (المطبعة السورية، دمشق 1378هـ /1958م). 

وكان عنوان كتاب الزمخشري (467هـ /538هـ) «الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل»، (ط1 مطبعة مصطفى محمد، القاهرة 1354هـ)، وتحقيق محمد الصادق قمحاوي، (الحلبي، القاهرة 1972)، وتحقيق وتعليق ودراسة عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض، (العبيكان، الرياض 1988). وفي ص 3 ج1 من الطبعة الأولى ذهب إلى أهمية علميْ المعاني والبيان للمفسر، وللفقيه، وللمتكلم، والواعظ، والنحوي، واللغوي، وهناك طبعة ثالثة عن دار الكتاب العربي، بيروت 1407هـ، وكان منهجه نابعًا من تعدد المعنى، معتمدًا كشف الغوامض في دائرة الخفاء والتجلي، وكشْف السر البعيد، وكشف الخفاء، وكان التأويل عنده معتمدًا على منهج المعتزلة التأويلي بحثًا عن تعدد المعنى. وللطبري كتاب جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق محمود شاكر (دار المعارف، القاهرة 1976)، تقديم خليل الميس، (دار الفكر، بيروت 2001)، ومضى ابن رشد (1126-1198م) مع التأويل في كتبه، ومنها مناهج الأدلة، وتهافت التهافت، غير خاضع لمنهج أرسطو، برغم إعجابه به، إذْ طوّع المذهب الأرسطي لفهمه الذاتي، ولتأويله الخاص نحو بناء العقل الخالص، ولهذا لمْ يشرح الأقوال، بل أخذ في تأويلها؛ غوصًا في أعماقها فيما تحت الألفاظ، مشددًا على كلمات: النظر، والاعتبار، والفكر، والرؤية، مصنفًا الناس في فهم النصوص ودلالاتها إلى: 

منْ يصْدق بالبرهان، ومن يصدق بالأقاويل الجدلية، ومن يصدق بالأقاويل الخطابية، مؤوّلا التراث في ضوء فهمه وتطبيقه للمنهج العقلي، وفي فهمه العلاقة بين العقل والنقل، رافضًا الذوق الصوفي ونظرية الفيض. قال:

 «التأويل هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أنْ يخلّ ذلك بعادة لسان العرب في التجوز، من تسمية الشيء بشبهه أو سببه أو لاحقه أو مقارنة، أو غير ذلك من الأشياء التي في تعريف أصناف الكلام المجازي» ـ فصل المقال، (دار المشرق، بيروت ط2، ص 35)، وتعليق محمد عابد الجابري، و(ط مركز دراسات الوحدة العربية، ط1 ص 76)، وقياسًا على كلامه فإن للمعنى ظاهرًا وباطنًا، ومن ثم دلالة ظاهرية، في الصور والأمثال المضروبة للمعاني، وثانية دلالة باطنية، في المعاني الخفية للنص، لا تتجلى إلا لصاحب البرهان، وعند الجرجاني: هو صرْف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله، إذا كان المحتمل الذي يراه موافقًا الكتاب والسنة، وعند ابن تيمية: «التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدّثة والمتصوفة ونحوهم هو: صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح؛ لدليل يقترن به، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف، فإذا قال أحدهم: هذا الحديث أو هذا النص مؤوّل، أو هو محمول على كذا، قال الآخر: هذا نوع تأويل، والتأويل يحتاج إلى دليل، والمتأول عليه وظيفتان»، لخصهما في:

1 - احتمال اللفظ للمعنى الذي ادّعاه.

2ـ بيان الدليل الصارف عن المعنى الظاهرـ (التفسير الكبير، تحقيق وتعليق عبد الرحمن عميرة، دار الكتب العلمية، ج2، ص 108)، ويتقارب المفهومان: التأويل والتفسير، وقد ذكر السيوطي في الإتقان في علوم القرآن، (دار الكتب العلمية، بيروت ط2، 1991)، آراء في التفرقة بين الكلمتين، موردًا عبارة لابن حبيب النيسابوري تعني أن المفسرين في عصره لو سُئلوا عن الفرْق بين الكلمتين ما اهتدوا إلى إجابة، وذكر (2/383) تعريف البغوي: 

«التأويل صرْف الآية إلى معنى موافق لما قبلها، وما بعدها تحتمله الآية، غير مخالف للكتاب والسنة عن طريق الاستنباط»، وكان قد قال (2/ 382): 

«التأويل ما استنبطه العلماء العاملون لمعاني الخطاب، الماهرون في آلات العلوم»، وفرّق العسكري في الفروق في اللغة، (الآفاق، بيروت ط2 1983 ص 48)، بين التأويل والتفسير، فالأول: «إخبار بمعنى الكلام»، و«إخبار بغرض المتكلم بكلام»، والثاني: «إخبار عن آحاد الجمل»، أو «إفراد ما انتظمه ظاهر التنزيل»، ورأى الراغب الأصفهاني التفسير أعمَّ من التأويل، ويكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، أما التأويل فأكثر استعماله في المعنى والجمل، وفي الكتب الإلهية، بينما يستعمل التفسير فيها وفي غيرها، وفرّق السكَّاكي بين المعنى الأصلي النحوي، والمعنى المقامي علم المعاني، وقيل إن التفسير: بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة، وقد ظهرتْ معظم الفرق الإسلامية، ونشبتْ الخلافات بين المسلمين، نتيجة للاجتهاد في فقه القرآن وتأويله، وفي اللسان: الأوْل: الرجوع، والارتداد، وأوّل الكلام وتأوّله: دبّره وقدّره، وفسّره، مما يدخل في علْم التأويل، والتأويل: نقْل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، وفي التهذيب: 

وأما التأويل فهو تفعيل من أوّل يؤوّل تأويلا، وسُئل أبو العباس أحمد بن يحيى، فقال: التأويل والمعنى والتفسير واحد، وعند أبي منصور بمعنى الجمع والإصلاح، فكأن التأويل جمْع معاني ألفاظ أشْكلتْ بلفظٍ واضح لا استشكال فيه، وفسرتْ العرب التأويل بالجمْع، والتحرّي والطلب، ورأى الليث «التأويل والتأوّل: تفسير الكلام الذي تختلف معانيه ولا يصح إلا ببيان غير لفظه»، ولم يبعد ذلك كثيرًا عما رأوه في التأويل لفظًا من: الرؤيا، والائتيال، وسياسة الأمر، وكأنه يسوس الكلام، كما قالت المعاجم. 

هكذا تنوعتْ السّبل والهدف واحد بحثًا عن (حركة المعنى).

 إقرأ أيضاً:

تعلق الطفل بالموبايل أثناء الدراسة: الأضرار والحلول

كيف تُعلِّمين ابنتك التعامل مع الفتيات اللئيمات في المدرسة

القِيَم التربوية لتعزيزها في طفلك مع بداية العام الدراسي

إرشادات لضمان تحصيل جيد لطفلك أثناء الدراسة

طرق فعالة للتعامل مع طفلك المصاب بنقص الانتباه

للمزيد            

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً 

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

المصدر: 1



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق