السبت، 28 ديسمبر 2013

• زوجات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

أم المؤمنين / حفصة بنت عمر بن الخطاب .. رضي الله عنها

هي حفصة[1] بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عدي بن كعب بن لؤي (18 ق. هـ- 45 هـ/ 604- 665م)، وأُمُّها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب.

وُلِدَتْ حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي بخمس سنين، وحفصة -رضي الله عنها- أكبر أولاد عمر بن الخطاب ؛ فقد ورد أن حفصة أسنُّ من عبد الله بن عمر، وكان مولدها قبل الهجرة بثمانية عشر عامًا.



حياتها قبل النبي :

تزوَّجت حفصة -رضي الله عنها- من خُنَيْس بن حذافة السهمي، وقد دخلا الإسلام معًا، ثم هاجر خُنَيْس إلى الحبشة في الهجرة الأولى، التي كانت مكوَّنة من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، يرأسهم عثمان بن عفان ومعه السيدة رقيَّة ابنة رسول الله ، ثم هاجر خُنَيْس بن حُذافة مع السيدة حفصة –رضي الله عنها- إلى المدينة، وقد شهد مع رسول الله بدرًا، ولم يشهد من بني سهم بدرًا غيره، وقد تُوُفِّيَ متأثِّرًا بجروح أُصيب بها في بدر[3].

زواجها من النبي :

وبعد وفاة زوجها يرأف أبوها عمر بن الخطاب بحالها، ثم يبحث لها عن زوج مناسب لها، فيقول : لقيتُ عثمان فعرضتُ عليه حفصة، وقلتُ: إن شئتَ أنكحتُكَ حفصة ابنة عمر. قال: سأنظر في أمري. فلبثتُ لياليَ ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج في يومي هذا. قال عمر: فلقيتُ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتَ أنكحتُكَ حفصة ابنة عمر. فصمت أبو بكر، فلم يُرْجِع إليَّ شيئًا، فكنت أَوْجَد عليه منِّي على عثمان، فلبثتُ ليالي، ثم خطبها رسول الله ، فأنكحتها إيَّاه، فلقيني أبو بكر، فقال: لعلَّك وَجَدْتَ علَيَّ حين عرضتَ علَيَّ حفصة، فلم أُرجع إليك شيئًا؟ فقلتُ: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضتَ علَيَّ إلاَّ أنِّي كنتُ علمتُ أن رسول الله قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سرَّ رسول الله ، ولو تركها رسول الله لقبلتُها[4].

وقد تزوَّج رسول الله حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرًا، قبل أُحُد، وقيل: تزوَّجها رسول الله في سنة ثلاث من الهجرة[5].

حفصة في بيت النبي :

اشتهرت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بالغَيرة على رسول الله بين زوجاته الأخريات، والغَيرة في المرأة أمر من الأمور الملازمة لطبيعتها وشخصيَّتها، خاصَّة إذا كانت لها في زوجها ضرائر، فكل واحدة منهن تريد أن تستحوذ عليه بحبِّها وعطفها وقربها، وأن يكون لها دون سواها؛ لذا فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها: أن نساء النبي كنَّ حزبين؛ حزب فيه: عائشة، وحفصة، وصفيَّة، وسودة، وحزب فيه: أُمُّ سلمة، وسائر أزواج النبي [6]، وقد جاء في سبب نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1]، أن مارية القبطيَّة المصريَّة أُمَّ ولد النبي إبراهيم، قد أصابها النبي في بيت السيدة حفصة وفي يومها، فوجَدت حفصة في نفسها، فقالت: يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي. فقال : "أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟" قالت حفصة رضي الله عنها: بلى. فحرَّمها رسول الله ، وقال: "لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ". فذكرته لعائشة -رضي الله عنها– فأظهره الله عليه، فأنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 1- 4]، ثم كفَّر النبي عن يمينه، وأصاب مارية[7].

وقد كانت حفصة -رضي الله عنها- كسائر نساء النبي تتقرَّب إليه بما يحبُّه ، وتسأله النفقة والمال، فعن ابن عباس أنه كان يريد أن يسأل عمر بن الخطاب عن قول الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما- لعمر بن الخطاب : فكنتُ أهابك. فقال: سلني عمَّ شئتَ، فإنَّا لم نكن نعلم شيئًا حتى تعلَّمْنَا. فقلتُ: أخبرني عن قول الله : {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4]، مَنْ هما؟ فقال: لا تسأل أحدًا أعلم بذلك منِّي، كنَّا بمكة لا يكلم أحدُنا امرأَتَه إنما هُنَّ خادم البيت، فإذا كان له حاجة سَفَع[8] برجليها فقضى منها حاجته، فلمَّا قدمنا المدينة تعلَّمْنَ من نساء الأنصار، فجعلْنَ يكلِّمننا ويراجعننا، وإنِّي أَمَرْتُ غلمانًا لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا. فقمتُ إليها بقضيب فضربتها به، فقالت: يا عجبًا لك يابن الخطاب تريد ألاَّ تكلّم! فإن رسول الله يكلِّمنه نساؤه. فخرجتُ فدخلتُ على حفصة، فقلتُ: يا بنيَّة، انظري، لا تكلِّمي رسول الله في شيء، ولا تسأليه؛ فإن رسول الله ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني...[9].



الغَيْرة في حياة السيدة حفصة رضي الله عنها:

أوَّلاً: غيرتها من مارية القبطيَّة رضي الله عنها:

في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1]، قال الطبري: اختَلَف أهل العلم في الحلال الذي كان الله جلَّ ثناؤه أحلَّه لرسوله، فحرَّمه على نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه، فقال بعضهم: كان ذلك مارية[10] مملوكته القبطيَّة، حَرَّمَهَا على نفسه بيمين أنه لا يقربها طلب بذلك رضا حفصة بنت عمر زوجته؛ لأنها كانت غارت بأن خلا بها رسول الله في يومها وفي حجرتها[11].

ثانيًا: غيرتها من السيدة صفيَّة رضي الله عنها:

عن أنس قال: بلغ صفيَّة أن حفصة قالت: صفيَّة بنت يهودي. فبكت، فدخل عليها النبي وهي تبكي فقال: "مَا يُبْكِيَكِ؟" قالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي. فقال النبي : "إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟" ثم قال: "اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ"[12].

ثالثًا: غيرتها من السيدة سودة رضي الله عنها:

عن رزينة مولاة رسول الله أن سودة اليمانيَّة جاءتْ عائشةَ تزورها وعندها حفصة بنت عمر، فجاءت سودة في هيئة وفي حالة حسنة، عليها بُرد من دروع اليمن وخمار كذلك، وعليها نقطتان مثل العدستين من صبر وزعفران إلى موقها -قالت عليلة[13]: وأدركتُ النساءَ يتزيَّنَّ به- فقالت حفصة لعائشة: يا أم المؤمنين اتقي! يجيء رسول الله وهذه بيننا تبرق. فقالت أُمُّ المؤمنين: اتَّقي الله يا حفصة. فقالت: لأفسدَنَّ عليها زينتها. قالت: ما تَقُلْنَ؟ وكان في أذنها ثِقَلٌ، قالت لها حفصة: يا سودة، خرج الأعور. قالت: نعم. ففزعت فزعًا شديدًا، فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبئ؟ قالت: عليكِ بالخيمة -خيمة لهم من سعف يختبئون فيها- فذهبت فاختبأت فيها، وفيها القذر ونسيج العنكبوت، فجاء رسول الله وهما تضحكان لا تستطيعان أن تتكلَّما من الضحك، فقال: "مَاذَا الضَّحِكُ؟" ثلاث مرَّات، فأومأتا بأيديهما إلى الخيمة، فذهب فإذا سودة ترعد، فقال لها: "يَا سَوْدَةُ، مَا لَكِ؟" قالت: يا رسول الله، خرج الأعور. قال: "مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجن، مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجن". فأخرجها، فجعل ينفض عنها الغبار ونسيج العنكبوت[14].

رابعًا: غيرتها من السيدة عائشة رضي الله عنها:

عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدَّث، فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك؛ تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى. فركبتْ، فجاء النبي إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلتْ رجليها بين الإِذْخر[15] وتقول: يا ربِّ سلِّط علَيَّ عقربًا أو حيَّة تلدغني، ولا أستطيعُ أن أقول له شيئًا[16].

خامسًا: غيرة أمهات المؤمنين منها:

عن عائشة قالت: كان رسول الله يحِبُّ الحَلوى والعَسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فَغِرْتُ، فسألتُ عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّة عَسَل، فسقت النبي منه شربة. فقلتُ: أما والله لنحتالَنَّ له. فقلتُ لسودة بنت زَمْعَةَ: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلتَ مغَافير[17]؟ فإنه سيقول لك: "لاَ". فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ فإنه سيقول لك: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ". فقولي: جَرَسَتْ[18] نحلُه العُرفُطَ. وسأقول ذلك، وقولي أنت له يا صفية ذلك. قالت: تقول سودة: والله ما هو إلاَّ أن قام على الباب، فأردتُ أن أباديه بما أمرتِنِي فرقًا منكِ. فلمَّا دنا منها، قالت له سودة: يا رسول الله، أكلتَ مغافير؟ قال: "لاَ". قالت: فما هذه الريح التي أجد منكَ؟ قال: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ". قالت: جَرَسَت نَحلُه العرفطَ. فلمَّا دار إليَّ قلتُ نحو ذلك، فلمَّا دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلمَّا دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: "لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ". قالت: تقول سودة: والله لقد حَرَمْنَاه. قلتُ لها: اسكتي[19].

وعن أنس قال: كان النبيُّ عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أُمَّهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربَتِ التي هو في بيتها يد الخادم فسقطَت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: "غَارَتْ أُمُّكُمْ". ثم حبس الخادم حتى أُتِيَ بصَحْفَة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصَّحْفَة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا[20]، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَتْ[21].

طلاقها من النبي ورجوعها إليه:

طَلَّقَ النبي السيدة حفصة -رضي الله عنها- فلمَّا علم عمر بن الخطاب بطلاقها، حثى على رأسه التراب، وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد اليوم؛ فعن قيس بن زيد: أن النبي طلَّق حفصة بنت عمر تطليقة، فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون، فبكت وقالت: والله ما طلَّقني عن سبع[22]. وجاء النبي فقال: "قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَاجِعْ حَفْصَةَ؛ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ"[23].

قصة الإنفاق:

عن جابر قال: أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله والناس ببابه جلوس، والنبي جالس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أُذِنَ لأبي بكر وعمر فدخلا، والنبي جالس وحوله نساؤه، وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمَنَّ النبي لعله يضحك. فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت ابنة زيد -امرأة عمر- سألتني النفقة آنفًا، فوجأتُ عنقها. فضحك النبي حتى بدا ناجذه، وقال: "هُنَّ حَوْلِي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ". فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان النبي ما ليس عنده. فنهاهما رسول الله ، فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده. قال: وأنزل الله الخيار، فبدأ بعائشة، فقال: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ". قالت: وما هو؟ فتلا عليها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ...} [الأحزاب: 28] الآية، قالت عائشة رضي الله عنها: أفيكَ أستأمر أبويَّ؟! بل أختار الله ورسوله، وأسألك ألاَّ تذكر لامرأة من نسائك ما اخترتُ. فقال: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّفًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا، لاَ تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَمَّا اخْتَرْتِ إِلاَّ أَخْبَرْتُهَا"[24].

اهتمام النبي بتعليمها:

عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علَيَّ رسول الله وأنا عند حفصة، فقال لي: "ألا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ[25] كَمَا عَلَّمْتِيهَا الْكِتَابَةَ؟"[26].

وفي الحديث إشارة واضحة إلى أن السيدة حفصة -رضي الله عنها- كانت متعلمة للكتابة، وهو أمر نادر بين النساء في تلك الفترة الزمنيَّة الممتدة في عمق الزمن، ومما أعان على توفُّر العلم لدى السيدة حفصة -رضي الله عنها- وجودها في هذا المحضن التربوي بين أزواج النبي ، حيث اتصال السماء بالأرض، وتتابع نزول الوحي بالرسالة الخاتمة على الرسول الكريم .

وقد نتج عن هذا كله أن لُقِّبت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بحارسة القرآن، وكانت إحدى أهمِّ الفقيهات في العصر الأوَّل في صدر الإسلام، وكثيرًا ما كانت تُسأل فتجيب رضي الله عنها وأرضاها.

حياتها ومواقفها بعد النبي :

بعد وفاة النبي لزمت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بيتها، ولم تخرج منه إلاَّ لحاجة، وكانت هي وعائشة -رضي الله عنهما- يدًا واحدة، فلمَّا أرادت عائشة الخروج إلى البصرة، همَّت حفصة -رضي الله عنها- أن تخرج معها، وذلك بعد مقتل عثمان ، إلاَّ أن عبد الله بن عمر حال بينها وبين الخروج، وقد كانت -رضي الله عنها- بليغة فصيحة، قالت في مرض أبيها عمر بن الخطاب : "يا أبتاه ما يحزنك؟! وفادتك على ربٍّ رحيم، ولا تبعة لأحد عندك، ومعي لك من البشارة لا أذيع السرَّ مرَّتين، ونعم الشفيع لك العدل، لم تَخْفَ على الله خشنة عيشتك، وعفاف نهمتك، وأخذك بأكظام المشركين والمفسدين في الأرض"[27].

مشاركتها في الأحداث:

ذكر ابن الجوزي في أحداث سنة ستٍّ وثلاثين أن طلحة والزبير انطلقوا إلى حفصة، فقالت: رأيِي تبعٌ لرأي عائشة[28]. حتى إذا لم يبقَ إلاَّ الخروج، قالوا: كيف نستقلُّ وليس معنا مال نجهز به الناس؟ فقال يعلى بن أمية: معي ستمائة ألف وستمائة بعير فاركبوها. فقال ابن عامر: معي كذا وكذا فتجهَّزوا بها.

فنادى المنادي: إن أمَّ المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة، فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحلين والطلب بثأر عثمان ولم يكن عنده مركب، ولم يكن له جهاز؛ فهذا جهاز وهذه نفقة. فحملوا ستمائة رجل على ستمائة ناقة سوى مَنْ كان له مركب -وكانوا جميعًا ألفًا- وتجهَّزوا بالمال، ونادوا بالرحيل، واستقلُّوا ذاهبين.

وأرادت حفصة الخروج، فأتاها عبد الله بن عمر فطلب إليها أن تقعد فقعدت، وبعثت إلى عائشة تقول: إن عبد الله حال بيني وبين الخروج. فقالت: يغفر الله لعبد الله[29].

حديثها:

روت -رضي الله عنها- عن رسول الله وأبيها عمر بن الخطاب ستِّين حديثًا، اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة، وانفرد مسلم بستَّة، وقد روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين؛ كأخيها عبد الله، وابنه حمزة، وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وحارثة بن وهب، والمطلب بن أبي وداعة، وأمُّ مبشر الأنصارية، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن صفوان بن أمية، والمسيِّب بن رافع... وغيرهم، ومسندها في كتاب بقيّ بن مخلد ستُّون حديثًا[30].

ومن أهمِّ ما تُرِكَ عندها صحائف القرآن الكريم، التي كُتبت في عهد أبي بكر الصديق بإشارة من عمر بن الخطاب ، وقد اعتمد عثمان بن عفان على صحائف القرآن الكريم التي كانت موجودة عندها -رضي الله عنها- في كتابة مصحف واحد للأمصار الإسلاميَّة.

وفاتها:

تُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- في شعبان سنة 45هـ، على أرجح الروايات، فقد قيل: سنة سبع وعشرين للهجرة في خلافة عثمان . وإنما جاء اللَّبس؛ لأنه قيل: إنها تُوُفِّيَتْ في العام الذي فُتحت فيه إفريقيَّة، وقد بدأ فتحها في عهد عثمان، ثم تَمَّ الفتح عام 45هـ، والراجح أنها تُوُفِّيت عام 45هـ؛ لأنها أرادت أن تخرج مع عائشة -رضي الله عنها- إلى البصرة بعد مقتل عثمان ، وكان ذلك في حدود عام 36هـ، كما ذُكر من قبلُ، فرضي الله عنها وأرضاها.


 أم المؤمنين / السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها

نسبها رضي الله عنها
هي ام المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية و كانت أخت ميمونة بنت الحارث -أم المؤمنين- لأمها أمها هي هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة الحميرية
و أخواتها لابيها و أمها هن
أم الفضل لبابة الكبرى أم بني العباس بن عبد المطلب لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد و عزة بنت الحارث
و اخواتها لامها هن
أسماء بنت عميس زوج الشهيد الطيار جعفر بن عبد الله و سلامة بنت عميس زوجة عبد الله بن كعب

زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
و اختلف المؤرخون فيمن كانت زوجته قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقيا انه الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب فخلفه عليها أخوه عبيدة بن الحارث ثم استشهد رضي الله عنه في بدر فخلفه عليها النبي صلى الله عليه و سلم و قيل انها كانت زوجة عبد الله بن جحش فاستشهد في أحد فخلفه عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن ابن الكلبي انهت كانت عند الطفيل بن الحارث قطلقها فخلفه عليها أخوه فقتل عنها ببدر فخطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال بن اسحاق في السيرة الهاشمية انها كانت عند عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب و كانت قبله عند جهم بن عمرو الحارث بن الهلالي و هو ابن عمها و في الطبري : و في هذه السنة الرابعة تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم زينب بنت خزيمة من بني هلال في شهر رمضان و كانت قبله عند الطفيل بن الحارث فطلقها

و اختلفوا مرة اخرى فيمن تولى زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم ففى الاصابة عن ابن الكلبي : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم خطبها الى نفسها فجعلت أمرها اليه فتزوجها و في السيرة رواية بن هاشم : زوجه اياها عمها : قبيصة بن عمرو الهلالي و أصدقها رسول الله صلى الله عليه و سلم أربعمائة درهم و اختلفوا ايضا في مدة اقامتها في البيت المحمدي ففي الاصابة رواية تقول: كان دخوله صلى الله عليه و سلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر ثم لم تلبث عنده شهرين او ثلاثة و ماتت و رواية اخرى عن ابن الكلبي : فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث فأقامت عنده ثمانية أشهر و ماتت في ربيع الاخر سنة أربع

أم المساكين رضي الله عنها
و قد اجمع المؤرخون على كرمها و عطفها الشديد على الفقراء و لا يكاد اسمها رضي الله عنها يذكر في أي كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم : أم المساكين ففي الاستيعاب و الاصابة : و كان يقال لها أم المساكين لانها كانت تطعمهم و تتصدق عليهم و مثله في تاريخ الطبري و في السيرة الهشامية : و كانت تسنى أم المساكين لرحمتها اياهم و رقتها عليهم و عن الزهري قال : تزوج النبي صلى الله عليه و سلم زينب بنت خزيمة و هي أم المساكين سميت بذلك لكثرة اطعامها المساكين و هي من بني عامر بن صعصعة

كرامة خاصة
رغم قصر المدة التي قضتها السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها في بيت الرسول صلى الله عليه و سلم الا انها قد اكرمها الله بكرامة خاصة لم تشاركها فيها اية زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم فقد صلى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه -فقد كانت صلاة الجنازة لم تشرع بعد عندما ماتت ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها- و هما المرأتان اللتان ماتتا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و دفنت رضي الله عنها بالبقيع و كان لها من العمر ثلاثون عاما فجزاها الله كل الخير و رضي عنه



أم المؤمنين / أم سلمة رضي الله عنها


السيدة المحجبة، الطاهرة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة، المخزومية، بنت عم خالد بن الوليد، سيف الله; وبنت عم أبي جهل ابن هشام.

من المهاجرات الأول. كانت قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، الرجل الصالح. دخل بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنة أربع من الهجرة. وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبًا.

وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين. عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، الشهيد، فوجمت لذلك، وغشي عليها، وحزنت عليه كثيرا. لم تلبث بعده إلا يسيرا، وانتقلت إلى الله. ولها أولاد صحابيون: عمر، وسلمة، وزينب. ولها جملة أحاديث.

روى عنها: سعيد بن المسيب، وشقيق بن سلمة، والأسود بن يزيد، والشعبي، وأبو صالح السمان ومجاهد، ونافع بن جبير بن مطعم، ونافع مولاها، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وشهر بن حوشب، وابن أبي مليكة، وخلق كثير.

عاشت نحوا من تسعين سنة.

وأبوها: هو زاد الراكب أحد الأجواد -قيل: اسمه - حذيفة.

وقد وهم من سماها: رملة; تلك أم حبيبة.

وكانت تعد من فقهاء الصحابيات.

الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان، عن عبد الملك بن عبيد، عن سعيد بن يربوع، عن عمر بن أبي سلمة، قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي إلى أبي قطن في المحرم سنة أربع، فغاب تسعا وعشرين ليلة، ثم رجع في صفر، وجرحه الذي أصابه يوم أحد منتقِضٌ; فمات منه، لثمان خلون من جمادى الآخرة. وحلت أمي في شوال، وتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

إلى أن قال: وتوفيت سنة تسع وخمسين في ذي القعدة .

ابن سعد: أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا عبد الواحد بن زياد: حدثنا عاصم الأحول، عن زياد بن أبي مريم: قالت أم سلمة لأبي سلمة: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم تَزَوَّج، إلا جمع الله بينهما في الجنة. فتعال أعاهدك ألا تزوج بعدي، ولا أتزوج بعدك. قال: أتطيعينني؟ قالت: نعم. قال: إذا مت تزوجي. اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني، لا يحزنها ولا يؤذيها. فلما مات، قلت: من خير من أبي سلمة؟ فما لبثت، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها، أو ابنها. فقالت: أرد على رسول الله، أو أتقدم عليه بعيالي. ثم جاء الغد فخطب .

عفان: حدثنا حماد: حدثنا ثابت: حدثني ابن عمر ابن أبي سلمة، عن أبيه: أن أم سلمة لما انقضت عدتها، خطبها أبو بكر، فردته; ثم عمر، فردته. فبعث إليها رسول الله. فقالت: مرحبا، أخبر رسول الله أني غَيْرَى، وأني مُصْبِيَة وليس أحد من أوليائي شاهدا.

فبعث إليها: أما قولك: إني مُصْبِيَة; فإن الله سيكفيك صبيانك. وأما قولك: إني غَيْرَى، فسأدعو الله أن يذهب غَيْرَتَك، وأما الأولياء; فليس أحد منهم إلا سيرضى بي .

قالت: يا عمر، قُمْ فزوج رسول الله.

وقال رسول الله: أمَا إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة ... الحديث .

عبد الله بن نمير: حدثنا أبو حيان التيمي، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: قالت أم سلمة: أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلمني، وبيننا حجاب، فخطبني، فقلت: وما تريد إلي؟ ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي; إني امرأة قد أدبر من سِنِّي، وإني أم أيتام، وأنا شديدة الغيرة، وأنت يا رسول الله تجمع النساء.

قال: أما الغيرة، فيذهبها الله. وأما السن، فأنا أكبر منك. وأما أيتامك; فعلى الله وعلى رسوله. فأذِنْتُ، فتزوَّجني .

أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب أم سلمة. فقالت: فيَّ خصال ثلاث: كبيرة، ومُطْفِلٌ، وغَيُور ... الحديث .

وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: دخلت أيم العرب على سيد المسلمين أول العشاء عروسا، وقامت آخر الليل تطحن - يعني: أم سلمة.

مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: لما بنى رسول الله بأم سلمة، قال: ليس بك على أهلك هوان، إن شئتِ سبَّعتُ لك، وسبَّعْتُ عندهن -يعني نساءه- وإن شئت ثلاثا، ودُرْتُ؟

قالت: ثلاثا .

روح بن عبادة: حدثنا ابن جريج: أخبرني حبيب بن أبي ثابت: أن عبد الحميد بن عبد الله، والقاسم بن محمد، حدثاه: أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن يخبر: أن أم سلمة أخبرته: أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم: أنها بنت أبي أمية، فكذبوها، حتى أنشأ ناس منهم الحج، فقالوا: أتكتبين إلى أهلك؟ فكتبت معهم، فرجعوا، فصدقوها، وازدادت عليهم كرامة.

قالت: فلما وضعت زينب، جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطبني، فقلت: ما مثلي يُنكح.

قال: فتزوجها، فجعل يأتيها، فيقول: أين زُنَاب؟ حتى جاء عمار فاختلجها وقال: هذه تمنع رسول الله. وكانت ترضعها.

فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أين زُناب؟ فقيل: أخذها عمار. فقال: إني آتيكم الليلة .

قالت: فوضعت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي، وأخرجت شحما، فعصدته له، ثم بات، ثم أصبح، فقال: إن بك على أهلك كرامة، إن شئْتِ، سبَّعتُ لك؟ وإنْ أُسَبِّعْ لك، أُسَبِّعْ لنسائي .

قال مصعب الزبيري: هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة; فشهد أبو سلمة بدرا; وولدت له عمر، وسلمة، وزينب، ودرة.

أبو أسامة، عن الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة، قالت: لما توفي أبو سلمة، أتيت -النبي صلى الله عليه وسلم-، فقلت: كيف أقول؟ قال: قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبني منه عقبى صالحة. فقلتُها، فأعقبني الله محمدا -صلى الله عليه وسلم .

وروى مسلم في "صحيحه" أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد.

وروى إسماعيل بن نشيط، عن شهر، قال: أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين .

ومن فضل أمهات المؤمنين قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ إلى قوله: وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ فهذه آيات شريفة في زوجات نبينا -صلى الله عليه وسلم.

قال زيد بن الحباب: حدثنا حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ قال: نزلت في نساء -النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال عكرمة: من شاء بَاهَلتُه، أنها نزلت في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة .

إسحاق السلولي: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة: أنه قال لامرأته: إن سَرَّك أن تكوني زوجتي في الجنة، فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا; فلذلك حرم على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينكحن بعده; لأنهن أزواجه في الجنة .

روى عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار: أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، أحد العشرة .

وهذا منقطع. وقد كان سعيد توفي قبلها بأعوام، فلعلها أوصت في وقت ثم عوفيت، وتقدمها هو.

وروي، أن أبا هريرة صلى عليها. ولم يثبت. وقد مات قبلها. ودفنت بالبقيع.

قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا ابن أبي الزناد: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة، حزنت حزنا شديدا; لما ذكروا لنا من جمالها، فتلطفت حتى رأيتها، فرأيتها والله أضعاف ما وُصفت لي في الحُسن; فذكرتُ ذلك لحفصة -وكانتا يدًا واحدة- فقالت: لا والله، إنْ هذه إلا الغيرة ما هي كما تقولين، وإنها لجميلة، فرأيتها بعد، فكانت كما قالت حفصة، ولكني كنت غَيْرى .

مسلم الزنجي، عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم، قالت: لمّا تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة، قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة، وإني أراه قد مات، ولا أرى الهدية إلا سترد، فإن ردت، فهي لك. قالت: فكان كما قال، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية، وأعطى سائره أم سلمة والحلة .

القعنبي: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله أمر أم سلمة أن تصلي الصبح بمكة يوم النحر، وكان يومها، فأحب أن توافيه .

الواقدي، عن ابن جريج، عن نافع، قال: صلى أبو هريرة على أم سلمة .

قلت: الواقدي ليس بمعتمد -والله أعلم- ولا سيما وقد خولف.

وفي "صحيح مسلم": أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد .

وبعضهم أرَّخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم أيضا، والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين -رضي الله عنها.

وقد تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- حين حلت في شوال سنة أربع.

ويبلغ مسندها ثلاث مائة وثمانية وسبعين حديثا .

واتفق البخاري، ومسلم لها على ثلاثة عشر. وانفرد البخاري بثلاثة. ومسلم بثلاثة عشر.


أم المؤمنين / زينب بنت جحش
زينب بنت جحش بن رياب، وابنة عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

أمها: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم. وهي أخت حمنة، وأبي أحمد. من المهاجرات الأول .

كانت عند زيد، مولى النبي -صلى الله عليه وسلم. وهي التي يقول الله فيها: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا .

فزوجها الله -تعالى- بنبيه بنص كتابه ، بلا ولي ولا شاهد . فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين ، وتقول : زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق عرشه .

وفي رواية البخاري : كانت تقول : إن الله أنكحني في السماء .

وكانت من سادة النساء ، دينا وورعا وجودا ومعروفا -رضي الله عنها .

وحديثها في الكتب الستة .

روى عنها : ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش ، وأم المؤمنين أم حبيبة ، وزينب بنت أبي سلمة ، وأرسل عنها القاسم بن محمد .

توفيت في سنة عشرين وصلى عليها عمر .

محمد بن عمرو: حدثنا يزيد بن خصيفة ، عن عبد الله بن رافع ، عن برزة بنت رافع ، قالت : أرسل عمر إلى زينب بعطائها ، فقالت : غفر الله لعمر ، غيري كان أقوى على قسم هذا . قالوا : كله لك . قالت : سبحان الله! واسْتَتَرَتْ منه بثوب وقالت : صُبُّوه واطرحوا عليه ثوبا ، وأخذت تفرقه في رحمها ، وأيتامها ; وأعطتني ما بقي ; فوجدناه خمسة وثمانين درهما . ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا .

أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : لما ماتت بنت جحش أمر عمر مناديا : ألا يخرج معها إلا ذو محرم . فقالت بنت عميس : يا أمير المؤمنين ، ألا أريك شيئا رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم ؟ فجعلت نعشا وغشته ثوبا . فقال : ما أحسن هذا وأسْتَرَهُ! فأمر مناديا ، فنادى : أن اخرجوا على أمكم. رواه عارم : حدثنا حماد : حدثنا أيوب . وهي التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: أسرعكن لحوقا بي: أطولكن يدا وإنما عنى طول يدها بالمعروف.

قالت عائشة: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا. وكانت زينب تعمل وتتصدق. والحديث مخرج في مسلم .

وروي عن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم; ما رأيت امرأة خيرا في الدين من زينب، أتقى لله، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة . رضي الله عنها .

وعن عمر : أنه قسم لأمهات المؤمنين في العام اثني عشر ألف درهم لكل واحدة ; إلا جويرية ، وصفية ، فقرر لكل واحدة نصف ذلك. قاله الزهري.

ابن جريج ، عن عطاء ، سمع عبيد بن عمير يقول : سمعت عائشة تزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمكث عند زينب بنت جحش ، ويشرب عندها عسلا . فتَوَاصَيْتُ أنا وحفصة أنَّ أيتنا ما دخل عليها ، فلتَقُل : إني أجد منك ريح مَغَافير! أكلتَ مغافير! فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك. قال: بل شربت عسلا عند زينب، ولن أعود له. فنزل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إلى قوله: إِنْ تَتُوبَا - يعني: حفصة، وعائشة. وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ قوله: بل شربت عسلا .

وعن الأعرج ، قال : أطعم رسول الله زينب بنت جحش بخيبر مائة وسق .

ويروى عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : يرحم الله زينب ، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ، إن الله زوجها ، ونطق به القرآن . وإن رسول الله قال لنا : أسرعُكُنَّ بي لُحُوًقا أطولُكُنَّ باعًا فبشرها بسرعة لحوقها به ، وهي زوجته في الجنة .

قلت : وأختها هي حمنة بنت جحش ، التي نالت من عائشة في قصة الإفك ، فطفقت تحامي عن أختها زينب . وأما زينب ، فعصمها الله بورعها .

وكانت حمنة زوجة عبد الرحمن بن عوف ، ولها هجرة .

وقيل: بل كانت تحت مصعب بن عمير ; فقتل عنها ، فتزوجها طلحة ، فولدت له محـمدا ، وعمران .

وهي التي كانت تُستحاض وكانت أختها أم حبيبة تستحاض أيضا . وأمهن عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أميمة . قال السهيلي فيها : أم حبيب ، والأول أكثر ، وقال شيخنا الدمياطي ، أم حبيب ، واسمها : حبيبة .

وأما ابن عساكر ، فعنده : أن أم حبيبة ، هي حمنة المستحاضة .

وقال ابن عبد البر : بنات جحش : زينب ، وحمنة ، وأم حبيبة ، كن يستحضن .

وقال السهيلي : كانت حمنة تحت مصعب ; وكانت أم حبيب تحت عبد الرحمن بن عوف . وفي "الموطأ" وهمٌ ، وهو أن زينب كانت تحت عبد الرحمن ، فقيل : هما زينبان .

إسماعيل بن أبي أويس : حدثني أبي ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه : يتبعني أطولكن يدا. فكنا إذا اجتمعنا بعده نمد أيدينا في الجدار ، نتطاول ; فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب ، وكانت امرأة قصيرة ، لم تكن -رحمها الله- أطولنا ; فعرفنا أنما أراد الصدقة .

وكانت صنَّاع اليد ، فكانت تدبغ ، وتخرز ، وتَصَدَّق .

الواقدي : أخبرنا عبد الله بن عمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم : قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة : إني قد أعددت كفني ; فإن بعث لي عمر بكفن ، فتصدقوا بأحدهما ; وإن استطعتم إذ أدْلَيْتُمُونِي أن تصدقوا بحَقْوَتِي ، فافعلوا .

وقيل : إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس ، وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة . وكانت صالحة ، صوامة ، قوامة ، بارة ، ويقال لها : أم المساكين .

سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس : أن رسول الله قال لزيد: اذْكُرْهَا عليَّ . قال: فانطلقتُ ، فقلت لها : يا زينب ، أبشري ، فإن رسول الله أرسل يذكرك . قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي . فقامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن ، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فدخل عليها بغير إذن .

عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر ، عن عبد الله بن شداد أن رسول الله قال لعمر : إن زينب بنت جحش أوّاهة. قيل: يا رسول الله ، ما الأواهة؟ قال: الخاشعة ، المتضرعة ; و إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ولزينب أحد عشر حديثا ، اتفقا لها على حديثين . وعن عثمان بن عبد الله الجحشي ، قال : باعوا منزل زينب بنت جحش من الوليد بخمسين ألف درهم ، حين هدم المسجد

أم المؤمنين / جويرية بنت الحارث

بنتُ الحارث بن أبي ضرار المصطلقية .

سُبِيَتْ يوم غزوة المُرَيْسِيع في السنة الخامسة وكان اسمها : بَرّة ، فَغُيِّر . وكانت من أجمل النساء .

أتت النبي تطلب منه إعانة في فَكاك نفسها ، فقال : أوخير من ذلك؟ أتزوجك " فأسلمت ، وتزوج بها ; وأطلق لها الأُسارى من قومها .

وكان أبوها سيدا مطاعا .

حدث عنها : ابن عباس ، وعبيد بن السباق ، وكريب ، ومجاهد . وأبو أيوب يحيى بن مالك الأزدي ، وآخرون .

عن عائشة ، قالت : كانت جويرية امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه . الحديث بطوله .

زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جُوَيْرِيَة ، واسْتَنْكَحَهَا ، وجعل صداقها عِتْقَ كلِّ مملوكٍ من بني المصطلق . وكانت من ملك اليمين ، فأعتقها ، وتزوجها .



قال ابن سعد وغيره : بنو المصطلق من خزاعة . وكان زوجها ، قبل أن يسلم ، ابن عمها مسافع بن صفوان ابن أبي الشفر .

وقد قدم أبوها الحارث على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فأسلم .

وعن جويرية ، قالت : تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأنا بنت عشرين سنة .

توفيت أم المؤمنين جويرية في سنة خمسين . وقيل : توفيت سنة ست وخمسين -رضي الله عنها .

جاء لها سبعة أحاديث : منها عند البخاري حديث . وعند مسلم حديثان .

أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : أتى والد جويرية فقال : إن بنتي لا يُسْبَى مثلها ، فأنا أكرم من ذلك ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : أرأيتَ إن خيَّرناها؟ فأتاها أبوها فقال : إن هذا الرجل قد خيَّرك ، فلا تفضحينا ، فقالت : فإني قد اخترتُه ، قال : قد والله فضحْتِنَا .

زكريا ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جويرية ، واستنكحها ، وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق .

همام ، وغيره ، عن قتادة ، عن أبي أيوب الهجري ، عن جويرية بنت الحارث : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوم جمعة ، وهي صائمة ، فقال لها : أَصُمْتِ أمس ؟ قالت : لا. قال : أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفْطِرِي .

رواه شعبة ، وله علة غير مؤثرة ، رواه سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو .

شعبة وجماعة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، مولى آل طلحة : سمعت كريبا ، عن ابن عباس ، عن جويرية ، قالت : أتى علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غدوة وأنا أسَبِّح ; ثم انطلق لحاجته ; ثم رجع قريبا من نصف النهار ، فقال : أما زلت قاعدة ؟ قلت : نعم . قال : ألا أعلمك كلمات لو عُدِلْنَ بهن عَدَلَتْهُنَّ ، أو وُزِن بهن وزَنَتْهُنَّ -يعني جميع ما سبحت- : سبحان الله عدد خلقه ، ثلاث مرات ، سبحان الله زنة عرشه ، ثلاث مرات ، سبحان الله رضا نفسه ، ثلاث مرات ، سبحان الله مداد كلماته ، ثلاث مرات .

يونس ، عن ابن إسحاق : حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : لما قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية في سهم رجل ، فكاتبته ، وكانت حلوة ملاحة ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه . فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تستعينه ; فكرهتُها -يعني لحُسنها- فقالت: يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث ، سيّد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، وقد كاتبت ، فأعِنِّي .

فقال : أو خير من ذلك : أؤدي عنك ، وأتزوجك؟ فقالت : نعم . ففعل . فبلغ الناس ، فقالوا : أصهار رسول الله ! فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق . فلقد أعتق بها مائة أهل بيت . فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها .



أم المؤمنين / أم حبيبة بنت ابي سفيان

السيدة المحجبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

مسندها خمسة وستون حديثا. واتفق لها البخاري ومسلم على حديثين ، وتفرد مسلم بحديثين .

وهي من بنات عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها ، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها ، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها.

عُقد له -صلى الله عليه وسلم- عليها بالحبشة ، وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مائة دينار ، وجهزها بأشياء .

روت عدة أحاديث .

حدث عنها ، أخواها : الخليفة معاوية ، وعنبسة ، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان ، وعروة بن الزبير ، وأبو صالح السمان ، وصفية بنت شيبة ، وزينب بنت أبي سلمة ، وشتير بن شكل ، وأبو المليح عامر الهذلي . وآخرون . وقدمت دمشق زائرة أخاها.

ويقال: قبرها بدمشق. وهذا لا شيء، بل قبرها بالمدينة. وإنما التي بمقبرة باب الصغير : أم سلمة أسماء بنت يزيد الأنصارية .

قال ابن سعد : ولد أبو سفيان : حنظلة ، المقتول يوم بدر ; وأم حبيبة ، توفي عنها زوجها الذي هاجر بها إلى الحبشة: عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي ، مرتدا متنصرا.

عُقد عليها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالحبشة سنة ست ، وكان الولي عثمان بن عفان . كذا قال.

وعن عثمان الأخنسي : أن أم حبيبة ولدت حبيبة بمكة ، قبل هجرة الحبشة .

وعن أبي جعفر الباقر : بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن أمية إلى النجاشي يخطب عليه أم حبيبة ، فأصدقها من عنده أربع مائة دينار .

وعن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وآخر ، قالا : كان الذي زوجها ، وخطب إليه النجاشي: خالد بن سعيد بن العاص بن أمية . فكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة .

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة : أنها كانت تحت عبيد الله ، وأن رسول الله تزوجها بالحبشة ، زوجها إياه النجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم ; وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ، وجهازها كله من عند النجاشي .

ابن لهيعة ، عن الأسود ، عن عروة ، قال : أنكحه إياها بالحبشة عثمان .

ابن سعد : أخبرنا الواقدي : أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد ، قال : قالت أم حبيبة : رأيت في النوم عبيد الله زوجي بأسوأ صورة وأشوهها ; ففزعت وقلت : تغيرت والله حاله ! فإذا هو يقول حيث أصبح : إني نظرت في الدين ، فلم أر دينا خيرا من النصرانية ، وكنت قد دنت بها ، ثم دخلت في دين محمد ، وقد رجعت ، فأخبرته بالرؤيا ، فلم يحفل بها ; وأكب على الخمر ، قالت : فأريت قائلا يقول : يا أم المؤمنين . ففزعت ; فأولتها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتزوجني . وذكرت القصة بطولها ، وهي منكرة . حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ قال: نزلت في أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة .

إسناده صالح ، وسياق الآيات دال عليه .

وقيل : إن أم حبيبة لما جاء أبوها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليؤكد عقد الهدنة ، دخل عليها ، فمنعته أن يجلس على فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، لمكان الشرك .

وأما ما ورد من طلب أبي سفيان من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يزوجه بأم حبيبة ، فما صح . ولكن الحديث في مسلم . وحمله الشارحون على التماس تجديد العقد .

وقيل : بل طلب منه أن يزوجه بابنته الأخرى ، واسمها عزة فوهم راوي الحديث ، وقال : أم حبيبة .

وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة ، ولا سيما في دولة أخيها ; ولمكانه منها قيل له : خال المؤمنين .

قال الواقدي ، وأبو عبيد ، والفسوي : ماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وقال المفضل الغلابي : سنة اثنتين وأربعين .

وشذ أحمد بن زهير . فقال : توفيت قبل معاوية بسنة .

الواقدي : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن عبد الواحد بن أبي عون ، قال : لما بلغ أبا سفيان نكاح النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته ، قال : ذاك الفحل ، لا يقرع أنفه .

الواقدي : حدثنا محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، قال : لما قدم أبو سفيان المدينة ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يريد غزو مكة ، فكلمه في أن يزيد في الهدنة . فلم يقبل عليه . فقام فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي -صلى الله عليه وسلم- ، طوته دونه . فقال : يا بنية ، أرغبت بهذا الفراش عني ، أم بي عنه ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله ، وأنت امرؤ نجس مشرك . فقال : يا بنية ، لقد أصابك بعدي شر .

قال عطاء : أخبرني ابن شوال : أن أم حبيبة أخبرته : أن رسول الله أمرها أن تنفر من جمْع بليل .

الواقدي : حدثني أبو بكر بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عوف بن الحارث : سمعت عائشة تقول : دعتني أم حبيبة عند موتها ، فقالت : قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك . فقلت : غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك ، فقالت : سررتني سرك الله ، وأرسلت إلى أم سلمة ، فقالت لها مثل ذلك




أم المؤمنين / صفية بنت حُيَي بن أخْطَب بن سعية

بنت حُيَي بن أخْطَب بن سعية ، من سبط اللاوي ابن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام. ثم من ذرية رسول الله هارون -عليه السلام.

تزوجها قبل إسلامها : سلام بن أبي الحقيق ، ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقيق ، وكانا من شعراء اليهود ، فقتل كنانة يوم خيبر عنها ، وسُبِيَتْ ، وصارت في سهم دحية الكلبي ; فقيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- عنها ; وأنها لا ينبغي أن تكون إلا لك . فأخذها من دُحَيَّة ، وعوضه عنها سبعة أرؤس .

ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما طهرت ، تزوجها ، وجعل عتقها صداقها .

حدث عنها : علي بن الحسين ، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث ، وكنانة مولاها ، وآخرون .

وكانت شريفة عاقلة ، ذات حسب ، وجمال ، ودين -رضي الله عنها .

قال أبو عمر بن عبد البر : روينا أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب ، فقالت : إن صفية تحب السبت ، وتصل اليهود . فبعث عمر يسألها . فقالت : أما السبت ، فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة ; وأما اليهود ، فإن لي فيهم رحما ، فأنا أصلها ، ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : الشيطان : قالت : فاذهبي ، فأنت حرة .

وقد مر في المغازي : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بها ، وصنعتها له أم سليم ، وركبها وراءه على البعير ، وحجبها ، وأولم عليها ، وأن البعير تعس بهما ، فوقعا ، وسلمهما الله -تعالى .

وفي جامع أبي عيسى ، من طريق هاشم بن سعيد الكوفي : حدثنا كنانة : حدثتنا صفية بنت حيي ، قالت : دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام ، فذكرت له ذلك ، فقال : ألا قلتِ : وكيف تكونان خيرًا مني ، وزوْجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى وكان بلغها ، أنهما قالتا : نحن أكرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، منها ، نحن أزواجه ، وبنات عمه .

قال ثابت البناني : حدثتني سمية -أو شميسة- عن صفية بنت حيي : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج بنسائه ، فبرك بصفية جملها ; فبكت ، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أخبروه ، فجعل يمسح دموعها بيده ، وهي تبكي ، وهو ينهاها ، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس ; فلما كان عند الرواح ، قال لزينب بنت جحش : أفقري أختك جملا -وكانت من أكثرهن ظَهْرًا- فقالت : أنا أفقر يهوديتك! .

فغضب -صلى الله عليه وسلم- ، فلم يكلمها ، حتى رجع إلى المدينة ، ومحرم وصفر ; فلم يأتها ، ولم يقسم لها ، ويئست منه .

فلما كان ربيع الأول دخل عليها ; فلما رأته ، قالت : يا رسول الله ، ما أصنع ؟ قال : وكانت لها جارية تخبؤها من رسول الله ، فقالت : هي لك . قال : فمشى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سريرها ، وكان قد رُفع ، فوضعه بيده ، ورضي عن أهله .

الحسين بن الحسن : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مالك بن مالك ، عن صفية بنت حيي ، قالت : قلت : يا رسول الله ، ليس من نسائك أحد إلا ولها عشيرة ; فإن حدثٌ بك حدث ، فإلى من ألجأ ؟ قال : إلى علي -رضي الله عنه .

هذا غريب .

قيل : توفيت سنة ست وثلاثين وقيل : توفيت سنة خمسين .

وكانت صفية ذات حلم ، ووقار .

معن ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم : أن نبي الله في وَجَعِه الذي توفي فيه ، قالت صفية بنت حيي : والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي . فغمزها أزواجه ; فأبصرهن . فقال : مَضْمِضْنَ. قلن : من أي شيء؟ قال: من تغامزكن بها ، والله إنها لصادقة .

سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، قال : قالت صفية : رأيت كأني ، وهذا الذي يزعم أن الله أرسله ، وملك يسترنا بجناحيه . قال : فردوا عليها رؤياها ، وقالوا لها في ذلك قولا شديدا .

حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- صفية من دُحية بسبعة أرءوس ، ودفعها إلى أم سليم ، حتى تهيئها ، وتصنعها ، وتعتد عندها . فكانت وليمته : السمن ، والأقط ، والتمر ; وفحصت الأرض أفاحيص ، فجعل فيها الأنطاع ، ثم جعل ذلك فيها .

عبد العزيز بن المختار ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال لي أنس : أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا وأبو طلحة ، وصفية رديفته ، فعثرت الناقة ، فصرع ، وصرعت ، فاقتحم أبو طلحة عن راحلته ، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ; فقال : يا نبي الله ، هل ضرَّك شيء؟ قال : لا، عليك بالمرأة . فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه ، وقصد نحوها ، فنبذ الثوب عليها ، فقامت ، فشدَّها على راحلته ; فركبت ، وركب النبي -صلى الله عليه وسلم- .

ابن جريج ، عن زياد بن إسماعيل ، عن سليمان بن عتيق ، عن جابر : أن صفية لما أدخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فسطاطه ، حضرنا ، فقال : قوموا عن أمكم. فلما كان العشي حضرنا ، ونحن نرى أن ثم قسما . فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وفي طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة ، فقال : كلوا من وليمة أمكم .

زياد ضعيف .

أحمد بن محمد الأزرقي : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن ابن عمر ، قال : لما اجتلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صفية ، رأى عائشة متنقبة في وسط النساء ، فعرفها ، فأدركها ، فأخذ بثوبها ، فقال : يا شقيراء ، كيف رأيتِ ؟ قالت: رأيت يهُودِيَّة بين يهوديات .

وعن عطاء بن يسار ، قال : لما قدم رسول الله من خيبر ، ومعه صفية ، أنزلها . فسمع بجمالها نساء الأنصار ، فجئن ينظرن إليها ، وكانت عائشة متنقبة حتى دخلت ، فعرفها . فلما خرجت ، خرج ، فقال : كيف رأيت ؟ قالت : رأيت يهودية . قال : لا تقولي هذا ، فقد أسلمت .

مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن ابن المسيب ، قال : قدمت صفية ، وفي أذنيها خرصة من ذهب ، فوهبت لفاطمة منه ، ولنساء معها .

الحسن بن موسى الأشيب : حدثنا زهير : حدثنا كنانة ، قال : كنت أقود بصفية لترد عن عثمان ، فلقيها الأشتر ، فضرب وجه بغلتها حتى مالت ; فقالت : ذروني ، لا يفضحني هذا! ثم وضعت خشبا من منزلها إلى منزل عثمان ، تنقل عليه الماء والطعام .

الواقدي : حدثنا محمد بن موسى ، عن عمارة بن المهاجر ، عن آمنة بنت قيس الغفارية ، قالت : أنا إحدى النساء اللائي زففن صفية يوم دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فسمعتها تقول : ما بلغت سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم .

وقبرها بالبقيع.

وقد أوصت بثلثها لأخ لها يهودي ، وكان ثلاثين ألفا .

ورد لها من الحديث عشرة أحاديث ، منها واحد متفق عليه .



أم المؤمنين / ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال ابن عامر بن صعصعة ، الهلالية.

زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخت أم الفضل زوجة العباس ، وخالة خالد بن الوليد ، وخالة ابن عباس .

تزوجها -أولا- مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ، ففارقها . وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى ، فمات . فتزوج بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة . وبنى بها بسَرِف -أظنه المكان المعروف بأبي عروة . وكانت من سادات النساء . روت عدة أحاديث .

حدث عنها ابن عباس ، وابن أختها الآخر : عبد الله بن شداد بن الهاد ، وعبيد بن السباق ، [وعبد الرحمن بن السائب الهلالي] وابن أختها الرابع : يزيد بن الأصم ، وكريب مولى ابن عباس ، ومولاها سليمان بن يسار ، وأخوه : عطاء بن يسار . وآخرون .

قال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر : حدثني إبراهيم بن محمد بن موسى ، عن الفضيل بن أبي عبد الله ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، قال : لما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخروج إلى مكة عام القَضِيَّة بعث أوس بن خولي وأبا رافع إلى العباس ; فزوَّجَه بميمونة ، فأضلا بعيريهما ; فأقاما أياما ببطن رابغ ، حتى أدركهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقديد ، وقد ضما بعيريهما ، فسارا معه ، حتى قدم مكة . فأرسل إلى العباس ، فذكر ذلك له ، وجعلت ميمونة أمرها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا قال . وصوابُه : إلى العباس فخطبها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فزوجها إياه .

وروي عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنها جعلت أمرها لما خطبها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى العباس ; فزوجها .

مالك ، عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا رافع ، ورجلا من الأنصار ، فزوجاه ميمونة ، قبل أن يخرج من المدينة .

قال عبد الكريم الجزري ، عن ميمون بن مهران : دخلت على صفية بنت شيبة ، عجوز كبيرة ، فسألتها : أتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ميمونة ، وهو محرم ، قالت : لا ، والله لقد تزوجها وإنهما لحلالان .

أيوب ، عن يزيد بن الأصم ، قال : خطبها ، وهو حلال ، وبنى بها ، وهو حلال .

جرير بن حازم : حدثنا أبو فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي رافع أن رسول الله تزوج ميمونة حلالا ، وبنى بها حلالا بسرف .

حماد بن زيد ، عن مطر الوراق عن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة حلالا ، وكنتُ الرسول بينهما .

الواقدي : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، قال : تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهو حلال . هذا منكر . والواقدي متروك . والثابت عن ابن عباس خلافه . فقال ابن جريج ، عن عطاء ، عنه : إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو محرم .

وقال أيوب وهشام ، عن عكرمة ، عنه كذلك .

وقال عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عنه مثله .

وعمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عنه نحوه .

فهذا متواتر عنه .

والأنصاري ، عن حبيب بن الشهيد : سمع ميمون بن مهران ، عنه مثله .

وروى زكريا بن أبي زائدة ، وعبد الله بن أبي السفر ، عن الشعبي : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج ميمونة ، وهو محرم .

جرير ، عن منصور ، عن مجاهد - مرسلا - مثله .

رباح بن أبي معروف ، عن عطاء ، عن ابن عباس -مرفوعا- مثله . وفيه : وكان ابن عباس لا يرى بذلك بأسا .

وبعض من رأى صحة خبر ابن عباس ، عد الجواز خاصا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- .

وجوَّد هذا الباب ابن سعد ، ثم قال : أخبرنا أبو نُعيم : حدثنا جعفر بن برقان ، عن ميمون ، قال : كنت جالسا عند عطاء ، فجاءه رجل فقال : هل يتزوج المحرم؟ قال : ما حرم الله النكاح منذ أحله . فقلت : إن عمر بن عبد العزيز كتب إليّ -وميمون يومئذ على الجزيرة- : أن سل يزيد بن الأصم : أكان تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم تزوج ميمونة حلالا ، أو حراما؟ .

فقال يزيد : تزوجها ، وهو حلال .

وكانت ميمونة خالة يزيد .

الواقدي : حدثنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن عكرمة : أن ميمونة وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم .

قال مجاهد : كان اسمها برة ، فسماها رسول الله : ميمونة .

وروى بكير بن الأشج ، عن عبيد الله الخولاني : أنه رأى ميمونة تصلي في درع سابغ ، لا إزار عليها .

حماد بن زيد ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم : أن ميمونة حلقت رأسها في إحرامها ، فماتت ، ورأسها محمَّم .

كثير بن هشام : حدثنا جعفر بن برقان : حدثنا يزيد بن الأصم ، قال : تلقيت عائشة ، وهي مقبلة من مكة ، أنا وابن أختها ولدٌ لطلحة ، وقد كنا وقعنا في حائط بالمدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك ; فأقبلتْ على ابن أختها تلومه ; ثم وعظتني موعظة بليغة ، ثم قالت : أما علمتَ أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيَّه ; ذهبت والله ميمونة ، ورُمِيَ بحبلك على غاربك ! أمَا إنها كانت من أتقانا لله ، وأوصلنا للرحم .

وبه أنبأنا يزيد : أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها ، فوجدت منه ريح شراب ، فقالت : لئن لم تخرج إلى المسلمين ، فيجلدوك ، لا تدخل علي أبدا .

إبراهيم بن عقبة ، عن كُريب : بعثني ابن عباس أقود بعير ميمونة ، فلم أزل أسمعُها تُهِلُّ ، حتى رمت الجمرة .

أبو نعيم : حدثنا عقبة بن وهب : أخبرنا يزيد بن الأصم : رأيت ميمونة تحلق رأسها .

جرير بن حازم ، عن أبي فزارة ، عن يزيد بن الأصم ، قال : دفَنَّا ميمونة بسَرِف في الظُّلَّة التي بنى بها فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وقد كانت حلقت في الحج . نزلتُ في قبرها ، أنا وابن عباس .

وعن عطاء : توفيت ميمونة بسَرِف ، فخرجت مع ابن عباس إليها ، فقال : إذا رفعتم نعشها ، فلا تزلزلوها ، ولا تزعزعوها .

وقيل : توفيت بمكة ، فحملت على الأعناق بأمر ابن عباس إلى سَرِف ، وقال : ارفقوا بها ; فإنها أمكم .

قال الواقدي : ماتت في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة .

قلت : لم تبق إلى هذا الوقت ، فقد ماتت قبل عائشة . وقد مر قول عائشة : ذهبت ميمونة . . .

وقال خليفة : توفيت سنة إحدى وخمسين -رضي الله عنها .

روي لها سبعة أحاديث في " الصحيحين " ، وانفرد لها البخاري بحديث . ومسلم بخمسة . وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق