شهد العصر الأموي ازدهار فن "الغزل" الذي تفتحت براعمه
في صدر الإسلام، وقد توافرت جملة من الدواعي لازدهار هذا الفن بأنواعه الثلاثة:
الحضري والبدوي والنسيب.
ازدهر الغزل في حواضر
الحجاز (مكة والمدينة والطائف)، وكان كثير من شعراء الغزل الحجازيين منصرفين إلى
اللهو وسماع الغناء والتعرض للنساء، وقد وجدوا بين أيدهم وفرة من المال أفاءته
الفتوح على قومهم، فلم يحتاجوا إلى الكد في سبيل كسبه، ووجدوا أنفسهم بعيدين من
مواطن الصراع السياسي في الشام والعراق وخراسان، فانصرفوا إلى الشعر الغزلي،
وافتنوا فيه افتناناً ارتقى به إلى مرتبة رفيعة لم يبلغها الشعر العربي في أي عصر
من عصوره. وكان رائد هذا اللون من الغزل الشاعر القرشي عمر بن أبي ربيعة.
والضرب الثاني هو الشعر
الغزلي البدوي الذي ازدهر في بوادي نجد والحجاز خاصة، وقد عرف شعراؤه بصدق عاطفتهم
وعفتهم، ومنهم من قاده عشقه إلى الهلاك، وزعيم هذه الطائفة جميل بن معمر الذي
اشتهر بحبه لبثينة.
وقد وقف هؤلاء وأولئك
جل شعرهم على الغزل، ونهضوا بهذا الفن، وأخصبوه بمعان جديدة وصور مبتكرة لم يعرفها
الشعراء قبلهم.
والضرب الثالث من الغزل
هو النسيب الذي كان الشعراء يأتون به في مطالع قصائدهم، ولا سيما قصائد المديح.
وقد ارتقى النسيب كذلك... والتزمه الشعراء في مطالع جل قصائدهم، وأطاله بعضهم
إطالة تلفت النظر، كجرير بن عطية.
إعـداد: د. أنـور الموسـى
كلية الأداب/ الجامعة اللبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق