شعراء
الشِّعر العربي صيغ من مادة غنية وافرة، هي اللغة العربية، لغة عالمية عربية فيها كثرة أبنيتها وتعدّد صيغها، ومرونتها على الاشتقاق، وما فيها من تعدد الأسماء والمصطلحات. نشأت هذه اللغة من أصول قديمة وجدت في شبه الجزيرة العربية وجنوبها وشمالها
.الشعراء جمع هائل، لا ينبغ منهم إلا قلة بنوا لهم مجدًا
في الآفاق، لهم حياة اجتازت الأزمنة سنين وعقودًا وقرونًا هي في وسطنا وفي مسامعنا
كما كانت في عهود سابقة، هكذا حتى دخلت في تاريخ الأدب العالمي.
الشعر لغة المجتمع والسياسة والتاريخ، بُناة المجد من
الشعراء قلة من وسط محيط هادر وصار لسان الشعوب في سلامهم وحروبهم، وهناك أمم
جعلوا سجل تاريخهم بألسنة شعرائهم كالإمبراطوريتين اللتين تنازعتا العالم القديم
سجالًا كما ذكرهما القرآن الكريم في مطلع سورة الروم ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ *
فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ
سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
الشعراء هم نُدْرة في مجتمعاتهم وقلة في حقب التاريخ ...
نبغ في العصر الأموي لمدة قرن من الزمان 132/41
هـ ثلاثة شعراء: الأخطل وجرير والفرزدق، وكثرة بلا نبوغ وإن عُرفوا...
وخلال العصر العباسي رغم اتساع أزمنته نبغ في العهد
الأول منه بشار بن برد، وأبونواس وأبوالعتاهية، وأبوتمام حتى سنة 232هـ،
وفي عصره الثاني بأوله 334-232هـ تواجد تحت الضوء ثلاثة: ابن الرومي والبحتري وابن المعتز...
وفي القرن الثالث العباسي الذي احتوى الفنون والآداب (447-334هـ)
فلقد بزغ فيه ثلاثة: أبوالطيب المتنبي أستاذ الشعر، وأبوفراس الحمداني والشريف
الرضي (406 هـ) ولو انتقينا من العهد العباسي الأخير لكان المتنبي
والبحتري وأبوتمام مع تقديم وتأخير النقّاد وأذواق الناس وتعصّبهم لبعض الشعراء...
ورغم التوجهات، فإن المتنبي تربّع فوق عرش مملكة الشعر العربي.
بعد هذه النجوم تلبّدت السماء بالغيوم، والحُجُب التي
تخلفت فيها العربية من العصر العباسي الرابع إلى القرن الخامس ثم إلى القرن
السابع، وجاء عصر مظلم سقطت فيه الراية العربية في بغداد بزحف هولاكو وبطشه سنة 656هـ،
ثم دخول العثمانيين إلى الحواضر العربية في مصر وبغداد... حتى هيمن الفرس
والعثمانيون على بغداد سجالاً.
وعلى الرغم من استمرار خلافة العباسيين أكثر من خمسة قرون من (132
هـ إلى 656 هـ) وحدوث تقلبات سياسية واجتماعية وفتن داخلية وحروب
خارجية طاحنة، «ومنذ أن سقطت بغداد في آخر
عهد المستعصم بالله (656 هـ - 1258 م) لم يشهد
العراق حاكمًا عربيًا بل تولى حكمها فرس وعثمانيون سجالًا، وبقيت العراق سبعة قرون
من احتلالها»...
الشعر في القلوب
وعلى الرغم من سبعة قرون من التراجع والتخلف وخروج زمام
اللغة من أيدي العرب، فإن الشعر بقى مسطّرًا في قلوب الناس يروونه ويتجادلون فيه
وتتحزب كل عشيرة وقبيلة إلى شاعرها المفضل.
يقول الدكتور عبده بدوي:
«في ضوء الاعتقاد بأن الشعر هو الفن الأول
للعربية، إنه ليس فنًا فقط إنما هو حياة كاملة للعربي القديم... واهتم بعد ذلك
المحدثون بجمعه وتوثيقه ودراسته على نحو ما هو معروف في الأصمعيات والمفضليات
والجمهرة وكتب الحماسة والفخر، وبالنظر إلى الشعر من خلال النحو والصرف وعلوم
البلاغة حتى اهتم علماء في العروض والقافية والضرائر... ومن اهتمامهم بأشعار الجاهلية
وما بها من أسرار اللغة».
وكما قال الدكتور الأستاذ عبده بدوي في الصفحة الخامسة:
«كتاب شعراء المعلقات للإذاعي عبدالله خلف،
وابتداء فقد شدّني إلى هذا الكتاب أنه أفاد من كل الاتجاهات التي سبقته، وأنه وضع
أساسًا في إطار الكلمة المسموعة، لقد سمعته مقروءًا في الإذاعة في برنامجه اليومي
(الشعر ديوان العرب) وكان يورد مُنتقيًا الفصحى من المفردات العامية».
من خلال دراسة ومعرفة الشعر الجاهلي سَهُلت على قارئيه
وحفَظَة لغة القرآن الكريم، تصدر كتاب:
شرح المعلقات السبع للزوزني، باب في بيان فضل الشعر أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه...». ومن قوله في الشعر: «إن من البيان
لسحرًا». وفي المفاضلة في الشعر قول سامعيه:
وإنّ أَشْعرَ بيت أنتَ قائله بيتٌ يقال إذا أنشدته صدقا
وإنه لغني عن البيان ما كان لحسان بن ثابت من مكانة عند
الرسول، ودعا له مرة عند سماع شعره (جزاك الله الجنة يا حسان).
وكعب بن زهير عندما جاء تائبًا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم، وألقى قصيدته المشهورة (بانت سعاد) فاستمع صلى الله عليه وسلم إلى قصيدته
ووهب له بردَته... وقد اتخذ الرسول الشعر سلاحًا ليدافع به عن الإسلام.
قال ابن عباس:
«إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه
في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب»...
وقد بقيت أشعار سبعة شعراء من العهد الجاهلي في صدور
الناس، إلى أن جاء عهد التدوين بعد قرنين من الزمان... وهم: امرؤ القيس، قحطاني،
وستة عدنانيين، ثلاثة من مُضر، وثلاثة من ربيعة، الثلاثة الأُوَل بعد امرئ القيس:
زهير بن أبي سلمى وعنترة بن شداد، ولبيد بن ربيعة العامري، والثلاثة الباقون هم:
عمرو بن كلثوم، وطرفة بن العبد والحارث بن حلِّزة. وتُركت الأفضليّة لأذواق الناس والنُّقاد
والقبائل والشعوب.
اختلف أصحاب الأخبار في شأن المعلقات السبع، فقال بعضهم:
إن العرب بلغ من تعظيمهم إياها أن علّقوها بأستار
الكعبة، وحجة ناكريهم أنه لو كان صحيحًا لذكر القرآن ذلك والرسول عليه السلام
وصحابته لأنهم عاشوا أزمنة من العهد الجاهلي.
امرؤ القيس بن حُجْر:
من قبيلة كندة القحطانية، وكان يلقّب بالملك الضّليل
وبذي القروح لقوله:
وبُدِّلت قرحًا داميًا بعد صحة فيا لك من نُعمى تحوّلن أبؤسا
هناك أقوال نقلها الرواة لا أجد فيها صوابًا... منها
ذهابه إلى قيصر الروم «جوستنيان» ولو كان صحيحًا لذُكر في تاريخ الروم وسجلاتهم
الملكية، ومسألة زواج امرئ القيس من ابنة ملك الروم. والمسألة الثانية أنه استنجد
بالنجاشي ملك الحبشة لتسيير جيش يعيد إلى امرئ القيس ملك أبيه، فخلافات القبائل
والجماعات في كل تاريخ العرب قبل الإسلام ما احتاجت إلى الاستعانة بالملوك
وجيوشهم، لا من الروم ولا من الحبشة... وأكذوبة أخرى أن البحتري وهو شاعر وليس
بمؤرخ إذ قال:
إن ملك الروم الذي أمر بقتله مسمومًا صنع تمثالًا لامرئ
القيس.. رآه المأمون حين دخل أرض الروم غازيًا في (غزوة الصائفة) وقالوا لما رأت
الخيول قبر امرئ القيس...
يقول البحتري:
وأزْرَتْ الخيول قبر امرئ القيـ ــس سراعًا فَعُدن منه بطاءَ
والروايات القصصية والشعرية في صحف الأمم مليئة
بالخيالات والخرافات حتى في الآداب الغربية، وعندما قالوا (أحسن الشعر أكذبهُ) هو
ما جال في أذهانهم من الخيالات، فالأكذوبة هي الصور الخيالية.
جامعة السوربون
بعثت جامعة السوربون الباريسية وفدًا برئاسة جاك بيرج...
مارًا بالكويت وزار رابطة الأدباء في مقرها بـ(الدسمة) عام 1965
وانضم إلى الوفد الشيخ علي عبدالمنعم لإحاطته باللغة الفرنسية.
وفي السعودية انضم وفد آخر برئاسة العلاّمة الشيخ حمد
الجاسر. هدف جامعة السوربون كان التحقيق إن كانت الأماكن التي ذكرها امرؤ القيس هي
متتالية وما زالت تُذكر، وهي: سقط اللوى، الدخول وحومل ... توضح والمقراة...
الأماكن التي ذكرها امرؤ القيس في معلقته:
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل بسِقْطِ اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعفُ رسمها لما نسجتْها من جنوب وشمأل
وبعد حضور الوفد إلى هذه المواقع مع سؤال قاطني المكان
تبين صحة هذه الأماكن وترتيبها حسب ذكر امرئ القيس... إنه تحقيق صحيح كما ذكرها
امرؤ القيس، وهذا إنجاز علمي شهد به من الكويت الشيخ علي عبدالمنعم، ومن المملكة
العربية السعودية العلاّمة الشيخ حمد الجاسر رئيس تحرير مجلة العرب، وشهد على ذلك
رئيس قسم اللغة العربية في جامعة السوربون الدكتور جان بيرج.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
ما هو العلاج النفسي
وما أنماطه؟ ومتى يجب بدء العلاج؟
ما هو تدمير الذات
وكيف تتجنّبه
كيف تُعلّم أطفالك
المغفرة والتسامح
في سيكولوجية رمي
القمامة بالأماكن العامة
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق