الاثنين، 23 مايو 2022

• فاروق شوشة ناقدًا للجمال


فاروق شوشة

لا تكتمل دراسة تاريخ الأدب العربي المعاصر من دون الإلمام بإسهامات الشاعر فاروق شوشة المتميزة في تقديم وتقييم الشعراء المعاصرين، فقد كان في هذه الكتابات التي اقتنصها منه الزمن الصحفي الصاخب ناقدًا ومؤصلا للجمال في الشاعرية والأشعار على حد سواء. كان شوشة قادرًا على أن يموضع (ولا نقول يضع فحسب )كل شاعر في مكانه الصحيح من تاريخ الشعر العــــربي وفي موضعه الأسمــــــى في ديــــوان الشِعر العربي كذلك.

كانت ثقافة فاروق شوشة الواسعة ذات الروافد الحية والحيوية خير معوان له على رسم واستقصاء الصورة المكتملة لنهر الشعر العربي ونهره المتدفق بما يحتويه أيضًا من روافد وتفرعات، كما كان في الوقت ذاته قادرًا، بحكم ذائقته وشاعريته وفلسفته المعرفية، متمكنًا من تمييز طبقات فن القول الشعري وغير الشعري صورة ولفظًا ودلالة وإيحاء وإبداعًا.

وإذا تصورنا أنفسنـــا قــادرين على رسم صورة سينمائية سريعة التعاقب لآرائه المتعددة في شعرائنا المعاصرين فإننا نكتشف أنه تفوّق على معاصريه جميعًا في تقديم أعظم الأقلام شمولًا وإحاطة بمعاصــريه على اختلاف أطيافهم، ولنمض معه بضع خطوات في هذا الطريق.

كان شوشة على سبيل المثال لا يخفــــي إعجابه العميق بمجمل الإنتاج الفكري والشعري لثلّة من الذين لم تحظَ أعمالهم بما تستحق من التقدير الفائق للموهبة والتفرد، وفي مقدمة هؤلاء الشاعر القاص حسين عفيف الذي تحدّث عنه شوشة بأكثر العبارات إنصافًا، حيث وصفه بأنه اكان وضيء السمت والمحيّا، نحيلًا كأشد ما يكون النحول، لكنه النحول الذي يصيب العشاق المستهامين، خفيض الصوت والنبرة، يخطو في حياء جمّ، ويتحدث في ألفة ممزوجة بالتواضعب، كما وصفه بأنه اكان من النوع الكتوم الذي يقتصد في البوح، فهو لا يتكلم كثيرًا، ولا يثرثر، أما مقطوعاته النثرية فقد وصفها بأنها متوهجة بالشاعرية، والإيقاع الداخلي، والغنى الروحي، والتأمل الشفيفب.

حسين عفيف

كان شوشة متيمًا برواية عفيف ازيناتب، من حيث أنها تكشف - في رأي شوشة - عن اصدمته في تجارب شبابه الأولى، وتضم أصداء وظلالًا وأطيافًا لهذا الحب الأول، وهذه الشحنة العاطفية المبكرة التي أوصلته إلى نهاية حزينة، جعلته يكتفي، طوال حياته، بالغناء للمرأة، والعزف على أوتار الحب، دون أن يقترب منها اقترابًا حقيقيًا، يجعل منه زوجًا وأبًا، فظل عزبًا حتى رحيلهب.

وقد اكتشف شوشة التأثر الواضح في ديوان عفيف االأرغنب بشاعر الهند والإنسانية طاغور، في قالب شعره، وموضوعات تجاربه وصوره، وفي تطور حياته العاطفية، فضلًا عن روح التأمل الشفيف، ومحاولة النفاذ إلى الأسرار الأولى للحياة والكون، والتوحد مع الطبيعة إحساسًا ونبضًا وعاطفة.

وهو يقرأ لنا من أقوال عفيف في ديوانه االأرغنب هذه الفقرة المشهورة:

كان الليل يعشقها وهي لم تزل في المهد

فحنا الظلام عليها وهي نائمة، وكحّل أجفانها بقُبلة

وحبا القمر على سفوح الرُّبى

ورسم على فمها ابتسامة

وفي الصباح هرع الضوء لعينيها

فقامت للحْظها قيامة

وعصر الورد ورقه على وجنتيها فتضرجتا

ثم سكب الفجرُ نداه على جسدها فتعطر

ولقد مال الغصن يُرضعها من لبنه،

فشبت ممشوقة

وهبت عليها نسمة صبا علمتها التثنّي

كما غرّد بلبل فلقّنها الكلام

وفي ذات خريف، بزغ صدرها مع نضج الرمان،

فعشقتها

على صعيد آخر، يذكر شوشة أن الناقدين العظيمين محمد غنيمي هلال ومحمد مندور في مناقشتهما لشعر عفيف، في برنامج امع النقادب، الذي كان شوشة نفسه يعده، اتفقا على وجود نزعة أبيقورية نهمة تتوقف عند تفاصيل الجسد، في نشوة حسية عارمة تجاوز نزعته الصوفية المتأملة، والمتطهرة، التي تسود معظم قصائده، لكن حيرة الشاعر الكبرى أمام مصير الإنسان والحياة والكــــون ترتطم بافتتانه بالجمال البشري في تجلياته المحسوسة، وكأنه يعيش صراعًا بين المطلق والنسبي، الخالد والفاني، الباقي والزائل، وهو أمر يختلف فيه عفيف عن طاغور، ويبتعد به عن عالمه ابتعادًا كليًا.

ويلفت شوشة نظرنا إلى أن أروع ما في عفيف أنه لم يضع كلمة شعر على دواوينه، بدءًا بديوان الأرغن، فديوان الغدير، فـ الغسق، فـ حديقة الورد، فديوانه الأخير عصفورة الكناريا.

وكان عفيف حريصًا على أن يصف ديوانه الغسق بأنه ديوان من الشعر المنثور، وقد أثبت هذا الوصف على غلاف الديوان.

عبدالعليم عيسى

وكما كتب شوشة بهذه الروح عن عفيف، فإنه كتب عن الشاعر العظيم عبدالعليم عيسى، واصفًا إياه بأنه واحد من الشعراء الكبار الذين لم يحظوا حتى الآن بما يستحقون من مجد ومن دراسة.

وكان شوشة يميل إلى القول بأن لعيسى شخصية فريدة في عصر طغيان الشخصيات التقليدية وغير المتميزة، وقد وصف شخصيته هذه بأنها كانت لها أبعادها الروحية إلى أقصى حد، ورؤيتها الواقعية المادية للصراع البشري في ضراوته وطغيانه، وأنه كان هادئًا، وقورًا، وذا ملامح إنسانية صافية، وصوت عميق متقطع.

ووصفه، في فقرة أخرى بأنه كان فارسًا نبيلًا ودودًا من فرسان عصر الرومانسية الذين امتلأ وجدانهم بالزخم العاطفي العارم، وفي الوقت نفسه بالانعطاف الشديد تجاه المسحوقين والمستذلين الذين يكابدون الظلم وقسوة الحياة، ويتشوقون إلى الحرية، ويكدحون من أجل غد أفضل، ولهذا فقد كان له هذا التكوين الرومانسي الواقعي الروحي المادي، السلفي التجديدي، الملتزم التنويري، وقد أدى هذا إلى قلقه وحيرته، وانجذابه وشروده، ومعاناته وتوهجه، وتحولاته المستمرة من الذاتي الخاص إلى الإنساني العام.

وكان شوشة يكرر القول بأن عيسى لم ينل ما كان يستحقه من التقدير، وإنه هو نفسه كان أحد المسؤولين عن هذه النتيجة بسبب انطوائيته وعزوفه وترفّعه، لكنّ الحياة الأدبية نفسها شاركت في ظلمه حين جرفها أصحاب الطبول الجوفاء جميعًا حتى انصرفت عن تقدير أمثاله النوادر من الأفذاذ. 

جبل الجليد

والحق أن عبدالعليم عيسى كان تجسيدًا للقيم والفضائل إنسانًا وشاعرًا، في زمان ندر فيه تحقيق هذا التجانس والتماثل بين المبدع وإبداعه، وقد كان شعره، كما وصفه شوشة، صورة لحقيقته الإنسانية، كما كانت إنسانيته مرآة لتجسُّد شاعريته، وكان لكثرة ما يمتلئ به من وعي وثقافة وخبرة وحكمة يبدو لنا كجبل الجليد لا يظهر منه على السطح إلا أقل القليل، بينما حقيقته الممتلئة والمكتنزة خافية ومستمرة لا نتعرف إليها إلا بإدمان الصحبة، وطول المكاشفة، وثبات المودة، والصداقة، فإذا بنا نكتشف فيه عالمًا رحبًا من الجمال، وأفقًا ساميًا من الصفاء والنقاء، وقلبًا مليئًا بالمحبة والرحمة والتعاطف والتسامح.

ويرى شوشة بأمثلة دالة وواضحة يذكرها في دراسة له عن هذا الشاعر العظيم أن عيسى وجد في شعر محمود حسن إسماعيل النموذج الذي يبحث عنه، فهو ينتمي مثله إلى عالَم القرية والريف، وهو يعيش مثله واقع الفلاح المصري، والأغلال التي تقيده في القهر والجهل والتخلف، كما وجد فيه أيضًا ذلك الجدل بين الانتماء إلى شجرة الشعر العربي من ناحية، والاندفاع إلى التجديد والمغامرة والاختلاف من ناحية أخرى، وكان طبيعيًا أن يتسلل المعجم الشعري لمحمود إسماعيل، وعالم صوره وتراكيبه وأبنيته اللغوية إلى بعض القصائد الأولى لعبدالعليم عيسى.

اعتقال كزلزال

كذلك يرى شوشة أن صدمة الاعتقال كانت بمنزلة الزلزال الذي اعترض مسيرة عيسى الشعرية والفكرية، وقد جعلته هذه الصدمة الزلزالية يعيد النظر في أشياء كثيرة، وكانت السنتان اللتان قضاهما في المعتقل كفيلتين بالمراجعة والتأمل والإخلاص الشعري، والخلاص من تأثير محمود حسن إسماعيل:  

اوجد عبدالعليم عيـــسى إذن طريقه وقصيدته، وبدأ ينسج ملامح عالَمه الشعري الذي تجيش فيه تيارات أبوللو العاتية، وتأملات جماعة الديوان (العقاد والمازني وشكري) واستبطانها العميق لاهتزازات الوجدان، وانطلاقات المهجريين ومغامراتهم الفنـــية والإنسانية من أجل إبداع نموذج جديد، وظل عيسى، بحكم طبيعته الهادئة المتأملة، وعكوفه وانطوائه الشديد، وبُعده عن الانغماس في أجواء الحياة الأدبية، أقرب إلى روح جماعة الديوان، خاصة العقاد، تمامًا كما كان المعري، شاعره الأثير من بين شعراء تراثنا العربي، تجذبه بصيرته النافذة، وتفلسفه العميق، وسخريته بالحياة والأحياءب.

بدوي الجبل

أما كتابة شوشة عن بدوي الجبل فهي الكتابة التي تعلي من التقدير الفني فوق الإعجاب النفسي بمراحل، وكان شوشة قد وجد في نماذج بدوي الجبل الشعرية ما لم يحده عند غيره، وهو لهذا يقف أمام قصائده وأمام مجمل إنتاجه بالتحليل الوافي، مقترنًا بالاندهاش الصادق من العبقرية.

وهو يقول بعبارة صريحة إن شعر بدوي الجبل تميز بمقاربة لشعر الفحول، وبلغة شعرية تتميز بالجدة والأناقة والترف، والافتنان في إبداع الصورة الشعرية، واستدعاء تقاليد الشعر العربي في أزهى عصور ازدهاره عند شعرائه الكبار من أمثال المتنبي، والبحتري، وأبي تمام، والمعري، والشريف الرضي.

ويصل شوشة بلا وجــل إلـــى القــــول بأن بدوي الجبل كان امتنبي القرن العشرينب، وأنه وجه الشعر العربي في سورية، وحقيقته وخلاصته!

وهو يضرب على هذا المثل بأن بدوي الجبل في تمجيد هنانو هو المتنبي في تعظيم سيف الدولة: شمم أنف، وجزالة نظم، وقوة بيان، ورنين قواف وأوزان.

ويبدو لي أنه كان يوافق أدونيس على وصفه العبقري الملتبس لبدوي الجبل بأنه خاتمة وفاتحة: خاتمة كأبهى ما تكون الخواتيم سموًا ومجدًا، وفاتحة لنبض شعري جديد ومنعطف يؤذن بتاريخ شعري جديد.

ويشيد شوشة بطليعة روائع بدوي الجبل، وهي قصيدته االلهب القدسيب التي يحفظها محبّو شعره ومنشدوه باعتبارها مزموره الشعري البديع، الناطق بكل عذوبة شعره وتدفقه، وانعطاف نفسه مع كبرياء العاشق الذي يتجاوز في داخله شموخ الجبل، وجيَشان البحر، ورقّة النسيم، وسماحة الشاعر الإنسان:

تــــــــزيّـــــنَ الــــــــوردُ ألـــــــوانًـــــا ليفتـــننــا

أيـــــحــــــلـــــفُ الوردُ أنــــا ما فــــتــــناه؟

يا مَن سقانا كؤوس الهجر مُترعةً

بكى بساط الهوى لمّا طويناه

إن كان يذكرُ أو يَنسى فلا سلِمَت

عيني ولا كبدي إن كنتُ أنساه

طفولةُ الروح أغلى ما أدلّ به

والحب أعنفه عندي وأوفاه

قلبي الذي لوّنَ الدنيا بجذوته

أحلى من النور نعماه وبؤساه

لم يُردِه ألفُ جرح من فواجعه

حتى أصيب بسهمٍ منك أرداه

إن نحمل الحزنَ لا شكوى ولا ملل

غدرُ الأحبة حزنٌ ما احتملناه

ملَك عبدالعزيز

بهذا القدر من التعظيم كان شـــوشة ينظر إلى كل موهبة حقيقية، وإني لأذكـــر له ما كتبه في االأهرامب عند وفاة الشاعرة ملك عبدالعزيز، حيث قال اإن الحياة الأدبية المصرية لم تعرف شاعرة أكثر رقّة وحساسية وصفاء وجدان واكتمال شخصية منها، فقد أجاد شعرها التعبير عن علاقتها الحميمية بالطبيعة، وكانت أشعارها في الطبيعة بمنزلة مرآة انعكست عليها مواقفها وانطباعاتها من الحياة، بعد ما صادفته من مشكلاتها وأهوالها، وذلك على النقيض من بداياتها الرومانســية، كما عكس نزعاتها القريبة من الوجودية في بعض المراحل، ومن التصوف في مراحل أخرىب.

إبراهيم العريض

وحين يكتب شوشـــة عن الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريض فإنــه يجــــاهـــر بموافقتـــه على أساس الصورة في كتابــات النقاد والباحثين والدارسين، وهو أنـــه يمثّل االأبوة الرومانسية المهيـــمنــة، وأن تجربته الشعرية مثقلــة بالانـــزياح نحـــو مخيلة نموذجــــية ترتقي بوظيفة الشعر، وترتفـــع به عن مجرد الانشغال بالحياة الاجتماعــــية، وتفاصيــــل الواقـــع، وتستر به في كون أشمل وأجمـــل وأكثـــر مثالــــيـــة، مهمـــا يدفع الشاعر لذلــــك من ثمن البقــاء في منظومة المجتمع والثقافة: منفيًّا، ومعارضًا، ومعتقلًا، ومغتربًا، ومعذبًا، ومقهورًا، ومهمشًا... إلخب.

إبراهيم عيسى

في مقابل هذا التصوير البانورامي للعريض، فإن شوشة يذهب إلى القول بأن إبراهيم عيسى كان شاعرًا من طراز فريد، وأن اشعره لا ينفصل عن حياته، وحياته لا تنفصل عن شعره، وأن التداخل بين الشعر والحياة كان يجعله يخلط بينهما، وعندئذ يثور وينفعل ويخرج عن هدوئه السمح، وشفافيته الندية، ورقّته الآسرة، وكأنه ريح عاصف خرجت من إهابه الهادئ حين تصدمها تقلبات الدنيا، وغدر الأصدقاء والإخوانب، اوهو الذي يوشك أن يكون طفلًا في وداعته، صوفيًا في وفائه وصفائه ورحابة قلبه وروحه، وإنسانيته الفياضة الغامرةب.

وهو يتعمق بهذا المعنى فيشير إلى أن إبراهيم عيسى عرف منذ شبابه بتدفق روحه المرحة، وجمال معابثاته مع رفاقه الشعراء، ومعارفه من الأدباء.

كما عرف بتعليقاته اللاذعة التي يسوقها دومًا في لغة أدبية عفة، وصياغة بيانية بديعة.

أحمد خميس

وعلى نحو ما اكتشف شوشة تأثر عفيف بطاغور وتأثر عبدالعليم عيسى المبكر بمحمود حسن إسماعيل ثم بالمعري، فقد كان هو أول من ذهب إلى القول بأن أحمد خميس كان الأقرب إلي نموذج الشاعر الملاح علي محمود طه، في هيامه بالطبيعة والجمال، خاصة في رحلاته الصيفية المتتابعة إلى أوربا، وبحثه عن مواطن الفتنة والانطلاق، وتصيّد لحظات المتعة والنشوة، وأنه كان ذكيًا في اختيار صيغة الرباعيات التي اختارها لكثير من قصائده البديعة، وقد ضمن هذه الرباعيات نفثات وجدانه، وأشواق روحه.

وهو يضرب المثل على ذلك بقول أحمد خميس محاكيًا لغة علي محمود طه وتقسيماته النغمية والإيقاعية في قصيدة عنوانها ارقصةب:

أي همس حالم الإيقاع نشوان الصدى

طاف كالفرحة، كالنجوى، كلآلاء الندى

حين ناداني وحيّا أو هو يلقي لي يدا

قلت: أهلًا فتثنى ورنا

وتبدى لي الرفيق المحسنا

نظرة ثم دعاني قائلًا في همستين:

أيها المفتون ماذا لو شربنا قدحين؟

قلت: هات فأنا سمع وأصداء وعين

***

وعلى اللحن نفسه يعزف شعر أحمد خميس فيقول:

يا أخا الغرب، ليالي الشرق عشق وهوى

وضفاف طمى الحب عليها وارتوى

وشباب خالد الفتنة معبود الروا

فتعال اسكب على روحي وقلبي غنوتين

وترفق يا أخا الغرب وخذها قبلتين

فأنا، آه... أنا سمع وأصداء وعين

فوزي العنتيل

وصف شوشة صديقه الشاعر فوزي العنتيل بأنه واحد من أعذب الأصوات الشعرية وأكثرها تميزًا وأصالة بين شعراء جيله، الذين كانت قصائدهم ملء السمع والبصر، وحديث الناس طوال الخمسينيات: محمد الفيتوري، وكمال نشأت، وإبراهيم عيسى، وصلاح عبدالصبور.

ويشير شوشة إلى أنه لشدة اقتراب العنتيل من أولهم وثانيهم (نفسيًا وفنيًا) فقد كوّن الثلاثة رابطة النهر الخالد، وكانت قصائدهم تنشر موقّعة باسم هذه الرابطة التي ائتلف فيها مبدعون من السودان ومصر، نهجوا نهجًا تحرريًا وتجديديًا واضحًا.

ويذكر أن العنتيل كان شاعرًا وإنسانًا كالنسيم، لم يعرفه أحد إلا أحبه، وبادله حبًا بحب، وكان فيض إنسانيته ينسكب مودة ودفئًا على كل مَنْ حوله من الناس، حتى الذين لا يعرفهم حق المعرفة، ولا تربطه بهم علاقة، وكان شعره ـ في صفائه وعمقه وشفافيته ـ صورة لهذا كله، سواء في مرحلة الأولى التي تبنت الصيغة الشعرية لشعراء المدرسة الرومانسية اشعراء جماعة أبوللوب، أو في مرحلته الثانية التي تبنت الصيغة الشعرية لحركة الشعر الجديد أو الشعر الحر، فكان من روادها في مصر بعد عبدالرحمن الشرقاوي وصلاح عبدالصبور.

كمال نشأت

كان آخر من أوصاني بهم أستاذي فاروق شوشة هو الشاعر كمال نشأت، فقد كان - كما ذكرنا - يعتز به وبزميليه في رابطة النهر الخالد: العنتيل، والفيتوري.

وفي رأي شوشة أن شعر كمال نشأت كان يجمع بين الصيغتين العمودية والحرة، وأنه كان منتميًا بوجدانه الشعري إلى الموجات الأخيرة في حركة أبوللو الشعرية، اوهو الأمر الذي لم يجعله معدودًا ضمن رواد الحركة الواقعية: شعراء الموجة الأولى في حركة الشعر الجديد في مصر مثل صلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطي حجازيب. لكن قصائده في رأي شوشة كانت مواكبة تمامًا لتيار الحداثة الشعرية المتمثل في الشعر الجديد، أو الشعر الحر.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضًا                                         

هواتفنا الذكية وذكرياتنا

كيفية اتخاذ قرار اختيار المهنة

الحرباء تعريفها ووصفها وبماذا تشتهر

معلمو اللغة العربية بين سندان الضحية ومطرقة الجاني

النقود في العصور الإسلامية

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق