الثلاثاء، 20 يونيو 2023

• رَکِّز ضرباتك حتى لا تُبَدِّدَ جهودَك


القاعدة 23
من كتاب 48 قانون للقوة

الحكمة:

حافظ على قواك وطاقاتك بتركيزها في ضربات مؤثرة، فصيد واحد ثمين أفضل من الكثير من جني الفتات. القوة دائما تتغلب على الكثرة، وإن كنت تبحث عن جهة ترعاك فابحث دائماً عن من يستطيع أن يفيدك بالكثير ولفترات طويلة ولا تُشتِّت نفسك على الكثيرين من الرعاة الصغار.

انتهاك القاعدة:

في القرن السادس ق. م. كانت مملكةُ "وو" الصينية قوةً صاعدة، ولكنها كانت تفتقرُ للمكانة والتاريخ، ولم تصل لمستوى المملكة الوسطى والتي ظَلَّت لقرونٍ مركزاً للثقافة الصينية.

بدأَ ملكُ مملكة "وو" في شَنِّ الحملات على أقاليم المملكة الوسطى المتاخمة له من الشمال لأنه كان يرى أنه لو تحقق له الانتصار على هذه المملكة فإن مكانتها ستؤول إليه سريعاً.

بدأت الحربُ بحماسٍ كبير وحَقَّقَتْ مملكة "وو" انتصاراتٍ عديدة، ولكن بمُضِيّ الوقت تَعَثَّرَتْ الأمورُ وأصبح الانتصار في جبهةٍ يقابله الضعفُ في جبهة أخرى. ومن البداية كان الوزير الأكبر والمستشار "تزو هسيو" قد حَذَّرَ الملك من أن بلاد "بويه" البربرية في الجنوب قد بدأت في مراقبة الأوضاع المتعثرة لمملكة "وو" وبدأت في التخطيط لغزوها، ولكن الملكَ استهزأَ بمخاوفه وظنَّ أنه سينتصر على المملكة الوسطى بحملة واحدة ساحقة.

في العام 490 أرسلَ المستشار "تزو هسيو" ابنه لاجئاً إلى ملك "شي" حمايةً له مما يتوقع حدوثه، وإشارةً لملك مملكة "وو" بأنه غير راضٍ عن الحرب وتوقُّعه أن هذا الطموح المتهور سوف يطيح بالمملكة، إلا أن الملك رأى في ذلك خيانة واتَّهَمَ مستشاره بعدم الولاء، وفي لحظة غضبٍ أَمَرَهُ أن يقتل نفسه. أطاع "تزو هسيو" الأمرَ، ولكن قبل أن يغمد السكين في صدره صاح عالياً «اقتلع عينيَّ أيها الملك وعلقهما على بوابات مملكة "وو" حتى أرى جنود "يويه" وهم يدخلونها منتصرين».

کما توقع "تزو هسيو" وبعد سنوات قليلة دخل برابرة "يويه" منتصرين من بوابات مملكة "وو"، وبينما كانوا يحيطون بالقصر تذكر الملك الكلمات الأخيرة لوزيره وأحسَّ وكأن عينيّ الرجل المقتلعتين تراقبان خِزيِهُ، ولم يستطع أن يتحملَّ فقتل نفسه مُغطياً وجهه حتى لا يتلقي نظرات التوبيخ من وزيره في العالم الآخر.

التعليق:

ما حدث لمملكة "وو" هو مثال لكل الإمبراطوريات التي دمرها تجاوزها لقدراتها وتشتيتها لطاقاتها، فهذه الإمبراطوريات حين يسكرها النجاح ويعميها الطموح تتقدم أشواطا خيالية إلى أن يوقفها دمار لا يبقي ولا يذر. ذلك هو ما حدث للأثينيين حين أخذتهم النشوة وجعلتهم يتطلعون للاستيلاء على جزيرة صقلية البعيدة وانتهى بهم الأمر بفقدان إمبراطوريتهم، وكذلك مَدَّ الرومان حدودهم لأراضٍ شاسعة فأضعفوا أنفسهم وتجرأت عليهم القبائل البربرية وأدى بهم هذه الاتساع العبثي إلى زوال سطوتهم وفقدان مجدهم.

تَعَلَّمَ الصينيون من مصير مملكة "وو" درساً هاما حول ما يحدث حين تبدد قواك بنشرها على جبهات متعددة، وحين تُعميك نشوة المكسب القريب عن المخاطر البعيدة. يقول "صن تسو" «إن لم تكن في خطر فلا تقاتل». وهناك قاعدة تكاد أن تكون قانوناً عاما للطبيعة: كل ما ينتفخ ويتجاوز حجمه حدود إمكاناته ينهار حتماً. وليس على العقل أن يظل هائماً من هدف إلى آخر فتشتته نجاحاته عن ما يبتغيه وما يناسبه، فالسطوة تأتي من الإنجازات المركزة والمترابطة معاً والمرتبطة بماضيها من أجل غاية ومعنى، فكل ما يتضخم ويتشتت يضعف ويسقط إلى القاع ويتحلل، وكلما كان تضخمه أكبر كانت سقطته أشد وأصعب.

مراعاة القاعدة:

كانت لآل روتشلد للصرافة أصولٌ متواضعةٌ في الجيتو اليهودي في فرانكفورت بألمانيا، وكانت القوانين القاسية في المدينة لا تسمح لليهود بمخالطة غيرهم خارج الجيتو، لكنهم وظفوا ذلك لمصلحتهم حيث نَمّى فيهم روح الاستقلال والإصرار على المحافظة على ثقافتهم مهما كانت الظروف.

كان ماير امشيل وهو أول فرد من آل روتشلد يتمكن من جمع ثروة من إقراض المال في أواخر القرن التاسع عشر؛ قد تَعَلَّمَ قيمة ما يمنحه الجيتو من التماسك وتركيز الجهود وما ينتج عن ذلك من سطوة.

أولاً وبدلاً من تشتيت جهوده تحالفَ ماير أمشيل مع أسرة واحدة قوية تحتكرُ عربات الأجرة، وأصبح المصرفي الأساسي لهم. ثانياً لم يَأْتمن أي غرباء على أعمال الأسرة، فلم يكن يوظف إلا أبناءه أو أقرب أقربائه رائياً أنه كلما تماسكت الأسرة وتَوَثَّقَتْ عُراها زادت سطوتها. وبسرعة تَولّى أبناءُ ماير أمشيل الخمسة إدارة الأعمال. وحين حضره الموت عام 1812 لم يترك ماير أمشيل ميراثه لابنٍ واحدٍ بل أمر أن يستمر الجميع في الحفاظ على تقاليد العائلة بأن يَظَلّوا مُتوحدين وأن يُبعدوا عنهم التَّفَكُّكَ وتَسَرُّبَ الأغراب بينهم.

رأى أبناء ماير امشيل أن المدخل لِنَيْلِ الثراء الواسع يكمن في التعامل مع اقتصاد أوروبا ككيان واحد وليس بربط أنفسهم ببلد أو بقطاع منفرد. استطاع الأبناء الخمسة الإحكام على أسواق المال بأوروبا بأن وزعوا أنفسهم بحيث يتحكمون بكل مناطق النفوذ؛ افتتح نيثان متجره في لندن وفي عام 1813 انتقل جيمس إلى باريس وظل أمشيل في فرانكفورت وتوجه سليمان إلى فيينا بينما ذهب الابن الأصغر کارل إلى نابلس.

عَرَّضَتْ هذه الشبكة المُوَسَّعَة آل روتشلد للمخاطر التي كان قد حَذَّرهم منها أبوهم أي تَشتيت أنفسهم والانقسام وتبديد طاقاتهم، إلا أنهم استطاعوا أن يتفادوا هذه المخاطر وأن يُرسخوا أنفسهم كأكبر قوة في السياسة والاقتصاد بأوروبا بأن عادوا إلى إستراتيجية الجيتو - أي بإبعاد الأغراب وتركيز جهودهم. أسس آل روتشلد أسرعَ نظام تَجَسُّسٍ ونَقلٍ للمعلومات في أوروبا كان يسمح لهم بالتقدم على منافسيهم.

كانت اتصالاتهم الداخلية ومراسلاتهم تُكتب بلغة يديش فرانکفورت وبشفرة لا يعرف رموزها إلا الأخوة روتشلد، ولذلك لم تكن هناك جدوى لأعدائهم من سرقة رسائلهم. وقد اعترف أحد الممولين الذين حاولوا اختراق نظام العشيرة «حتى أذكى المصرفيين لا يستطيع أن يجدَ طريقه داخل متاهات آل روتشلد».

في عام 1824 رأى جيمس أن الأوان قد آن له أن يتزوج، وكان ذلك مشكلة لأنه كان يعني إدخال امرأةٍ غريبة إلى عشيرتهم قد تُفشي أسرارهم، ولذلك قرّر جيمس أن يختار من العائلة، تزوج ابنة أخيه سليمان، وفرح الأخوة بهذا الحلّ وجعلوه سياسة للعائلة في حلّ مشكلة الزواج. بعد عامين زَوَّجَ نيثان ابنته لابن سليمان، وخلال سنواتٍ رَتَّبَ الأخوة الخمسة ثماني عشرة زيجة فيها بين أبنائهم كانت ست عشرة منها بين أبناء العمومة.

قال سليمان روتشلد ذات مرة «نحن أَشبهُ بتروس الساعة التي لا يمكن الاستغناء عن أيٍّ منها». وكما في الساعة كان كل جزءٍ من أعمالهم يتناغم مع باقي الأجزاء، وكذلك كانت تحركاتهم الداخلية خَفِيَّةً عن العالم الخارجي الذي لم يكن يرى إلا الواجهة التي تتقدم باستمرار. وبينا انهارت للأبد أُسَرٌ قويةٌ وعريقة أثناء النصف الأول المضطرب من القرن التاسع عشر، أَدَّت العُرى الوثيقة والتماسك الداخلي بآل روتشلد لا إلى البقاء فقط بل إلى جمعهم لثروةٍ ونفوذٍ لم يسبقهم إليها أحد في التاريخ.

التعليق:

ولد أبناء روتشلد في زمن غريب، ونشأوا في مكان لم يشهد أي تغير طوال قرون، إلا أن زمنهم كان هو الذي ولدت فيه الثورة الصناعية والثورة الفرنسية وعدد لا يحصى من أحداث التمرد والاضطراب. لكن آل روتشلد استطاعوا أن يحافظوا على ماضيهم وأن يقاوموا الانسياق للتفتت المميز لعصرهم ولذلك أصبحوا رمزا القاعدة تركيز التحركات وعدم تبديد الجهد.

لم يمثل أحد هذه القاعدة أكثر من جيمس روتشلد الأخ الذي استقر في باريس. في فترة حياته عاصر جيمس هزيمة نابليون ثم عودة ملكية البوربون ثم ملكية البرجوازيين في أورليان ثم العودة للجمهورية وأخيراً اعتلاء نابليون الثالث عرش فرنسا. أثناء هذه الاضطرابات كانت العادات والأفكار في فرنسا تتغير دون توقف. ودون جمود أو الظهور كحفرية من الماضي استطاع جيمس أن يدير دفة العائلة وكأن الجيتو ما زال يحيا بداخلهم؛ ونجح في الحفاظ على تماسك وسطوة العشيرة. بهذا التشبث بالماضي استطاعت الأسرة أن تزدهر وسط هذه الفوضى. وكان ترکيز الجهود هو الأساس الذي بني عليه آل روتشلد سطوتهم وثروتهم وثباتهم وسط العواصف.

أفضل الاستراتيجيات هي أن تظل دائماً قوياً... أولاً في العموم وأكثر عند اللحظات الحاسمة... لا توجد قاعدة إستراتيجية أسهل ولا أهم من أن تحافظ على قواك وجهودك مركزة... بايجاز فإن المبدأ

الأول والأعلى هو أن تتعامل بأقصى درجات التركيز... (عن الحرب. كائل فون کلوشفيتز 1831- 1780).

مفاتيح للسطوة:

نعيش الآن في زمن يتزايد فيه باستمرار التعارض والنزاع بين الدول والجماعات السياسية وفي محيط الأسر وحتى داخل الأفراد أنفسهم. نحن جميعاً نعاني من حالة من التشتت وتبديد الجهود، نسعى لكي نركز في اتجاه معين ولكن تشغلنا عنه مئات الاتجاهات الأخرى. مستوى التنازع والصراع في العالم المعاصر أعلى من أي وقت مضى وقد توغل عميقاً في بنية حياتنا الخاصة.

الحل هو العودة إلى أنفسنا وإلى الماضي وإلى الأشكال الأكثر رسوخاً من الفكر والعمل. وكما قال شوبنهاور «الفكر مرهون بالاشتداد والتعمق لا بالامتداد والتوسع». عرف نابليون قيمة التركيز على أضعف نقطة لدى العدو، كان ذلك سِرّ تفوقه في المعارك، لكنه كان أيضاً أساس شخصيته وقوة إرادته. إخلاصك لغايتك وتركيزك التام على الهدف واستخدام هذه الميزات للتغلب على الأشخاص المشوشين والأقل ترکيزاً هو السهم الذي لا يخطئ مقصده أبداً ويقهر لك الأعداء دائماً.

كان كازانوفا يرى أن سِرَّ نجاحه يكمن في قدرته على التركيز على هدف واحد والدفع باستمرار إلى أن يناله، وكانت قدرته على إخلاص نفسه للمرأة التي يريدها هي التي جعلته قديراً في الإغواء. فطوال الأسابيع أو الشهور التي كانت تتألق فيها امرأة كالنجم في سمائه، لم يكن يشغله عنها أي شيء آخر. وحين تَمَّ سجنُه في الدهاليز المظلمة لقصر الكلاب في البندقية، رَكَّزَ كل تفكيره على هدفٍ واحدٍ وهو أن يهرب على الرغم من فشل جميع من قبله في ذلك، ولم يُحبطه نَقلُهُ إلى زنزانةٍ أخرى والذي كان يعني أن شهوراً من الحفر قد ضاعت هباء. أَصَرَّ وفي النهاية هرب، وقد كَتَبَ لاحقاً «لم أَشُكَّ أبداً في أن الإنسان إنْ عَزَمَ على شيء وأخلصَ نفسه لتحقيقه فإنه يناله في النهاية مهما كانت المصاعب التي تواجهه، سواء كان ذلك أن يصبح الوزير الأعظم أو البابا».

رَكِّز على هدف واحد أو مهمة واحدة ولا تحيد عنها إلى أن تحققها. في عالم السطوة ستظل دائماً في حاجة إلى دعم آخرين خاصة من الذين لديهم سطوة تفوق سطوتك، والحمقى وحدهم هم من يظلون يتنقلون من شخص إلى آخر بحثاً عن الدعم معتقدين أن الانتشار يوفر لهم الاستمرار والنجاة. لكن حسب ما تنص عليه قاعدة التركيز فإنك ستوفر الجهد وتنال المزيد من السطوة إن ثَبَّتَّ نفسك بمصدر واحد ملائم للسطوة. دَمَّرَ العالِمُ نيقولا تسلا نجاحَه بالاعتقاد بأنه سيحافظ على عزته واستقلاله إن لم يضع نفسه في خدمة وليٍّ منفرد، وقد أبعد عنه حتى ج. ب. مورجان الذي منحه عقداً مغرياً. في نهاية حياته وجد أن «عِزَّته» أخذت تفرض عليه أن يتملق الكثيرين، وعرف أن إستراتيجيته كانت خطأ.

في عصر النهضة كان الرسامون والكُتّاب يكافحون نفس المشكلة، وقد تفوّق عليهم في ذلك بيترو آرتينو الكاتب الشهير في القرن السادس عشر الذي كان يعاني طوال حياته من مهانة تملق هذا الأمير وإرضاء ذاك. في النهاية نجح آرتينو في التقرب من الإمبراطور تشارل الخامس ووعده بأن يخلص إبداعات قلمه المؤثرة الخدمته، وشعر أخيراً بالحرية التي تأتي من الارتباط بمصدر واحد للسطوة. وبالمثل وجد مايكل أنجلو حريته مع البابا يوليوس الثاني وجاليليو مع أسرة المديتشي. مع الوقت يطمئن الولي الواحد لإخلاصك ويقدره، وسترى على المدى الطويل أن وليّك هو الذي كان يخدمك ويحقق لك ما تطمح إليه.

ختاما؛ فإن السطوة نفسها تأتي في أشكال مرکزة، وفي أي شركة أو مؤسسة ستجد حتماً أن من يمسك بزمام الأمور مجموعة صغيرة من الأشخاص لا يكونون غالباً من أصحاب المناصب والألقاب الرسمية. في عالم السطوة من الحماقة أن تتحرك اعتباطاً دون أن تُحَدِّدَ هدفك، بل عليك أن تعرف من يتحكم بالأمور ومن الذي يحرك المشهد من خلف الكواليس. في بداية صعوده نحو قمة المشهد السياسي في فرنسا في بواكير القرن التاسع عشر أدرك ريشيليو أن الملك لويس الثالث عشر ليس هو من يقرر أمور الحكم بل أمه، ولذلك تقرب منها ومَكَّنَه ذلك من الصعود سريعاً في مراتب الصَّفوة حتى بلغ القمة.

حفرك لِبئرِ بترول أو منجم ذهب واحد يمنحك ما يكفيك طوال حياتك من الثروة والسطوة.

لا يمكنك أن تصيب هدفين معا بسهم واحد. إن شوشت تفكيرك تخطئ قلبَ العدو. على عقلك أن يصبح والسهم شيئاً واحداً. وبدون تركيز قدرات عقلك وجسدك لا يمكن لسهمك أن يخترق القلب.

اقتباس من معلم:

اهتم بالاشتداد والتعمق أكثر من الامتداد والتوسع، فالعبرة بالجودة وليس بالكم. الامتداد وحده لا يعلو بك أبداً فوق المعتاد والمبتذل، ومشكلة الرجال ذوي الاهتمامات الواسعة أنهم يرغبون في وضع أصابعهم في كل طبق ولكن لا ينالون نصيباً من أي منها. أما الاشتداد والتعمق فيرفع من شأنك ويتسامى بك إلى مقامات البطولة. (بالتسار جراتسيان 1601 - 1658).

عکس القاعدة:

للتركيز مخاطر، وهناك أوقات يكون فيها الانتشار هو التكتيك الملائم. في صراعهم مع القوميين للسيطرة على الصين حارب ماو تسي تونج والشيوعيون على جبهات كثيرة وكانت أسلحتهم الرئيسية هي التخريب والكمائن. وغالباً ما يكون الانتشار التكتيك الأمثل لدى الطرف الأضعف وهو في الحقيقة المبدأ الأساسي لحرب العصابات، فحين تحارب جيشا أقوى لن يؤدي بك تركيزك لقواك إلا أن تصبح فريسة سهلة لعدوك - والأفضل لك أن تذوب وتنتشر في الساحة وتجهد عدوك في تحديد مكانك.

رَبْطُ نفسك بمصدر واحد للسطوة ينطوي على خطر بارز: إن مات من يرعاك أو رحل أو زالت عنه السطوة فلن تجد إلا المعاناة، وذلك ما حدث لسيزار بورجيا. كان بورجيا يستمد قوته من أبيه البابا إلكسندر السادس فهو الذي كان يمنحه الجيوش ليشن الحروب باسمه. حين مات البابا فجأة (ربما مسموماً) أصبح بورجيا في حكم الميت، فكان قد جلب لنفسه طوال سنوات سطوته عداء الكثيرين وكان عليه مواجهتهم دون حماية من سلطة أبيه. حين تكون في حاجة لتأمين الحماية يكون من الحكمة أن تربط نفسك بأكثر من مصدر للسطوة خاصة في أوقات الاضطرابات والتغيرات العنيفة أو حين يكون أعداؤك كثيرين. في هذه الأوقات تؤدي خدمتُك لأكثر من ولي إلى تقليل ما تواجهه من مخاطر إن زالت السطوة عن أحدهم، کا يمكنك هذا الانتشار من تأليب أحدهم ضد الآخر عند الضرورة. وحتى لو ركزت على مصدر واحد للسطوة يكون عليك دائماً أن تحتاط وتستعد لليوم الذي لا تجد فيه حماية وَلِّيِكَ.

أخيراً، فإن تركيز ذهنك على غرض واحد يجعل الآخرين يضيقون بك خاصة في مجال الفنون. كان رسام عصر النهضة باولو أوتشيلو مهووساً بإتقان المنظور في لوحاته لدرجة جعلتها تبدو مفتعلة وخالية من الروح، في حين كان ليوناردو دافنشي مهتماً بكل شيء من العمارة والرسم والحرب والنحت والآلات الميكانيكية وكان انتشاره مصدر سطوته. لكن هذه العبقريات نادرة أما الأفضل بالنسبة لمعظمنا فهو أن تميل كَفَّتُنا نحو الالتزام بالاشتداد والتعمق.

المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN

إقرأ أيضاً:

الغيرة عند الأطفال سببها الأهل

أنشطة موصى بها للأطفال في العطلة الصيفية

طرق للتعبير عن حبك للأطفال بشكل بسيط

تعليم الأطفال مهارات جديدة خلال العطلة

نصائح للتعامل مع المراهق الذي يجادل




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق