السبت، 17 يونيو 2023

• استدرج فرائسك بالتظاهر بأنك أقل منهم ذكاء


القاعدة 21 من كتاب: 48 قانون للقوة
 

الحكمة:

لا أحد يحب أن يظهر غبيا أو أقل ذكاء ممن يتعامل معهم، لكن الدهاء الحقيقي هو أن تشعر من تستدرجه أنه ليس ذكيا فحسب بل أنه يتفوق عليك ذكاء. وبمجرد أن يقتنع بذلك لن يشك أو يتوقع أبدا ما تدبره في الخفاء.

مراعاة القاعدة:

كان المُمَوّل الأمريكي أسبوري هاربندنج يزور لندن في شتاء عام 1872 حين جاءه تلغراف يُخبره: تَمَّ اكتشاف منجمٍ للماس في غرب أمريكا، وقد جاءه التلغراف من مصدرٍ موثوق هو ويليام والستون مدير بنك كاليفورنيا، إلا أن هاربندنج حسبها دعابةً تمثيلية أوحى بها اكتشاف مناجم الماس في جنوب إفريقيا.

الحقيقة أنه حين اكتُشف الذهبُ في غرب الولايات المتحدة كان الجميع لا يصدقون في البداية، وتَبَيَّنَ فيما بعد أن الخبر صحيح. لكن هذه المرة رأى أن الأمر غريب، منجم ماس في الغرب!!. عَرَضَ هاربندنج التلغراف على مُمَوِّلٍ صديق له هو قُطْبُ المال روتشيلد (وكان من بين أغنى أغنياء العالم) وقال له مُتعجباً «هي قطعاً دعابة» فَرَدَّ عليه روتشيلد «لا تستنكر الأمر، فأمريكا بلدٌ شاسع، وقد فاجأت العالم من قبل بالكثير، وربما ما زال في جُعبتها المزيد». حَجَزَ هاربندنج في أول سفينةٍ مُغادرةٍ وعاد إلى أمريكا.

حين وصل إلى سان فرانسيسكو وجد الأجواء محمومةً بالإثارة وتَذَكَّر بفترة البحث عن الذهب في الأعوام 1540، وعَرَفَ أنَّ مَن اكتشف المنجم اثنين من المنقبين هما فيليب أرنولد وجون سلاك، وأنهما لم يُعلنا الموقع المحدد للمنجم في ويومنج وإنما استعانا قبلها بأسابيع بخبير تنجيمٍ له اسمٌ ومكانةُ للمعاينة بعد أن أوصلاه إلى المنجم من طريق مُلْتَفٍّ ليُضلّلاه عن الموقع. هناك رأى الخبيرُ العُمّالَ يستخرجون الماس، فأخذ إحدى هذه الماسات وعرضها على الكثيرين من الصاغة في سان فرانسسکو وقَدَّرَ أحدُهم أن سعرها يبلغ 1.5 مليون دولار.

طلب هاربندنج ورالستون من أرنولد وسلاك أن يذهبا معهما إلى نيويورك حتى يؤكد الصائغ تشارلز تيفاني على تقدير السعر، فأجابها المُنَقِّبان أنهما قلقان ويستشعران أن في الأمر مكيدة: كيف لهما أن يثقا بانتهازيين من المدينة؟ وماذا لو دَبَّرَ تيفاني معهما لسرقة المنجم بكامله؟. نجح والستون في رفع هذه المخاوف بأن أعطى الرجلين 100,000 دولار ووضع 300,000 دولار أخرى أمانة باسمهما على أن يضاف إلى المبلغ 300,000 دولار أخرى إن تَمَّت الصفقة.

توجهت المجموعة إلى نيويورك حيث كان يُقام اجتماعٌ في منزل سامويل ل. بارلو يحضره نخبة الطبقة العليا في المدينة: الجنرال جورج بريتون ماكلالين قائد جيوش الاتحاد أثناء الحرب الأهلية، والجنرال بنيامين بتلر، وهراس جريلي رئيس تحرير جريدة نيويورك تريبيون إضافة إلى هاربندنج ورالستون وتيفاني، وحدهما أرنولد وسلاك هما الذين تَخَلّفا عن الاجتماع لأنهما كانا يتجولان کسائحين لرؤية معالم المدينة.

حين أَعلَنَ تيفاني أن المجوهرات حقيقية وأنها تُقَدَّرُ کثروةٍ لم يستطع الممولون المجتمعون أن يكتموا فرحتهم، فأرسلوا لروتشيلد وغيره من أباطرة المال يخبرونهم عن المنجم ويدعونهم للمشاركة في الاستثمار، وفي الوقت نفسه أخبروا المنقبين أنهم يطلبون تأكيداً أخيراً: طلب الممولون أن يُكلِّفوا خبيراً بمعرفتهم يذهب مع أرنولد وسلاك إلى المنجم حتى يتأكدوا من قيمة استثماراتهم. وافق الرجلان بعد تردُّدٍ وقالا أن عليهما أولاً العودة إلى سان فرانسيسكو على أن تبقى الماسات التي فحصها تيفاني كأمانة مع هاربندنج.

بعد ذلك بأسابيع التقى لويس جانين أكبر خبير مناجم في زمنه بالمنقبين في سان فرانسيسكو. كان جانين من النوع المَيّال للارتياب بطبيعته، وكان عازماً على التأكد من أن المَنجم ليس خدعةً وأتى معه هاربندنج ومَمَوِّلون آخرون راغبون، ودار بهم المُنَقِّبان في طرقٍ ملتوية ومعقدة كما فعلا من قبل وضللا المجموعة تماماً عن موقع المنجم. حين وصلوا أخذ الممولون يراقبون في ذهول جانين وهو يحفر ويسوي التراب المتجمع ويقلب الصخور ويكشف عن الياقوت والزمرد وأهم من ذلك الماس. استمرَّ الحفر ثمانية أيام أطمئن بعدها جانين وأخبر الممولين أنهم الآن يملكون أخصب وأغنى المناجم في التاريخ وقال «إن استخدمتم مائة رجل وأدوات مناسبة أضمن لكم أن تستخرجوا ما قيمته مليون دولار كل ثلاثين يوماً.

بعدها بأيام عاد هاربندنج ورالستون وشركاؤهما إلى سان فرانسيسكو وبسرعة أنشأوا شركة للاستثمار الخاص برأسمال 10 ملايين دولار، ولكن كان عليهم أولا أن ينتهوا من أرنولد وسلاك، وكان ذلك يعني إخفاء فرحتهم كي لا يدرك الرجلان القيمة الحقيقية للمنجم، تخابث الممولون وقالوا للمنقبين أن جانين قد لا يكون مُحقّاً وأن المنجم لا يساوي تلك القيمة فأغضب ذلك الرجلين. لجأ الممولون إلى حيلة أخرى وقالا إن أَصَرَّ الرجلان على الاحتفاظ بحصةٍ من المنجم فإنها لن يستطيعا التعامل مع أباطرة الاستثمار والاقتصاد الذين سوف يخدعونهما ويستولون على حقوقهما، ولذلك عليهما أن يَقنعا بالمبلغ المتفق عليه أي 700,000 دولار، وكان مبلغا هائلاً في ذلك الوقت، فَتَفَّهَم المُنقِّبان الأمرَ، ووافقا على استلام ما تبقى لهما من المال، وفي المقابل وقَّعا على تنازل للمولين عن حقِّ استغلال المنجم، وترکا لهما خريطة تُبَيِّنُ كيفية الوصول للموقع.

انتشرت الأخبار عن المنجم كالنار في الهشيم، واشتهر المنقبان في كل أنحاء ويومنج، وأثناء ذلك كان هاربندنج وشركاه ينفقون الملايين التي جمعوها من المستثمرين على المعدات وتوظيف أكفأ الخبراء وتأثيث المكاتب الفخمة في نيويورك وسان فرانسيسكو.

بعد ذلك بأسابيع قليلة وفي رحلتهم الأولى للموقع عرف الممولون الحقيقة المُرَّة لم يجدوا أي ياقوت أو ماس، فقد كان الأمر كله زيفاً وخداعاً، وعرفوا أنه قد حل بهم الخراب. فمن غير قصدٍ قام هاربندنج بإغراء أثرى أثرياء العالم للوقوع في أكبر احتيال في القرن.

التعليق:

لم يلجأ أرنولد وسلاك لإتقان احتيالهم المذهل إلى خبراء زائفين أو إلى رشوة تيفاني: كان الخبراء جميعاً حقيقيين واقتنعوا جميعاً بوجود المنجم وبقيمة جواهره، مَن خدعهم كان شخص أرنولد وسلاك لا أكثر، فقد ظهر الرجلان من السذاجة والبلاهة بحيث يصعب تصديق أنهما قادران على القيام بهذا الاحتيال الجريء. اتبع المنقبان قاعدة التظاهر بالبلاهة لاستدراج الضحايا وهي الوصية الأولى التي يتعلمها أي مخادع.

كانت تجهيزات الاحتيال غاية في البساطة، فقبل أشهرٍ من إعلانهما «اكتشاف» منجم الماس كان أرنولد وسلاك قد سافرا إلى أوروبا واشتريا مجوهرات بقيمة 12,000 دولار (وهي نقود ادخراها من العمل في مناجم الذهب) وخلطا تربة المنجم، بهذه الجواهر والتي حفر الخبير الأول ووجدها وأتى بها معه إلى سان فرانسيسکو. أما الخبراء الذين بالغوا في تقدير قيمة هذه الجواهر ومنهم تيفاني فقد كانوا مأخوذين بنشوة الاكتشاف. بعدها أعطي رالستون 100,000 دولار للمنقبين كتأمين وبعد عودتهما من نيويورك توجها إلى أمستردام واشتريا أكياساً من المجوهرات الخام وعادا إلى المنجم وخلطوا الجواهر في التربة وهكذا أصبح هناك الكثير من الجواهر ليجدها الخبراء.

لكن السرَّ في نجاح مخطط أرنولد وسلاك ليس هو هذا النوع من الحيل التي ذكرناها بل في إتقانهما تمثيل دوريهما، فأثناء رحلتهما إلى نيويورك ولقائهما بأباطرة المال تركوا لديهم انطباعاً بأنهما ساذجين من الريف، فكانا يرتديان سراويل ومعاطف أصغر مما يناسبهما بقياس أو اثنين ويتصرفان وكأنها پرتابان في كل شيء يريانه في المدينة الكبيرة، ولم يصدق أحد أن هذين الريفيين الجاهلين يستطيعان أن يخدعا أكثر رجال المال في عصرهم شراهة واعتداداً بأنفسهم. وبمجرد أن تَقَبَّلَ هاربندنج ورالسون وحتى روتشيلد فكرة وجود المنجم أصبح أيُّ مشككٍ سيبدو وكأنه يتطاول على ذكاء أكثر رجال الأعمال نجاحا في العالم.

في النهاية انهارت سمعة هاربندنج ولم تتعاف أبداً، وتَعَلَّمَ روتشيلد الدرس ولم يسمح لنفسه بعدها أن يقع في شراك الاحتيال. أخذ سلاك أمواله وهرب عن البلاد ولم يستدلّ أحد على مكانه، أما أرنولد فعاد إلى موطنه في كنتاكي فقد كان بيعه للمنجم شرعياً على أي حال حيث استعان المشترون بمشورة أفضل الخبراء في البلاد وإن كان الماس قد نفد من المنجم فليست تلك مشكلة البائعين. استخدم أرنولد المال لتوسيع مزرعته وافتتح بنكاً خاصاً باسمه.

مفاتيح للسطوة:

لا أحد يحتمل الشعور بأن هناك من يفوقونه ذكاءً، وعادة ما نبرر ذلك لأنفسنا بطرق عديدة: «فلان... إن معرفته معرفة كُتًب أما معرفتي فمن خبرتي بالحياة الحقيقية». أو «إن أبواه دفعا الكثير لتعليمه في أفضل المدارس والجامعات، ولو كان أبواي بهذا الثراء أو كنت أكثر حظاً لتفوقت عليه»، أو «أنه يحسب نفسه ذكياً»، وأخيراً قد نقول «إنه بارع في مجال خبرته أما عدا ذلك فليس ذكياً أبداً، فحتى أينشتين كان غبياً في كل ما هو بعيد عن مجال الفيزياء».

إذا تَنَبَّهتَ لهذا القدر من اهتمام الناس بالذكاء لعرفت أن عليك دائماً أن تَتَجَنَّب أن تُهين عامداً أو غير عامد القدرات العقلية لدى كل من تتعامل معهم، فهو خطأ لا يغفره أحد. إلا أنه يمكنك أن تسخر هذه القاعدة الحاكمة لصالحك لتفتح لك الباب لكل أنواع المكيدة والخداع، وذلك بأن تؤكد بالتلميحات للآخرين أنهم أذكى منك بل حتى أن تتظاهر بالبلاهة نوعاً ما، ويمكنك حينها أن تجرهم من أعناقهم دون أن ينتبهوا، فشعورهم بالتفوق العقلي يعطل ما لديهم من الارتياب والحذر.

في عام 1865 أرادَ المستشارُ البروسي أوتو فون بسمارك أن تُوَقِّعَ النمسا على معاهدةٍ كان ظاهراً بوضوحٍ أنها تفيد بروسيا وتضرّ النمسا، وكان على بسمارك أن يجد طريقةً تجعل النمساويين يُوَقِّعون عليها.

كان الكونت بلوم المفاوض النمساوي مقامراً شَرِهاً وكانت لعبته المفضلة هي الكوينز، وكان يفاخر بأنه يستطيع أن يعرف شخصية الرجل من طريقة لُعْبِهِ للكوينز، وکان بسمارك يعرف عنه هذا القول.

في الليلة السابقة للموعد المحدد لبدء المفاوضات انضم بسمارك للعب الكوينز مع بلوم، وأبدى سذاجةً شديدةً في اللعب، وكتب عن ذلك لاحقاً «کانت تلك آخر مرة ألعبُ فيها الكوينز، فقد لعبتُ بِتَهَوُّرٍ واندفاعٍ أدهشا الجميع، وخسرتُ آلاف التاكرات (عملة هذا الزمن) إلا أنني نجحتُ في أن أخدع بلوم لأنه حسبني أكثر تهوراً من حقيقتي وسَلَّمتُ له بذلك». وإضافة للتَّهوُّر ادّعي بسمارك أيضاً البلاهة والسَّفَهَ، فكان يقول تعليقاتٍ سخيفة ويتمتم بعصبية مفرطة.

ظنَّ بلوم أنه جمع معلوماتٍ قَيِّمَةً عن بسمارك، فكان يعرف من قبل أنه شرس - لأنه كان مشهورا بذلك- وطريقة لعبه أَكَّدَتْ شهرته، ذلك أن بلوم كان يرى أن الشرسين غالباً ما يتصرفون بحماقة وتهور، ولذلك وحين أتى وقت توقيع المعاهدة كان بلوم يعتقد أن الأفضلية له، وأن ليس في وسع رجل بحماقة بسمارك أن يُدَبِّرَ ويخادع لأن هذه الأمور تتطلب برودة أعصاب، ولذلك لم يدقق في المعاهدة، بل ألقى عليها نظرة خاطفة وتجاهل الصياغة النهائية قبل أن يُوَقِّع. وبمجرد أن جَفَّ حِبرُ التوقيعات قال بسمارك متعجباً «ولم أصدق أبداً أن دبلوماسياً نمساوياً قد يوافق على توقيع هذه المعاهدة».

هناك مثل صيني يقول «تَنَكَّر كخنزيرٍ کي تصيد النمر، وأَصلُ المثل طريقةُ صيدٍ قديمة يرتدي فيها الصياد جِلد وخطم خنزيرٍ وينخر بصوت خنزير، ويظن النمر الجبار أن خنزيراً في طريقه ويدعه يقترب ويسيل لعابه متوقعاً الوجبةَ السهلة الآتية إليه، ولكن في النهاية تكون الضحكة الأخيرة للصياد.

التَّنَكُّرُ في زيِّ خنزير أو حَمَلٍ يفعل الأعاجيب عند التعامل مع من يشبهون النمر في الغطرسة والإفراط في الثقة بأنفسهم، وكلما زاد شعورهم بأنك صَيْدٌ سهل يصبح أسهل عليك أن تقلب الأمور ضدهم لصالحك، وتلك حيلة تفيدك أيضاً إن كنت طموحاً وأصولك الاجتماعية متواضعة: فالتظاهر بأنك أقل ذكاء بل حتى أقرب للبلاهة يعد التَّنَكُّر المثالي لأن ظهورك كحَمَلٍ لن يخيف أحداً من أنك تخفي طموحاً يلتهمهم، بل قد يشجعونك لأنك تبدو لهم وديعاً ومطيعاً. استخدم هذه الحيلة من قبل کلوديوس قبل أن يصبح إمبراطوراً لروما وأمير فرنسا قبل أن يصبح الملك لويس الثالث عشر، حين ظن من فوقهما أنهما يخططان لاقتناص العرش أدى تمثيلهما للحماقة والغفلة إلى إبعاد كيد الخصوم عنهما، وحين أتت اللحظة المناسبة فاجآ جميع الغافلين عنهما بضربات قوية وعزم لا يلين.

الذكاء هو أوضح الصفات التي عليك أن تخفف من ظهورها، لكن عليك أن لا تتوقف عند هذا الحد، فالتذوق الجمالي والتمكن يقاربان الذكاء في نفس القدر على مقياس الغرور، اظهِر للآخرين أنهم أكثر تمكناً منك وسوف يشلّ ذلك حذرهم تجاهك، وكما فهم أرنولد وسلاك فإن ادعاء السذاجة والغفلة يصنع المعجزات، فقد كان الممولون يضحكون عليهما من خلف ظهريها؛ لكن من الذي ضحك في النهاية؟. في عموم الأحوال عليك أن تجعل الآخرين يظنون أنهم أكثر ذكاء ومهارة وتمكناً منك، وستجد أنهم يقربونك إليهم لأنك تشجع فيهم افتخارهم بأنفسهم، وكلما طالت صحبتك لهم زادت فرصتك في خداعهم.

حيوان الأوبوسوم يتظاهر بالموت. فيبتعد عنه معظم الضواري، فمن قد يظن أن هذا الكائن الضئيل القبيح الغبي الخائف يستطيع أن يقوم بهذا الخداع؟

اقتباس من معلم:

عليك أن تتعلم الاستفادة من الغباء: فأكثر الناس حكمة يستخدمون هذه الحيلة أحياناً، وهناك أوقات يكون فيها التغافل هو قمة الحكمة - ليس الجهل بل الادعاء بأنك تجهل-، فليس من الخير أن تظهر حكيماً وسط حمقى أو عاقلاً وسط مجانين، وليس من السذاجة أن تدّعي السذاجة والطريقة الأمثل التي تجعل الجميع يفتحون لك قلوبهم هي أن تتظاهر بأنك أغبى منهم جميعاً. (بالتسار جراتسيان، 1601-1658).

عکس القاعدة:

نادراً ما يفيدك إظهار حقيقة ذكائك، لذلك عليك طوال الوقت أن تقلل من إظهار ذكائك، ولو اكتشف الناس لاحقاً أنك أذکي کثيراً مما تبدو سيعجبون بك أكثر لأنك تتكتم على نبوغك بدلاً من أن تفاخر به. في بدء مسارك المهني عليك بالطبع أن لا تظهر غبياً تماماً، حيث تكون في حاجة أن تجعل رؤسائك يعرفون بطرق ماكرة ومهذبة أنك أذکي من منافسيك، لكن بارتقائك سلم السَّطوة عليك أن تتعلم شيئاً فشيئاً أن تخفي ذكاءك.

لكن هناك موقف واحد يفيدك فيه أن تفعل العكس، وهو حين تريد أن تخفي خداعك تحت قناع من الذكاء، ففي الذكاء كما في غيره تعد المظاهر كل شيء، وإن أظهرت أن لك السلطة أو الخبرة سيصدق الناس ما تقوله، وقد يفيدك ذلك في الخروج من المأزق.

كان تاجرُ الأعمال الفنِّيَّة جوزيف دوفين يَحضُر سهرةً يقيمها أحد أباطرة المال في نيويورك باع له دوفين لوحةً مُزَيَّفَةً ادّعى أنها لوحة لـ"دورير" بسعر مرتفع، وكان من بين الحضور ناقدُ فنونٍ فرنسي يبدو عليه سعة الاطلاع والثقة بالنفس.

أرادت ابنةُ صاحب المنزل أن تُبهِرَ الناقد فأخذته لِتُريه لوحة دورير التي لم تُعَلَّق بعد، فأخذَ الناقدُ يَتَفَحَّصُها لفترة وقال «لا أظنُّ أن هذه لدورير»، فذهبتْ به إلى والدها تُخبره بما قال، فذهب رجل الأعمال الثري قلقاً إلى دوفين ليستفسر.

وكان ردُّ دوفين على ذلك أن ضحكَ وقال «إن الأمرَ مُضحِكٌ حقاً. أتعلم عزيزي الشاب أن عشرين خبيرَ فنونٍ هنا وفي أوروبا قد انخدعوا مثلك وظنوا أن اللوحة ليست أصلية، وها أنت الآن ترتكب ذلك الخطأ مثلهم»، استطاع دوفين بصوت الواثق ونبرة الخبير أن يُرهِبَ الناقد الفرنسي بأنه أخطأ.

كان دوفين يعلم أن سوق الفن يفيض بلوحات مزيفة وأن لوحات كثيرة قد نُسبت خطأ لعظماء الفنانين، وكان يبذل جهداً للتفرقة بين الأصلي والزائف ولكن في تحمسه للبيع كان غالباً ما يدعي أصالة اللوحة وكان ما يهمه أكثر هو أن يصدق المشتري أنه حصل على لوحة لدورير، وكان يقنع الجميع "بخبرته" بطريقته السلطوية التي لا تهتز. عليك أن تلعب دور العارف والخبير عند الضرورة ولكن لا تجعل هذا الدور أسلوباً لك حين لا تكون في حاجة إليه.

المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN 

إقرأ أيضاً:

مرض السكري عند المراهقين، الأعراض والوقاية

علامات تكتشفين بها طفلك الذكي

أفكار هدايا بنات تسعد قلوبهن

البلوغ المبكر عند البنات

الغيرة عند الأبناء سببها الأهل

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق