الخميس، 24 مايو 2012

• الإجهاض بين الإباحة والتجريم



          من خلال كتاب «الإجهاض بين الإباحة والتجريم في قوانين العقوبات»، تسلط الكاتبة وفاء الحلو (المحامية البحرينية) الضوءعلى الخلفية التاريخية لفعل الإجهاض وغيرها من الجرائم المشابهة مثل جريمة القتل للمواليد حديثة الولادة وارتباط الإجهاض بتحديد النسل ووسائل منع الحمل، ودراسة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتجارية المؤدية للإجهاض، ودراسة جريمة الإجهاض من كل النواحي القانونية.

          الجدير ذكره أن النظام الجنائي لجريمة الإجهاض ليس ثابتًا في جميع المجتمعات حيث إنه توجد أنظمة أباحت الإجهاض في حين جرمت بعض الأنظمة الجنائية فعل الإجهاض لأنه يهدد بقاء الأمم. كما عرضت الكاتبة موضوع الإجهاض من الناحية التاريخية لتجد أن القوانين السومرية والآشورية والهندوسية عالجت موضوع الإجهاض العمد كما أخذت الديانات السماوية فعل الإجهاض على محمل الجد، في النص على عقوبته.
الإجهاض
          بدأت الكاتبة هنا بتعريف الإجهاض بالمعنى اللغوي لكلمة «الإجهاض» والفرق بينها وبين كلمة «الإسقاط». واستخلصت الكاتبة من كلتا الكلمتين أنهما يعطيان معنى ومدلولاً واحدًا وهو إنهاء الحمل قبل الأوان. والإجهاض هو إنهاء الحمل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من داخل الرحم قبل أن يصبح قادرًا على الحياة. وجاء تعريف الإجهاض على أنه سقوط الجنين عمدًا في الرحم قبل الموعد الطبيعى للولادة أو قتله عمدًا في الرحم.
تاريخ الإجهاض
          يرجع تاريخ الإجهاض إلى عصور ما قبل التاريخ حيث كانت البشرية لاتعترف بحياة الأطفال الحديثي الولادة حيث إنها ليس لها ثمن وكان رب الأسرة هو الذي يستطيع أن يقرر إذا كان يريد الجنين أم لا حيث كان يعتقد أن الجنين مملوك لرب الأسرة، إن شاء أبقاه وإن شاء قتله. ففي بعض الدول مثل اليونان يحق للأب وحده حرية التحكم في الجنين من حيث بقاؤه أو لا، حيث إن الأم لا شأن لها، ولكن بعد التطور التاريخي اعتبر اليونانيون الإجهاض جريمة تستحق العقاب سواء للأم التي أجهضت نفسها أو لمن قدم لها المساعدة لإتمام عملية الإجهاض، وتتمثل عملية الإجهاض في أن المرأة التي ترغب في إجهاض نفسها أو إنهاء الحمل لابد لها أن تقوم بمجهود بدني عنيف مثل القفز من علو أو حمل أشياء ثقيلة أو استعمال بعض الأعشاب.
أنواع الإجهاض
هناك ثلاثة أنواع من الإجهاض تتمثل في الآتي:
·       الإجهاض التلقائي: وهو يحدث من تلقاء نفسه لأسباب صحية.
·       الإجهاض العلاجي: وهو الذي يجريه الطبيب في حالة مرض الأم وعدم قدرتها صحيًا على تحمل واستمرار الحمل لما يكون له من تهديد على حياة الأم الحامل.
·       الإجهاض المفتعل: والذي تقوم به الحامل بنفسها أو بمساعدة أحد للتخلص من الحمل.
الإجهاض وتحديد النسل
          هناك ارتباط بين الإجهاض وتحديد النسل أو وسائل منع الحمل. وتحديد النسل هو عملية تنظيم عدد الأبناء داخل الأسرة الواحدة عن طريق أخذ بعض الوسائل المتاحة لمنع الحمل، وتعتبر وسائل تحديد النسل مباحة حيث إنها لا تشكّل أي خطورة على صحة الأم أو خطورة اجتماعية أو أخلاقية على المجتمع الذي نعيش فيه، هناك بعض الأطباء يقولون إن بدء الحمل يحدث بمجرد التلقيح، والبعض الآخر يقول إن الحمل يبدأ بعد عملية زراعة البويضة بجدار الرحم، لكن استقر الرأي على أن الحمل يبدأ بمجرد التلقيح.
 ونجد أن هيئات تنظيم الأسرة قسمت وسائل تحديد النسل إلى نوعين:
·       النوع الأول: وسائل وقائية وتتمثل في حبوب منع الحمل.
·       النوع الثاني: وسائل علاجية ويقصد بها الإجهاض.
          ونشب خلاف حول هاتين الوسيلتين، فذهب رأي إلى إباحة الإجهاض على أساس فشل وسائل منع الحمل في تحقيق أهدافها بالإضافة إلى ما تسببه الحبوب من مضاعفات خطيرة على صحة الحامل.
الموقف الديني من الإجهاض:
موقف اليهودية:
          ترى الديانه اليهودية أن الجنين ليس بالإنسان الكامل حيث إن قتل الجنين ليس بالجريمة شريطة أن يتم التخلص من الجنين غير المرغوب فيه قبل 40 يومًا من الحمل لأن العادات والتقاليد اليهودية تقدس الحياة فهي لا تنهي حالات الحمل إلا إذا كان بقاء الحمل يهدد حياة الأم أو لولادة طفل غير طبيعي.
موقف المسيحية:
          في الديانة المسيحية حياة الإنسان يجب ألا تمس بأي سوء. إن حياة الإنسان - بغض النظر عن عمره أو حالته - ثمينة جدًا، ولها مكانتها وتقديرها وهذا يسري على المرأة الحامل كما على الجنين، فحياة الإنسان مقدسة.
موقف الإسلام:
          ذهبت بعض الآراء الفقهية إلى جواز الإجهاض قبل نفخ الروح حيث عللوا بأن الجنين في تلك اللحظة ليس بآدمي حي، ولكن هناك اتفاقًا لدى فقهاء الشرع الإسلامي على تحريم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح بالأدلة الواردة في القرآن الكريم بقوله تعالى http://www.alarabimag.net/arabi/Data/2012/2/1/D01.GIFوَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًاhttp://www.alarabimag.net/arabi/Data/2012/2/1/D02.GIF . وقال تعالى http://www.alarabimag.net/arabi/Data/2012/2/1/D01.GIFيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌhttp://www.alarabimag.net/arabi/Data/2012/2/1/D02.GIF.
آراء المؤيدين للإجهاض
          ركز المؤيدون للإجهاض على أن جميع الدساتير والمواثيق الإنسانية أكدت على الحق في الحرية الشخصية، فالمرأة الحامل لها الحق في الاحتفاظ بالجنين أو التخلص منه فالجنين الذي تحمله الأم ليس إلا جزءًا من جسدها الذي يفترض أن تكون حرة فيه. وهي ممارسات لها صلة بنواح أخلاقية ودينية وليس لها علاقة بالقانون، هذا من وجهة نظر المؤيدين كما ذكرته الكاتبة في كتابها.
آراء المناهضين للإجهاض
          يرى المناهضون للإجهاض أن إسقاط الجنين يشكل اعتداء لا يغتفر بحق الجنين في الحياة وهذا الحق تكفله جميع الأديان والمعاهدات الدولية والدساتير المهتمة بحقوق الإنسان. ونرى هنا أن كلا الطرفين يدافع عن الحق في الحياة ولكل من الاتجاهين رؤاه الفلسفية التي يعبر بها عن رأيه.
ارتباطه بتحديد النسل ووسائل منع الحمل
          هناك ارتباط وثيق بين الإجهاض وتحديد النسل ووسائل منع الحمل والمقصود بتحديد النسل هو عملية تنظيم لعدد الأبناء في حين أن وسائل منع الحمل تعمل على الحيلولة دون حدوث الحمل.
جريمة الإجهاض والقتل
          يقصد هنا بجريمة الإجهاض إنهاء حياة الجنين في رحم الأم قبل موعد الولادة الطبيعية أو بمعنى آخر (إزهاق روح المجني عليه)، وهنا تطرّقت الكاتبة إلى النواحي القانونية التي شرعها المشرع لحماية الإنسان.
          وتؤكد الكاتبة في ختام كتابها أن النظام الجنائي للإجهاض اتسم بالصرامة وأنه جرّم فعل الإجهاض الذي يهدد بقاء الأمم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق