الاثنين، 16 ديسمبر 2013

• التنويم المغناطيسي والإيحاء والتخاطر وتوجيه العقول


التنويم المغناطيسي علم أم سحر؟
أسلحة غير معلنة أخطر من السلاح النووي!

«محاربة قوات العدو في معركة هي أكثر الطرق بدائية لتحقيق النصر! والنصر الحقيقي والمطلق هو أن تقهر قوات عدوك دون أن تضطر للدخول معها في معركة!». الفيلسوف الصيني «صن تسو» الذي عاش قبل ألفين وأربعمائة عام.

للوهلة الأولى تبدو كلمات فيلسوف الصين صعبة التصديق ومستحيلة التحقيق! ولكن تقارير كثيرة من جهات متعددة تؤكد أن تحقيق النصر دون الدخول في معركة مباشرة هو الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه عدة بلدان!
كيف يمكن دحر قوات عدو دون حرب مباشرة؟! وأي سلاح يمكن استخدامه في هذه الحالة؟!
بداية قصة التنويم المغناطيسي والإيحاء والتخاطر
الظواهر النفسية الخارقة، مثل الإيحاء والتخاطر ومخاطبة عقل لعقل دون كلام، والإدارك بغير حواس، موضوعات طريفة للحديث، تستحوذ على الاهتمام وتثير الإعجاب، ولكنها لا تمضي إلى أبعد من ذلك! وعلى الرغم مما في الظواهر النفسية الخارقة من طرافة، فإن كثيرًا من الناس يعدها من قصص الخيال العلمي، ولا يعلق عليها أهمية من أي نوع!
لكن العالم الروسي «فلاديمير بختيريف» «Vladimir Bekhetrev» (1857–1927) نظر إلى الظواهر النفسية الخارقة نظرة مختلفة. وجدير بالذكر أن «بختيريف» زامل في الدراسة عالم الفسيولوجيا الروسي المشهور «إيفان بافلوف» Ivan Pavlov (1849– 1936) الذي وصف «الأفعال المشروطة» عند الحيوان، فمهد بذلك لفهم عمل بعض وظائف الجهاز العصبي عند الحيوان والإنسان على السواء. وكما كان لـ «بافلوف» شأن مذكور في علم الفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) فكذا كان لـ «بختيريف» باع طويل في دراسة وفهم الظواهر النفسية الخارقة عند الإنسان. (علم «الظواهر النفسية الخارقة «Parapsychology» هو فرع من فروع «علم النفس» «Psychology»، يبحث تلك الظواهر (أو التجارب الخارقة) التي تتجاوز حدود ما هو شائع ومألوف، مثل «التخاطر» و«الاستبصار»، والتي لا يمكن تفسيرها في ضوء القوانين الفيزيائية السائدة).
يرجع اهتمام «بختيريف» بالظواهر النفسية الخارقة إلى عام 1891، حين شاهد مدرب السيرك الشهير «فلاديمير ديوروف» Vladimir Durov (1863–1934) أحد مشاهير مدربي الحيوان في ألعاب السيرك، وهو يوجه الأوامر إلى حيوانات السيرك بعينيه دون أن ينبس ببنت شفة! وقد أظهر «ديوروف» براعة فائقة في إلقاء أوامره إلى كلاب السيرك وعجول البحر بالإيحاء! وتلك كانت سابقة لم تتكرر في ألعاب السيرك!
وقد انبهر «بختيريف» بفكرة توجيه سلوك الحيوان بالإيحاء. وعندما عين رئيسًا لمعهد أبحاث المخ (التابع لجامعة ليننجراد) في عام 1922، شكل لجنة لدراسة تأثير «الإيحاء العقلي»Mental Suggestion في السلوك البشري. وقـد أجرتْ «لجنة بختيريف»، كما كانت تسمى، 269 تجربة، حاولت من خلالها الإيحاء إلى الأشخاص موضع التجربة بأحداث وصور ورسومات مختلفة. ومن هذا المجموع، نجحت اللجنة في مـائة وأربع وثلاثين تجربة نجاحًا جزئيًّا أو كليًّا.
وقد درست «لجنة بختيريف» كذلك ظاهرة «التخاطر» «Telepathy» (أي اتصال عقل بعقل آخر بطريقة ما خارجة عن المألوف). وقد استدعت اللجنة لهذا الغرض عددًا كبيرًا من مختلف فئات المجتمع ممن لهم تجربة مع ظاهرة التخاطر.
وفي عام 1924، عُقد في جامعة «ليننجراد» (بالاتحاد السوفييتي آنذاك) مؤتمر للظواهر النفسية الخارقة. وقـد قدمت «لجنة بختيريف» تقريرًا للمؤتمر عن التجارب والنتائج التي توصلت إليها في حقل دراسـة الإيحاء والتخاطر. وأوصى المؤتمر بضرورة الاستمرار في دراسة الظواهر النفسية الخارقة، ولكن على أسس علمية بحتة. وقد كلف بهذه المهمة «ليونيد فاسيليف» Leonid Vasiliev (1891–1966) أستاذ علم الفسيولوجي في جامعة ليننجراد.
وقد كرَّس «فاسيليف» سنواتٍ طويلةً من عمله في حقل الظواهر النفسية بحثًا عن دليل مادي لظاهرة التخاطر وتفسير كيفية حدوثها. ومن غير المعروف ما إذا كان «فاسيليف» قد وجد التفسير أو الدليل المادي لظاهرة التخاطر؛ ذلك أن أبحاث الاتحاد السوفييتي في هذا الحقل بدأت تحاط بالسرية منذ عام 1956. وإن كان كثيرون من المهتمين بالظواهر النفسية في الغرب يعتقدون أن «فاسيليف» مات دون أن يتمكن من إيجاد تفسير مادي لظاهرة التخاطر، وقصارى ما استطاع إثباتَه هو أن الإيحاء العقلي يمكن أن يؤثر في السلوك البشري، وأن التخاطر يمكن أن يقع بين أفراد تفصل بينهم آلاف الأميال.
اهتمامات عسكرية بالتنويم المغناطيسي وبالإيحاء والتخاطر
عندما مات «فاسيليف» في عام 1966، كان هناك جيل كامل من الباحثين السوفييت في حقل الظواهر غير المألوفة. كما أن نطاق البحث اتسع ليشـمل ظواهر أخرى مثل «القوى الذهنية المحرِّكة» «Psychokinesis» (أي تأثير العقل على مادة «أو جسم آخر» دون وساطةِ «أو تدخلِ» قوةٍ فيزيائية «أو جسمانية». وكذلك البحث في كيفية التأثير في العقل بمؤثرات نفسـية أو خلافه «Psychotropics». ولم يعد الاهتمام بالبحث في الظواهر النفسية الخارقة مقصورًا على «جامعة ليننجراد»، ولا على معهد «أبحاث المخ»، وإنما امتد إلى جامعة «موسكو»، حيث افتتح قسم بعنوان «المعلومات الحيوية» «Bioinformation»، أُلحق بمعهد التكنولوجيا في جامعة موسكو.
ومن الأسماء الجديدة التي لمعت في حقل دراسة الظواهر النفسية، «إداورد نوموف» «Eduard Naumov» أحد الباحثين في «البيولوجيا» بجامعة موسكو.
في ذات الوقت، ظهر أن أوربا الشرقية تولي نفس القدر من الاهتمام لأبحاث الظواهر النفسية الخارقة. ففي كلًّ من تشيكوسلوفاكيا وبلغاريا، ظهرت أبحاث متعددة لعدد من الباحثين والدارسين، دارت تقريبًا في نفس الفلك الذي دارت فيه أبحاث الروس.
وفي عام 1968، نظم «إداورد نوموف» مؤتمرًا دوليًّا في موسكو، حضره عدد من المراقبين والصحفيين الغربيين. وكان هدف «نوموف» من المؤتمر تبادل الأفكار والآراء حول ما تم اكتشافه من الظواهر النفسية الخارقة. وقد ذكر «نوموف» في المؤتمر أن الجيش السوفييتي يجري تجارب على استخدام التخاطر بين أفراد الجيش العاملين في الغواصات وأولئك الموجودين على الشواطئ. وأضاف «نوموف» أن باحثي الجيش السوفييتي ابتكروا طريقة لاعتراض التخاطر بين الأفراد.
ويبدو أن تصريحات «نوموف» في المؤتمر أغضبت السلطات السوفييتية، فانبرت صحيفة «برافدا» «Pravda»، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم، للهجوم على المؤتمر والحاضرين فيه، وحتى على الظواهر النفسية الخارقة.
ولعل أكثر ما أثار حفيظة السلطات السوفييتية أن صحفيتين أمريكيتين، من الصحفيين الذين حضروا المؤتمر، أصدرتا كتابًا في عام 1970 بعنوان: «اكتشافات نفسية وراء الستار الحديدي». وقد أوردتْ الصحفيتان، وهما «لين شرويد» «Lynn Schroeder» و«شيلا أوستراندر» «Sheila Ostrander»، في كتابهما معلوماتٍ إضافيةً عن وقائع مؤتمر 1968، فضلاً عن مقابلات مع عدد من مشاهير البحاثة في الحقل. وقد أصدرت السلطات في الاتحاد السوفييتي تكذيبًا رسميًّا لكل ما جاء في الكتاب فور صدوره.
والظاهر من تصرفات السلطات السوفييتية حيال البحث في الظواهر النفسية الخارقة، أن الأمور أخذت منعطفًا جديدًا يقتضي السرية والكتمان. ويدل على صحة هذا الاستنتاج أمران: الأول أن «نوموف» الذي نظم مؤتمرًا دوليًّا ثانيًا في عام 1972، على غرار المؤتمر الأول، أُقصي من منصبه بعـد المؤتمر، وحكم عليه بالعمل عامين في معسكرات سيبيريا. الأمر الثاني أن الصحف السوفييتية نشرت في أكتوبر عام 1973، خبرًا مفاده أن بعض الظواهر النفسية الخارقـة موجود بالفعل، وأن البحث في هـذه الظواهر سيقتصر على «أكاديمية العلوم السوفييتية».
وفي عام 1973، ألقى الرئيس السوفييتي (آنذاك) «ليونيد بريجينيف» «Leonid Brezhnev» كلمة في «الكرملين» تكلم فيها عن نوع من السلاح وصفه بأنه «أكثر إثارة للرعب من الأسلحة النووية»! هل كان يعني الأسلحة البيولوجية (حرب الجراثيم) أم الأسلحة النفسية؟!
على أي حال، فإن الطبيب التشيكوسلوفاكي «ميلان ريزيل» «Milan Ryzl»، أحد أعمدة البحث في الظواهر النفسية الخارقة في أوربا الشرقية، فرّ إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1974. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد له إثر منحه حق اللجوء السياسي، أعلن أن البحث في الظواهر النفسية في كل المعسكر الشرقي متقدم، وأن سلطات الأمن والمؤسسات العسكرية تولي اهتمامًا كبيرًا لهذا الحقل. كما أضاف أن «التطبيق العملي» كان شغلاً شاغلاً طوال مراحل البحث في تلك الظواهر.
التنويم المغناطيسي والإيحاء والتخاطر سلاح رهيب
تغييرُ أفكار القادة السياسيين والعسكريين بالإيحاء، واستخدامُ التخاطر في التأثير في عقول الناس، واستخدامُ القوى النفسية الحركية (أيْ «القوى الذهنية المحركة») في تعطيل فعالية المعدات العسكرية، أمور قد تبدو أقرب إلى الخيال. ولكنّ تقاريرَ عديدةً تؤكد أن البحث يجري منذ عدة سنوات لامتلاك ناصية هذه الأسلحة الرهيبة. بل أكثر من ذلك، فإن بعض التقارير تفيد بأن هذه الأسلحة قد استخدمت بالفعل.
في تقرير أعدته «وكالة الاستخبارات الدفاعية»، إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، بعنوان: «أبحاث الظواهر النفسية في الاتحاد السوفييتي وتشيكوسلوفاكيا»، يؤكد التقرير أن المعسكر الشيوعي متقدم على الغرب عشرات السنوات في هذا الحقل، وأن التطبيق العملي للظواهر النفسية الخارقة في المجال العسكري ومجال الاستخبار (التجسس) كانت له أهمية خاصة. وجاء في ختام التقرير المذكور، الذي استغرق إعدادُه الفترةَ من عام 1972 إلى عام 1975، أنه من غير المستبعد أن يكون الاتحاد السوفييتي يملك، أو على الأقل بصدد أن يملك، معداتٍ عسكريةً تصلح للاستخدام في حرب نفسية.
على أن «المعسكر الشيوعي» لم يكن الوحيد الذي يسعى لاستخدام الظواهر النفسية الخارقة كسلاح في حرب غير معلنة. ففي عام 1980، حصل الصحفي الأمريكي «راندي فيتزجيرالد» «Randy Fitzgerald» على وثيقة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، في نطاق قانون حرية المعلومات، تشير إلى أن البحث في الظواهر النفسية الخارقة، خصوصًا «الإدراك بغير حواس»، بدأ في الولايات المتحدة في مطلع عام 1952. وتتضمن الوثيقة توصية بضرورة تدريب الجواسيس الأمريكيين على استخدام «الوسائل النفسية». (الإدراك بغير حواس Extra Sensory Perception هو ما يطلق عليه «الحاسة السادسة» ويمكن تعريفه كما يلي: إدراك معلومات (بيانات أو تفاصيل) عن أحداث ماضية أو حاضرة ، وراء نطاق ما يمكن إدراكه من خلال الحواس الخمس).
وفي عام 1981، أثار المعلق الصحفي الأمريكي «جاك آندرسون» «Jack Anderson»، ضجة واسعة النطاق في أمريكا، عندما كتب أن وزارة الدفاع الأمريكية تقوم بتدريب قوة عمل خاصة على استخدام الظواهر النفسية الخارقة منذ عام 1976. وذكر الكاتب في مقاله أن البحرية الأمريكية بالتعاون مع «معهد ستانفورد للأبحاث» تهتم اهتمامًا كبيرًا بالموضوع.
وتتوالى المعلومات عن نشاط المؤسسات العسكرية الأمريكية في حقل الظواهر النفسـية الخارقة، فتنشر المجلة العسكرية الأمريكية المشهورة «Military Review» مقالاً لضابط متقاعد في الأسطول الأمريكي، في عددها الصادر في ديسمبر عام 1980، حيث يذكر الضابط واسـمه «توماس بيردن» «Thomas Bearden» أن هناك 26 آلة يملكها الأسطول الأمريكي تستخدم كأسلحة في حرب نفسية. وتتراوح هذه الآلات بين تلك التي تبث بين الناس أصواتًا مرعبة، وتلك التي تصدر ذبذبات تشبه هزات الزلازل، مرورًا بتلك التي يمكنها تقليد أصوات الانفجار النووي. والضابط صاحب التقرير ليس ضابطًا عاديًّا. فهو حاصل على ثلاث درجات جامعية عليا، ولديه خبرة طويلة في حقل «الهندسة النووية»، وعمل فترة في وزارة الدفاع كمحلل للعمليات الحربية، وكمصمم لأجهزة الدفاع الجوية.
على أن الكاتب البريطاني «ريتشارد ديكون» «Richard Deacon» الذي ألّف عدة كتب عن الجاسوسية الدولية، يذكر في كتابه عن أجهزة المخابرات الاسرائيلية (بعنوان: «The Israeli Secret Service») أنه لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفييتي يعتبر الدولة المتفوقة في الظواهر النفسية الخارقة، وإنما إسرائيل! ويذكر الكاتب في نفس الكتاب أن الكيان الصهيوني العنصري يملك أكثر الوسائل تقدمًا في مجال الحرب النفسية.
والخلاصة: إن عصر التحكم في العقول من بُعْـد قد بدأ بالفعل! ولم يعـد هناك شك في أن الظواهر النفسية الخارقة خرجتْ من طور الطرافة إلى طور الاستخدام كسلاح فعال في الصراعات الدولية. وبينما تتقدم روسـيا في هذا المجال على الغرب، فالواضح أن استخدام تلك الأسلحة غير المعلنة ليس مقصورًا على «دب الشرق»، فهناك في الحلبة الولايات المتحدة، وهناك إسرائيل.
ترى، كم تعرف أمتنا عن هذا النوع من السلاح؟! وكم تعرف أمتنا عن الحرب النفسية؟! وماذا أعدت لذلك في المقابل؟!

تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمعلمين والأهالي
حكايات معبرة وقصص للأطفال
للمزيد
أيضًا وأيضًا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق