هل
يمكن للأم أن تكره وليدها لأنه السبب في تشويه جسمها؟! وهل تستطيع المرأة أن تحافظ
على قوامها رغم حالات الولادة المتكررة..؟
إن الحمل والولادة حدثان فسيولوجيان ينتهيان بإنجاب
مولود يسعد الأبوين، ولكن أحياناً قد لا يمر هذان الحدثان بسلام، بل يؤديان لترك
مخلفات مزعجة في جسم الأم تنغص عليها حياتها، وقد تكون سبباً في طلاقها حينما لا
يتفهم الزوج سبب الانقلاب الجذري الذي حدث لقوام زوجته التي أعجبته رشيقة متناسقة
القوام.
كما قد تسبب هذه التغيرات الفجائية في جسم المرأة
مشاكل نفسية كبيرة، أذكر منها حالة سيدة راجعتني شاكية من كرهها لوليدها لأنه كان
السبب في تشويه جسمها، ولحسن الحظ فإن هذه الحالة نادرة وفريدة في نوعها.
ولكن
لماذا تحدث هذه التغيرات في جسم المرأة? وهل هناك سبيل للوقاية والحفاظ على القوام
برغم الحمول؟ وهل هناك علاج ناجع يستطيع أن يعيد للمرأة تناسق قوامها؟
تأثير الحمل
تحدث
أثناء الحمل زيادة في الوزن تكون السبب الأساسي لتغير شكل الجسم، هذه الزيادة
تعتبر فسيولوجية ولا مفر منها. وفي الحالة الطبيعية يجب أن تزول خلال شهر إلى
ثلاثة أشهر بعد الولادة. ومن المعروف أن الزيادة الطبيعية أثناء الحمل تقدر بـ 11
كلجم وهي عبارة عن 6 كلجم تعادل وزن الجنين + وزن المشيمة + زيادة وزن الرحم + وزن
السائل وتبقى 5 كلجم وهي سبب زيادة وزن المرأة الحامل، وتتوزع في الثديين والردفين
والبطن والفخذين. هذه الزيادة المتطفلة سببها عاملان مترابطان. العامل الهرموني
وسببه ارتفاع مستوى الاستروجين في الدم، والعامل النفسي الذي يلعب دوراً مهماً في
تفاقم زيادة الوزن، حيث تسعى المرأة بسبب المعتقدات الخاطئة لمضاعفة غذائها بهدف
تغذية جنينها، كما أن حب المرأة الطبيعي لجسمها وأناقتها تستبدل به حبها لأمومتها
فتنسى ذاتها وتقبل بنهم على الطعام. وتساعد ألبسة الحمل الفضفاضة في حدوث البدانة
سريعاً دون أن تلحظها الحامل وهكذا مع تكرار الحمول وتلاحقها قد تصل المرأة في
فترة وجيزة إلى وزن يعادل ضعف وزنها قبل الزواج. يؤثر الحمل في البطن بجميع طبقاته
وهي طبقة الجلد والدهن والعضلات.
العضلات:
إن عضلات البطن التي تتأثر بشكل خاص هي العضلات المستقيمة البطنية وهي عبارة عن
عضلتين مشدودتين ومتلاصقتين تمتدان من أسفل عظم القص في الصدر حتى أعلى عظم العانة
في الحوض. هذه العضلات تلعب دوراً مهماً في توازن الجسم وفي إمساك محتويات البطن
ومنع بروزها نحو الأمام.
إن
الحمل يؤثر في هذه العضلات بالمحورين العمودي والأفقي، ففي المحور العمودي ترتخي
عضلات البطن وتتمطط تحت تأثير هرمونات الحمل بدءاً من الشهر السادس، حتى أنه يزداد
طولها بمعدل 15 سم، ويتفاقم هذا الارتخاء بزيادة الوزن. أما في المستوى الأفقي فإن
عضلات البطن تتباعد عن بعضها في الوسط وقد يبقى هذا التباعد بعد الولادة مسبباً
ألماً وبروزاً غير تجميلي لمحتويات البطن وهذا التباعد قد يحقق أحجاماً كبيرة ـ
خاصة بعد الحمل التوأمي ـ معطياً للبطن مظهر الحمل الدائم لدى الولودات. كذلك فإن
حدوث الفتق السري شائع جداً أثناء الحمل بسبب ضعف صفاق العضلات في منطقة السرة مما
يسبب مشاكل تجميلية ووظيفية معروفة.
الدهون:
من المعروف أن منطقة البطن لدى المرأة من المناطق التي لديها استعداد كبير لتخزين
الدهون، يضاف إليها منطقة الخاصرتين والردفين والفخذين. لذلك فإن زيادة الوزن
أثناء الحمل تؤدي لتراكم الدهون في هذه المناطق ذات الخلايا الدهنية الشرهة
والمقاومة للاحتراق. وتراكم الدهون في جلد البطن يجعله سميكاً ويشبه الوسادة
الطرية المحشوة بالعجين .
الجلد:
إن البطن يتمدد أثناء الحمل ليواكب نمو الجنين وفي الحالة الطبيعية يعود الجلد
لوضعه ويتقلص بفضل أليافه المرنة وذلك بعد الولادة بشهرين إلى ثلاثة أشهر. ولكن
لطبيعة الجلد أهمية كبيرة حيث يختلف الجلد بقدرة تحمله للتمطط. فأحياناً لا يستطيع
ذلك فتحدث فيه فرز جلدية وتشققات تبقى بعد الولادة لتشهد على معاناة الجلد.
وبالبحث
عن أسباب الفزر أثناء الحمل وجد سببان لا ينفصل أحدهما عن الآخر وهما:
·
سبب
ميكانيكي: إذ إن تمطط الجلد الشديد أثناء الحمل يؤدي لانكسار الألياف المطاطية
وألياف الكولاجين فيه فتتسلل التشققات إلى جلد البطن بشكل واضح كما تبرز الفزر في
الثديين للسبب ذاته.
·
سبب
هرموني: إن فرط الإفراز الهرموني أثناء الحمل يؤثر في طبقة الأدمة في الجلد مما
يسبب ظهور الفزر، وهذا السبب يفسر حدوث الفزر باكراً بدءاً من الشهر الثالث للحمل
قبل حدوث تمطط جلدي يذكر.
وتظهر
التشققات بلون ـ أحمر غامق في البدء ـ عادة تحت وحول السرة وتمتد أحياناً
للخاصرتين. وبعد فترة من الولادة تصبح بيضاء وتبقى أبداً على شكل خطوط رقيقة بيضاء
متعرجة ذات تعداد وأشكال مختلفة تشمُ بطون الولودات.
وإنه
من الشائق معرفة أن هناك أسباباً مؤهبة لحدوث الفزر وهي:
·
عمر
الحامل: حيث حدوث الحمل تحت عمر الـ 25 سنة يؤهب للفزر.
· لون البشرة: فالبشرة البيضاء لدى
الشقراوات أو الحمراوات تؤهب أيضاً للفزر.
· ولادة طفل يزيد وزنه على أربعة كلجم
ومثلها الحمل التوأمي أو المتعدد.
·
البدانة
أثناء الحمل وزيادة الوزن السريع.
ومن
هنا نرى أهمية اجتناب زيادة الوزن أثناء الحمل للوقاية من الفزر والتشققات الجلدية
التي لم يتوصل الطب حتى اليوم لإيجاد حل ناجع لها.
بالإضافة
للفزر فإن جلد البطن بعد الولادة قد لا يتقلص وينكمش عائداً إلى حجمه الأصلي فيبقى
على شكل زيادة جلدية قد تكون قليلة الأهمية بشكل ثنيات جلدية ترى بالجلوس وتزداد
بالانحناء إلى الأمام أو تكون مهمة حيث يتدلى الجلد الزائد فوق العانة وأعلى
الفخذين بشكل يشبه المريول، مما يزعج المرأة كثيراً أثناء الحركة والمشي، ويؤدي
لحدوث التهابات جلدية متكررة .
أما
إذا انتهى الحمل بالقيصرية فإن الندبة المتبقية بعد العمل الجراحي، قد تبقى ملتصقة
أو غائرة لأسباب هرمونية تلعب دوراً سيئاً في عملية التندب السليمة، فيضاف لصورة
الفزر والترهل الجلدية ندبة العمل الجراحي.
وهكذا
يدفع بطن المرأة ضريبة الحمل والأمومة.
وقاية وعلاج
بعد
هذا العرض المتشائم والمخيف لابد من رفع راية الأمل، خاصة إذا عرفنا أن هناك
أساليب وقائية فعالة لمنع حدوث التشوهات ومنها:
·
الحد
قدر الإمكان من زيادة الوزن أثناء الحمل وهي مهمة ليس فقط من أجل المحافظة على
قوام الوالدة، بل من أجل سلامة عملية الولادة وتقليل مخاطرها. فمن المعروف أن
زيادة الوزن الطبيعية أثناء الحمل يجب أن تكون 1 كلجم في الشهر وهكذا تكون الزيادة
الإجمالية بين 9 ـ 11 كلج وبحد أعلى 12 ـ 13 كلجم ومن أجل ذلك يجب تطبيق نظام
غذائي متوازن ومدروس يهدف إلى تغذية الحامل والجنين دون البدانة، وبمراقبة الوزن
شهرياً لدى الطبيب المشرف، أما بعد الولادة فيجب أيضاً اتباع نظام غذائي خاص في
فترة الإرضاع.
·
يجب
المحافظة على عضلات البطن بوضع جيد وذلك بتشجيع الحامل على ممارسة الرياضة
كالسباحة والمشي وبعض التمارين الرياضية الخاصة المعروفة للحامل، طبعاً ما لم يكن
هناك مضاد يؤثر في الحمل. أما بعد الولادة فهناك تمارين رياضية خاصة بعضلات البطن
ينصح بها لتقوية عضلات البطن المرتخية، ودورها مهم جداً لمنع بروز البطن ويجب
إجراؤها لمدة 6 أشهر على الأقل بعد الولادة، أما عادة لبس المشدات الضيقة بهدف
إخفاء البطن بعد الولادة فهي عادة سيئة ولا ينصح بها لأنها تقوم بعمل سلبي في مسك
جدار البطن فتعتاد العضلات على الكسل، وتعود للارتخاء فور خلع المشد.
أما
إذا أصيب جدار البطن بالترهل والتشحم لعدم اتباع الأساليب الوقائية، أو بسبب حدوث
الحمل التوأمي وتعدد الولادات وتلاحقها فيكون هناك الحل الوحيد والمجدي عن طريق
الجراحة التجميلية.
جراحة شد البطن
تعتبر
عملية تصنيع جدار البطن ـ أو ما يعرف بشد البطن من العمليات الشائعة جداً والكثيرة
الممارسة في جميع بلدان العالم .
ويمكن
إجراء الجراحة في أي من سنوات العمر ولكن يفضل ذلك بعد الانتهاء من الحمول، وتتم
الجراحة تحت التخدير العام، حيث يجري الجراح شق أسفل البطن ضمن شعر العانة يختلف
طوله حسب أهمية الحالة، ومن خلال هذا الشق يتم ترميم الطبقات المتأذية كل على حدة،
حيث يتم تقريب العضلات المتباعدة والمرتخية وخياطتها في الوسط من العانة حتى أسفل
القص، وإن وُجد الفتق السري فيعالج في الوقت ذاته، أما الدهون المتراكمة في جلد
البطن فيمكن شفطها Liposuction للتقليل
من سماكة الجلد المتبقي، ثم يتم شد الجلد المترهل نحو الأسفل وتستأصل الأقسام الزائدة
منه، وغالباً ما تذهب أغلب التشققات الجلدية والفزر وندبة القيصرية مع قطعة الجلد
المستأصلة التي قد ترقى لأحجام وأوزان كبيرة، أما السرة فتبقى في مكانها المحدد
حيث يحافظ عليها الجراح بطريقة تجميلية دقيقة، وتنتهي هذه الجراحة بندبة معترضة
أسفل البطن في ثنايا الجلد السفلية، بعد فترة من الاحمرار تصبح بيضاء وخفية.
المصدر:
1
إقرأ أيضاً
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق