الاثنين، 4 أبريل 2022

المثقّف من هو؟ وما وظيفته؟


المثقف

هل واجب المثقف تصويرُ المجتمع أو تغييرُه؟ لو طرحنا هذا السؤال على الناس لحصلنا على أجوبة فورية. فالناس في كل مكان يستخدمون المصطلحات من دون تدقيق، ويتحاورون وفي ظن كلّ منهم أن الآخر يفهمه ويدرك قصده... ولكن هيهات.

ما معنى المثقف؟ هل هو المشتغل في مجال الثقافة؟ هل هو مَن حصّل مستوى كافيًا من التعليم؟ هل يكفي ليكون الإنسان مثقفًا أنه متعلم، أو أنه إعلامي، أو أنه كاتب مقالة أو شاعر أو روائي، بالتأكيد لا.

المثقف هو المتعلّم الذي يوظّف علمَه أو قلمه في خدمة مجتمعه، وفي الدفاع عن القيم الإنسانية الإيجابية ونشرها. الإنسان الراقي لا يظلم ولا يمارس التمييز العرقي والديني، المثقف يتصدى للظلم والتمييز، ويدافع عن العدالة والمواطنية. والدور المطلوب من المثقف يختلف باختلاف المجتمعات، فلكل مجتمع واقع اقتصادي وسياسي وثقافي يفرض مقاربات نابعة من داخله لا منقولة من تجارب مجتمعات أخرى.

أسارع إلى القول إن الكثيرين من المتعلمين والمشتغلين بالثقافة نأوا بأنفسهم عن هذا الدور. واكتفى بعضهم بحلّ مشاكل العالم وهو جالس على كنبته أو في المقهى بين صحبه. أما المثقفون الملتزمون، فينشغلون برفع مستوى الوعي في مجتمعهم. فليس واجبهم تغيير المجتمع، بل إعداد الناس للقيام بهذا التغيير، في الاتجاه الصحيح، وبالوسائل الصحيحة.

نعرف جميعًا أفرادًا غيّروا حياة ملايين الناس: كوبرنيكوس الذي كشف لنا أن الإنسان ليس مركز الكون، وأن كوكب الأرض الذي نعيش عليه ما هو سوى نقطة في بحر لا نهاية له من الكواكب والنجوم والمجرّات.

 وداروين الذي بدّل نظرتنا إلى التاريخ، فلم يعد يقتصر على بضعة آلاف من السنين، بل صار متواصلًا مع ما قبل التاريخ وممتدًا ما يقرب من مليوني سنة، وفرويد الذي كشف وجود اللاوعي ودوره في توجيه سلوك الأفراد وتأثيره في خياراتهم اليومية، ولا ننسى أصحاب الرسالات الدينية، السماوية وغير السماوية، مثل بوذا وكونفوشيوس وغيرهما، وأصحاب العقائد السياسية، مثل كارل ماركس.

 كل هؤلاء العلماء والفلاسفة والمرسَلين الملهَمين كانوا شخصيات استثنائية. المثقف الذي نتحدث عنه ليس شخصية استثنائية، بل إنسان يحمل في نفسه روح الخدمة الاجتماعية، ويستخدم علمه وخبرته في توعية الناس، لأنّ الوعي وحده يحمي صاحبه من الاستغلال ويحمي المجتمع من النزاعات ويوجّهه الى مستقبل أفضل.

في بداية القرن العشرين كتب أمين الريحاني كتابًا عن الثورة الفرنسية، مبديًا حماسته لها ولمبادئها، لكنّه أعلن معارضته لقيام ثورة مماثلة في البلاد العربية، والسبب الذي رآه هو أن الثورة عندنا سرعان ما تتحوّل إلى حرب طائفية أو قبلية تدمّر ولا تغيّر، لكنّ الريحاني لم يرفض الثورة السلمية، ثورة الوعي، واعتبر أن الطريق إليها هو بناء المدارس الراقية التي تجمع طلابًا من كلّ فئات المجتمع، صبيانًا وبنات، وتعلّمهم في كتاب واحد هو كتاب التسامح والوطنية والتقدّم. وها هي الأيام تؤكّد صحّةَ نظرته بعد قرن من الزمن.

هل واجب المثقف تصوير المجتمع أو تغييره؟

- إن واجب المثقف، في بلادنا، هو توعية المجتمع.

المصدر: 1

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضًا                                         

الروائح مدخل للتسامح وفهم العالم

أطفالنا وقراءة الكتب الرقمية

لكل فشل علاج

ماذا يحدث عندما نكبر

مستقبل القراءة

 

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق