تصنيف الجامعات
تطرح «ثقافة تصنيف الجامعات» تحديًّا إضافيًّا وجديدًا أمام منظومة التعليم العالي في عالمنا العربي بجميع ما تضمه من جامعات حكومية وخاصة ومعاهد عليا وغيرها، وتجاهل هذه الثقافة يعني أننا سنجد جامعاتنا في الدرك الأسفل على المستوى العلمي في العالم.
إن
هذا النوع من الثقافة حديث العهد في عالمنا العربي. وأرى أن من واجبنا كأكاديميين
عاملين في مجال التعليم العالي أن نطّلع على هذا الموضوع ونفحصه وننقله إلى
جامعاتنا، لعل فيه إسهامًا مفيدًا لتطوير التعليم العالي وزيادة وعي المجتمع
فيه.
على الرغم من أن البعض سيخالفني الرأي، فإن ثمة علاقة وثيقة تربط بين التصنيف والنوعية، ذلك أن الجامعة حائزة الرتبة الأولى حققت هذا المستوى بفضل جودة برامجها الأكاديمية وكفاءتها العلمية والإدارية.
ويعرف التصنيف في إطار التعليم الجامعي بأنه طريقة لجمع المعلومات لتقويم الجامعات وبرامجها وأنشطتها العلمية.
إن الهدف الأساسي من عملية تصنيف الجامعات هو توجيه الطلبة الذين أنهوا دراستهم المدرسية ويريدون الالتحاق بالجامعة إلى أفضل الجامعات حسب تخصصاتها وبرامجها، كذلك ونظرًا إلى أن التعليم العالي يشهد توسعًا كميًّا غير مسبوق، الأمر الذي يستوجب تصنيف مؤسساته بهدف مساعدة أفراد المجتمع على المفاضلة بين مختلف الجامعات في برامجها ومستوياتها، إضافة إلى تشجيع مؤسسات التعليم العالي على تحقيق مستوى عال من الجودة والنوعية في البرامج التعليمية التي تقدمها وضمان الاستمرار الذي تتوق إليه هذه المؤسسات حتى تبقى في وضع تنافسي.
يتضح من خلال تقصي واقع تصنيف الجامعات وجود عدة منظمات وهيئات وجامعات تصدر تصنيفات سنوية للجامعات في العالم، من أشهرها تصنيف مجلة «US News &World Report» للجامعات الأمريكية، وتصنيف صحيفة التايمز البريطانية، وتصنيف جامعة شنغهاي الصينية، وتصنيف الـ «ويبومتريكس» الإسباني الذي أثار ضجة في الأوساط العلمية بعدد من دول العالم، ومن بينها دول عربية، إضافة إلى وجود تصنيفات عديدة في الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكندا.
أقدم التصنيفات
يعد تصنيف مجلة «US News &World Report» للجامعات الأمريكية من بين أقدم تصنيفات الجامعات من حيث شمولية المؤشرات المؤثرة التي تقوم به، وله تأثيرات كبيرة على نظرة المجتمع الأمريكي للجامعات والكليات وعلى تكالب الطلبة للالتحاق بالجامعات ذات الترتيب المتقدم في هذا التصنيف.
ويعتمد هذا التصنيف على جمع البيانات عن حوالي 1400 كلية وجامعة، وتصنيفها وترتيبها حسب تخصصاتها العملية ودرجاتها الأكاديمية التي تمنحها، وحسب الأداء الأكاديمي والبحثي لها، وقد أطلقت المجلة تصنيفها الأول عام 1983، واستمرت هذه المجلة بإصدار تصنيف سنوي للجامعات والكليات الجامعية منذ ذلك الحين.
ويعتمد هذا التصنيف على 15 مؤشرًا، مقسمة تحت 7 معايير أو بنود عريضة، وهي آراء المتخصصين الأكاديميين( تقييم النظراء) عن الجامعات حسب تخصصاتهم العملية، ومعدلات خريجي الجامعات، وحصولهم على العمل أو بطالتهم بعد التخرج، والإمكانات البشرية والمادية المتاحة، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلبة، وتنوع جنسيات أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، ونسبة الخريجين الذين يساهمون ماليًّا بعد تخرجهم، كذلك درجات الطلبة في امتحانات القبول. والميزة الواضحة لهذه المؤشرات أنها تأخذ في الاعتبار مدخلات العملية التعليمية، مثل نوعية الطلبة والأساتذة والإمكانات المستخدمة في العملية التعليمية، ومخرجات العملية التعليمية، وهي المنتج من ناحية جودة الأداء، وذلك من خلال استطلاع آراء الخريجين ومن يقومون بتوظيفهم عن رضاهم عن تخصصاتهم ومدى جودة التعليم الجامعي، ومواءمة مخرجاته مع احتياجات سوق العمل.
القائمة الأولى
يعد تصنيف صحيفة التايمز البريطانية، وملحقها الأسبوعي للتعليم العالي «Times Higher Education Supplement، THES» أحد أشهر التصنيفات في أوربا، الذي يتم في ضوئه تصنيف أفضل 200 مؤسسة جامعية في العالم.
فقد نشرت «التايمز» أول قائمة تصنيفية للجامعات البريطانية في عام 1993، وللجامعات في العالم عام 2004، وبالتعاون مع وكالة Reuters Thomson العالمية. ويستند تصنيف الصحيفة إلى 6 معايير علمية وموضوعية يشهد بها كل الأكاديميين في العالم، ويضم كل معيار عددًا من المؤشرات، ومجالات التقييم، وتخصص لكل من تلك المؤشرات نسب مئوية محصلتها 100 درجة، وتلك المعايير والمؤشرات هي:
ــ تقييم زملاء التخصص: يشير مؤشر هذا المعيار إلى تقييم الأكاديميين من خارج الجامعة لأفضل المؤسسات الجامعية فيما يتعلق بنوعية التدريس والبحث العلمي، ويخصص لهذا المعيار 40 في المئة من الدرجة الكلية للتقييم.
ــ تقييم جهات العمل: ويشير مؤشر هذا المعيار إلى أي المؤسسات الجامعية التي تفضل جهات العمل أن يكون الخريج متخرجًا منها، وذلك بسؤال الجهات الموظفة السؤال التالي «من أي جامعة تفضل اختيار موظفيك؟»، وقد أعطيت نسبة 10 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
ــ أعضاء هيئة التدريس الدوليين في الجامعة: أي كم عدد الأساتذة الدوليين في الجامعة، وقد أعطيت نسبة 5 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
ــ الطلبة الدوليون في الجامعة: أي كم عدد الطلبة( الأجانب )من دول أخرى المنتسبين للدراسة في الجامعة، وقد أعطيت نسبة 5 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
- نسبة الطلبة إلى الأساتذة، وهذا يعتبر مؤشرًا لنوعية التعليم في الجامعة، وقد أعطي هذا المعيار نسبة 20 في المئة من التقييم الكلي.
ــ عدد مستخلصات البحوث المنشورة من قِبَل أعضاء هيئة التدريس: أي عدد البحوث مقسمة على عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، وقد أعطي هذا المعيار نسبة 20 في المئة من التقييم الكلي.
معايير رصينة
يعد تصنيف جامعة شنغهاي الصينية أشهر التصنيفات العالمية، نظرًا لاعتماده على معايير موضوعية رصينة، فقد نشرت الجامعة أول قائمة تصنيفية لجامعات العالم في عام 2002.
تقوم منهجية تصنيفها على مراجعة وتحليل 2000 مؤسسة جامعية في العالم، ومن ثم تصنيف أفضل 500 جامعة منها، وينشر هذا التصنيف في شهر سبتمبر من كل عام. ويستند تصنيف «شنغهاي» إلى 4 معايير علمية وموضوعية يشهد بها كل الأكاديميين في العالم، ويضم كل معيار عددًا من المؤشرات، ومجالات التقييم، ويخصص لكل من تلك المؤشرات نسبًا مئوية محصلتها 100 درجة، وتلك المعايير والمؤشرات هي:
ــ معيار جودة التعليم: حيث يشير المؤشر إلى عدد خريجي المؤسسة الجامعية حائزي جوائز نوبل، أو جوائز تفوق في مجال تخصصهم، ويخصص لهذا المعيار 10 في المئة من المجموع الكلي.
ــ معيار كفاءة أعضاء هيئة التدريس والباحثين: ويتفرع عن هذا المعيار مؤشران، حيث يشير الأول إلى عدد أعضاء هيئة التدريس في المؤسسة الجامعية حائزي جوائز نوبل أو جوائز التفوق في التخصص، ويخصص لهذا المعيار 20 في المئة من المجموع الكلي، بينما يشير المؤشر الثاني إلى عدد الخريجين الباحثين حائزي جوائز علمية على المستوى العالمي في 21 فئة من الموضوعات العلمية الرئيسة، ويخصص لهذا المعيار 20 في المئة من المجموع الكلي.
ــ معيار الأبحاث العلمية: ويتفرع عن هذا المعيار مؤشران، يشير الأول إلى عدد المقالات المنشورة للباحثين في المؤسسة الجامعية في الدوريات الدولية المعنية بعلوم الطبيعة والعلوم الأساسية، ويخصص لهذا المعيار 20 في المئة من المجموع الكلي، بينما يشير الثاني إلى عدد المقالات المنشورة للباحثين في المؤسسة الجامعية في الفهارس الموسعة في العلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية، ويخصص لهذا المعيار 20 في المئة من المجموع الكلي.
ــ معيار حجم المؤسسة: يشير هذا المؤشر إلى مستوى الأداء الأكاديمي للمؤسسة الجامعية قياسًا إلى حجمها، ويخصص لهذا المعيار 10 في المئة من المجموع الكلي.
ومن الواضح أن هذا التصنيف يركز على إسهامات الجامعة في الإضافة للمعرفة وعلى جوائز الأساتذة والخريجين، ويعطي اهتمامًا أكثر لعلوم الطبيعية.
مجموعة الـ «ويبومتريكس»
أما تصنيف الـ «ويبومتريكس» الإسباني فإنه يتم من أكبر المختبرات البحثية في إسبانيا (CSIC)، وهو يتبع وزارة التربية الإسبانية، حيث بدأ العمل بهذا التصنيف في عام 2006، ويتم تحليل أكثر من 13000 مؤسسة تعليم عالٍ في العالم، ويتم تصنيف أكثر من 4000 مؤسسة منها.
وتقوم المجموعة بإصدار تقريرين مفصلين خلال شهري يناير ويوليو من كل عام حول مكانة ورتبة أفضل 3 آلاف جامعة في العالم، وأهم الدول التي ظهرت فيها. ويستند التصنيف إلى 4 معايير موضوعية، ويضم كل معيار عددًا من المؤشرات، ومجالات التقييم، وتخصص لكل من تلك المؤشرات نسب مئوية محصلتها 100 درجة، وتلك المعايير والمؤشرات هي:
- الحجم: ويتمثل في عدد صفحات موقع الجامعة وفقًا لتقارير دورية تصدرها محركات البحث الأربعة المعروفة (Google،Yahoo Excite، &Microsoft )، وقد أعطيت نسبة 25 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
- الانتشار: ويتمثل في عدد الصفحات الخارجية (خارج نطاق موقع الجامعة) التي تقوم بالربط مع موقع الجامعة، ويتم الحصول على هذه المعلومات من محركات البحث المذكورة، وقد أعطيت نسبة 50 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
- الملفات الغنية: حيث يتم حساب عدد الملفات من نوع World، وBDF، وPowerPoint وPostscript في محرك البحث Google التي تنتمي لنطاق الجامعة، وقد أعطيت نسبة 12.5 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
- محور البحث: حيث يتم حساب عدد المنشورات البحثية الإلكترونية تحت نطاق الجامعة التي تم الحصول عليها من موقع Google Scholar، وقد أعطيت نسبة 12.5 في المئة من التقييم الكلي لهذا المعيار.
معايير صارمة
يتم ترتيب الجامعات بناءً على معايير صارمة من حيث عدد الخريجين، وعدد الأبحاث التي تقوم بها الجامعة، وأفضلية أعضاء الهيئة الأكاديمية، إضافة إلى تلك الإنجازات المرصودة في قواعد البيانات العلمية العالمية، وما تتمتع به المؤسسة التعليمية من موقع رياديّ ذي بعد تأثيري.
وأختتم هذا المقال بالتذكير بضرورة ألا تأخذ بعضنا المزاجية عند مناقشة موضوع كهذا، بل يجب الأخذ بالموضوعية وليس بإلقاء اللوم على أمور غير علمية كفكرة المؤامرة. ويرى بعض المختصين أنه لا يزال هناك كثير من الإصلاحات الأولية لمنظومة التعليم العالي في عالمنا العربي قبل ضمان دخول جامعاتنا في التصنيفات الدولية لأفضل الجامعات في العالم، ويأتي في مقدمة هذه الإصلاحات ضمان الجودة بمؤسسات التعليم العالي. وتحت وطأة هذا التحدي الجديد «ضمان الجودة» قد يبدو السعي وراء ثقافة تصنيف الجامعات على صعوبتها «ضرورة» وليس «ترفًا». وإن نقطة البداية في رأينا تكمن في دراسة وتحليل معايير التصنيف المعتبرة عالميًا، ومن ثم وضع خطة تكون بمنزلة خريطة طريق نسلكه لإصلاح التعليم وتطويره.
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًا
5 مهارات اجتماعية
علموها لأطفالكم باكراً
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق