الخميس، 1 أكتوبر 2015

• اسباب عدم وجود الفن المسرحي في الثقافه العربية

سنحاول في هذه الدراسة أن نبحث أسباب غياب الفعل المسرحي في الأدب العربي، ونرى إذا كان له وجود حقيقي أو شبه وجود. وإذا كان كذلك، فما هي مظاهره ومصادره الشفاهيه والمكتوبة المعتمدة. ويا ترى هل يشبه أو يقترب من حيث الشكل والمضمون من مفهوم المسرح بمعناه الأوربي ؟ أم أنه يحمل طابعا خاصا مميزا ومختلفا ؟ هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا الشأن، ولكننا نفضل في المرحلة الأولى من البحث أن نؤجل الخوض فيها، على أمل الرجوع إليها بعد ما نعيد طرحها بكيفيات مختلفة، في الزمان والمكان المناسب، لكي يتسنى لنا، الإجابة على البعض منها والتوقف والتعليق على البعض الآخر. 

لقد اختلف أغلب الكتاب والمنظرين حول مسألة وجود وعدم وجود المسرح في الحياة الاجتماعية، الثقافية والسياسية العربية. فهناك فريق يعتبر المسرح، ظاهرة غربية دخيلة على الذات العربية، لأنها قد ولدت خارج رحم الثقافة العربية، وفريق ثان، يؤكد أن العرب قد عرفوا أشكالا عديدة ومختلفة من المسرح قبل منتصف القرن التاسع عشر وليس شكلا واحدا. أما الفريق الثالث، فهو يكاد أن يكون متعصبا للثقافة العربية وحاجاتها، بحيث يعزو سبب عدم وجود مسرح عربي أو عدم نموه بشكل طبيعي كظاهرة في المجتمع العربي، إلى عدم الحاجة إليه بدعوى أن هذا الفن المركب لا ينسجم وعبقرية العرب الفنية. وفريق رابع، يعتبر ولادة المسرح في الثقافة العربية ولادة غير شرعية. ولهذا السبب لم يتطور أو ينهض. وفي اعتقادنا، أن غربة هذه الظاهرة في الثقافة العربية ناتجة عن هذه التعددية والاختلافية في الآراء التي لا تريد أن ترسوا إلى حل أو الوصول إلى نتيجة قاطعه، لذلك تراها تلجا دائما إلى ترك الباب مفتوحا بإضافتها إلى هذا الرأي أو ذاك كلمة "ولكن" التي تقطع الاستنتاج من نصفه لكي تجعله منقسما على نفسه يتأرجح ما بين ألا والنعم بنوع من السكونية المطلقة. لقد انقسم الدارسين على أنفسهم وأصبحوا طوائف متعارضة: طائفة تعارض وجود المسرح عند العرب، مثل: مارون النقاش، محمد عزيزة، وطائفة تتحمس له مؤكدة على وجود اصطلاح عربي قديم للمسرحية (ألبابه)، مثل: علي الراعي، وثالثة لا ترفض الظاهرة من أساسها معتمدة في ذلك على بعض المظاهرة التمثيلية التي حفظها الأدب العربي، مثل: الحكاية الشعبية، التعازي العاشورية، المقامة، ومسرح خيال الظل والخ ... وما أن نفتح كتاب من الكتب التي تبحث في هذا الموضوع أو ذاك حتى نغرق في تفاصيل وشواهد ومفردات تحاول مرة أن تثبت وتبرهن على وجود الظاهرة وأخرى تلغيها وتعتبرها ظاهرة أوربية مستزرعة في جسد الثقافة العربية، وثالثة ورابعة وخامسة تعتبر سنة 1849، البداية الحقيقية للمسرح العربي. إن جميع هذه الآراء والتصريحات العلمية وغير العلمية تلقي بنا مباشرة في أحضان الإشكالية التي واجهناها في تحديد الطفولة الأولى للمسرح عند الإغريق، بعدما اجمع المؤرخون المختصون على أن المسرح قد نشأ في القرن الخامس ق. م لدى الإغريق معتمدين في ذلك على شواهد نصيه "مسرحية الضارعات لأسخيلوس"، ناسين أو بالأخرى متناسين أن الإنسان البدائي وشعوب الحضارات القديمة، قد عرفت المسرح بشكله البسيط وكانت لهم نصوص وطقوس ومكان للاحتفال كان يمكن أن نطلق عليه اسم مسرح الأحداث أو مسرح الطقوس. ولكن يبدو أن التاريخ لا يريد أن يتغير، وإن ارتدى حللا وملابس جديدة عصرية وكذلك العالم، فإنه دائما وأبدا يحتاج إلى أبطال وتواريخ يتكئ عليها في نسبة الأشياء والظواهر لحظة الإحساس بالضياع والمتاهة.
في ضوء هذا، سنحاول أن ندرس الظاهرة المسرحية العربية من تاريخها الأول وأن كنا نعتقد أو نؤمن بغير ذلك. ولكن من أجل أن نبدأ لا بد لنا من نقطة انطلاق معينة يتفق عليها الجميع رغم الانقسامات.

شيماء ابراهيم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق