يمكننا تصنيف الغزل
الجاهلي في اتجاهين متناقضين؛ أولهما الاتجاه الحسي الفاحش أو الغزل الصريح وزعيمه
امرؤ القيس صاحب المغامرات الليلية مع الحب إلى البنات والمرضعات؛ وثانيهما
الاتجاه الحسي العفيف او الغزل العفيف الذي اشتهر في العصر الأموي وكانت نواته في
الجاهلية. وكثيرون هم زعماء هذا الاتجاه وقد اقترنت أسماؤهم بأسماء محبوباتهم مثل:
المرقش الأكبر وأسماء، والمرقش الأصغر وفاطمة، وعروة بن حزام وعفراء، وعنترة بن
شداد وعبلة.
"یقوم أکثر الغزل الجاهلي علی الوصف والتشبیب؛ وأقله ما جاء قصصیاً یحمل ذکریات المغامرات الغرامیة یتخللها الحوار. ولیس الغزل عند شعراء الجاهلیین فنا مستقلاً برأسه، وإنما هو غرض من الأغراض المتعددة التي تشتمل علیها قصیدتهم، ولکن له حق الصدارة یستهل به ثم ینتهي منه الی غیره". [البستاني، بطرس، أدباء العرب في الجاهلیة وصدر الإسلام، 1989م، ص 65]
وإذا كان بعض الشعراء
يعبرون عن لوعتهم وحبهم في أبيات تصور خلجات النفس وتأثرها بالحب فإن عدداً من
شعراء الجاهلية يتعدون ذلك إلى وصف المرأة وصفاً كاملاً فيصفون وجهها وعينيها
وقوامها ورقبتها وأسنانها وغير ذلك، ومن هؤلاء الأعشى وإمرؤ القيس بل إِن إمرأ القيس
لا يتورع عن ذكر ما يجري بينه وبين المرأة. وغرض الغزل وإن كان يستدعي أسلوباً
ليناً رقيقاً إلا أننا لا نجد ذلك إِلا عند القليل من الشعراء الجاهليين. أما معظم
شعراء الغزل في الجاهلية فأسلوبهم يتصف بالقوة والمتانة ولا يختلف عن أسلوب المدح
أو غيره من الأغراض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق