من التجني أن يطلق
بعضهم مفهوم الصداقة على العلاقة التي تربط الكلاب بالبشر إنما كان أصعب منه إطلاق
مفهوم الصحبة عليها، لأن ما يربط الكلب بالإنسان صداقة منقوصة لم تكتمل شروطها،
فهي علاقة من طرف واحد فقط. فالإنسان هو صاحب الكلب ومالكه وهو المنتفع فقط بينما الكلب
وفي مطيع مخلص دونما منفعة. وإذا كانت هذه الصحبة قد أمنت لإنسان مصلحة ما فهل هي
كانت آمنة؟
داء الكَلَب
عند أغلب الناس ودون
إبطاء سوف يقفز إلى الذهن اسم داء الكلب جوابا لهذه التساؤلات. فما هي حقيقة داء
الكلب هذا؟ وهل هو كل المشكلة؟ معظم الناس ينطقونه داء الكلب (بفتح الكاف وسكون
اللام) اقتناعا منهم بأنه مرض الكلاب ولا غير، وهم لا يعلمون أن الكلب ضحية لمرض
ضمن قائمة طويلة من الحيوانات لا يقع الكلب على رأسها، إذ تتقدمه الذئاب والثعالب
وأبناء آوى والوطاويط، وتشاركه القطط والفئران، وهو مرض يصيبها بفعل فيروس خاص
تستهويه الأنسجة العصبية في الجسم لهذا تصاب بالجنون أو السعار.
مظاهر المرض على
الحيوان المسعور "نخص منها الكلاب" لا تخطئها عين إذ نجده تائها شاردا
أحمر العينين مع فك متدل ولعاب يسيل.
وإذا ما أصاب الإنسان
فإنه يصيبه بتشنجات وهذيان وتكون الخاتمة هي الموت الزؤام حيث لا علاج ولا سبيل
إلا الوقاية ولا غير.
يصاب الضحية برهاب
الماء لأنه يخاف من الماء وينتابه التشنج في الحال إذا ما رآه. وسبيل الوقاية هو
حقن المصاب بالطعم الواقي الذي ابتكره باستير منذ مائة عام أو تزيد (عام 1880) ولو
أمكن حجز الحيوان عشرة أيام فإذا ما بقي بعدها حيا فهو ضمان للأمان منه. ولكن
الحيوان إذا ما مات أو كان الحيوان ضالا أو إذا كان العقر في منطقة الوجه والرقبة
فهذه أمور تفرض التطعيم خوفا من الضرر وحذرا من الإصابة.
لقد تدنت حالات عقر
الحيوانات المسعورة مع توالي السنين بفضل تطعيم الكلاب بالطعم الواقي ومع دوام فحص
الحيوانات الأليفة إلى مطاردة الحيوانات الضالة.
داء الليثمانيا
الليثمانيا طفيليات
وحيدة الخلية إذا ما أصابت الإنسان تمرضه بإحدى صورتين أولاهما: جلدية فيتقرح
الجلد ويعاني من قرحة مزمنة.
والصورة الثانية تصيب
الأحشاء فيعاني المريض بها من حمى وصداع وتضخم في الكبد والطحال ويسمونها بلغة
العلم مرض كالا ازار أو الحمى السوداء، وسببها طفيليات خاصة من الليثمانيا.
وكلا النوعين من
طفيليات الليثمانيا تنقلهما بعوضة صغيرة.
والكلب إحدى ضحايا
المرض إلى جانب الإنسان لذلك يسمونه عائلا احتياطيا، لهذا فهو مصدر خطر كامن لهذا
الداء مضى وولى مع الزمان أما الذي بقي من خطر الكلاب فهي:
الديدان الشريطية
الكلاب مصدر للعديد من
الديدان الشريطية وهي أنواع غير ما يعهده الناس من الديدان الوحيدة مثل شريطية
البقر المسماة تينيما ساجينماتا وشريطية الخنازير المسماة تينيما سوليوم. ولنا هنا
أن نعدد ثلاثا من أهم وأشهر هذه الديدان الشريطية يكون الكلب مصدرا لعدواها
للإنسان أو هو أهم المصادر على الأقل:
أ ) الأكياس المائية
والأصل فيها دودة
شريطية تعشش في أمعاء الكلاب صغيرة جدا بل هي ربما كانت أصغر أنواع الديدان
الشريطية قاطبة ويسمونها أكينو كوكس جرانيو لوسز طولها في المتوسط ما بين 3 إلى 6
مليمترات، وجسمها ثلاث عقلات فقط (أو قطع) إضافة إلى رأسها وعنقها. فالأولى منها
لم تنضج والثانية ناضجة وبها 40 إلى 80 رحما وخصية أما الثالثة فهي قطعة حبلى
بالبويضات تخرج ضمن إطار العقلة الأخيرة إذا ما انفصلت أو انفجرت في الأمعاء لتخرج
البويضات منها مع البراز فتلوث الكلب وتعلق بمؤخرته وهنا يكون مكمن الخطر على
الإنسان الذي يلاعب الكلب ويداعبه وأغلبهم من الأطفال الذين يلعقون أصابعهم مع ما
يلصق بها من بويضات أو أنها قد تتسرب إلى الطعام، حيث تفقس البويضات في الجهاز
الهضمي وتسير نحو الكبد، فتكبر فيه وتصبح حوصلة مائية كبيرة في الكبد بنسبة 70
بالمائة منها أو أنها تواصل مسيرتها إلى الرئتين، وهذا يحدث بنسبة 20 بالمائة من
الحالات، أو ربما وصلت إلى المخ أو العين وما إليهما من أجهزة تدمرها وتتلفها. يكون ذبح الحيوانات داخل المسالخ لاستبعاد المريض منها ودفنه بعيدا عن
متناول الكلاب هو أساس الحماية للكلاب من العدوى حتى لا تنقل المرض إلى الإنسان
بالتالي.
ب) شريطية السمك
سميت بشريطية السمك لأن
الأسماك هي عائلها الوسيط بينما عائلها النهائي هو الإنسان كما هو الكلب عائل
احتياطي لها إلى جانب الإنسان، وهذه الدودة هي أكبر الديدان الشريطية بمثل ما هي
شريطية الأكياس المائية أصغرها، إذ يقدرون طولها ما بين 3 إلى 10 أمتار بل ربما
وصلت إلى العشرين مترا طولا وعقلات جسمها قد تممل إلى 3 آلاف عقلة للدودة الواحدة.
والعقلات الأخيرة من جسمها ناضجة تخرج مع البراز كل ثلاثة أيام لتحمل الواحدة منها ما يقارب المليون بويضة تلتهمها قشريات مائية تعرف باسم براغيث الماء فما إن تلتهم الأسماك هذه البراغيث المائية حتى تصير يرقات حية داخل ألياف السمكة وعضلاتها وبعدها يأتي الإنسان ليكون الضحية النهائية إذا ما أكل سمكا مصابا غير ناضج الطهو أو المعالجة.
والعقلات الأخيرة من جسمها ناضجة تخرج مع البراز كل ثلاثة أيام لتحمل الواحدة منها ما يقارب المليون بويضة تلتهمها قشريات مائية تعرف باسم براغيث الماء فما إن تلتهم الأسماك هذه البراغيث المائية حتى تصير يرقات حية داخل ألياف السمكة وعضلاتها وبعدها يأتي الإنسان ليكون الضحية النهائية إذا ما أكل سمكا مصابا غير ناضج الطهو أو المعالجة.
إن خطر هذه الدودة خلال
عمرها المديد داخل قناة الهضم في أنها تهوى امتصاص فيتامين ب 12 فتؤدي بصاحبها إلى
فقر الدم الشديد نظرا لضرورة هذا الفيتامين في تركيب الدم. أغلب الضحايا هم أهل
السواحل حول البحيرات والأنهار، ويسمونها بالدودة العريضة، لأن عرض العقلة فيها
أكبر من طولها إذا ما نظرت إليها عبر المجهر أو بالعين المجردة.
جـ) شريطية الكلاب
هي شريطية متوسطة الطول
تقارب نصف المتر وعقلات جسمها ربما تعد 175 عقلة في المتوسط وتحمل كل منها ما بين
15 إلى 25 بويضة، أما العقلة الناضجة حاملة البويضات فتشبه بذرة القرع ذات اللون
الأبيض على اصفرار.
وقد تنفجر هذه العقلة
فتلوث البويضات المتناثرة جسد الكلب ومن ثم تلتهمها براغيث جسمه وقملاته وهي ما
تعلق بالتالي على يد مداعب الكلب أو الممسك به فتصيبه بالعدوى إذا ما أكل أو مص
أصابعه.
أمراض أخرى
عدوا فيما عدوا 65 مرضا
للكلاب قد تنقلها إلى الإنسان لا حيلة لنا أن نحصيها كلها هنا لا فائدة إذ إن
أغلبها نادر الحدوث ولا قيمة له أو أن بعضا آخر لا وجود له في بلادنا فهو إذن لا
يهمنا أمره هنا، ولكننا سنعد بعضا منها مما قد يهم أو ما يستحق:
أ) أنواع تتسبب من فطريات تصيب الجلد وتؤدي إلى
سقوط الشعر مع التقرح الكريه المنظر.
ب) اليرقات الحشوية المتجولة: هي في الأصل ديدان
الاسكارس من نوع يصيب الكلاب وتخرج بويضاتها منه فإذا مادخلت جوف إنسان فإنها لا
تفقس على نحو ما قد تفعل في أجسام الكلاب بل تتجول يرقاتها في أحشاء الإنسان بعضا
من الوقت ثم تموت بعد أن تسبب له آلاما وتوعكا أسبوعا أو أسبوعين.
جـ) اليرقات الجلدية
المتجولة: هي نوع من الانكلستوما الخاصة بالكلاب إذا ما اخترقت يرقاتها جسم
إنسان تجولت فيه فترة فلا تحسن التطور ولا التحور فتموت.
د) النكاف والحصبة: لقد ثبت أن جسم الكلب
قابل لأن يحمل فيروسات النكاف وفيروسات الحصبة دون أن تظهر عليه أعراض المرض،
ولكنه قادر على أن يحملها من جسم مريض إلى جسم سليم فهو إذن ناقل لا يمرض.
يحيى
السيد النجار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق