من تراثنا
خاطبت المعلمة طالباتها وهي تطالع الكتب في مكتبة المدرسةِ قائلةً:
- تقرأنَ وتسمعنَ دائماً أن للأنبياءِ والصحابةِ وللتابعين وللرجالِ والقبائلِ العربيةِ صفاتٍ أو تسمياتٍ يُعرفون بها؟
- مثل ماذا؟ بادرت حُصّة معلمتها.
من تعرف منكنَّ تلك التسميات والصفات؟
- أطرقت الطالبات يُفكرنّ في السؤال، بعدها رفعت فاطمة يدها لتجيب:
- هل تقصدين مثلاً كما يُقال: بُردة النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أو سفينة النبي نوح عليه السلام، أو ناقة صالح، أو هُدْهُد سليمان؟
- أحسنتِ يا فاطمة؟
ثم ماذا يا عزيزاتي؟
- أجابت موزة: سمعت في الإذاعة أمس برنامجاً ذكر فيه بعض التسميات مثل: دِرَّة عُمر، وقبيلة قريش، واسم أمينِ الأمة...
- أحسنتِ يا موزة هذا ما قصدته، إذن سأعرفكنّ اليوم بعض التسميات فيما يخصّ موضوعنا هذا.
- ثم سألت شيخة: وبماذا ستبدأين الحديث الآن؟
- سأحكي لكنّ عن سبعة موضوعات من «زهور من التراث» خلال سبعة دروس وهي عن:
- أنبياء الله تعالى، والقرون الأولى، والصحابة والتابعين، ورجال العرب في الجاهلية والإسلام، والقبائل العربية، ورجال العرب، وأخيراً العرب.
- وقالت خلود هيا حَدِّثينا عن الموضوع الأول «أنبياء الله تعالى».
- تناولت المعلمة كتاباً من رفِّ مكتبة المدرسة، ووقفت تحمله والطالبات جالسات حول المنضدة الكبيرة وسط قاعة المطالعة، وقالت:
- أرجو الإصغاء لما أقول، وأول حديثي عن: «أنبياء الله تعالى» الذي سأبدأه عن بُردة النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
بُردة النبي الكريم؟ تساءلت حُصّة.
- أجل يا عزيزتي، حيث يُضرب ببُردة رسول الله محمّد عليه الصلاة والسلام المَثل في البِلَى والخُلُوقَة- أي القِدَم- فيقال: أعتَقُ منَ الحِنطَةِ، ومِن بُردة النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وسألت حُصّة وما هي البُردة ؟
- البُردة هي كِساء- عباءة- ألبسها الشاعر كعب بن زهير الأنصاري رضيّ الله عنه للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، بعدما أنشده قصيدَته التي منها قوله:
نُبِئتُ أنّ رسولَ اللهِ أوعدني والعفوُ عندَ رسولِ الله مأمولُ
ناقة صالح
وقالت فاطمة: والنبي الآخر؟
- إنّه النبي صالح عليه السلام، حيث يُقال ناقةُ الله تعالى، أو ناقة صالح. وكثيراً ما يُضرَب المثلُ بها مَن يَنْتَبِه على بَراءة ساحَتِهِ أو خِفّة جُرْمِهِ (ذنبه)، فيقول: «إنِّي لم أعْقِر (أذبح) ناقةَ صالح».
قميص يوسف
وهل ذُكِرَ أنبياء آخرون؟
- نعم يُذكَرُ النبي يوسف عليه السلام بقميصه دائماً يا عزيزتي موزة، وهو الذي ورد ذكرهُ في سورة يوسف. فيقال قميصُ يوسف، حيث أجرى الله سبحانه وتعالى أمرَ النبي يوسف عليه السلام من ابتدائِهِ إلى انتهائه على ثلاثةِ أقمصةٍ.
وتساءلت موزة: وماهي تلك القمصان الثلاثة؟
- أولُها: قميصُه المُضرَّج بدمٍ كَذِبٍ، والثاني: قميصُه الذي قُدَّ مِن دُبُرٍ- مِن الخَلْف - والثالث: قميصُهُ الذي أُلْقِيَ على وَجْهِ أبيهِ النبي يعقوب عليه السلام فارتدَ بصيراً.
سفينة نوح
أما سفينة نوح أيتّها الطالبات، فقال النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام: «إنّ عِتْرَتِي (الذرية والعشيرة) كسفينةِ نُوح، مَن رَكِبَ فيها نَجَا، ومَن تأخرَ عنها هَلَكَ».
وقالت رشا: وهل يُضرب بهذه السفينة المثل؟
- نعم يُضْرَبُ بهذه السفينةُ المَثلَ للشيءِ الجامعِ؛ لأنَّ نبيّ الله نوحاً عليه السلام حَمَلَ فيها مِن كُلٍّ زَوجينِ اثنينِ في حادثة الطوفان المذكورة في القرآن الكريم.
مقام إبراهيم
وماذا بعد سفينة النبي نوح يا معلمتنا؟
- هناك مقام إبراهيم نبي الله، الذي يُضربُ مثلاً لكلِّ مكانٍ شريفٍ ومَقَامٍ كريم. قال تعالى في سورة «البقرة الآية/125»: { واتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبراهيمَ مُصَلَّى}.
خاتم سُليمان
هل انتهيتِ من ذكر الأنبياء يا معلمتنا الكريمة؟
- كلا يا شيخة، فهناك خاتم النبي سليمان عليه السلام، الذي يُضربُ بهِ المثلُ في الشَرَفِ والعُلوِّ، وذلك أنّ مُلْكَه زَالَ عنه بِعَدَمِهِ، وعاوَدَهُ مع رِجُوْعِهِ، ويقال: إنّه كان مُعجزة له، كما كانت عَصا النبي مُوسى عليه السلام مِن مُعجزاتهِ.
نار موسى
ثم نار موسى، خاطبت المعلمة طالباتها، وهي التي تُضربُ مثلاً للشيء الهّيِّن اليسير الذي يُطلبُ فيوجد بسببهِ العِلْق (المرغوب في كل شيء لتعلق القلب به) النّفيس والغنيمة الباردة (المكسب بلا تعب).
القرون الأولى
رحبت المعلمةُ بطالباتها في درس التاريخ لهذا اليوم، وسألتهنّ عن القرون الأولى، ماذا يعرفن عنها؟
- أجابت الطالبات: يُقصد بها القرون الماضية في التاريخ.
مثل ماذا؟
قالت خلود: مثل قوم عاد وقوم ثمود اللذين ذُكرا في القرآن الكريم.
- أحسنتِ يا خلود.
وغير هذين القومين؟
- أجابت زميلتها رشا: مثل قارون، أو الإسكندر.
- هذا جواب صحيح يا رشا.
ثم قالت المعلمة: سأحكي لكُنَّ غير ما ذكرته خلود ورشا عن القرون الأولى. وسأبدأ بذكر ريح قوم عاد.
ريح عاد
- تُضْرَبُ ريح عاد مثلاً في الإهلاك، لقوله تعالى في سورة «الحاقة الآية/6»: {وأمّا عادٌ فأُهْلِكُوا بريحٍ صَرْصَرٍ عاتِية}.
صَرْح هامان
أما «صرح هامان» فبناه لفرعون من الآجُرّ- الطابوق المَفْخُور- وهو أوّل مَن استعملهُ، كما حكى الله تعالى عن فرعون إذ قال في سورة «القَصَص الآية/ 38»: {ما عَلمِتُ لكُمْ مِن إلهٍ غيري فأوْقِد لي يا هامانُ على الطِّين فاجْعَل لِي صَرْحاً لعلِّي أطَّلِعُ إلى إلهِ مُوسى وإنِّي لأظنَّهُ مِنَ الكاذبينَ}.
كنوز قارون
وهل لقارون وكنوزه ذِكْرٌ بين القرون الأولى؟
- نعم يا فاطمة، فيُقال: «كنوز قارون» التي يُضرَبُ بها المثل فيما يُستعظَم قدره مِن نَفائِس الأموال، لقوله تعالى في سورة «القَصَص الآية/ 76»: {وآتينَاهُ مِنَ الكُنُوز ما إنّ مَفَاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبَةِ أُولي القوّة}.
جَوْر سَدُوم
ثم سألت فاطمة معلمتها قائلة: هل انتهى اليوم حديثك لذكر القرون الأولى؟
- كلا يا فاطمة ولكن سأنهيه بقولهم: «جَوْر سَدُوم». الذي كان مَلِكاً ظالِماً في الماضي، ولها قاضٍ أظْلَمُ مِنهُ، والذي يُضرَب به المثل بالظُلم، فيقالُ: أجْوَرُ مِن قاضي سَدُوم.
صاعقة ثمُود
هذا عن قوم عاد فماذا عن قوم ثمود؟
- هناك صاعقة ثمود وهي الصيحة التي أخذتْهُم، فأصبحوا في دارِهِم مَيِتِيْن. تُضرَب مثلاً في الإبادةِ والإفنَاء، كريح عادٍ.
نوم أصحاب الكهف
أليس أصحاب الكهف من القرون الأولى؟
- نعم يا حُصّة، فيُقال «نوم أصحاب الكهف» ويُضرَب مثلاً للنوم الكثير، لأنّ الله تعالى يقول في قصّتهم في سورة «الكهف الآية/ 11»: {فضَرَبْنَا على آذانِهِم في الكهفِ سنينَ عَدَدَا}.
الصحابة والتابعون
سيرةُ العُمَرَينِ
هذا موضوع جديد أيتها العزيزات حيث سنتحدث في الدرس الثالث اليوم عن «الصحابة والتابعين»، ونبدأه بذكر «سِيْرَة العُمَرَيْنِ».
- قالت موزة: ومَنْ هُما العُمران يا معلمتي؟
- العُمَرَانُ هما الصحابيان الجليلان: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما خليفتا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، اللذان يُضرَب بسيرتهما المَثل إذ لا عَهْدَ بمثلهما بعد النبي محمّد عليه الصلاة والسلام.
دِرّة عُمَر
ذَكَرْتِ سيرة العُمَرَيْنِ. وأنا سمعْتُ عن «دِرّة عُمَر»؟ فما حكايتها يا تُرى؟
- لما جيءَ بالهُرمُزان مَلِكِ خُوزستان أسيراً إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه، وافق ذلك خروجه من دارهِ، فمازالَ المُوكلّ بالهُرمُزان يبحثُ عن الخليفة عمر بن الخطاب حتى عثر عليه في بعض المساجد نائماً مُتوسداً دِرّته، فلمّا رآه الهُرمُزان قال:
- هذا واللهِ المُلْك الهَنِي، عَدِلْتَ فأمِنْتَ فَنِمْتَ! والله إنّي خدمتُ أربعةً من مُلُوك الأكاسرة أصحاب التّيجان، فما هِبْتُ أحداً منهُم هيبَتِي لصاحبِ هذه الدِّرَّة.
صِدق أبي ذَرٍ
يُضْرَبُ المَثلُ بـصِدق الصحابي أبي ذَرٍ الغفاري رضي الله عنه، إذ يُروى أنّ النبي ّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «ما أظلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء بعدَ النبييّنِ أصدَق لَهْجَةً من أبِي ذَرٍ».
زُهُد الحَسن
وغير ذلك؟ قالت شيخة؟
- اسمعي يا شيخة كذلك يُقال: «زُهُد الحَسن"، فقد قالوا في سيدنا الحَسَن بن علي بن أبي طالب رضيّ الله عنهما: «أزهد الناس إلاّ الحَسَن، وأفقَه الناس إلاّ الحَسَن، وأفصَحُ الناس إلاّ الحَسَن، وأخطب الناس إلاّ الحَسَن».
دَهاء مُعاوية
وهل للتابعين- الذين عاشوا زمن النبي الكريم ولم يشاهدوه- إشارة في هذا الموضوع؟
- أجل إذ يُقال «دَهَاءُ مُعاوية»، ذلك ممّا اشتهر به الخليفة الأموي مُعاوية بن أبي سُفيان، حيث قالت العرب بأنّ دُهاة العرب أربعة: مُعاوية بن أبي سُفيان، وعمرو بن العاص، والمُغيرة بن شُعبة، وزياد بن أبيه.
رجال العرب في الجاهلية والإسلام
قريش الأباطح
نذكر اليوم في درس التاريخ الرابع يا طالباتي رجال العرب في الجاهلية والإسلام. وقد أشارت موزة في البداية لذكر قريش، وقريش هي ضمن هذا الموضوع، فيُقال:
- «قريش الأباطح»، وقد عُرِفُوا بذلك، لأنّهم لُباب قريش وصميمها الذين أقاموا ببطحاء مكة، وهي مركزها، فنزلوها. وهم بنو عبد مناف، وبنو عبد الدار، وبنو عبدالعُزّى، وبنو زُهْرة، وبنو تميم بن مُرّة، وبنو مخزوم، وبنو سَهْم، وجُمَح، وبنو عَدِي بن كعب؛ وبنو عامر بن لؤيّ، وبنو هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث بن فِهر، ويقال لهم: الأبطحيون أيضاً.
شَيْبَة الحَمد
ويُقال «شَيْبَة الحَمد».
- وتساءلت خلود ماذا تعني بذلك؟
- كان يُقال لعبدالمطلب بن هاشم: شَيْبَة الحمد، لنُور وجهِهِ، وذلك أنّهُ كانت في ذُؤابتهِ شَعْرَة بيضاء حين وُلِدَ، فسُمِّي شَيْبَة الحمد، وقال فيه الشاعر:
بنو شَيْبَة الحمدِ الذي كانَ وجهُ يُضِيء ظلامَ الليلِ كالقَمَرِ البدرِ
أمين الأمة
أما أنتِ يا موزة فذكرت في البداية أمين الأمة، فَمَن هو، ومَن قائلُها؟
- أجابت موزة: أمين الأمة هو الصحابي أبو عبيدة بن الجراح، لكنِّي لا أعرفُ قائلها.
- نعم أمين الأمة هو لقب الصحابي الجليل أبي عبيدة عامر بن الجراح رضيّ الله عنه، وكان مِن عُظماء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الذي قال فيه: «لكُل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح».
حاتِم طّيئ
هل سمعتنّ باسمِ حاتِم الطائي؟
ردت الطالبات: نعم رجل من كُرماء العرب المشهورين.
- صحيح يا عزيزاتي، فيُقال: «حاتِم طيئ»، وهو جَوَادُ العربِ المَضْرُوب به المَثل في الجُودِ والكَرمِ، ولكنّه لم يدرك عهد النبي الكريم محمد صلّى الله عليه وسلّم.
زيد الخيل
ومن رجال العرب في الإسلام أيضاً: زيد بن مُهلهل الطائي، الذي قيل له «زيد الخيل» لطُول طِرادِهِ وقيادته للخيل؛ وكان طويلاً وشاعراً، ويخطّ رجله على الأرض إذا رَكِبَ فرسَهُ، وقد وفد على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فسمّاه زيد الخيل.
مْلاعِب الأسِنَّة
وهل هناك رجال آخرون؟
- هناك يا شيخة «مْلاعِب الأسِنَّة» وهو عامر بن الطّفيل بن مالك، أحد فُرسان العرب المذكورين؛ وذكر أبو عبيدة أنّ فرسانَ العربِ ثلاثة وهم: فارس تميم عُتيبة بن الحارث بن شهاب، وفارس ربيعة بِسْطام بن قيس بن مسعود، وفارس قيس عامر بن الطّفيل مْلاعِب الأسِنّة.
عروة الصعاليك
ثم سألت خلود المعلمة: وغير مْلاعِب الأسِنَّة؟
- إنّه عروة بن الورد الشاعر المعروف، الذي عُرِفَ بعروة الصعاليك، وسُمِيّ بعُروة الصعاليك لأنّه كان إذا شكا إليه فتىً مِن فتيان قومهِ الفَقْرَ أعطاهُ فرساً ورُمْحاً، وقال له: إنْ لم تَسْتَغْنِ بِهِما فقد أغْنَاكَ اللهُ!
القبائلُ العربيّةُ
إيلافُ قريش
كتبتِ المعلمة على السبورة «القبائل العربية» ضمن الدرس الخامس، وأضافت: أولاً «قريش»، وبادرت رشا معلمتها متساءلة، ماذا عن هذه القبيلة العربية الكبيرة التي ينتسب إليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأجابتها المعلمة:
- كانت قبيلة قريش لا تُتاجر إلاّ معَ مَن جاء إليها في مكةَ في المواسم وبسوقي ذي المَجَاز وعُكاظ، وفي الأشهر الحُرُم لا تَبرَح دَارَها، ولا تجاوز حَرَمها.
- كما كانت قبيلة قريش تسكن بوادٍ غيرِ ذي زَرْع ٍ- مكة - فكان أوّل مَن خرجَ إلى الشام ووَفَدَ إلى المُلوك وأبعدَ في السَفَرِ ومرَّ بالأعداء، وأخذَ مِنهُم الإيلاف الذي ذكره الله تعالى هاشم بن عبد مناف، وكانت له رِحلتان.
تقصدين رحلتي الشتاء والصيف اللتين ذكرهما القرآن الكريم.
- نعم يا رشا، وكانت رحلة الشتاء نحو العباهلة مِن مُلوك اليمن ونحوَ اليَكْسُوم مِن مُلوك الحبشة، ورحلة الصيف نحوَ الشام وبلاد الروم.
رُماة ثُعَل
أما قبيلة «ثُعَل» فيُضرب المثل فيها بقولهم: «رُماة ثُعَل»، وقد اشتهروا بجودةِ الرّمي مِن بين قبائل العرب.
مُهُور كِندة
وسألت حُصّة: قبائل العرب كثيرة، فماذا عن البقية منهم؟
- لقد قيل: «مُهُور كِندة»، وكانت قبيلة لا تزوِّج بناتَها بأقلِّ مِن مائة من الإبل، ورُبما طلبت ألفاً منها؛ فصارت مُهور كِندة مثلاً في الغلاء، حتى قال الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام: «اللّهم اذْهَب مُلْك غسّان، وضَع مُهورَ كِندة».
ثريدة غسّان
وهل هناك قبيلة لها ذكر مثل بقية القبائل العربية الأخرى؟
- هناك «ثريدة غسّان» يا فاطمة، حيث كان القومُ مُلوكاً يختصونَ مِن بينِ العرب بالطّيباتِ، ولهم الثَّريدة (خبز بالمرق) التي يُضرب بها المثل؛ وكانت من المُخِّ والمُحِّ، وقد أجمعت العرب على أنّه ليست ثريدة أطيب منها لا مِن طعام العامّة، ولا مِن طعام الخاصّة؛ فصارت مثلاً في الطعام الطيِّب.
قيافَة بني مُدْلِج
وهل من بقية للقبائل يا معلمتنا؟
- نعم سأتحدث يا موزة عن «قيافة بني مُدلج».
قيافة بَني مُدلج؟
- القيافةُ يا موزة عِلْم اختصت بهِ العربُ مِن بين سائِرِ الأُممِ، وهو إصابَة الفِراسَة في معرفة الأشياء في الأولاد والقَرَابَات ومعرفةِ الآثار، ومِن بني مُدلِج سُرَاقَة بن مالك المدلجيّ الذي أخرجه أبو سفيان ليقتاف - يتتبعُ - أثرَ النبي محمد صلّى الله عليه وسلم حين خرج إلى غار حراء مع رفيقه أبي بكر الصديق رضيّ الله عنه.
لُؤمُ بَاهِلَة
كذلك يا طالبات، فمن القبائل العربية أيضاً قبيلة: «باهلة» التي لم تَزَل العربُ تَصِفُ بَاهِلَة باللؤمِ في الجاهلية والإسلام؛ ثم خَفِيَتْ منهم تلك السِّمَة وشَرُفَت قبيلة باهِلَة بالقائد قتيبة بن مسلم الباهلي وبَنِيه.
بلاغَة قُسّ
حضرت الطالبات في اليوم التالي الدرس السادس، وطلبت المعلمة داخل الصف من إحدى الطالبات أن تذكر عنوان الدرس فقالت: «رجال العرب».
وقالت شيخة: إذن ستحدثيننا اليوم عن رجال العرب.
- بالضبط يا شيخة، فأسمعنّ ما أقول.
- كلنا آذان صاغية لما تقولين أيتّها المعلمة الفاضلة.
- يقال «بلاغة قس» يُضْرَبُ المثلُ بقُسّ بن سَاعِدة لبلاغتهِ وخطابتهِ المُفوهّة بين العرب.
عَيّ باقِل
هذا عن بلاغة قس، فماذا عن غيره من رجال العرب؟
- هناك باقِل الذي عُرِفَ بعَيِّه (العجز عن الكلام المفهوم)، وهو الذي اشترى يوماً ظّبياً بأحدَ عشر دِرْهَماً، فمرَّ بقومٍ، فقالوا له: بِكَم أخذتَ الظّبي؟ فمدّ باقِل يديه، وأخرج لسانَه.
وسألت رشا: لماذا فعل باقل تلك الحركات؟
- يريدُ بأصابِعِه عشرة دراهِم، وبلسانِهِ دِرْهَماً. فهرب الظّبي الذي كان تحت إبطيهِ حين مدّ باقِل يديهِ، فجرى المثل بعيِّهِ، حتى قيل: أشدُّ عِيّاً مِن باقِل.
حديثُ خُرافَة
وأردفت المعلمة قائلة: أما حديث خُرافة..
- وقاطعتها خلود مُستفسرة: وخُرافة اسم رجل عند العرب؟
- نعم يا خلود خُرافة اسم رجلٌ مِن بنِي عُذْرَة، استهوتهُ الجِنّ فلمّا خلّتْ عنه رَجِع إلى قومِهِ، وجعل يُحدِّثهم بالأعاجِيب مِن أحاديث الجِنِّ، فكانتِ العربُ إذا سَمِعَت حديثاً لا أصلَ لهُ ولا يصدقونهُ، قالت: حديثُ خُرَافَة.
مَواعيدُ عُرْقُوب
رفعت رشا يدها لتتحدث، ما لديك يا رشا، قالت المعلمة وهل تعرفين أحداً من رجال العرب؟
- هل يمكنني أن أذكر عرقوب الذي يُضرب به المثل في الكذب ضمن رجال العرب الذين تحدثيننا عنهم؟
هذا صحيح، وهل تعرفين شيئاً عن قصة عرقوب؟
- نعم يا معلمتي إذ يُضْرَبُ بــ «مَواعيدُ عُرْقُوب» المثلُ في الكَذِبِ، وعُرْقُوْب رجلٌ مِن خَيْبَر.
وهل تستطيعين يا رشا تكملة القصة؟
- أجل يا معلمتي، فلقد أتى أخو عُرْقُوب يسأله ذات يوم، فقال عُرْقُوْب: إذا أَطْلَعَتْ تلكَ النخلةَ فلَكَ طَلْعُها، فلمّا أطْلَعَت أتاهُ للعِدَة، فقال له: دَعْهَا حتّى تُبْلِح، فلمّا أَبْلَحَت أتاهُ فقال: دَعْهَا تُزْهِيَ، فلمّا زَهَتْ قال: دَعْهَا حتّى تُرْطِب؛ فلمّا أرْطَبَت، قال: دَعْهَا حتّى تُتْمِر، فلمّا أتْمَرَت سَرَى إليها عُرْقُوْب مِنَ الليلِ، فجنى تمرَها ولم يُعْطِ أخَاهُ شيئاً، فسارت مَواعيدُهُ الكاذبة مثلاً سائِراً في الأمثالِ.
عَدْوَ السُّلَيْك
بعد عرقوب ومواعيده الكاذبة فإنّ هناك من رجال العرب أيضاً «عَدْوَ السُّلَيْك»؟
- وسألت حُصّة: ومَن هذا عَدْوَ السُّلَيْك؟
- تَضْرِبُ العَرَبُ المَثَل بالسُّلَيْك بن السُلَكَة، وتزعم أنّه والشاعر الشَّنْفَرى من أبرز العدائين- الذين يركضون فيسبقون غيرهم- ويحكى كثيرٌ عن سبقِهِما الأفراسَ وصيْدِهِما الظِّبَاء عَدْوَاً.
تِيْجَانُ العَرَبِ
بماذا ستختتمينّ حديثك الأخير- السابع- يا معلمتنا الكريمة اليوم؟
- سأحدثكنّ عن «العرب»، فيقال «تِيْجَانُ العَرَبِ». وإنّ العَمائِمَ تِيْجَانُ العَرَبِ، فإذا وضعُوها وَضَعَ الله عِزَّهُم.
- وكان يُقالُ أيضاً: اختَصَّتِ العَرَبُ مِن بينِ الأُمَمِ بأربعٍ: «العَمَائِم تِيْجَانُهَا، والدروع حِيْطَانُها، والسيوفُ سِيْجَانُها، والشِّعْرُ دِيْوَانُها».
سابِقُ العَرَب
وعن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أنّه قال: «أنا سَابِقُ العَرَب، وصُهَيبٌ سابِق الرُّوم، وسَلْمَانُ سابِقُ فارِس، وبلالُ سابِقُ الحَبَشة».
صنَّاجَةُ العَرَبِ
وماذا عند العرب أيضاً؟
- يُقال يا فاطمة: «صنَّاجَةُ العَرَبِ».
ومَنْ الصنّاجَةُ هذا؟
- كان يُقَالُ للشاعر الأعشى بن قيس صنَّاجَةُ العَرَبِ، لكثرَةِ ما تغنّوا بِشِعْرِهِ، ويُقالُ:
بل لأنّه أوّل مَن ذَكَرَ الصَّنْج (الطرب) في شِعْرِهِ.
صِلاءُ العَرَب
وقالت موزة: وغير الصنّاجة؟
- قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه: الشّمسُ «صِلاءُ العَرَبِ»، وكان يقول: العربيّ كالبَعِيْرِ حيثُما دارتِ الشّمسِ استَقْبَلَها بِهَامَتِهِ. ووصفَ الشاعر الراجِزُ الإبِلَ فقال:
«تستَقْبِلُ الشّمسَ بِجُمْجُمَاتِها».
إعداد: محمد رجب السامرّائي
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضاً
قصة للأطفال: عُدنا والْعَوْدُ أحمد
قصة للأطفال: اليوم الأول في المدرسة
قصة للأطفال: عملٌ يضمن لك رضا الله
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق