انتبه من البداية
نمط
الشخصية المعدية لا يقتصر على النساء، فهو سمة لا ترتبط بالجنس بل تنشأ عن حدة
واضطراب عميقين في مشاعر الشخص وأهوائه وتسريان إلى تصرفاته وعلاقاته للشخص
فتجلبان عليه الكوارث وتدفعانه للدمار والفوضى.
قد
يتطلب الأمر منك عمرا لتفهم الأسباب التي تؤدي لتكوين هذه السمات لكن الأفضل أن تَدِّخر
وقتك وجهدك وأن تتعلم الدرس، وحين ترى أن أحد المقربين منك لديه هذه السمات لا
تجادله ولا تحاول أن تهديه وتصلحه ولا تقدمه إلى معارفك وأصدقائك، بل فقط ابتعد
حتى تحمي نفسك من عواقب صحبته.
يقول
ويليام شكسبير على لسان يوليوس قيصر : (هذا الكاسيوس عليه مشهد الجامع المحروم
ويطيل التأمل والتفكير... ليس هناك رجل عليَّ أن أتجنبه أكثر من هذا الكاسيوس الهزيل...
فأمثاله خطرهم كبير لأن نفوسهم لا يمكنها أن تنعم بالسلام والسكينة طالما يرون
أحداً يفوقهم عظمة ومجداً).
يستحق
اليائسون الذين أحبطتهم الظروف الخارجة عن إراداتهم كل ما يمكننا أن نقدمه لهم من
مساعدة وتعاطف. لكن هناك آخرون لم يولدوا للبؤس والتعاسة بل يجلبونها لأنفسهم
بأفعالهم المدمرة وتأثيرهم المشوش على الآخرين، ربما يكون من النبل أن نستطيع أن
نرتفع بهم ونُغَيِّر أساليبهم، لكن الغالب هو أن أساليبهم هي التي تخترقنا وتغيِّرنا،
والسبب في ذلك بسيط، وهو أن الناس معرضون للغاية للتأثر بمزاج وأهواء وحتى طرق
تفكير خلانهم الذين يقضون معهم أوقاتاً طويلة. هؤلاء التعساء والمتقلبون الذين لا
أمل في شفائهم تكون لديهم قدرة كبيرة على نقل عدواهم إلى الآخرين لأن طباعهم
وانفعالاتهم تكون غاية في الحدة والتأثير، وغالباً ما يظهرون أنفسهم ضحايا بحيث
يصعب في البداية أن ترى أن بؤسهم من صنع أيديهم، وقبل أن تعرف الطبيعة الحقيقية
لمشاكلهم تكون قد أُصِبْتَ بعدواهم. ولتفهم أن في لعبة السطوة يكون اختيارك لمن
تصاحب مصيريا، وخطر الاختلاط بالمعديين هو أنهم يجبرونك أن تُهدر وقتاً وجهداً
ثمينين كي تُحَرِّرَ نفسك منهم ومن مشاكلهم، كما أن صحبتهم تجعلك متهماً في عيون
الآخرين بالتواطؤ في جرائمهم.... عليك إذن أن لا تستهين أبدا بمخاطر العدوى.
هناك
أنواع عدة من المعدين عليك أن تتنبه لهم، لكن أخبثهم وأشدهم خطراً هم من يعانون من
السخط المزمن. كان كاسيوس الذي تآمر ضد يوليوس قيصر لا يشعر بالرضا أبداً بسبب عمق
شعوره بالحسد، ولأنه لم يكن يحتمل أبداً أحداً أعلى منه موهبة، وقد أبعده قيصر عن
أول منصب حاكم وأعطاه لبروتوس ربما لما استشعره لدى الرجل من بغض مُتَنَاهٍ لكل من
حوله. أخذت كراهية كاسيوس لقيصر تزداد إلى أن أصبحت مرضاً، بروتوس نفسه وكان
جمهورياً مخلصاً بدأ يكره قيصر، ولكن لو تحلى بالصبر وانتظر لأصبح الرجل الأول في
روما بعد وفاة قيصر، وعندها كان يمكنه إصلاح ما ارتكبه هذا القائد من شرور، ولكن
كاسيوس كان قد عداه بما لديه من ضغينة، وكان ذلك بداية مأساة هائلة، فكم من الآلام
كان يمكن تجنبها لو تعلم بروتوس أن يحذر من سطوة العدوى
...الحل
الوحيد للعدوى هو الحجر، لكن الوقت يكون غالباً قد تأخر حين تعرف طبيعة المشكلة،
فأمثال لولا يفتنونك بقوة شخصيتهم وأمثال كاسيوس يأسرونك بعمق مشاعرهم نحوك
وإيمانهم بك، فكيف تحمي نفسك من هذه الفيروسات المقاتلة والخبيثة؟ الإجابة هي أن
تحكم على الناس من تأثيرهم على العالم المحيط بهم وليس بالذرائع التي يبررون بها
مشاكلهم، فالمعدون تستطيع التعرف عليهم من المآسي التي يجلبونها لأنفسهم ومن
ماضيهم المضطرب وتاريخهم الطويل من العلاقات المحطمة وعدم استقرارهم في عمل وحتى
من حدة طباعهم ذاتها التي تجتاحك وتفقدك عقلانيتك. انتبه من البداية لهذه العلامات
التي تعرف بها المعديين، وتعلم أن ترى السخط في عيونهم، والأهم هو أن لا تضعفك
الشفقة نحوهم ولا تقع في شركهم، لأنك لن تغير المعدي ولكنك أنت الذي سوف تتحطم من
تعاملك معه.
المصدر: THE 48 RULES OF POWER, ROBERT GREEN
إقرأ أيضاً:
الأُبوّة الصارمة وراء اكتئاب الأطفال
طريقة التعامل الجديدة مع الطفل العنيد
أنواع التنمر وكيف تحمين طفلك منها
الغيرة عند الأطفال.. آثارها وعلاجها
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق