ربما هذه دعوة أو ابتهال أطلقه الكاتب رافي وهبي والمخرج الليث
حجو، وكل من ساهم في اطلاق هذا العمل الدرامي المتميز..
دعوة لعودة السلام والأمن لسوريا، دعوة لوقف شلال الدماء
المنهمر، دعوة لعودة اللاجئين لوطنهم، ووقف قتل الأطفال والنساء وكل السوريين..
دعوة ربما لم ترى النور حتى الآن بعكس المسلسل الذي أثبت حضورة وتألقه وتميزه هذا
العام. سنعود بعد قليل، عمل من بطولة الرائع دريد لحام، ونخبة من الفنانين
السوريين، عمل جاء هذا العام مختلف فقد جاء بطعم الثورة وأحلامها وآمالها
وطموحاتها.. على الأقل من وجهة نظر من يؤيدوها، وعمل جاء على أمل التهدئة واستقرار
الأوضاع داخل سوريا، في نظر من يروون أن ما يجري في سوريا هي مؤامرة عليهم وعلى
بلدهم..
وأيا كان الأمر... وبعيدا عن السياسة وإن كانت هذه صبغة وسمة
العمل الرئيسية، ففي نظر الكثيرين أن هذا العمل محايد وحاول أن يقف في المنتصف...
ويبقى لنا نحن أن نستمتع في روعة هذا العمل فقد فاق كل التوقعات التي قالت أن
الدراما السورية قد تنحت جانبا عن سباق الدراما الرمضانية، إلا أن سنعود بعد قليل
بدد كل هذا التوقعات، وأطاح جانبا ببقية الأعمال السورية هذا العام.. فلك أن تتحدث
كما تشاء وبكل كلمات الإعجاب عن جمالية وروعة الصورة التي ظهر بها المسلسل، وعن
الأداء الاحترافي للمثلين فيه، هذا العمل المقتبس عن الفيلم الإيطالي "الجميع
بخير" ظهر كلوحة فنية متكاملة، أمتعت من شاهدها وتابعها. لقد بدا واضحا لنا،
استخدام التقنية عالية الوضوح في الصورة السينمائية للعمل، كما نجح المخرج في
اصطياد الأماكن الأكثر جمالا والأكثر تعبيرا عن الواقع.. مما أضفى لمسة سينمائية
على هذا العمل التلفزيوني، بالإضافة إلى حسن توظيف الإضاء سواء كانت طبيعية أم
صناعية، زائد الديكور الجميل الذي اكتست به اللقطات والمشاهد والمسلسل عموما...
كما لوحظ كثرة استخدام اللقطات التأسيسية والواسعة في هذا العمل.. "long
shot" وهذا يدل على تمكن المخرج ومحاولته اضفاء روح الواقعية على
العمل ...اي تصوير الواقع كما هو ولكي يمعن المخرج الليث حجو في ذلك، قدم لنا نخبة
من الفنانين السوريين الذين بروح الجماعية التي استحوذت عليهم داخل العمل رغم
تباين وجهات نظرهم بشأن الأزمة السورية، الا أنهم تمكنوا من اقناع المشاهدين
بصدقية مشاعرهم وحسهم... ولن يفوتنا ذكر الإطلالة الرائعة للفنان دريد لحام.. الذي
أعاد التذكير بأنه فنان لطالما عبر عن الناس وآلامهم وأحلامهم وأوجاعهم وأمانيهم
كما فعل مع الراحل الرائع محمد الماغوط... ليبقى دريد لحام متربعًا على عرش الفن
السوري كممثل متميز ومتألق..
وقد استطاع هو والنخبة المتميزة التي معه... ايصال رسالة قوية
وصادقة للمشاهدين بأن سوريا لا بد أن تعود... ولو بعد قليل لقد امتاز هذا المسلسل،
بكثرة المشاهد الدرامية التراجيدية، التي حركت مشاعر كل من تابعه، وأطلقت العنان
للمشاهد لكي يتأمل الأزمة السورية من جديد، وقد نجح صانعوه، باقناع المشاهد في
إعادة تقييمه لما يحصل في سوريا، ويحسب لهذا العمل الجرأة في الطرح، فقد تناول كل
أطراف الأزمة في سوريا، وعرض كل وجهات النظر، وترك المشاهد ليقيم ما يراه، كما
يحسب للمخرج أنه أشرك فنانيين سوريين مؤيدون للثورة، كالفنانة كنده علوش، وهذا في
حد ذاته دلالة على حيادية هذا العمل.. وبعد أن يفرغ المشاهد من المتابعة ترك رافي
وهبه والليث حجو للمشاهد الحكم.
سنعود بعد قليل، وهل بالفعل سنعود، وهل سيأتي وقت لنقول فيه،
عدنا... هذا الشيء الوحيد الذي لن يكشف عنه المسلسل.. وإنما متروك للأيام،
والوقائع على الأرض السورية... مع دعواتنا لسوريا وأهلها بالخير.
إقرأ أيضًا
مسلسل
العرّاف: نقد وتحليل ومراجعة
مسلسل
لعبة الموت: نقد وتحليل ومراجعة.. ناجح لولا الحلقة الأخيرة
مسلسل
عمر انتهى!... تقييم عام ونقذ لاذع
دور
خالد بن الوليد في مسلسل عمر للفنان مهيار خضور
مسلسل
عمر بن الخطاب..... سقوط وفشل
مسلسل
عمر بن الخطاب.... نقد وتحليل
مسلسل
العراف أساء للشعب الفلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق