أثبتـت
الدراسات أن حالات الإجـهاد البصري Eye strain تزداد
بنسبة 55% لدى مستخدمي الحاسوب مقارنة بنظرائهم مستخدمي الآلة الكاتبة العادية.
وينصح الخبراء بعدم الجلوس أمام شاشات العرض هذه لمدد
طويلة, وإذا كان لابد من ذلك فان على مستخدم الحاسوب أن يحصل على استراحة من آن
لآخر حتى يريح أعصاب العين, كما أن استخدام الأنواع الجيدة من الشاشات يعمل على
الحد من حالات الإجهاد البصري.
ونظرا لأن شاشة الكمبيوتر تعمل بنفس طريقة شاشة
التليفزيون فإن الضوء المنبعث منها يبث معه إشعاعا قد يضر بمستخدم الحاسوب الذي
يقترب من هذه الشاشة بمسافة أقل من قدمين (26سم), وتزداد خطورة مشاكل الإشعاع خاصة
لدى السيدات عند استخدام الحاسوب في فترات الحمل, فقد ينتج عنه وجود تشوهات خلقية
بالجنين أو سقوطه في بعض الأحيان.
وينتج
عن الإشعاع أيضا إصابة العين بالمياه الزرقاء
cataracts, ولذلك فان على المستخدم الحذر خاصة عند
استخدام الشاشات الملونة لانها اكثر اشعاعا من الشاشات العادية (الأبيض والأسود),
كما أدى استخدام الطابعات المرافقة للحاسوب إلى زيادة مستوى الضوضاء في أماكن
العمل, وبالرغم من تعود الموظفين على أصوات الطابعات مع مرور الوقت, فإن الضوضاء
الصادرة عن تلك الطابعات بشكل متواتر وثابت ـ خاصة تلك التي تصدر صوتا أثناء
الطباعة والمعروفة باسم impact printers قد
يترتب عليها ارتفاع ضغط الدم وشعور الفرد بالضيق والتوتر العصبي احيانا هذا فضلا
عن عدم قدرته على التركيز الذهني وصعوبة قيامه بأداء بعض العمليات التي تتطلب
الدقة كالعمليات الحسابية مثلا.وقد حددت إدارة السلامة والأمن الصناعي في الولايات
المتحدة الأمريكية معدلات الضوضاء (مقاسة بالديسيبل) وطبقا لهذه المعدلات فإن الحد
الأقصى لمعدل الضوضاء المسموح به في مكان العمل هو 511 ديسيبل.
قد
ينشأ عن الجلوس أمام الحاسوب لمدة طويلة وبشكل مستمر يوميا تقوس في الظهر و آلام
في الرقبة والأكتاف, وبالرغم من أن هذه المشاكل يعود البعض منها إلى عصر ما قبل
الحاسوب فيما يعرف بمتلازمة السكرتارية secretary Syndrome والتي تظهر أعراضها في
تصلب الرقبة واقتراب الأكتاف من بعضها ووجود آلام في الذراعين والعمود الفقري, فإن
هذه الأعراض قد ازدادت مع انتشار استخدام الحاسوب, وتزداد آثار هذه المشاكل مع
الجلوس غير المريح أمام الحاسوب والذي قد يؤدي إلى الحد من تدفق الدم إلى أجزاء
الجسم ووجود الدوالي في الأرجل وغيرها.
وبالرغم
من تراجع هذه المشاكل ضمن قائمة الأمراض المهنية التي تصيب مستخدمي الحاسوب فإنه
تبين من دراسة أجراها الكاتب وجود مثل هذه المشاكل في قطاع البنوك باحدي دول
الخليج, الأمر الذي يجب الالتفات إلىه والحد من آثاره على مستخدمي الحاسوب.
المشاكل
النفسية
قد
يدهش البعض إذا علم أن استخدام الحاسوب في أماكن العمل قد أدى إلى وجود بعض
المشاكل النفسية التي اقترنت باسم الحاسوب مثل الخوف من أو كراهيةالحاسوب computer phobia, ومتلازمة الحاسوب computer Syndrome, ويشير الأول إلى
حالة نفسية تعنى خوف الفرد من الاقتراب من الحاسوب أو استعماله.
وقد
أثبتت الدراسات أن هذا المرض لا يرتبط بالسن أو النوع أو درجة التعليم أو الظروف
الاقتصادية للفرد, وقد ينشأ المرض نتيجة الخوف من المجهود كما يقولون, وينتج عن
وجود قلق يترتب عليه وجود ضغط وشد نفسي وعضلي ووجود اعراض اخرى مثل الصداع وغيره
ويرى البعض أن الخوف من الحاسوب يهدد الكينونة أو الذاتية الشخصية, فالعمل الذي
كان يحتاج إلى خبرة الفرد ولمساته الشخصية أصبح يؤدى الآن وبشكل أسرع من خلال
صندوق إلكتروني (الحاسوب), وهذا الأمر يفقد الفرد سيطرته على عمله وشعوره بالإنجاز
الشخصي أو الذاتي, هذا جزء من ثمن التقدم الذي تعيشه البشرية الآن.
أما
متلازمة الحاسوب computer Syndrome والذي
نشر عنه أخيرا فإنه يختلف عن مرض الخوف من الحاسوب, حيث إن متلازمة الحاسوب تعود
إلى الإجهاد والتوتر النفسي من جراء متابعة النقاط المنبعثة علي الشاشة وليس بسبب
الإشعاع, كما أنه يعود إلى إدمان الأفراد لملاحظة شاشات الكمبيوتر والذي قد يترتب
عليه زيادة في هرمونات التوتر, كما ذكرت تلك الدراسة المنشورة في هذا الصدد, وهذه
الزيادة تؤدي إلى الشعور بسخونة وحكة في الجلد وتختفي هذه الأعراض بمجرد التوقف عن
العمل على الحاسوب, ولذلك ينصح الخبراء بعدم الجلوس أمام الحاسوب لفترات طويلة
تفاديا لمثل هذه الأمور.
هناك
أيضا ما يسمى بالانطواء على الحاسوب أو انطوائية الكمبيوترcomputer
phylliac, وتوجد هذه الحالة عندما يستغرق الحاسوب على الشخص وقته فيستمر في العمل
عليه بشكل يشبه مدمني القمار, وقد توجد هذه الحالة لدى الأفراد الانعزاليين ذوى
الشخصيات الانطوائية أو الأشخاص الذين يرغبون في الهروب من ظروفهم ومشاكلهم
الحياتية فيلجأون للحاسوب ليفرغوا فيه همومهم, وقد أطلق البعض على هذا المرض لفظ
متلازمة السيليكون Silicon Syndrome في
إشارة إلى الحاسوب.
ويلاحظ
أن مثل هذه الأمراض النفسية المرتبطة بالحاسوب توجد في بعض المناطق والدول الأكثر
تقدما مثل الولايات المتحدة وغيرها, ولم تسجل مثل هذه الحالات في بلادنا العربية,
إلا أنه مع التوسع المستمر في استخدام الحاسوب ربما نسمع عن مثل هذه الأمراض
مستقبلا.
هل
هناك حل؟
بالنظر
إلى المشاكل والأمراض السابقة التي أحدثها استخدام الحاسوب في أماكن العمل يتساءل
البعض: هل لهذا الداء من دواء?
في
الواقع أنه مع بدء ظهور هذه المشاكل بدأ التفكير في إيجاد حلول لها, وانشغل
المهتمون بالصحة المهنية والأمن الصناعي بهذا الأمر, فعلى سبيل المثال يأخذ المعهد
الوطني الأمريكي للصحة والسلامة المهنية على عاتقه مسئولية جمع البيانات عن هذه
المشاكل وتلقي شكاوى العاملين ـ كما ذكرنا ـ بشأنها وقياسها والبحث عن حلول لها.
وهناك
علماء هندسة العوامل الإنسانية Human factors engineering والذين
يهتمون بزيادة الإنتاجية مع تقليل الآثار الصحية والأمراض المهنية الناتجة عن
استخدام التقنية الحديثة في آن واحد, ويقترح هؤلاء تصميم محطات العمل التي تستخدم
الحاسوب( المكاتب وغيرها) بشكل يحقق سلامة الرؤية ويزيل المشاكل النفسية التي
تحدثنا عنها أو يحد منها.
ويوفر
تصميم هذه المحطات رؤية صحيحة وجلسة مريحة ويكاد يقضي على جزء كبير من مشاكل
الإجهاد البصري وتقوس الظهر وما شابه, حيث يحدد هذا التصميم الأبعاد النموذجية
لتصميم محطة استخدام الحاسوب وطريقة جلوس الفرد أمام الجهاز.
وبالإضافة
إلى ما أوردناه في سياق المقال من ذكر الوسائل التي تساعد في التغلب على المشاكل
المرتبطة باستخدام الحاسوب, فإن هناك بعض الأمور التي تساعد علي الحد من هذه
المشاكل ومنها:
ü تصميم المكاتب بما يتيح سهولة الحركة
والتنقل ويوحي بالرحابة, الأمر الذي يبعث علي الراحة النفسية لمستخدم الحاسوب
وغيره.
ü أن يتم وضع الأدوات التي يستخدمها الفرد
مثل اللوحة التي يوضع عليها الورق المطلوب نسخة على الحاسوب في مستوى البصر وأمام
القائم بالكتابة وليس عن يمينه أو يساره, حيث يؤثر وضع هذه اللوحة بشكل خاطيء على
عضلات الرقبة واجتهاد القائم بالكتابة, حيث يضطر إلي النظر يمينا أو يسارا- حسب
وضع مصدر الكتابة ـ مرات عديدة أثناء استخدام الحاسوب.
ü استخدام المكاتب المصممة على شكل حرف U في حالة وجود حاسوب يستخدم بالمكتب,
على أن يكون لون خشب المكتب غير عاكس للضوء حتى لا يرتد الضوء إلي بصر الشخص
الجالس إلى المكتب, كما أن استخدام المكتب ذي الأجزاء القابلة للتعديل (المتحركة)
يزيد من راحة مستخدم الحاسوب.
ü استخدام الكرسي الدائري (الدوار) أو الذي
يمكن تعديل وضعه من آن لآخر, خاصة لمن يستخدم الحاسوب لمدد طويلة أثناء فترة
الدوام الرسمي, بما يساعد على تحريك الجسم وراحته ويقضي على الشعور بالملل.
ü تعويد مستخدمي الحاسوب على الجلسة الصحيحة
إلى المكتب, حتى لا تتأثر عضلات الظهر والعمود الفقري وذلك من خلال وضع رسوم
وأشكال توضيحية ترشد الفرد إلى الوضع الصحيح للجلوس في المكتب حتي يتم التعود
عليها.
ü الكشف الطبي الدوري على مستخدمي الحاسوب
لاكتشاف حالات الإجهاد البصري والأمراض النفسية الأخرى بشكل مبكر قبل استفحال
خطرها.
المصدر:
1
إقرأ أيضًا
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق