"إنه
رجل ألم بعلوم عصره فاتخذ منها أدوات لمشروع كبير هو إنشاء كتاب في التاريخ.
التاريخ كما فهمه هو....".
قبل ستمائة، عام تقريبا، أو بين عامي 1375 و1379
ميلادية تحديدا، قرر عالم عربي يدعى عبدالرحمن بن خلدون اعتزال الناس ومشاغل
الحياة واضطرابات وعواصف الحكم والسياسة في قلعة بني سلامة في الجزائر.
قبل ذلك كان لهذا العالم جولات في مضمار التلخيص
والتأليف، ومن ذلك أنه لخص بعضا من كتب الفيلسوف ابن رشد وشرح قصيدة ابن الخطيب في
أصول الفقه، وألف رسالة في الحساب، وكانت له جولات في غمار الصراعات السياسية في
زمنه، ورحلات بين أقطار مغرب الوطن العربي ومشرقه، شهد فيها ما شهد من تقلبات
اجتماعية واقتصادية، وعلمية وسياسية، بل وغزوات خارجية، انتقلت فيها موازين القوى
بين عواصم اندثرت وعواصم نهضت. أما الآن، فيبدو أن هذه التقلبات التي ألمت بمصائر
الدول والمجتمعات والأفراد في المائة الثامنة الهجرية، كانت من القوة بحيث دفعت
ابن خلدون إلى محاولة التفكير بالعلل والأسباب، علل واسباب التقلبات والتغيرات، أو
محاولة قراءة تاريخ الحاضر والماضي دولاً ومجتمعات في ضوء جديد.
رؤية جديدة
لم
يكن ابن خلدون في كل هذا بعيدا عن تجربته الشخصية وعما توافر له من علوم قدمتها
الحضارة العربية، ما أنشأه علماؤها، وما وصل إليهم من علوم الأمم الأخرى التي
اصطلحوا على تسميتها باسم علوم الأوائل. فهو رجل تقلبت حظوظه بين البلاطات الحاكمة
والمنافي والسجون، وهو رجل ألم بعلوم عصره من فقه وفلسفة وتاريخ وآداب، فاتخذ من
كل هذا أدوات لمشروع كبير هو إنشاء كتاب في التاريخ. ولكن ليس التاريخ كما كان
مألوفا في أيامه، بل التاريخ من منظور جديد بالكلية، فالتاريخ المتداول آنذاك لم
يكن يزيد على أخبار عن الأيام والدول والقرون السابقة، يستخدم لنقل الأقوال أو ضرب
الأمثال أو تطرف به الأندية، أما التاريخ كما فهمه ابن خلدون فقد كان أعمق من ذلك،
إنه نظر وتحقيق، وتعليل للظواهر ومبادئها. وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها. وسيقوده
هذا الفهم النوعي الجديد إلى ابتكار منهج للتحقيق والتعليل، وعلم مستقل بنفسه أطلق
عليه اسم العمران البشري. وهو ما سيترجم في العصور الحديثة إلى علم المدنية أو علم
الحضارة. ويجد القارئ والباحث منهج هذا العلم وبيان موضوعه (تعريف موضوعه) ومسائله
في الكتاب الشهير باسم (مقدمة ابن خلدون).
المقدمة
جاءت
هذه المقدمة توطئة للتاريخ الذي كتبه في ثلاثة أجزاء تحت عنوان (كتاب العبر وديوان
المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).
إلا
أن هذه التوطئة، هي التي لخصت في أربعين صفحة منها تقريباً نهجه في النظر
والمحاكمة، أي التحقيق والتعليل والكشف عن الأسباب والعلل للاجتماع البشري، وما
يطرأ على ظواهره من تغيرات.وستحتل هذه (المقدمة) مكانا مرموقا في الفكر المعاصر
بدءا من القرن التاسع عشر، ويتناولها بالتعليق والتحليل مؤرخون وعلماء اجتماع
وسياسة واقتصاديون وفلاسفة، ويستخدمها بعضهم أداة لفهم حاضر مجتمعات المغرب العربي
بخاصة، ويراها بعض آخر نظرية في الحضارة تفسر نشوء المجتمعات وازدهارها وانحطاطها.
وستتكون في اللغات الأوربية مكتبة مهمة موضوعها مقدمة ابن خلدون.
ما
الذي جعل لهذه المقدمة كل هذه الأهمية في عالم الفكر الإنساني؟
إن
ما جعلها كذلك في نظر الباحثين هو ببساطة أنها محاولة تنظير غير مسبوق في مجالها
لاكتشاف قوانين نشوء وتطور المجتمعات البشرية. محاولة تبحث عن أجوبة لعدد من
المسائل الأساسية، ليس بالتخيل ولا بتصور مجتمعات مثالية مثل المدن الفاضلة
والجاهلة، بل بتحليل البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
صحة التاريخ
الجديد
في هذا التحليل أنه استند إلى عدد من القواعد المنهجية العلمية لأول مرة في علم
الحضارة، أساسها القول بالتغير والتحول، والقول بأن كل ظاهرة من ظواهر الاجتماع
البشري ـ سواء أكانت أشياء أم احداثا ـ تمتلك طبيعة تخصها في ذاتها وفي ما يعرض
لها من أحوالها. ولا يمكن فهم أي ظاهرة من دون معرفة خصائصها الطبيعية، هذه، او
السنن التي تكونها، إنها بعبارة مختصرة سنن أو قوانين داخلية ملازمة للظواهر، وهو
ما يعني أن للتغير والتحول أساسا من قانون، ومهمة الباحث في الاجتماع البشري أي
العمران، النظر والتمييز وكشف هذا القانون أو القوانين.
يقتضي
هذا بالطبع أن يكون الخبر عن الاجتماع الإنساني وظواهره، وما يعرض لطبيعته من
الأحوال، مثل التوحش والتأنس والعصبيات واصناف التغلب والتدافع بين البشر صحيحا لا
كاذبا ولا مختلفا متخيلا وفق الرغبات والأهواء.
الصحة
هي حجر الزاوية في بناء التاريخ، التاريخ بوصفه خبرا عن الاجتماع الإنساني. ومن
هنا الأهمية البالغة التي يوليها ابن خلدون للفصل في قضية الخبر، وتحديد أسباب
التخيل والتوهم والكذب.
ماذا وكيف وبماذا؟!
يمكن
أن نفهم أهمية هذا التحليل الأولي لمعنى الإخبار عن الواقعات، إذا تذكرنا أن أي
رؤية للتاريخ لا تقوم على معطيات صحيحة من ناحية المبدأ، لن تنقلنا إلى إطار أو
نموذج نظري وفي جدوى تفسير نشوء وتطور المجتمعات البشرية ومصائرها. إنها قضية
تتعلق بقواعد التفكير السليم، أي بالكيفية التي نعرف بها، وليس بالموضوع الذي
نبحثه أولاً. إنها تتعلق بأداة المعرفة، هل هي الأداة الخطابية التي تستخدم
لاستمالة الناس إلى هذا الرأي أو ذاك، أم هي الأداة الشعرية التي تعبر عن رغبات
الإنسان وعواطفه، أم هي الأداة البرهانية التي تعتمد على أدلة عقلية قائمة على
معرفة أن للظواهر (الأحداث والأشياء) طبائع وقوانين تحكمها بغض النظر عما نفكر فيه
بمعزل عنها؟
إنها
باختصار معرفة تجيب عن الأسئلة الجوهرية التالية: ماذا نعرف؟ وكيف نعرف؟ وبماذا
نعرف؟ وهو ما يعني بحث ثلاثة مفاهيم على التوالي: الموضوع والمنهج وأداة المعرفة.
موضوع
المعرفة هو الاجتماع الإنساني أو عمران العالم، أو كما يصطلح عليه حديثا باسم
(الحضارة). ورغم أن بعض الباحثين يعتبر ابن خلدون مبتكرا لعلم التاريخ، ويعده بعض
آخر مبتكرا لعلم الاقتصاد السياسي، وآخر مبتكرا لعلم الاجتماع وآخر مبتكرا لعلم
السياسة، إلا أن موضوعه أشمل من ذلك.
صحيح
أن هذه العلوم يمكن أن نجدها لديه أو يمكن أن نجد أسسها، إلا أن علم الحضارة هو
الأقرب إلى الصواب لأنه يشمل فكر تلك الفروع، ويستغرق جملة مسائلها.
السؤال
الأكثر أهمية، هو سؤال المنهج، أي كيف نعرف. وفي هذا المجال يبسط ابن خلدون
الموضوع في نطاق التمييز بين الحق والباطل، وبين الصدق والكذب، والوهم والحقيقة،
ويقوم بتعداد أسباب الاختلاق والكذب والتوهم، وهي طوائف إن طافت بشيء من الأشياء
أو فعل من الأفعال (ظواهر الاجتماع البشري) قوضت الأساس المعرفي، أو جعلت معرفته
مستحيلة. وتكاد هذه الأسباب التي يعددها تلخص التيارات الفكرية الشائعة، في زمن
ابن خلدون والأزمان اللاحقة.
الأسباب الخمسة
ويمكن
تلخيص هذه الأسباب في ما يلي:
التشيع
للآراء والمذاهـب وهو أمر إذا ألم بالنفس جعلها تتشيع لرأي أو نحلة، وقادها إلى
قبول ما يوافقها من الاخيال والتفاسير لأول وهلة، أي إلى قيود ما تهواه وما ترغب
فيه، مهما كان بعيداً عن الحقيقة، أو أي مقاربة لها. فالميل والهوى غطاء على عين
بصيرة النفس يمنعها من الانتقاد والتمحيص. ويسهل لها قبول الكذب فقط بل ونقله
وإشاعته أيضا. أما إذا كانت النفس على الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من
التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه.
الثقة
بالناقلين وهو أمر شائع في ما يدعى النقل كضد للعقل. وتحتاج هذه الثقة إلى التمحيص
قبل كل شيء، لأن الناقل ولو كان أمينا قد يكون جاهلاً بالمقاصد أو الدلالات، فلا
يعرف دلالة ما عاين أو سمع، فينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه فيقع في الكذب.
ونعتقد
أن ابن خلدون هنا يتحدث عن مستوى الناقل المعرفي. وهو أمر لا تعلق له بالنزاهة أو
الأمانة. فقد يكون الناقل أمينا ونزيها إلا أن تعبيره محدود بمستوى ما يعرف. وقد
يكون هذا المستوى متدنيا لا يستحق أن يكون جهاز استقبال وبث صالحا. الأمر الآخر أن
قواعد التمحيص المعروفة في المنقول الشرعي والتي تستند إلى تعديل وتخريج رواية
الرواة، أي التأكد من شخصية الراوي وسلسلة الإسناد، لا تفيد في الإخبار عن الوقائع،
إذ لم يسبقه تمحيص للخبر أو الواقعة ذاتها، من كونه ممكناً أو ممتنعاً. ويقوم
الممكن والممتنع عند ابن خلدون على أساس علمي متين، هو معرفة طبائع العمران البشري
الملازمة للظواهر، وعلى أساس التأويل المقبول عقلياً.
الجهل
بتطبيق الأحوال على الوقائع بسبب ما يداخلها من التلبس والتصنع، فينقلها المخبر
كما رآها، من دون ملاحظة ما لحق بها من تصنع.
تقرب
الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب بالثناء والمدح وتحسين الأحوال وإشاعة
الذكر بذلك،فيستفيض الإخبار بها على غير حقيقة، فالنفوس مولعة بحب الثناء، والناس
متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه وثروة، وليس في الأكثر براغبين في الفضائل ولا
متنافسين عليها.
وهنا
كما نرى، يتحدث ابن خلدون عن جماعة من الناس تعرف حديثاً بالمرتزقة أو المتعيشين
والمتكسبين بعلم أو مهنة في شيء من جوانب الحياة. أي تلك الجماعة التي تستخدم
موضوعات العلم والمعرفة وسائل إلى غايات أخرى لا تعلق لها بالعلم والمعرفة. فتتقرب
لأصحاب النفوذ والمناصب بالثناء والمدح راغبة في منفعة تنالها أو نعمة تهبط عليها.
وبالإضافة إلى أنه يتحدث عن أكثر ظواهر الارتزاق ظهورا، أي بث الإشاعة التي تستفيض
بها الأخبار على غير حقيقة، مثل إشاعة أمر، تفوق، أو (عبقرية)، فلان من الناس.
ويمارس
الناس فن هذا النوع من الإشاعات تارة بالأصالة عن انفسهم وتارة بالتبعية، فبعضهم
يطلقها لغاية في نفسه أو لمكسب يسعى إليه، وبعضهم يتايع الأمر جهلاً، وتطلعا لنيل
مرتبة، (العارف)، من دون مشقة.
الجهل
بطبائع الأحوال في العمران. وهذا أكثر الأسباب أهمية، ويتقدم على ما سبق من أسباب،
لأن الجهل بطبائع الأحوال، أي الجهل بأن لكل حادث من الحوادث، ذاتا أو عقلاً،
طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له من أحواله أن يؤهل الإنسان لتقبل الإشاعة
والأخبار الصادرة عن الأهواء وكل ما تلمح به الأساطير.
الطبيعة
التي تخص الذات أو الفعل أمر يتكرر عند ابن خلدون، إلى درجة تدفع إلى القول إنه
جعله حجر الزاوية في الحكم على صحة المعطيات أو زيفها. المعطيات التي تسمح بوضع
النموذج التفسيري، أي الأداة النظرية لكل علم من العلوم. والطبيعة لديه هي: المجرى
الطبيعي للأشياء أي القوانين التي تسير عليها. فحين ينتقد خرافة تمثال الزرزور
الذي بروما، ذلك الذي يقال إن الزرازير تجتمع إليه في يوم معلوم من السنة حاملة
لحبات الزيتون، وتفسر بهذه الكيفية حصول أهل روما على زيت الزيتون، ينكر الخرافة
لبعدها عن المجرى الطبيعي في اتخاذ الزيت، ذلك الذي تقضي قوانين الطبيعة أن يستخلص
من ثمار شجرة الزيتون بعد زراعتها وتنميتها في مناخ محدد في سياق زمني معلوم، لا
من زرازير وهمية يحمل كل منها حبة زيتون ويقوم بالحج إلى تمثال الزرزور في روما.
وكذا الأمر مع تمثال المستبد أو الزعيم الذي يعتقد بعض الناس أن الحج إليه هو
المجرى الطبيعي للحصول على التقدم والتطور وصلاح الأحوال في الفصول الحديثة.
ويعود
ابن خلدون إلى هذا المعيار الأساسي مرة أخرى حين يجعله قانوناً لتمييز الحق من
الباطل في الإخبار عن الوقائع. ويرد هذا المعيار في تعريفه لعلمه المستقل الذي
انشأه إنشاء عجيبا كما يقول (العمران البشري)، فيؤكدعلى ضرورة (بيان ما يلحقه من
العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد الأخرى). ويعود ويكرر ذكره في سياق حديثه عن
خصائص العلوم، فاذا كانت كل حقيقة، طبيعية، يصلح أن يبحث عما يعرض لها من العوارض
لذاتها، وجب أن يكون باعتبار كل مفهوم وحقيقة، علما من العلوم يخصه).
ويبقى العقل
يبقى
السؤال الثالث المتعلق بأداة المعرفة، وجوابه أصبح مفهوما ضمنا فهو العقل الذي
أداته البرهان، لا الخطابة ولا الشعر ولا المغالطات والأكاذيب، العقل في تمييزه
بين الممكن والمستحيل على أساس من استقلالية الظواهر الطبيعية، وقوانينها الداخلية،
والتعرف على هذه القوانين.
وفي
تمييزه في نطاق الممكن بين الممكن العقلي المطلق والممكن المقيد بالظواهر كما هي
متشخصة بمادتها الطبيعية، أنه لا يأخذ بالإمكان العقلي الذي لا تضبطه الطبائع
والسنن الطبيعية، إنه بتعبيره يستضيء دائما بمعرفة (أن لكل حادث من الحوادث ذاتا
كان أو فعلاً، طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له عن أحواله). وينصرف هذا التأكيد
إلى المعارف العلمية، سواء أكانت إنسانية، أم طبيعية.
ولهذه
نجده يستخدم على الأحياء والفيزياء في نقد أسطورة غوص الإسكندر في البحر في صندوق
زجاجي، ويستخدم علم الجغرافيا والمعادن والعمارة في نقد أسطورة مدينة النحاس. وهو
ما يعني أن معرفة طبائع العمران أساسها العلوم الطبيعية، والإنسانية، وهي قاعدتها.>
ابن خلدون قبل ستمائة عام: البشر
لا يتفاوتون في الحقيقة الإنسانية
"أهل
المشرق على الجملة أرسخ في صناعة تعليم العلم، وفي سائر الصنائع، حتى أنه ليظن
كثير من رحالة أهل المغرب إلى المشرق في طلب العلم، أن عقولهم على الجملة أكمل من
عقول أهل المغرب، وأنهم أشد نباهة، وأعظم كيسا بفطرتهم الأولى، وأن نفوسهم الناطقة
أجمل بفطرتها من نفوس أهل المغرب، ويعتقدون التفاوت بيننا وبينهم في الحقيقة
الإنسانية، ويتشيعون لذلك ويولعون به لما يرون من كيسهم في العلوم والصنائع، وليس
كذلك، وليس بين قطر المشرق والمغرب تفاوت بهذا المقدار الذي هو تفاوت في الحقيقة
الواحدة.. وإنما الذي فضل به أهل المشرق أهل المغرب هو ما يحصل في النفس من آثار
الحضارة من العقل المزيد عما تقوم في الصنائع.
ونزيده
الآن تحقيقا، وذلك أن الحضر لهم آداب في أحوالهم في المعاش والمسكن والبناء وأمور
الدين والدنيا، وكذا سائر أعمالهم وعاداتهم ومعاملاتهم وجميع تصرفاتهم، فلهم في
ذلك آداب يوقف عندها في جميع ما يتناولونه ويتلبسون به من أخذ وترك حتى كأنها حدود
لا تُتعدى، وهي مع ذلك صنائع يتلقاها الآخر عن الأول منهم. ولاشك أن كل صناعة
مرتبة يرجع منها إلى النفس أثر يكسبها عقلاً جديداً تستعد به لقبول صناعة أخرى،
ويتهيأ بها العقل بسرعة الإدراك للمعارف. ولقد بلغنا في تعليم الصنائع عن أهل مصر
غايات لا تدرك.. يعجز أهل المغرب عن فهمها. وحسن الملكات في التعليم والصنائع
وسائر الأحوال العادية، يزيد الإنسان ذكاء في عقله وإضاءة في فكره، بكثرة الملكات
الحاصلة للنفس، إذ قدمنا أن النفس إنما تنشأ بالإدراكات وما يرجع إليها من الملكات،
فيزدادون بذلك كيسا لما يرجع إلى النفس من الآثار العلمية، فيظنه العاصي تفاوتا في
الحقيقة الإنسانية وليس كذلك.
عبدالرحمن بن خلدون "المقدمة في أن التعليم للعلم من جملة
الصنائع"
شهادات
ابن
خلدون أعظم فيلسوف ومؤرخ أطلعه الإسلام، وأحد أعظم الفلاسفة والمؤرخين في كل
العصور. (فيليب حتي)
مقدمة
ابن خلدون هي أحد أكثر المؤلفات ضرورة وأكثرها أهمية من بين المؤلفات التي أنتجها
العقل البشري. (ج. مارسيه)
لقد
تصور ابن خلدون وصاغ فلسفة هي بلاشك أعظم نتاج أبدعه أي ذهن في أي عصر وفي أي بلد. (أرنولد توجينجا)
الخارق
في فكر ابن خلدون هو أنه بالفعل طرح بوضوح إلى حد ما عدداً من المسائل التي يطرحها
المؤرخون الحاليون، وأنه بحث عن أجوبة لهذه المسائل الأساسية في تحليل البنى
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. (ايف لاكوست).
استأثرت
آراء ابن خلدون في التاريخ والاقتصاد والفلسفة الاجتماعية باهتمام الباحثين، وهي
الآراء التي تبقى بلاشك إسهامه الأساسي في إرث البشرية الفكري. (جورج لابيكا)
المصدر:
1
إقرأ أيضًا
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق