الكربون
بات بإمكان كل واحد منا المساهمة في تحمل مسؤولية مشكلة التغيير المناخي. أولاً بحساب بصمة الكربون الخاصة به؛ وثانياً بمعرفة سبل ووسائل تقليل الانبعاثات المضرة للبيئة وتطبيقها؛ وثالثاً باختيار المشاركة في مشروع من المشروعات التي تسعى لإعادة التوازن البيئي لبيتنا الكبير الأرض، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو المنظمات أو الدول.
يمكن حساب بصمة الكربون بمساعدة عشرات الاختبارات المجانية المتوفرة على شبكة الإنترنت، مثل الاختبار الموجود على موقع الصندوق العالمي للطبيعة Whttp://footprint.wwf.org.uk، الذي يختبر جوانب أربعة مهمة:
1 - النظام الغذائي، من حيث اعتماده على اللحوم أو على مصادر نباتية، ومن حيث مقدار ما ينفق عليه من نقود، ومصادره - محلية أو مستوردة - وما يهدر منه.
2 - نظام النقل والمواصلات، الذي يعتمد تحديد الانبعاثات المتعلقة به على عدد الساعات التي نقضيها في المركبات وعلى أنواع هذه
المركبات - خاصة أو عامة؛ كبيرة أو صغيرة - والوقود المستخدم فيها كهرباء أو غاز طبيعي، أو بنزين.
3 - النظم المنزلية، بما في ذلك مساحة البيت الذي نسكنه وكونه مستقلاً أو وحدة في عمارة، وعدد ساكنيه، ونوع الطاقة المستخدمة فيه، وتدابير الاقتصاد في الطاقة والمياه والموارد الأخرى، كاستخدام اللمبات الموفرة، أو السخانات الشمسية، أو إعادة تدوير بعض المواد، مثل الورق والبلاستيك والزجاج، وغير ذلك.
4 - امتلاك الأشياء، مثل ما قمنا بشرائه في عام من أجهزة إلكترونية وكهربائية وقطع أثاث كبيرة، ومقدار ما أنفقنا على الملابس والأحذية، وعلى الحيوانات الأليفة، وعلى مستحضرات الصحة والتجميل، وعلى الإنترنت والمكالمات التليفونية.
بانتهاء الإجابة عن أسئلة الاختبار، تظهر نتيجة فورية مع تفصيل لموقفنا ومقترحات توجيهية تتعلق بما يمكن عمله للتقليل من انبعاثات الكربون. ورغم أن معظم هذه الاختبارات موضوعة للمواطن الأوربي أو الأمريكي، فإن تعديلها ممكن على نحو ما حتى تناسب أنماط حياتنا، وفي أسوء الأحوال سنحصل على نتيجة تقريبية.
نصيب الفرد من انبعاثات الكربون
تتكون الانبعاثات الضارة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من مجموعة من الغازات الدفيئة - مثل أكاسيد الكربون، والميثان وأكاسيد النيتروجين، وسداسي فلوريد الكبريت، وغاز الفريون - ولتسهيل القياس تم الاتفاق على معادلة هذه الغازات وتحويلها إلى ثاني أكسيد الكربون، لتصبح وحدة القياس: طن متري من ثاني أكسيد الكربون المعادل ووفقاً لبيانات نشرها البنك الدولي، تحدد متوسط نصيب الفرد من هذه الانبعاثات بالطن المتري في مختلف البلدان ـ في عام 2014 نجد مثلاً، متوسط نصيب الفرد في الكويت 25.5، وفي الإمارات والبحرين حوالي 23، وفي أمريكا 21.5، وفقاً لجامعة متشجن، وفي السعودية 19.5 وفي أستراليا 15 تقريباً، وفي سنغافورة ما يزيد قليلاً على 10، وفي أوربا 8.4، وفي الصين 7.5، وفي العراق 4.8، وفي السويد 4.5، وفي لبنان 4.3، وفي الجزائر 3.7، وفي الأردن 3، وفي تونس 2.6، وفي مصر 2.2، وفي إندونيسيا 1.8، وفي المغرب والهند 1.7، أما المتوسط العالمي لنصيب الفرد من الانبعاثات فهو ما يقترب من 4.3 أطنان مترية سنوياً، ويحلم العالم بتخفيضه إلى 2 ثم إلى صفر.
ممارسات تخفيض الانبعاثات
ولتخفيض مستوى الانبعاثات ينصح بعدد لا حصر له من التدابير. ففي مجال النقل والمواصلات نصحت منظمة الصحة العالمية باستخدام الدراجات أو المشي بدلاً من السيارات في المسافات القصيرة. واستخدام الموصلات العامة، وتفادي القيادة بسرعة تجنباً لمزيد من الانبعاثات، والبحث عن بدائل لاستخدام الطائرات في السفر. وبالنسبة للغذاء، يفضل التقليل من استهلاك اللحوم، وتشجيع شراء الأطعمة الموسمية المحلية، وتفادي هدر الأطعمة، وإعادة تدوير المخلفات العضوية. وفي مجال الطاقة، يشجع التحول لاستخدام الزجاج المزدوج والعوازل، وإبعاد الثلاجة عن الفرن أو سخان الماء، وتفادي وضع الأطعمة الساخنة داخل الثلاجة للتقليل من استخدام الطاقة؛ إضافة إلى إطفاء المصابيح غير اللازمة، واستخدام لمبات موفرة، وغلق الأجهزة في حالة عدم الاستخدام. ولتوفير استهلاك المياه، ينصح بغلق الصنبور أثناء غسل الأسنان، واستخدام غسالات الملابس والأطباق بكفاءة، وتجنب شرب المياه المعبأة لأنها مكلفة وتحتاج إلى نقل. وفيما يتعلق بإدارة المخلفات يفضل التقليل من إنتاج المخلفات وإعادة الاستخدام والتدوير بقدر الإمكان.
تجارة الكربون
في محاولة الدول والمنظمات والأفراد في سعيهم لعمل شيء حيال التغيير المناخي المهدد للأرض، ســـواء مجبرين عـــــلى أثر توقـــــيع اتفاقية - مثل اتفاقية كيوتو 1992 - أو متطوعين ممن يشعرون بتأنيب الضمير نحو البيئة، ظهرت أسواق تضمنت عديد من المشروعات القائمة على المتاجرة باعتمادات الكربون حيث يتم شراء وبيع تصاريح الانبعاثات أو وحدات تخفيض الكربون - تقدر الوحدة بطن متري - وذلك عبر نوعين من المعاملات: الأول معاملات قائمة على مشروعات مخفضة للانبعاثات، كمشروعات الطاقة المتجددة، أو التشجير التي تعادل آثار الكربون المنبعث في صناعات أو مشروعات أخرى. والثاني معاملات قائمة على بيع فائض الحد الأقصى المسموح به، كأن تبيع الدول ذات المتوسط المنخفض من الانبعاثات ما يفيض عن حاجيتها من الحد الأقصى المخصص لها كوحدات تخفيض لمصلحة مشروعات أخرى في الدول ذات المتوسط المرتفع.
علاج الضمائر المؤنبة
تخصص عديد من الدول، كالنرويج، تمويلاً لشراء مخفضات كربون قائمة على آليات مرنة لاتفاقية كيوتو، بحيث تستطيع التخفيض من انبعاثاتها الدفيئة بنسبة 40 في المئة في 2020 ولتصبح متعادلة مع حلول 2030، وبالرغم من عدم تصديق بعض الدول، كأمريكا، على الاتفاقية، فإنه توجد عديد من المبادرات غير الرسمية التي تخدم ملايين الناس وتساعدهم على تخفيض بصماتهم الكربونية.
وعلى المستوى الفردي، نتيجة لزيادة الوعي البيئي، ورواج تجارة وحدات مخفضات الكربون أعلن عديد من المواقع على شبكة الإنترنت عن بيع وحدات كعلاج لتأنيب ضمير المتسببين في الاحتباس الحراري على نحو ما، فنجد، مثلاً، ديبورا ماركوويتز - أستاذة السياسة البيئة بجامعة فيرمونت - تدفع 42 دولاراً لشراء اعتمادات كربون لمعادلة ثلاثة أطنان من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن رحلة طيران قامت بها. ومن الهند يمكن شراء اعتماد بـ 11 دولار لخفض طن متري انبعاثات الكربون، على أن تستخدم المبالغ المحصلة لإقامة مشروعات بيئية تمتص الغازات الدفيئة من الجو. كما توجد مشروعات طاقة رياح وزراعة غابات تبيع وحدة تخفيض الانبعاثات الكربونية بأربعة دولارات للطن المتري؛ ليستطيع الأمريكي المتوسط معادلة انبعاثاته البالغة 17 طناً مترياً بأقل من 70 دولاراً في العام.
وهكذا أصبح هناك أشخاص يتبرعون بمبالغ متفاوتة «تكفيراً» عن «سيئاتهم» البيئية المقصودة وغير المقصودة. ونتيجة لزيادة العرض والطلب أصبحت هناك بورصة لوحدات مخفضات الكربون تحدد الأسعار، وتراقبها منظمات تقوم بالاعتماد ومنح الشهادات، وتتأكد من أن المبالغ المدفوعة تستخدم بالفعل في تخفيض الانبعاثات. وخضعت أسواق الكربون للتصنيف كأسواق إلزامية أو منظمة تعتمد آليات التنمية النظيفة CDM، الخاصة باتفاقية كيوتو، وتعرف بمخفضات الانبعاث الملزمة CERS، في أطر دولية أو إقليمية أو محلية؛ وأسواق تطوعية عبارة عن مخفضات كربون غير المنظمة أو غير المباعة عبر الآليات الملزمة.
ومن المنظمات المراقبة Golden standard التي تعمل على متابعة التبرعات وتنفيذ مبادرات ومشروعات كتوصيل مياه نظيفة لمجتمعات في أوغندا، وبناء وحدات طاقة رياح في الهند، إضافة إلى تطوير التكنولوجيا وتنظيم فعاليات وحشد متطوعين من مختلف أنحاء العالم رافعة شعار «جعل الجيد أفضل».
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًاقصة
عندما يصبح الأهل محتاجين إلى رعاية أبنائهم
فوائد قراءة القصص للأطفال قبل النوم
سبع خطوات للتعاطف مع الذات عند الشعور بالاكتئاب
هل ستصبح كتب الطبخ شيئاً من الماضي
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق