دور المعلومات في التعليم
كثر الحديث عن دور المعلومات في منظومة التعليم المعاصر، حيث غزت وبسرعة رهيبة جميع مرافق الحياة اليومية، وأصبح من الخطير أمام عصر السرعة والتكنولوجيا والقوة الحديث عن إدارة أعمال، أو اكتشاف علمي أو طبي أو مجال سياسي أو إعلامي دون الاعتماد التام على تقنية التواصل المعلوماتي...
تقنية
التواصل المعلوماتي قدمت لنا دون شك الكثير من الدقة والسرعة في الإنجاز بالصوت
والصورة، في البر والبحر، مستفيدين بشكل لافت للنظر من خدمات الشبكة العنكبوتية
وبرامج الكمبيوتر المتقدمة، والتي جعلت الدول حاضرة وموجودة بارتباطها القوي
بتكنولوجيا العصر، وهي إدخال تكنولوجيا الإعلام والتواصل في منظومة التعليم
المعاصر.
كان المغرب من أوائل من أعطى لهذا الموضوع قيمته المادية واللوجستيكية وذلك بتخصيص برامج توعية متنوعة، مستعينا بخبراء أجانب في الموضوع، كالتجربة اليابانية وتجربة كوريا الجنوبية التي تفوقت عالميا في ميدان تكنولوجيا المعلوميات، ومن أمثلة هاته النماذج:
مشروع جيني، منظومة مسار، برنامج أنتل( التعليم للمستقبل)، مشروع سيتي( التعاون مع جامعة الأخوين)، برنامج شركاء في المعرفة، دليل الإنترنت، عالم الإنترنت، لغة العصر.
وحصل تقدم ملحوظ وملموس في مختلف القطاعات الحكومية بصفة عامة، وقطاع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بصفة خاصة، وذلك بدل الانغلاق والتقوقع فقط بالاعتماد على الطرق الكلاسيكية التقليدية في التعلم، حيث أصبح الأستاذ والمتعلم يندمجان بشكل إيجابي في تعاطي المعلومة ودراستها وفهمها ومناقشتها حسب معطيات العصر الحديث.
لكن في الواقع كلما كثرت الضغوط في المجتمع، وكثرت المتطلبات، وقلت موارد الإنتاج، وتضخم معدل الاستهلاك، أصبح الإنسان في حاجة قصوى إلى السرعة والدقة في تحقيق هذه المتطلبات. ولعل الدول المتقدمة حاليا تفوق الدول النامية بمراحل، بسبب استثمارها لتكنولوجيا المعلومات في شتى مناحي الحياة اليومية، ولضرورة اللحاق بالركب لابد من توعية الجيل الجديد بقيمة إتقان وسائل العصر الجديدة، لكن دون إغفال العقل الإنساني وإنسانية الإنسان المحور الأساس لكل فعل مثمر. يقول الدكتور عبدالله عبدالدائم عن أزمة التعليم في البلاد العربية: «يجب التفكير في طرائق تعليمية غير الطرائق التقليدية المألوفة، تؤدي إلى أن نعلم أعدادا أكبر وأن نقدم تعليما أفضل بأعداد من المعلمين أقل وبأبنية مدرسية أقل عددا وبإمكانات مالية أقل».
وعليه أصبحنا نحتاج إلى توظيف تكنولوجيا المعلومات في الحقل التربوي والاقتصادي والسياسي والطبي والهندسي والمجال الفني، وذلك كضرورة ملحة لمجابهة تحديات العصر. يقول صاحب كتاب التكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم: «وحيث إن التربية نظام متكامل صمم لصنع الإنسان السوي المتفاعل مع بيئته، متغيرا ومغيرا بها نحو الأفضل، كان لابد من دخول هذه التكنولوجيا إلى ميدان التربية».
أما السؤال الإشكالية الذي يطرح نفسه بإلحاح فهو:
هل سنلغي محورية إنسانية الإنسان أمام كل هذا الانبهار بتكنولوجيا المعلوميات؟ هل سيكتسب الجيل الجديد مهارات من قبل: النقاش والتحاور والإقناع والاعتراض والاستدلال والتخطيط وفرض الرأي والمرونة والتعامل مع الواقع وسرعة الاستيعاب والمهارة والدقة اليدوية والتفكير المنطقي والذوق الرفيع والإحساس العالي والفطنة وقوة الملكة والحزم وفرض الرأي ولفت الانتباه والحضور والحكمة... فقط من خلال إتقان تكنولوجيا المعلومات؟!
تلك مهارات يكتسبها المتعلم من خلال الممارسة الطويلة والعملية بالخبرة في الحياة والتجربة والنهل من أصول ومنابع العلوم النقلية والعقلية على السواء، ومن خلال التجارب الحياتية السياسية والاجتماعية والممارسة الدينية والعرف والتقاليد والعادات الاجتماعية، دون أن نهمل بالتأكيد دور المدرس بالنسبة للمتعلم في صقل وشرح وتوضيح وتكريس المعلومة بالأساس بشكل صحيح، مع الاستعانة بتكنولوجيا المعلومات التي تقدم تسهيلات لا يمكن غض الطرف عن أهميتها، ولتوضيح أكثر لهذه النقطة نضرب مثالا في الموضوع:
نموذج تعلم اللغات
لطيف جداً أن يكون لديك أستاذ لغة إنجليزية يلقنك ببساطة نطق الحروف ثم الكلمات ثم جمل مع صور حية بطريقة مريحة جداً عبر شاشة الكمبيوتر، وعبر اختيارك لمواقع من الإنترنت تعطيك بحراً زاخراً بكم هائل من العلوم والمعارف. لكن تبقى العملية ناقصة لأنك عندما تنطق الحرف أو الكلمة أو الجملة يجب أن يكون المدرس المباشر موجوداً كي يصحح لك كيفية نطق مخارج الحروف بشكل صحيح، لأنه أهم شيء في عملية تعلم اللغات، صحيح أن برامج تعلم اللغات رائعة ومساعدة بشكل كبير لكنها لا تغني عن توجيه وشرح وتتبع المدرس بالأساس الذي يوضح الفكرة في الذهن كي تنطبع بشكل صحيح غير مغلوط لدى المتعلمين.
وقس على ذلك تطبيقات العلوم الطبيعية أو تجارب الفيزياء، أو مادة الرسم، والجدل المنطقي لمادة الفلسفة وتذوق القصائد الشعرية وتحليل العقدة القصصية، وخيال المسرحية التجريدية والنظريات الراياضية المعقدة وخرائط العالم الجغرافية والتكوين المهني والحرفية اليدوية.
وفي سياق لفت الانتباه للسلبيات العديدة لشاشة الكمبيوتر على المتعلم، نذكر سلبية التواكل والاتكال والكسل بعبارة أصح بدلا من الاجتهاد والتعب والمشقة والاعتماد على الذات في تحصيل للمعلومة.
بالإضافة إلى ظاهرة إدمان شبكات التواصل الاجتماعي، التي تحرق وقت المتعلمين لساعات عديدة، لدرجة الانعزال عن الوسط الأسري والاجتماعي في بعض الأحيان.
يقول الدكتور مصطفى عبدالسميع في كتابه تكنولوجيا التعليم عن سلبيات التكنولوجيا في التعليم متحدثاً عن الحاسوب بشكل خاص: «إن الحاسوب على أهميته في العملية التعليمية لا يأخذ مكان المدرس، ويمكن الاستغناء عن المدرس بتاتا، وإنما الحاسوب بمنزلة اليد اليمنى له أو المساعد الكبير للمدرس وهذا نتيجة أسباب عدة:
1) إن الحاسوب لا يجيب عن جميع الأسئلة التي يسألها الطالب.
2) المدرس قدوة للتلاميذ، فهم يستشفون بعض صفاته التي يحبونها.
3) نحتاج إلى المعلم لينطق الكلمات التي تخرج من الحاسوب.
4) المعلم قد يستطيع أن يساعد التلميذ في أي وقت خلافا للحاسوب.
5) لا يوجد عنصر للمناقشة أو الحوار بين التلميذ والحاسوب.
6) الحاسوب لا يوازي الإنسان ولا يستطيع القيام بكل شيء».
ولعل هذا الطرح يؤكد وجهة نظري حول محورية أنسنة الإنسان في منظومة التعلم والتعليم، لكن بالمقابل لا يمكننا بخس الاستفادة العظمى التي أدخلها علينا عصر الحاسوب، لأنه «من المسلمات أن تقنية المعلومات والاتصالات باقية معنا في الحاضر وستلعب دوراً أكبر في حياة أولادنا، لذلك فإن التقنية يجب أن تمثل هدفا محوريا في مناهجها في عصر المعلوماتية».
استطلاع لآراء المهتمين والباحثين في الموضوع
ü - يمكننا توجيه الأسئلة الافتراضية التالية لكشف النقاب عن حيثيات الموضوع:
ü هل تعتقد بكفاية تقنية المعلوميات في منظومة التعليم المعاصر؟
ü هل أنت مع تشجيع التعلم الذاتي والاستغناء في المستقبل عن دور المدرس؟
ü هل تعتقد أن الطرق التقليدية للتعلم ستنقرض؟
ü هل أنت مع الرأي الذي يرى بضرورة انسجام المتعلم مع التطور المعلوماتي دون إغفال دور المعلم؟
أعتقد أنه إذا تمت الإجابة عن هذه الأسئلة من طرف فئة المتعلمين بالمستوى الدراسي الثانوي تأهيلي وطلبة التعليم العالي، وبالمقابل أجوبة المدرسين عن الأسئلة نفسها، فيمكننا وضع اليد على رؤية واقعية شمولية صحيحة في رأيي لهذه الإشكالية .
المصدر: 1
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
إقرأ أيضًاقصة
التعاطف مع الذات
يقلل عرضة الإصابة بالملل
نقص الانتباه وفرط
النشاط: مساعدة دون تشخيص
أعراض التوحد لدى
الرضيع: الاكتشاف والعلاج
5 نصائح للتعامل مع
الطفل المشاكس
للمزيد
معالجة المشكلات
السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل
المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق