دهاء
كثيرًا ما نقرأ ونسمع عن ذكاء العرب ودهائهم، وتُروى لنا قصص عن أشهر دهاة العرب الأربعة. ولكن، هل هم فقط أربعة؟ الحقيقة أن أذكياء العرب كثر، فمنهم من استخدم ذكاءه بخبث ومكر، ومنهم من كان داهية ولكنه لم يستخدم دهاءه إلا في تقوى الله.
كان
أولئك الدهاة يتجنبون كل ما قد يقودهم إلى سوء العاقبة، مستشهدين بقول أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب: "لولا مخافة الله لكنت أمكر واذكى العرب".
يُروى
أن معاوية بن أبي سفيان لم يغلب عليًّا بذكائه أو بدهائه، وإنما كان يتجنب كل باب
يمكن أن يقوده إلى معصية الله. وهذا يتضح في القصة الشهيرة عن المناظرة بين عمرو
بن العاص وأبي موسى الأشعري. هناك سبع شخصيات ذاع صيتها في تاريخ العرب بفضل
ذكائها ودهائها الخارق.
على
سبيل المثال، كان قيس بن سعد زعيمًا للأنصار رغم صغر سنه، حتى أنهم قالوا:
"لو استطعنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا لفعلنا"، حيث كان أجرد ولكن
عقله كان متوقدًا. كان مكانه مع علي يوم صفين ضد معاوية، وقد استخدم دهاءه وخططه
لإيذاء معاوية وجنده، ولكنه كان دائمًا يفكر في عواقب أفعاله، مستذكرًا قول الله
تعالى: "ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله".
قيس
بن سعد هو ابن سعد بن عبادة، زعيم الخزرج، وكان قيس قريبًا من رسول الله صلى الله
عليه وسلم، حيث قال له أبوه: "هذا خادمك يا رسول الله"، فأدناه النبي
وقرّبه إليه. قبل إسلامه، كان قيس يستخدم دهاءه في تعاملاته مع الناس، ولكن بعد
الإسلام، تعلم أن يكون مخلصًا في معاملاته، متخليًا عن دهائه.
كان
قيس بن سعد بارًا بالإسلام، وكان يقول دائمًا: "لولا الإسلام لمكرت مكرا لا
تطيقه العرب". كان شديد الكرم، وحين تخلى عن دهائه لصالح الشجاعة والوضوح،
صار يواجه المتاعب والتبعات بشجاعة حقّة.
وعند
إثارة الفتنة، كان هناك خمسة من دهاة العرب: معاوية، عمرو بن العاص، المغيرة بن
شعبة، قيس بن سعد، وعبد الله بن بديل. كان قيس وابن بديل مع علي بن أبي طالب،
بينما اعتزل المغيرة بالطائف حتى حُكم الخصمان، فانضم إلى معاوية.
عندما
قدم قيس بن سعد على معاوية، قال له معاوية: "أما والله لقد كنت أحب ألا تأتي
هذا اليوم إلا وقد ظفر بك ظفر موجع". رد عليه قيس بحزم، مشيرًا إلى أن معاوية
كان مجرد صنم من أصنام الجاهلية. كان معاوية دائم التفكير في مصر، وقلق من أن يحول
قيس بينه وبينها. لذا، سعى بكل وسائله الماكرة لإيقاع الفتنة بين علي وقيس، ولكن
قيس بحكمته وذكائه فهم مكيدة معاوية وزاد ولاءه لعلي بن أبي طالب.
لم
يكن قيس يهتم بالولاية أو المناصب، فقد كانت كلها بالنسبة له أدوات لخدمة عقيدته
ودينه. وعندما عزله علي عن ولاية مصر، لم يشعر بأي انزعاج، بل استمر في دعمه لعلي
في المعركة.
ومن
أذكياء العرب الآخرين الإمام الشعبي، الذي كان معروفًا بذكائه الخارق وحفظه القوي.
لقد كان صاحب ذاكرة قوية وفهم عميق، حتى أن ملك الروم أُعجب بذكائه. وفي إحدى
المرات، حمل الشعبي رسالة من ملك الروم إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، مفادها
أنه يعجب كيف يحكم العرب رجلاً غير هذا الفتى (الشعبي). ولكن الشعبي، بذكائه، أدرك
أن ملك الروم كان يحاول إثارة الفتنة بينه وبين الخليفة، فردّ بحكمة قائلًا:
"لو رآك يا أمير المؤمنين لما قال ذلك".
إياس
بن معاوية هو الآخر كان من أذكياء العرب، حيث يقال إنه كان يحدث الناس بنصف عقله
فقط. وفي إحدى المرات، عندما كان قاضيًا، استطاع بخبث أن يكشف خيانة أحد الرجال من
خلال أسئلة ذكية حول مكان إيداع المال.
أخيرًا،
عمرو بن العاص، المعروف بدهائه، كان يُلقب بأرطبون العرب، وقد واجه أرطبون الروم
في معركة ذكاء، واستطاع أن يخدع الأرطبون حتى خرج سالمًا من مكيدته. وعندما سمع
عمر بن الخطاب بهذه القصة قال: "لله درك يا عمرو".
أما المغيرة بن شعبة، فقد كان له ذكاء وحيلة مميزة، وقد استغل هذه القدرات في خدمة الإسلام، ومن بينها موقفه في البحرين عندما حاول أهلها الإيقاع به بعد عزله من الولاية.
قصة للأطفال: الأميرة وحبة البازلاء
قصة وعبرة: الإوزة التي تبيض ذهباً
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق