يصاب
حوالي 40% من الأطفال حديثي الولادة بالصفراء "اصفرار لون الجلد وقرنية العين".
عادة ما يظهر الاصفرار المعني بحديثنا في اليوم الرابع
أو الخامس من العمر ويطلق على هذه الحالة اسم الصفراء الفسيولوجية أو الطبيعية حيث
إنها لا تحتاج عادة إلى علاج.
ويرجع حدوث الصفرا. الفسيولوجية إلى أن الجنين داخل
رحم الأم يستخدم الأكسجين القادم إليه عن طريق المشيمة. ويحتاج الجنين إلى عدد
كيير من كرات الدم الحمراء وذلك تعويضاً عن قلة نسبة الأكسجين الذي يصل إليه
مقارنة بنسبته في الهواء.
وعندما
يولد الطفل يبدأ بالتنفس للحصول على الأكسجين اللازم له ليصبح في غير حاجة لهذا
الفائض من هيموجلوبين كرات الدم الحمراء، فيحاول جسم الوليد التخلص منه سريعا عن طريق
تكسير هه الكرات مرة واحدة.
ونتيجة
لهذا التكسير تتبقى بعض الفضلات الضارة مثل مادة البيلروبين الصفراء Bilirubin التي تنتقل بواسطة الدم
إلى الكبد الذي يقوم بإفرازها في عصارة الصفراء للتخلص منها عن طريق الأمعاء. فإذا
كان كبد الوليد ناضجا فإنه يتخلص من المادة الصفراء ببساطة.. ولكن إذا أصييب الكبد
بحالة من الكسل المؤقت "خاصة في الطفل المبتسر" وعجز عن القيام بدوره
فإن ذلك يؤدي إلى احتباس تلك الصبغة الصفراء في الجسم وتراكمها في الدم وانتشارها
في أنسجة الجسم المختلفة ليصفر الجلد وبياض العين.. وعادة ما يظهر هذا الاصفرار في
اليوم الرابع أو الخامس.
وفور
أن يبدأ الكبد نشاطه ويكتمل نضجه فإنه يتخلص من الصبغة الصفراء خلال أيام
"خاصة في الأطفال مكتملي النمو الذين يبدأون في الرضاعة الطبيعية المنتظمة".
ولكن ما هي خطورة ارتفاع نسبة الصفراء بالجسم؟
يجيب
الدكتور. إبراهيم شكري أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة قائلاً: إن تجاوز نسبة
الصفراء حداً معيناً، وإن كانت نتيجة الكسل الفسيولوجى، قد يلحق بالمخ والسمع
أضراراً بالغة، لذا يلزم التدخل بالعلاج قبل الوصول إلى هذه النسبة "عشرة
مليجرامات في المائة في الطفل المبتسر وخمسة عشر مليجراما في المائة في الطفل العادي،
وذلك في الأيام الخمسة الأولى من العمر، وهي الفترة الحرجة بالنسبة لخلايا المخ من
حيث تأثير الصفراء عليها.
أما
عن طريقة العلاج بالضوء الطبي لحالات الصفراء الفسيولوجية عند الأطفال حديثي
الولادة فيجيب الدكتور شكري قائلاً: إن الطفل يوضع في محضن مزود بجهاز يتكون من
ستة مصابيح تصدر أشعة علاجية ذات نوع خاص وتعمل على سرعة تكسير المادة الصفراء، ثم
يجرد الرضيع من ملابسه، وينام إما على البطن أو على الظهـر مع تغطية عينيه ويغير
من وضع نومه كل 6 ساعات.
وبعد
أن يتعرض الطفل لمدة ثماني وأربعين ساعة يبدأ اصفرار الجسم في التحسن حتى يبدأ
اللون في الاختفاء.. ويمكن التأكد من تحسن الحالة عن طريق تحليل نسبة الصفراء في
الدم قبل إيقاف العلاج.. ولا توجد لهـذه الطريقة أية مضاعفات.
اكتشاف العلاج الضوئي.. صدفة!
ويقول
الدكتور إبراهيم شكري إن اكتشاف هذا النوع من العلاج قد جاء عن طريق المصادفة
البحتة!
فقد
نسي أحد أطباء التحاليل أنبوبة بها عينة من دم مريض بالصفراء بجوار النافذة ومعرضة
لضوء الشمس.
وفي
المساء قام الطبيب بتحليل نسبة الصفراء بالعينة ليجد أن نسب الصفراء تكاد تكون
منعدمة برغم ظهورها على جلد المريض وعينيه.
وأثارت
هذه النتيجة دهشة الطبيب، فقام بتحليل عينة أخرى من نفس المريض في الحال فجاءت
النتيجة مشيرة إلى ارتفاع نسبة الصفراء! وبعد مراجعة ظروف أخذ وتحليل العينتين
وتوصل إلى أنه قد يكون لضوء الشمس دور في تغيير نسبة الصفراء في الدم بالأنبوبة.
وبالتالي قد يكون للضوء نفسي الدور في خفض نسبة الصفراء في دم المريض.
المصادفة
الثانية حدثت في قسم العناية بالأطفال المبتسرين في أحد المستشفيات الإنجليزية،
فقد لاحظت بعض الممرضات أن الأطفا الموجودين في أسرة أو محاضن موضوعة بجوار
النافذة ومعرضة لضوء الشمس لا ترتفع لديهم نسبة الصفراء. فقام هذا الفريق من
الممرضات بتغيير أماكن الأطفال وبعد أيام قليلة لاحظن انخفاض نسبة الصفراء في
مجموعة الأطفال التي اقربت من صوء الشمس وارتفاعها في المجموعة التي تم نقلها
بعيداً عن الضوء!
وأخيراً
نؤكد على أهمية إجراء تحليل دم للطفل المولود مصاباً بالصفراء للتأكد من أن السبب
فسيولوجي وليس نتيجة مرض آخر في الدم أو الجسم.
إقرأ أيضًا
للمزيد
أيضاً وأيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق