لا يعتبر الصداع، عادة، عرضًا لمرضٍ خطيرٍ. مع ذلك،
تعد آلام الرأس واحدة من الشكاوى الطبية الأكثر شيوعًا: حتى 15% من الأشخاص يلجأون
إلى تلقي العلاج الطبي بسبب الصداع.
وقد أظهرت دراسات مختلفة حول سبب الصداع أن أكثر من
نصف الأشخاص يعانون من آلام الرأس مرة واحدة، على الأقل، في السنة (دون أن يؤدي
العرض إلى التوجه إلى الطبيب)،
ولهذا السبب بالتحديد، يصعب الإجابة عن السؤال: "ما
هو المسبب الشائع لآلام الرأس؟".
تشير الدراسات التي تجرى عامة، إلى أن الصداع
التوتري هو، على الأرجح، أكثر أنواع الصداع شيوعًا، لكن غالبًا ما يدور الحديث عن
نوبات قليلة وعابرة. في المقابل،
تشكل الشقيقة (الصداع النصفي) التشخيص الأكثر
شيوعًا لدى المرضى الذين يتوجهون الى طبيب العائلة بسبب الصداع. وهناك أيضًا
الصداع العنقودي (cluster)،
وهو نوع نادر من آلام الرأس يظهر عادةً بصورة صعبة
جدًا، حتى أن ما يقارب الـ 100% من المرضى يتوجهون لإستشارة الطبيب من جرائه.
بالإضافة إلى معاناة المريض وعائلته، تكلف آلام
الرأس ثمنًا باهظًا: ففي الولايات المتحدة وحدها يتسبب الصداع بخسارة أكثرمن 150
مليون يوم عمل وحوالي 350 ألف يوم تعليم في كل سنة.
أكثر من 90% من المرضى الذين يشكون من الصداع
يعانون من أحد الأمراض التالية:
· الصداع التوتري:
لا يعرف الأطباء بالضبط ما هو المسبب للنمط الأكثر شيوعًا من آلام الرأس، ولكن
يلعب تشنج العضلات، على الأرجح، دورًا هامًا في ظهوره. لا يكون صداع الرأس في هذا
النمط مصحوبا بأعراضٍ إضافيةٍ (مثل الغثيان، التقيؤ، الحساسية للصوت وغيرها)، ولكن
قد تظهر حساسية في عضلات الرقبة، الرأس أوالكتفين. وعادةً ما يكون الألم ذا طابع
موحد (لكن قد تزداد حدته وتخف خلال النوبة)، كما ويكون "ضاغطا"، ثنائي
الجانب (متماثلا) وغير مرتبطٍ (لا يتفاقم) ببذل مجهود جسماني. كما يرتبط ظهور هذا
الصداع، عادةً، بالإجهاد (الكرب / التوتر
- Stress ).
· الشقيقة (الصداع النصفي):
يتصف هذا النمط من الصداع بتفاقم الألم عند التعرض للضوء أو سماع الأصوات، وكذلك
عند الحركة أو ممارسة الرياضة. الغثيان، التقيؤ، والعلامات السابقة للصداع ('الأورة'، مثل ظهور
'الأمواج' في مجال الرؤية أو المهيجات الحسية الأخرى) - كلها أعراض شائعة في هذا
النمط من الصداع. يستمر الصداع بضع ساعات،عادة، ولكن قد تستمر النوبات الطويلة حتى
ثلاثة أيام.
· الصداع العنقودي:
يعتبرهذا النمط من الصداع نادرًا نسبيًا (يصيب أقل من 1% من الناس)، وهو نمط
الصداع الوحيد الذي يصيب الرجال أكثر من النساء. كما يحدث هذا الصداع على شكل
مجموعات أو عناقيد طويلة، تستمرلمدة أسابيع حتى أشهر وتتخللها فترات (متغيرة
الطول) بدون أعراض. يظهر هذا الصداع بشكل فجائي مسببًا ألمًا شديدا جدًا، وعادةً
ما يكون موحدًا في شدته، ويستمر فترة تتراوح من ربع ساعة حتى ثلاث ساعات. يكون
الألم في جانب واحد، دائما، ويبدأ عادةً من منطقة العين أو الصدغ (ولكن قد يبدأ من
أي مكان آخر) وينتشر بسرعة في كلذلك الجانب نفسه. من الممكن أن يسبب هذا الصداع
إحمرارًا في العين، دموعا، شحوبا، تعرقا وإحتقان الأنف في الجهة المصابة. كما
تبين أن هناك عوامل وراثية عائلية في ظهور هذا المرض، وثمة علاقة ضعيفة مع شرب
الكحول. ولكن، لا يزال السبب الدقيق لهذا الصداع مجهولاً.
· medication overuse : الصداع الذي ينتج عن فرط
إستخدام الأدوية. قد يؤدي إستخدام مسكنات الآلام، بما فيهاالأدويةالتي يمكن الحصول
عليها بدون
وصفة طبية، إلى هذا النوع من الصداع. للحد من خطر
الإصابة بهذا الصداع، ينصح بـ:
ü التقليل من تناول الأدوية المخدرة إلى الحد الأدنى الممكن،
وتجنب تناولها تماماإذا كان هذا ممكنًا.
ü تحديد إستخدام أدوية التريبتان أو الدمج بين
الأسبرين، الباراسيتامول
والكافيين إلى أقل من 9 مرات في الشهر.
ü محاولة تقييد إستخدام مضادات الإلتهاب الاستيرويدية
مثل الإيبوبروفين إلى أقل من 15 مرة في الشهر.
ü عدم إستخدام الباراسيتامول أكثر من يومين في
الأسبوع.
إشارات التحذير من الصداع
يعتبر كل صداع سببًا منطقيًا لمراجعة الطبيب. ومع
ذلك، هنالك علامات معينة تثير الشك وتتطلب إستخدام وسائل تشخيص أكثر 'عدوانية'،
مثل الفحوصات الباضعة أو الفحوصات التي تُعرّض المريض للإشعاع (مثل التصوير
المقطعي المحوسب
–CT). تزيد هذه العلامات من
المخاوف بأن هذا الصداع هو أحد الأعراض لمرض يشكل خطرا على الحياة (كما هو الأمر
في أقلية صغيرة من هذه الحالات)، وتستدعي التوجه العاجل لمراجعة الطبيب:
الصداع الذي يظهر بشكل فجائي (خلال ثوان أو دقائق)
ويسبب ألمًا شديدًا غير إعتيادي. الصداع الذي ترافقه الحمى وتصلب الرقبة (الأمر
الذي يجعل ثني الرأس أمرًا صعبًا، وحتى مستحيلاً). عندما ترافق الألم أعراض أخرى
مثل تغيرات في السلوك، تغيرات في الشخصية، تغيرات حسية أو حركية، أو تشنجات. عندما
يظهر الألم بعد ممارسة التمارين الرياضية أو حدوث إصابةٍ (خصوصًا، صدمة في الرأس).
ظهور ضعف، خدر الأطراف وتغييرات في الرؤية.
يجب أن نتذكر بأن الصداع يعتبر مرضًا من جميع
النواحي، وتتوفر لدى الطبيب عدة خيارات تشخيصية وعلاجية. إذا كنتم تعانون من صداعٍ
يمنعكم من ممارسة حياتكم بشكل طبيعي، راجعوا طبيبكم وتجنبوا الإكثار من تناول
مسكنات الألم التي يمكن الحصول عليها بدون وصفة طبية. بالإضافة إلى الخطر الصحي
الذي قد تسببه هذه الأدوية، فإن تناولها بشكل مفرط قد يتسبب في ظهور آلام رأس
إضافية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق