تعددت الدلالات علي طابع هذا الغزل
عند النقاد، سماه بعضهم الأباحي، واعتبره البعض الآخر غزلاً مادياً ودعاه طه حسين
«غزل المحققين» ولا تخلو نسبته الى هذه الظواهر المختلفة من الصدق.
فهو حضري لأنه ظهر في المدن، وکان
شعراؤه من أهل الحضر الذين نالوا نصيباً کبيراً من ترف الحياه ونعيم العيش؛ وهو إباحي
لأن منشديه لم يتورعوا فيه عن وصف لذائذ الوصال بين المرأه والرجل، وبالغوا في ذلك
احياناً ولم يجدوا حرجاً في کثير من الأوقات. وهو مادي لتلك الأسباب التي ذکرنا،
لأنه يصور أحاسيس الحب المادية.
وهو غزل واقعي، لأنه يعکس واقع
المجتمع الحضري، ونفسية المرأة في ذلك العصر، ويدخل بنا الى ردهات تلك الحياة
الناعمة، حيث لا ذِکر إلا الهوي، ولا حديث إلا عن العلاقة، ولا اهتمام إلا بشؤون
القلب، وقد شاء الدکتور طه حسين أن يهتم بالجانب الذي يمس الغزليين في هذا الشعر،
فسمى أصحابه «المحققين» لأنهم اهتموا بالناحية العملية من الحب، وقصدوا الى الوصال،
ولم يذهبوا کالعذريين إلى تصوير اليأس والحرمان وإظهار العفة والبراءة.
هؤلاء الشعراء انقطعوا للغزل، أو کادو
ينقطعون له، ولکنهم لم يلتسموا الحب في السحاب، ولم يتخذوا العفه مثلهم الأعلى، وإنما
عبثوا ولَهَوا واستمتعوا بالحياة، وتغنوا هذا العبث واللهو، وقصروا شعرهم عليها، أو
جاوزوهما الى فنون أخري من الشعر، ولکنهم لم يبلغوا منها ما بلغوا من الغزل. وزعيم
هؤلاء الشعراء هو عمر بن ابي ربيعه.
تابعونا
على الفيس بوك
مواضيع تهم
الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق