الأربعاء، 22 مايو 2019

• السن المناسب للزواج


حتى لا يذهب البعض للمأذون مرتين، ينبغي أن يأتي قرار الزواج في الوقت المناسب، وأن يختار الفرد شريك عمره المناسب. وغالبا ما يكون قرار الزواج بيد الفتى ، ذلك لأنه يقرر الزواج فيبدأ في البحث عن زوجة مناسبة، أو أنه يصادف في حياته فتاة تصلح لأن تكون زوجته فيقرر الزواج منها. والفتاة ترفض أو تقبل، وهذه أيضا حريتها. ولكنها لا تقرر الزواج من تلقاء نفسها ، فهي تنتظر ابن الحلال لتقول كلمتها.

تتغير سن الزواج وتختلف من زمن لآخر ومن مكان لآخر ومن شخص لآخر. فهي ترتفع وتنخفض تبعا لظروف اجتماعية أو اقتصادية أو شخصية. هذا ما نود التعرف عليه من خلال لقاءاتنا مع متزوجين وغير متزوجين وعلماء الاجتماع. وكان لزاما أن نعرف رأي الدين ورأي الطب.
علماء الاجتماع : المسألة نسبية
د. سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس:
* نلاحظ ارتفاع سن الزواج في مجتمعنا العربي، فما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك؟
بالنسبة للبنت المسئول عن تأخر زواجها هو تعليمها فكلما ارتفع مستواها التعليمي تأخر زواجها. فمثلا قد تقتنع البنت الريفية بشاب في الإعدادية ، فهي تكتفي بقدر بسيط من التعليم. والفتاة التي تحصل على دكتوراة تنتظر زوجا حاصلا على دكتوراة . يحدث هذا في معظم الدول العربية. أيضا، نلاحظ مشكلة غلاء المهور في دول الخليج ، فمثلا يعزف كثير من الشباب عن الزواج من نفس موطنه. كذلك نجد في البلاد النامية حالة خاصة، فالشباب لا يستطيع أن يفي بحاجات الزواج إلا بعد أن يتقدم قليلا في العمر ، فلا يتزوج في العشرينيات إلا إذا ساعده أهله، أما الشاب العادي المعتمد على نفسه فقد يلجأ للسفر لتحسين مستواه، فهو مؤهل من الناحية النفسية والتعليمية والصحية لكنه غير مؤهل من الناحية المادية. مما يؤخر زواجه.
* ما هي السن المناسبة للزواج ؟
قد نجد شخصا في الأربعين من عمره ويكون تافها، وشخصا في العشرين في منتهى النضج. فالعمر المناسب للزواج نسبي. ولكن من وجهة نظري سن 30 سنة مناسبة لزواج الشاب وسن 25 سنة مناسبة لزواج الفتاة.
د. حسن الخولي أستاذ علوم الاجتماع جامعة عين شمس يقول : أرى أن السن المناسبة للزواج أمر نسبي، فهي تختلف من مجتمع لآخر ومن جماعة مهنية لأخرى، وتختلف عند الفلاحين عنها لدى سكان المدن، وهكذا فسن الزواج تخضع للمعايير الثقافية والاجتماعية في المجتمع.
الزواج المبكر
وثمة أسباب اجتماعية تؤدي لتغيير سن الزواج مثل عامل التعليم ، إذ يمكن أن يؤخر التعليم الزواج بالنسبة للفتيات والشبان.
أيضا هناك أسباب تؤدي للزواج المبكر مثل : العامل المهني ، ونجد ذلك واضحا في الريف. بالإضافة للظروف الاقتصادية بوجه عام حيث يصبح من المتعذر مواجهة تكاليف الزواج بما فيها المهر والشبكة وتكاليف الفرد وإعالة الأسرة وغير ذلك من تبعات الزواج.
* ما هي الآثار الاجتماعية المترتبة على ارتفاع سن الزواج؟
بعضها آثار إيجابية مثل الحد من مشكلة تفاقم الزيادة السكانية لأن تأخير الزواج يعد إسهاما في حل هذه المشكلة.
ومن عيوبها الآثار النفسية التي يتعرض لها الشباب من الجنسين فيما يتعلق بإشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية والفسيولوجية الملحة في مثل هذه المراحل العمرية التي يمرون بها .
* ما هي الخصائص الشخصية التي لا بد من توافرها في الشخص المقدم على الزواج؟
أولا : النضج الاجتماعي والنفسي والتهيئة الجيدة لدخول مرحلة الزواج وفهم أدوارها ومسئولياتها.
ثانيا : القدرة على دخول عالم جديد تمتد به شبكات اجتماعية متعددة تشمل الأقارب والأصحاب وغيرهم.
ثالثا : القدرة على تحمل المسئولية التي يفرضها عليهم الوضع الاجتماعي الجديد في حالة الزواج.
الزواج والبلوغ
* هل يصبح الفرد بانتهاء سن الطفولة ودخول مرحلة الشباب قادرا على الزواج؟
لا يعني بلوغ الشخص هذه المرحلة العمرية أن يكون صالحا للزواج ، فالعبرة ليست بالنضج الجسماني فقط، إنما الأهم من ذلك النضج الاجتماعي والنفسي والثقافي الذي بدونه لا يكون الشخص صالحا لدخول عالم الحياة الزوجية. وتحدد التشريعات القانونية حدا أدنى لسن الزواج ، 16 سنة للفتاة و 18 للفتى.
وأرى هذه السن مبكرة ويجب أن ترتفع لتصبح 18 سنة للفتاة و 20 للفتى على الأقل.
البعض يفضلونها صغيرة!!!
عادل سليمان - 30 سنة - مدير محطة بإحدى الشركات (غير متزوج).
* لماذا لم تتزوج حتى الآن ؟
لم أتزوج حتى الآن لأن الحياة صعبة من ناحية تكاليف الزواج فهي غير متوافرة لدي الآن وأقوم بإعدادها ، كذلك لم أجد الفتاة المناسبة لتصبح زوجة لي. وأعتقد أن سني الآن مناسبة وأخشى أن يفوت الوقت بالرغم من وجود زملائي حولي وفي نفس حدود سني ولم يتزوجوا حتى الآن. لكني أهتم بألا تكون ثمة فجوة سنية كبيرة بيني وبين ابني وبينه وبين أمه. ويصعب الآن وجود فتاة عاقلة وسنها صغيرة.
* ما هي السن المناسبة لزواج الفتى والفتاة؟
أرى أن السن المناسبة لزواج الشاب 30 سنة والفتاة 26 سنة.
* ما رأيك في لفظ "عريس جاهز" ، "عروس جاهزة"؟
أرى أنه تعبير لا يليق بالبشر وفيه ظلم كبير. والسؤال الأجدر أن نسأله هو : هل شخصيته ناضجة للزواج . أنا لا أبحث عن عروس "جاهزة" على الإطلاق إنما أنشد عروسا في مستوى ثقافتي وأن تكون جميلة الخلق والطباع.
تجربتان فاشلتان
جيهان محمود 27 سنة - سكرتيرة :
لم أتزوج حتى الآن فقد تعرضت لتجربتي خطبة فاشلتين ، ويقلقني تقدم السن وصحيح أن سن الزواج ارتفعت، لكن الرجل الشرقي مازال يفضل عروسا صغيرة.
* ما هي السن المناسبة للزواج؟
27 سنة للشاب و 23 سنة للفتاة ، ولكن هذا الموضوع نسبي لأن الشاب قد لا ينضج قبل سن 30 أما الفتاة فقد تكون ناضجة عند سن 23 إلى 25 وعموما حين يجد الفتى نفسه قادرا على تحمل المسئولية وتكوين منزل زوجية فلا بأس.
* هل تتخوفين من الزواج؟
لا أتخوف ولكني أحاول الاستفادة من تجارب من هم أكبر مني سنا.
العريس الجاهز
* ما رأيك في لفظ "عريس جاهز " ، "عروس جاهزة"؟
هذا اللفظ فرضته طبيعة العصر المادية، فما يؤهل الشاب للزواج هو إمكاناته المادية، وكذلك الأمر بالنسبة للعروس.
* وهل تبحثين عن "عريس جاهز"؟ وهل أنت "عروس جاهز"؟
لا بد من الواقعية ويجب أن يكون العريس "جاهزا" فكيف سيقيم بيت الزوجية وهو "غير جاهز".
رأي الأطباء
د. على عليان أستاذ أمراض النساء والولادة بكلية طب جامعة عين شمس.
* ما هي السن المناسبة للزواج من الوجهة الطبية؟
يمكننا أن نحدد السن المناسبة للزواج من الناحتين : الناحية الفسيولوجية أي ناحية نمو الأعضاء، والناحية السيكلوجية أي الحالة النفسية. فأهم عامل للزواج هو تكوين أسرة، فلا بد أن يكون الفرد مستعدا وظيفيا للزواج. فبالنسبة للأنثى لا بد من نمو أعضائها التناسلية استعدادا للحمل والولادة، وأفضل سن لزواج الفتاة من 20 إلى 35 وهي سن الخصوبة المناسبة من ناحية استعداد الرحم واستيعابه للجنين.
أما بالنسبة للشاب فمراكز المخ المسئولة عن تكوين الحيوانات المنوية في الرجل موجودة بصفة دائمة ونمطية، ففي الأنثى توجد فرصة حدوث الحمل بصفة دورية، وبالنسبة للرجل فتكوين الحيوانات المنوية يتم في سن البلوغ الشرعي أي 12 سنة.
من الناحية النفسية ، أهم هدف للزواج هو الإنجاب. ويمكن أن يحدث الإنجاب عند الزواج مباشرة، وإذا حدث هذا لفتاة غير مكتملة النمو والنضج فهو يؤدي إلى زيادة احتمالات حدوث إجهاض أو ولادة مبكرة، وحدوث تسمم حمل أو خلل في نمو الجنين وارتفاع ضغط الدم، كذلك لا تكتمل عضلات الرحم وميكانيكية الولادة في السن المبكرة.
فمن الناحية النفسية حين تلد فتاة صغيرة طفلا فهي لا تتمكن من إرضاعه، كما أنها تتعرض أكثر من غيرها لاحتمالات الولادة القيصرية والارتباط النفسي بين هذه الأم الصغيرة والطفل يكون ضعيفا لأنها قد لا تقوى على الرضاعة والتربية. وبالتالي فإن الفتى والفتاة في السن الصغيرة لا يكون لديهما وعي جنسي، فمعلوماتهما عن هذا الموضوع تكون مشوهة أو ناقصة خاصة إذا تلقاها أحدهما من شخص جاهل.
نصيحتي إذا حدث الزواج في سن مبكرة، فلا بد من تأجيل الحمل حتى يكتمل الوعي بموضوع الحمل والولادة والإنجاب.
* ما هي الآثار المترتبة على تأخر الزواج؟
آثار تأخر الزواج على النقيض، فهو ضار تماما لأن منحى الخصوبة في الأنثى يبدأ من سن 18 إلى 35 سنة . ويصل ذروته في سن 30 سنة.
ويبدأ المنحنى في النزول. فكلما ابتعد عند سن الـ 30 سنة ظهرت المشاكل، فالسيدة المتزوجة في سن متأخرة تقل فرصة الحمل لديها. ولو حدث حمل نسميه (البكرية كبيرة السن) وهذا يؤدي لحدوث مشاكل مثل الإجهاض وتشوه الجنين ونزيف قبل الولادة وارتفاع ضغط الدم فتزداد مشاكل الضغط المبكر.
كذلك فالسيدة لديها عدد معين من البويضات تخلق بها وتستمر إلى متوسط سن اليأس من 42 إلى 45 سنة ، بعد سن 35 سنة يرتفع احتمال ولادة طفل منغولي وتزداد نسبته بعد سن 40 سنة لتصل إلى 1 : 40 طفلا.
أما بالنسبة للرجل فتأخر الزواج لديه لا يؤثر على الإنجاب إطلاقا، ما لم يكن يعاني من أمراض الجهاز التناسلي أو ارتفاع في ضغط الدم أو أي مرض عضوي أو إدمان مخدرات فكل هذا يؤثر على عملية الإنجاب وقد ينتج عنها عقم.
رأي علماء الدين
د . محمود عبد المتجلي - عضو لجنة الفتوى بالأزهر.
* ما هو رأي الدين في مشكلة غلاء المهور؟
الإسلام جاء دينا وسطا بين الغلو والتفريط وبين التضييق والإهمال فجعل المهر في حدود ما يستطيع الشاب دونما إرهاق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل النساء عشرة أيسرهن مهرا وقد حبب الإسلام في عدم التغالي في المهور قال تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، و لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا.
* ما هي الآثار المترتبة على ارتفاع سن الزواج؟
يؤدي ذلك إلى انتشار الفتن لأن الشباب كما قيل في الحكم شعلة من الجنون، والذي يطفئ ثورة الشباب لدى الذكر والأنثى هو الإسراع بالزواج، فالزواج عصمة من الوقوع في الحرام إشباع للرغبة في الحلال وغض للبصر، فيستطيع الزوجان تربية الأبناء وهما في سن معقولة حتى يطمئنا عليهم في حياتهما، بخلاف من يتزوج في سن متأخرة فإن ذلك يجعله يترك أولاده يتامى لا يفرح لهم ولا يهتم بتربيتهم ولا تقربهم أعين والديهم.
بعد ذلك نقول للشباب : تزوجوا في السن المناسبة، مادامت الظروف مناسبة. ورأفة بالشباب حتى لا ترتفع سن الزواج إلى الحد الذي يصبح معه مشكلة.
هالة حلمي مجلة العربي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق