الجمعة، 24 مايو 2019

• العدوانية عند الأطفال


ابني "عضاض". إنها مشكلة يتعرض لها معظمنا ونصطدم بها خاصة في فترات معينة من حياة أطفالنا، وعادة تكون من سن ثلاثة إلى أربعة أعوام، ولن أحدثكم عن مستوى الخجل الذي يستشعره الآباء لو سيطرت تلك الخصلة على أطفالهم، ومدى الألم الذي يسببه لمن ينهشه الطفل بأسنانه!!

ولنعالج تلك المشكلة فلنتحدث بصراحة ووضوح عن الأسباب وبذلك نحاول أن نصل لأفضل الطرق للتوقف والامتناع، ولن يكون السبيل هو الضرب والقسوة، لأننا نعلم بالتأكيد أن القسوة تولد العنف والتمادي لإثبات الشخصية.
ولا تتعجبوا لأنه لا بد من الاقتناع بأن للطفل شخصية مستقلة !!
وفي البداية يجب أن نعلم أن إقبال الطفل على تلك العادة الكريهة، ليس معناه فشلنا كآباء!، ونتجنب بذلك الشعور بالذنب. ثم إن عادة العض في حد ذاتها ليست سلوكاً غير سوي، وذلك ما تؤكده الأبحاث، فالطفل الذي يقبل على ذلك السلوك ليس طفلا مختلاً أو غير طبيعي فقد يكون ذكيا ومتقدماً ذهنياً
ولكن إن أصبح السلوك متغلغلا وليس فقط مرة أو اثنتين أو حتى أربع مرات فلا بد من سرعة الملاحظة وسرعة اتخاذ بعض الإجراءات.
وأقصى مراحل أو ذروة ذلك السلوك هي من 13 إلى 30 شهرا. و"العض" في مرحلته الأولى من حياة الطفل أمر عادي وليس مؤشرا لأن يصبح مشكلة في وقت لاحق.
فلو أقدم الطفل على ذلك السلوك معك فسيكون رد فعلك الفطري هو الصراخ، أو جذب نفسك سريعا بعيدا عنه، وذلك في حد ذاته كاف لتوصلي للطفل شعورك تجاه ما قام به، وعادة ما تصل للطفل الرسالة.
ولو لم تصل فنقترح أن توجهي له كلماتك بشدة وجدية وعبوس بأن يكف عن ذلك أو تعطيه شيئا مثل "مصاصة" أو قطعة خبز حسب سن طفلك.
ثروة لفظية !
في الفترة الأولى من تعلم الطفل المشي تظهر المشكلة لأسباب عديدة منها: شعوره بالإحباط، أو عندما لا يجد الكلمات التي يعبر بها عن نفسه بشكل ملائم.
وتحكي إحدى المدرسات بأنها تتذكر طفلة صغيرة كانت تلميذة في فصلها وصلت لمرحلة مستعصية بسبب تلك العادة، فيوميا لا بد أن تكون قد "عضت" أحد الأطفال، فلو اقترب أحد منها فكان ذلك هو دفاعها الوحيد، وكان الأمر يشكل إزعاجا سافرا لوالديها، وكان الأمل أنها عندما تتعلم الكلام بشكل جيد سوف تتوقف، وبالفعل حدث ما توقعناه فهي مثل غيرها من الأطفال ممن يستعيضون عن عدم قدرتهم على الكلام والتعبير عن أنفسهم بذلك السلوك!! للحصول على ما يبغونه.
وبطبيعة الحال هناك أطفال يصابون بالإحباط لسبب معاكس، كأن يمتلكون ثروة لفظية تزيد على طاقة رفاقهم وهذا ما حدث لطفل آخر كانت أول مرة يقدم على هذا السلوك عندما كان عمره 18 شهرا. وكان يلعب مع صديقته الصغيرة "أصغر منه" وكان يحاول التحدث إليها، ولم تكن هي قد تعلمت الكلام بعد، وهنا انقض على ذراعها ولازمه ذلك شهورا طويلة.
والنزاع حول الألعاب من أهم أسباب إقدام الطفل على "العض" ويحدث ذلك غالبا في المدرسة حيث التفاعل والاحتكاك بين الأطفال وتنافسهم حول الألعاب وجذب الانتباه.
وقد أشارت أبحاث نشرتها مجلة طب الأطفال الأمريكية عام 1991 إلى أن نصف الأطفال في الحضانات يتعرضون " للعض" مرة على الأقل منذ التحاقهم بالحضانة!!.
جذب الانتباه
وطفلك قد يتقدم على السلوك كحيلة لجذب الانتباه كأن تكون الأم مشغولة عنه بالتليفون، فقد لاحظ الباحثون أن الأحداث الخطيرة عادة تكون في تلك الأوقات عند انشغال الآباء بالتليفون، وقد تكون إشارات اليد بالصمت والابتعاد دافعا لاعتقاد الطفل بأن هناك شيئا مهما يتحدث فيه الوالدان وأن إزعاجهما ومقاطعتهـما أمر مستهجن!! ولكن العكس صحيح فإقدامهما على التحدث قد يمنع حادثة.
وعموما لو كان الطفل قد قام بالعض لجذب الانتباه فالتعامل مع الموقف قد يكون معقدا، فأنت في حاجة إلى شيء يعزز ويدعم السلوك بإعطاء الرعاية، وحتى الانتباه السلبى يكون مفيدا، ولكنها نصيحة لا تتجاهل الحدث أبدا!!
إن العض لأمر مروع لكل من الطفلين: الجاني والمجني عليه. وفي بعض الأحيان نجد الجاني هو من يبدأ في الصراخ! ولأن أمامنا طفلين يصرخان فمن الصعب معرفة ما يجب أن نفعله في تلك اللحظة.
وبعض الخبراء يشعرون بأن أفضل شيء نفعله هو إعطاء الطفل الجاني فرصته في حين نلتفت للمجني عليه، والآراء تؤكد أن منح الطفل المجني عليه الراحة والهدوء في حضور الجاني معناه منح الراحة للجاني، وخلق جو من التفاهم والشعور بأنه شخص كبير مسئول!
وفي المواقف المتطرفة تقول إحدى الأمهات: إنها تقترح أسلوب العقاب كمنع الطفل عن "الأيس كريم" أو الحلوى التي يحبها لمدة أسبوع، ومنعه عن شرائها يشكل له ألما يذكره دائما عندما يمر بالمحل ولا يشتري، بسبب منعه عنه!
سلوك وتحذير
وقد يقوم الكبار بسلوك خاطئ عندما يقدمون على السلوك نفسه مع الطفل المخطئ بغرض إفهامه كيف يشعر الطفل المجني عليه.
وتلك الفكرة سيئة لأنها ترد على العدوانية الزائدة بعدوانية مثلها "!!".
دينا توفيق مجلة العربي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق