ما هو عدد العوانس في البلدان العربية؟
ما هي أسباب العنوسة في المجتمعات العربية؟
ما هي الحلول المقترحة؟
فى العالم العربي: جرب أن تتلفت حولك، تنظر إلى نساء أسرتك الصغيرة، أو عائلتك الكبيرة، واسمح لي أن أطلب منك أن تعد الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، بالرغم من وصولهن إلى سن الثلاثين.
والآن: هل أدركت أن مشكلة العنوسة مشكلة حقيقية وأن هذه المشكلة مشكلة عامة؟ تدركها كل فتاة عربية في الجزائر، في تونس، في سورية، في السعودية؟ هل أدركت الآن أن هذه المشكلة ليست مشكلة أختك فقط (ذات الملامح غير المبهرة) أو بنت عمك أو خالتك التي لم (تتلحلح) كما يقولون - في مصر - في عملها أو كليتها حتى تستطيع كسب ثقه رجل ما لكي يتقدم إليها ويطلب يدها ويتزوجها؟! هلا أدركت الآن أن هذه المشكله ليست مشكلة فردية بل مشكلة مجتمعية عامة لا يد لأختك أو خالتك أو بنت عمك أو بنت خالك فيها.
آه... كم ظلمنا بناتنا بهذه الاتهامات، وكم قسونا عليهن باتهامات هن منها براء... وإليكم الأسباب:
- في مصر أظهرت دراسة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد من وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج بلغ تسعة ملايين شخص، منهم ما يزيد على ثلاثة ملايين امرأة وستة ملايين رجل.
- أما في السعودية فقد أظهرت إحصائية وزارة التخطيط أن عدد النساء اللاتي بلغن الثلاثين دون زواج وصل إلى مليون و90 ألفًا.
- الإحصائيات الرسمية الجزائرية تؤكد أن نسبة النساء العازبات بلغت 51 في المائة من إجمالي عدد النساء، من بينهن أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن الرابعة والثلاثين عاماً.
- كما أن هناك 50 في المائة من الشباب السوري عازبين، و60 في المائة من الفتيات السوريات عازبات، والنسبة الكلية في الأردن نحو 55 في المائة ممن بلغوا سن الزواج.
نسبة العازبين بلغت 20 في المائة في كلٍّ من السودان والصومال، وفي العراق 85 في المائة ممن بلغن سن الزواج وتجاوز عمرهن الخامسة والثلاثين بسبب العيش في ظلال الاحتلال.
- نسبة العازبات في البحرين أكثر من 20 في المائة، وفي الكويت 30 في المائة، وأن 35 في المائة من الفتيات في كل من الكويت وقطر والبحرين والإمارات بلغن مرحلة العنوسة أو (اليأس من الزواج)، وانخفضت هذه النسبة في اليمن، بينما بلغت 20 في المائة في كل من السودان والصومال، وبلغت 10 في المائة في كل من سلطنة عمان والمملكة المغربية، وكانت في أدنى مستوياتها في فلسطين حيث لم تتجاوز فتاة واحدة من بين كل مائة فتاة.
وتعود هذه الظاهرة وتفشيها في العالم العربي ومصر على وجه الخصوص إلى أسباب معقدة ومتعددة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- الانبهار الثقافي بالغرب ونشر ثقافة رفض الزواج المبكر واعتبارها أضحوكة أو وصمة عار في جبين المجتمعات العربية على الرغم من أن الغرب الذي صّدر لنا هذه الأفكار يبيح العلاقات الجنسية المفتوحة، فإذا ما رفعنا سن الزواج في العالم العربي ورفضنا فكرة الزواج المبكر فإننا أجرمنا في حق أبنائنا وشبابنا بالدعاية لمثل هذه الأفكار حيث لا يمكننا إباحة العلاقات الجنسية قبل الزواج نتيجة التزامنا بمبادئ وقيم الدين الإسلامي وحدوده المعروفة لكل من انتسب إليه.
- التحقير الإعلامي لفكرة الزواج بصفة عامة سواء كان ذلك في الأفلام العربية أو المسلسلات المختلفة أو حتى في الإعلام الغربي.
- كما أن الإعلام يلعب دورًا مختلفًا في أحلام الفتيات بالحب الرومانسي أو بالفارس التي غالبًا لا تتيحه ظروف الانغلاق بالمجتمعات العربية...فكيف لفتاة لا تتعامل بشكل مباشر مع الرجال - اللهم إلا في أضيق الحدود - أن تقع في حب شخص واختياره كزوج؟!
- يجب ألا نغفل أيضًا اتجاه الأسر في الوطن العربي إلى المغالاة بشكل كبير في الاشتراطات لقبول زواج ابنتهم من شخص ما، والذي غالبًا ما يبررونه بأنهم أنفقوا كل ما يملكون على الفتاة وليس من السهل التنازل عن الشروط الأساسية المطلوبة لزوج يصلح لهذه الفتاة.
- الغلو في أمور كثيرة يعد أمورًا فرعية مثل الشبْكة، ومكان حفل الزفاف وعدد المدعوين.. إلخ.
- حرص الأسرة العربية على تعليم بناتها والوصول بهن إلى الدرجات العلمية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، ما يجعل من الصعب على الأسرة بل والفتاة ذاتها القبول بمن هو دون مستواها العلمي على الرغم من إمكانية أن يكون لدى هذه الفتاة ميل عاطفي نحو هذا الشخص، وهذا شيء نلمحه في مصر بشكل شبه دائم.
- ارتفاع أسعار الشقق والبيوت في الوطن العربي مما يجعل الشاب المقبل على الزواج يفكر أكثر من مرة في الدخول في هذه الدوامة من التكاليف التي لا تتناسب مع شباب في مقتبل العمر.
- اهتمام نسبة كبيرة من الأمهات بأن يكون المتقدم للزواج من بناتهن ثريًا وذلك حتى تضمن لهن الراحة والرفاهية التي تحلم بها لهن.
يجني الأبناء أخطاء مجتمعهم سواء المتمثلة في غلو الحياة المعيشية من مأكل ومشرب وتعليم وملبس... إلخ، أو ارتفاع أسعار المنازل وإيجار الشقة التي قد تكون صغيرة في المساحة، وشديدة البساطة في الموقع وأشد فقرًا في الأثاث، وبالرغم من ذلك فهي صعبة المنال، ويُحرمون من تكوين عش الزوجية الذى لطالما حلموا به وهم صغار.
فهل سنستسلم ثقافيًا وماديًا أمام مثل هذه المشكلة التي تتآكل معها المجتمعات العربية وتؤدي بشبابنا إلى الدمار النفسي والمعنوي وتؤدي به أيضًا إلى الاستسلام للواقع المرير والبطالة؟
إن تكوين الأسرة يدفع الشاب إلى العمل بدافعية أكبر وإلى الطموح بشكل واسع من أجل الانتقال بأبنائه إلى طبقة أعلى في المجتمع، فالأسرة هي الدافع الأول للشاب لكي يتدرج وظيفيًا وعلميًا وثقافيًا.
وفي الحقيقة أن هناك عدة دعوات إلى محاربة ظاهرة العنوسة في العالم العربي فنجد العديد من الشباب والشابات قد أطلقوا حملة على الفيسبوك تحت شعار "جوزونا" تهدف إلى القضاء على العادات التي تعقد الزواج.
كما أسس بعض الشباب رابطة اجتماعية تابعة للحملة اسمها "رابطة كارهي النيش"، والنيش: قطعة أثاث تحمل العديد من المقتنيات الباهظة الثمن، وغير الضرورية.
وقد دعا الباحث السعودي د. عبدالرحمن الصايغ إلى تبني مشروع وطني للتصدي لهذه الظاهرة باعتبار أنها أزمة، ليس على المستوى المحلي وحده، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي. وقد أكد الباحث الاجتماعي في دراسته "الزواج من أجل الحياة" على أن القضاء على العنوسة يحتاج إلى حلول إجرائية واضحة، منتقدًا الدراسات التي تقتصر على نصائح عامة.
وترتكز فكرته على أن تقوم كل دولة عربية إسلامية تعاني من هذه المشكلة بتأسيس لجنة وطنية ترتبط بها لجان محلية في كل مدينة ومحافظة ومنطقة ريفية، تكون بمنزلة أذرع للجنة الوطنية التي تُفعل تنفيذ هذا المشروع، وأن يكون أعضاء تلك اللجان من القيادات الاجتماعية في مجتمعاتهم رجالاً ونساءً، ممن لهم تأثير وكلمة مسموعة في مجتمعهم المحلي، وممن عرفوا بالصلاح وحب الخير للمجتمع.
ويهدف المشروع إلى تحريك الآلاف من الرجال والنساء للتطوع من أجل الإسهام في حل أزمة العنوسة، من خلال أهداف واضحة وجداول أعمال ومهام محددة ومخطط لها وحاصلة على الموافقة الرسمية.
ويجب الدعوة إلى مؤتمر لمناقشة ظاهرة العنوسة من كل جوانبها، على أن يشارك في هذا المؤتمر كل الباحثين الاجتماعيين والتربويين وعلماء النفس وعلماء الدين.. إلخ، وذلك لمناقشة هذه الظاهرة والوصول إلى أسبابها الخفية وطرق علاجها في المجتمعات العربية بصفة عامة وكل مجتمع بشكل خاص، على أن تتاح المشاركة للمجتمعات التي توصلت إلى حلول جذرية في علاج هذه الظاهرة.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق