الجمعة، 23 نوفمبر 2012

• الزلازل (بحث كامل): أسبابها، تاريخها، أعراضها، مخاطرها، فوائدها، قياسها


تعد الزلازل من أشد قوى الطبيعة تدميرًا، وتُعرّف الزلازل بأنها عبارة عن هزات أرضية تحدث من وقت لآخر نتيجة تقلصات في القشرة الأرضية، وعدم استقرار باطنها (المائع الناري)، وتحدث في اليابسة أو في الماء أو كليهما وقد تكون أفقية أورأسية.

ويتساءل الإنسان عن مصدر هذه الحرارة الهائلة المنبعثة من باطن الأرض، ويعلل ذلك الدكتور (هرشل
Herschel) فيقول: عندما بدأ كوكب الأرض في التشكل كان في حالة غازية تشبه حالة (السدم Nebulae) وأن القوة الطاردة المركزية وسرعة الدوران أعطياها هذا الشكل الكروي.
نظرية الحرارة الباطنية
صاحب هذه النظرية هوالأستاذ (هوبكنر
Hopekiner)، وهويفترض أن الحرارة الشديدة في باطن الأرض ناجمة عن مواد شبه سائلة وأن الأدلة تشير إلى تغيرات كيميائية تحدث فيها فتسبب تلك الحرارة.
كلنا نعرف أن القشرة الأرضية مكونة من من مركبات من الصخور والمعادن، ويدخل فيها مركبات عضوية وغير عضوية وأن أي تغيير يحدث لتلك المواد في باطن الأرض يعمل على زيادة الحرارة زيادة قوية، ويرى الأستاذ (ليمري
Lemery) أن عنصري الحديد والكبريت إذا اتحدا ثم تعرضا إلى بخار الماء، يعملا على زيادة الحرارة لا سيما في باطن الأرض حيث الحرارة والضغط الشديدين، كما أن عنصر إيودين النتروجين له تأثير في زيادة حرارة نواة الأرض.
هل الغازات المحبوسة في باطن الأرض هي السبب في حدوث الزلازل؟
يعتقد العلماء أن الغازات المحبوسة في باطن الأرض، سواء كانت سائلة أم غازية لها تأثير كبير في إحداث اهتزازات عنيفة في قشرة الأرض أوإنفجارات بركانية، وهذه الغازات تنكمش أحيانا وتتمدد أحيانا أخرى، وفي هذه الحالة تحدث موجة من المد تخترق طبقات الصخور في قشرة الأرض، في إتجاه أفقي أورأسي، ينتتج عنها الهزة الأرضية.
الأسباب الرئيسية لحدوث الزلازل
يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية فيما يلي:
1)    عامل الحرارة الباطنية الكامنة في باطن الأرض.
2)    تقلصات القشرة الأرضية نبعا لانكماش المائع الناري وتمدده.
3)    الحرارة تزداد باستمرار كلما تعمقنا في باطن الأرض واقتربنا من المواد الباطنية المسماة (Magma) وهي المسؤولة عن حدوث الزلازل والبراكين عندما تتمدد.
4)    تتمدد المواد الباطنية تحت تأثير الحرارة الناتجة عن التفاعلات الكيماوية المستمرة في نواة الأرض.
5)    الموجات الكهربية التي تحيط بالأرض.
6)    علاقة الموجات الكهربية بالتفاعلات الكيماوية.
7)    المواد الإشعاعية (Radeoactive) الموجودة في باطن الأرض، والطاقة النووية الهائلة المنبعثة من تحطم الذرات في اليورانيوم والثيوريوم.
8)    وجود الغازات المحبوسة داخل الأرض وتسخينها يساعد أيضا في حدوث الزلازل.
طبيعة الزلازل وأعراضها وقياسها
أمثلة على الأعراض:
1)     حدوث اضطرابات جوية أو عواصف تعقبها فترة هدوء.
2)    سقوط أمطار غزيرة.
3)    احمرار قرص الشمس.
4)    سماع أصوات من داخل الأرض.
5)    زيادة الأبخرة في الجولدرجة لدرجة كبيرة.
6)    الشعور بدوار في الرأس.
الزلازل ونموالنباتات
تساعد الزلازل في انفلاق بذور النباتات وسرعة نموها وازدياد خضرة المراعي ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية:
1)    كثرة تولد غاز ثاني أكسيد الكربون.
2)    انتشار السوائل المعدنية في التربة.
3)    ازدياد تولد الكهربية في التربة، وهذا ملاحظ بصفة خاصة في كاليفورنيا.
قياس الزلازل (سيسموغراف Seismography)
تقاس الزلازل بجهاز خاص رصد خاص يسمى (السيسموغراف
Seismograph) وهوآلة أوتومانيكية حساسة لتسجيل الهزات وعددها ووقت حدوثها.
التوزيع الجغرافي العالمي للزلازل
1)    منطقة (الحلقة النارية Ring of fire)، وهي تمر بسواحل المحيط الهادي الشرقية والغربية، وهذه المنطقة من أشد جهات العالم عرضة للهزات الأرضية وكوارثها، ومن أهم مناطق ضعف القشرة الأرضية.
2)    المنطقة الثانية العالمية، هي التي تمتد من جزر الهند الغربية وهي مناطق خطيرة للغاية، وتوجد فيها وتوجد فيها سلاسل جبال الأنديز وتشمل جزر المارتينيك وسان دييغووجمايكا وبورتوريكووهاييتي والأنتل في البحر الكاريبي.
الزلازل في التاريخ
منذ ميلاد المسيح وحتى القرن السادس عشر حدث 179 هزة عنيفة منها 15 بالغة العنف، ثم بين القرنين السادس عشر والثامن عشر حدثت 2804 هزات منها 100 بالغة العنف، وفي القرن التاسع عشر حثت 3204 هزات، ويقال أن مدينة إيطالية ابتلعتها الأرض وحولتها إلى بحيرة سنة 1480 قبل الميلاد.
وفي سنة 551 ميلادية عمت الزلازل شواطئ سوريه ولبنان وكان أشدها في مدينة بيروت.
وفي سنة 1139 ميلادية، خربت الزلازل مدينة حلب والتي امتدت إلى إيران وقتلت 100000 نسمة على الأقل.
في يناير 1699 حدث في جاوة (جزء من أندونيسيا حاليا) 208 هزات أرضية، فانهارت البيوت وثار بركان (سلاك) وغير أحد أنهارها مجراه بسبب التقلصات الأرضية.
وفي سنة 1693، تعرضت جزيرة (سورييا
Sorea) إلى أربع هزات أرضية ثم بدأ بركانها ينفث دخانا، ثم انفجر بشدة فبدأت فوهته تسقط وجوانبه تنهار.
وفي يناير سنة 1837، تعرضت سوريه ومعظم بلاد الشام إلى زلزال عنيف شمل منطقة بلغت 500 ميل طولا و90 ميلا عرضا وقد هلك من جرائه 600 نسمة.
وفي سنة 1811 تعرضت مدينة (نيومدريد) في ولاية (كارولانيا الجنوبية) وكان من الشدة بحيث كوّن عدة بحيرات صغيرة.
وفي سنة 1601 تعرضت سان فرانسسكولزلزال مدمر سبب إشتعال الحرائق وخسائر فادحة بالأرواح بلغت 20000 نسمة.
وفي سنة 1929 تعرضت طوكيوويوكوهاما إلى أكبر زلزال عرفته الجزر اليابانية.
علاقة الهزات الزلزالية بالجزر البحرية
منذ ملايين السنين، تقوم البراكين ببناء جبال ترتكز على قاع المحيطات فترتفع بالتدريج حتى تتجاوز سطح الماء فتبرز قممها كجزر من (اللافا)، كجزيرة بورمودا.
ويختلف البركان الغارق في الماء، عن البركان الموجود على السطح فبينما نجد الأول يتعرض إلى ثقل الماء الذي يبطئ نموه إلا أنه يسبب موجات مد كلما ثار، نجد الآخر يلقي بحممه وصخوره المنصهرة من حوله وتنطلق غازاته في الجوإلى ارتفاعات شاهقة.
ومن أحدث الجزر البركانية الكبيرة في العالم، جزيرة (أسنشينغ
Ascensiang) في جنوب الأطلسي، وهذه الجزيرة هي الأرض الوحيدة الواقعة بين البرازيل وأفريقيه.
الأمواج الزلزالية البحرية
هناك فارق بين الأمواج البحرية الزلزالية المسماة (تسونامس Tsunams) والأمواج البحرية العادية، فالأولى تنتجها الزلازل العنيفة التي تحدث في أعماق البحر وهي في غاية الخطورة، بينما الثانية تحدثها الرياح.
أغلب أمواج (تسونامس
Tsunams) وهذا هو إسمها باليابانية، تتولد في أعماق أخاديد في قاع المحيط وقد تتسبب بالقضاء على آلاف البشر، وقد تؤدي إلى تخريب السواحل وما عليها من منشآت، وهي أمواج ترتفع فجأة مسببة الكوارث، فقد ارتفعت الأمواج عام 385 ميلادية على طول سواحل البحر البيض المتوسط الشرقية فهلك من جرائها آلاف البشر، وفي الإسكندرية تركت سفنا وأسماكا فوق أسطح المنازل.
الزلازل خلال العصور الجليدية
يقول الأستاذ النمساوي الكبير الدكتور سويس (Dr.Suess) أن الكرة الأرضية خلال تاريخها الجيولوجي الطويل تعرضت إلى هزات وتقلصات كثيفة كانت تستمر لمدد طويلة أحيانا نتيجة لتمدد السيما (Sima) أو الماغما، نتيجة نشاط المواد المشعة في باطنها، وكانت على أشدها في الحقبة الثالثة لمولد الأرض عندما كانت قشرة الأرض لم تكتمل.
ويستدل العلماء على ذلك من خلال دراسة الصخور والمعادن والحفريات الطبقية، ويقولون أن عصورا من الهدوء وأخرى من الإضطراب كانت تتعاقب على الأرض.
هل للزلازل من فوائد ؟
يعتقد الدكتور سويس، أن للزلازل بعض الفوائد، فهي تشكل سطح الأرض فترفع الجبال وتخرج المعادن الثمينة من باطن الأرض، ويعتقد الدكتور (آرثر هلمز) أن هذه الدورات الزلزالية وما صحبها من إلتواءات في قشرة الأرض (Orogenesis) هي التي كونت الجبال العالية كالهيمالايا والقوقاز في آسيا، والبريناس والألب في أوربا، والروكي في أمريكا الشمالية، والأنديز في أمريكا الجنوبية.
أيهما أشد ضررا على البشر الزلازل أم الأبنية التي تهدمها؟
يرى علماء الجيولوجيا والمختصون بمتابعة الزلازل، أن الأبنية هي التي تقتل الناس أثناء وبعد الزلازل، وأكبر دليل على هذا الرأي ما حدث مؤخرا في تركيا، ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية:
1)    استخدام مواد غير مناسبة في البناء، كاستخدام رمال الشواطئ في تكوين الخرسانة، وهذه الرمال تحتوي على كثير من الشوائب والأملاح والماء، التي تسبب للخرسانة فيما بعد شقوقا تسمح للمؤثرات الجوية كالرطوبة العالية أن يصيب الصدأ حديد التسليح مما يقلل من تماسكه واتصاله بالإسمنت من حوله، وهذا من شأنه إضعاف قدرة الكتلة الخرسانية على تحمل الضغوط العالية.
2)    الأبنية ذات الطوابق المتعددة تكثر فيها الفتحات (كالنوافذ والأبواب) مما يجعل البناء غير مترابط.
3)    عدم مراعاة المواصفات الفنية المفروضة بالنسبة للأبنية الواقعة على خطوط الزلازل.
4)    إضافة طوابق جديدة، مما يشكل أعباء إضافية على الأعمدة والجسور والأساسات، مما يؤدي إلى هبوط كلي حالما تبدأ الهزة الأرضية.
وهناك إجراءات متعددة للتقليل من مخاطر الزلازل:
1)    تخطيط مبني على دراسة جيولوجية قبل السماح بالبناء مع تقوية الأبنية الضعيفة، في مناطق النشاط الزلزالي.
2)    إزالة المنشآت الخطرة من الأماكن التي من المحتمل أن تتعرض للزلازل.
3)    إصدار القوانين والتشريعات الضرورية لدعم التخطيط البيئي والمدني.
بعد حدوث الزلزال
1)    تصميم خطط الطوارئ، وتحديد الأماكن التي يمكن استخدامها في حالة حدوث الكوارث الزلزالية، والتدريب الكافي على عمليات الإنقاذ والإخلاء السريع وإقامة الملاجئ والمستشفيات الميدانية، يشارك فيها مدنيون وعسكريون.
2)    الحرص على توعية الناس بالثقافة الزلزالية.
هل يمكن التنبؤ بحدوث زلزال ؟
مكنت الخبرات والتجارب التي اكتسبها علماء الزلازل من التنبؤ بوقوع عدد من الهزات الأرضية، بعضها أصاب وأغلبها خاب.
أنجح التنبؤات كانت في الصين عام 1973، فقد تجمعت في أحد مراكز الرصد معلومات نقلها السكان والمختصون في علم الجيوفيزياء، تشير كلها إلى حدوث ظواهر غير عادية، كتبدل مستويات الماء في الآبار ومد وجزر غير عاديين على شواطء شبه جزيرة (ليا) وحدوث ذبذبات غريبة في المجال المغناطيسي، وفي منتصف اليوم الرابع من شهر شباط / فبراير لوحظ ظهور أعداد كبيرة من الثعابين تخرج من جحورها فوق حقول يغمرها الثلج. واعتبر مركز الرصد أن هذه الظواهر كافية فأعلن حالة الطوارئ، وقد أخليت البيوت وأطلق سراح الحيوانات، ومرت بضع ساعات ثقيلة في انتظار المجهول، وفي الساعة السابعة والنصف مساء، ضرب الزلزال المنطقة بقوة سبع درجات وثلاثة أعشار، فهدم 90% من المنازل والسدود والجسور ولكن دون خسائر بشرية.
ومن حالات التنبؤ الفاشلة: فقد أخفق علماء الزلازل بالتبؤ بزلزال تموز/ يوليو سنة 1976 بقوة سبع درجات، حيث تسبب بمقتل أعداد كبيرة من البشر.
وفي روسيا تنبأ العلماء بحدوث زلزال في وادي (فرغانه) ولكنه حدث على بعد 40 كيلومتر، وكذلك حدث نفس الشيء في اليمن، فخرج الناس من بيوتهم في صنعاء ولكن الزلزال لم يحدث أبدا.
وفي آخر سنة 1980 تنبأ العلماء في أمريكا الجنوبية بحدوث أعنف زلزال في التاريخ المعاصر، إلا أنه لم يحدث.
المقدار الزلزالي Earthquake Magnitude
قياس مطلق لاتساع الموجات الزلزالية التي تعتمد على كمية الطاقة المنطلقة من الزلزال، ويحدد مركزه، وذلك باستخدام (سيسموغراف Seismography) وهوجهاز حساس جدا لأي إهنزاز في قشرة الأرض.
وقد بدئ باستخدام مقياس (المقدار الزلزالي
Earthquake Magnitude) على المستوى العالمي سنة 1931 على يد العالم الياباني (واداتي wadati) ثم تطور على أيدي آخرين والجدول التالي يوضح مقارنة بين مقياس (ميركالي) و(ريختر
قوة الزلزال مقياس ميركالي مقياس ريختر شكل التأثير
·       بالغ الضُعف أقل من 3.5 لا تشعر به سوى أجهزة القياس وبعض الطيور والحيوانات.
·       ضعيف جدا  3.5 يشعر به الناس في طبقات الأبراج السكنية العليا.
·       ضعيف  4.2 يشعر به الناس في البيوت.
·       متوسط  4.4 تهتز الأبواب والنوافذ والمعلقات.
·       قوي نسبيا  4.8 تهتز الأبواب بشدة ويتكسر الزجاج
·       قوي  5 يشعر به كل الناس وتتساقط محتويات المنازل.
·       قوي جدا  6 يجري الناس في الشوارع ويصعب الوقوف على الأرض وتظهر أمواج في برك السباحة.
·       مدمر 6.5 تتصدع المباني القديمة وقد تنجم خسائر في الأرواح.
·       مدمر جدا  6.9 تتصدع الطرقات وتتلف الخزانات وأنابيب التمديدات الصحية والمجاري.
·       شديد التدمير 7 تنهار كثير من المباني وتتشقق الأرض وتحدث فيها الإنزلاقات، وينجم عنه خسائر كبيرة في الأرواح.
·       بالغة التدمير  8 تنهار المباني بصورة شاملة وكذلك السدود، وتتلوى خطوط السكك الحديدية، مع خسائر كبيرة بالأرواح.
·       كارثي 9 تتطاير كل المباني بلا استثناء، وتغطس الشواطئ وما عليها في البحر.
من آثار الزلازل
1)    حدوث تموجات وتشوهات فوق سطح الأرض قرب مركز الزلزال، وارتفاع منسوب المياه وظهور أمواج عاتية رغم هدوء الرياح وخاصة إذا كان مكز الزلزال قريبا من الشاطئ.
2)    تغير في مناسيب مياه الآبار على امتدادا خط الصدع.
3)    تغير في درجة التوصيل الكهربائي للصخور وتغير في المجال المغناطيسي.
ظهور تغيرات واضحة في سلوك الحيوانات كالحركات العشوائية للفئران بعد خروجها من جحورها، واستمرا طيران الحمام وعدم رجوعه إلى أعشاشه ونباح الكلاب بشكل ملفت.
4)    حدوث هزات أولية تتزايد بشكل تدريجي، قبل حدوث الزلزال.
الخلاصة
تتفاوت درجات الزلازل وتتفاوت تأثيراتها، ومع وجود بعض المؤشرات على قرب حدوثها فإنه لا زال من الصعب توقعها، والأمر الوحيد الممكن حاليا في مواجهتها هو تقوية الأبنية على طول خطوط الزلازل وتدريب فرق عالية الكفاءة على أعمال الإنقاذ، والتعاون الدولي في حالات الكوارث الكبرى.






هناك 5 تعليقات: