يولد كل إنسان ومعه ست مجموعات من
الأنسجة الليمفاوية التي
يطلق عليها اللوزة، تتجمع فرادي ومثاني
في مدخل الجهازين التنفسي والهضمي كخط دفاعي أمامي ضد الميكروبات.
وفي مدخل البلعوم الفمي لوزتان كبيرتان في حجم ثمرتي لوز كبيرتين، تتكون كل
واحدة منهما من ثلاثة أجزاء، أكبرها ااجزء العلوي وينفصل عن المخل الأوسط أخدود عميق، وتغطي سطحها فجوات صغيرة تمتلئ بالصديد عند
حدوث التهاب.
ويوجد زوج من التجمع الليمفاوي عند
مداخل قناة استاكيوس التي تصل ما بين البلعوم الأفقي
بالأذن كفخ للميكروبات، قبل أن تدخل الأذن. وتوجد لوزة واحدة كبيرة في مؤخرة
اللسان وتعد جزءًا منه لا يمكن فصلها عنه، أما اللوزة السادسة والأخيرة فتوجد في سقف البلعوم الأفقي على شكل عُرف الديك،
تتدلى من سقف البلعوم
الأفقي خلف فتحتي الأنف الخلفيتين، لهذا
السبب عندما تتضخم ينسد الأنف من الخلف، ويعمل جهاز اللوز منذ
ولادة الطفل لحمايته من الأمراض الميكروبية. ويحدث التهاب اللوزتين في البلعوم
الفمي بسبب ضعف مناعة الجسم ضد الميكروبات الموجودة فعلًا في البلعوم الفمي، وفي
فجوات اللوز بشكل خاص بسبب نقص المناعة والاختلاف الشديد في درجات الحرارة أو
الإجهاد البدني أو الذهني أو النفسي.
وأشهر الميكروبات التي تؤدي إلى التهاب
اللوزتين هي الميكروبات
السبحية، وتكون على شكل كريات صغيرة في
هيئة عناقيد أو مسبحة، وتأتي عادة من عدوى خارجية بسبب ازدحام
المكاتب أو وسائل المواصلات أو فصول المدارس. ويظهر التهاب اللوز الحاد في عدة
أشكال، كاحتقان في لوزتي مدخل الفم وتضخمهما، وعند تطور الالتهاب تبدأ في
إفراز سائل صديدي يتجمع في فوهات الفجوات الموجودة بها، ويسمى الالتهاب الحبيبي. وقد تتجمع هذه النقاط الالتهابية والبؤر
الصديدية وتتحول إلى ما
يشبه غشاء أصفر يغطي اللوزتين أو
معظمهما، ويسمى الالتهاب عندئذ بالالتهاب الغشائي، وإذا لم تعالج الحالة
أو يتناول المريض دواء بشكل خاطئ أو كانت مناعته أضعف من المنتظر، عندها يتوحش
الميكروب ويقتحم اللوزة غازيًا تكوينها الليمفاوي ويتمركز خلفها ويستقر، ثم
يتحول إلى خرّاج حول أو خلف اللوزة يزيد من الأمر سوءًا، وغالبًا ما يتكرر حدوث هذا الخرّاج بعد المرة الأولى، لهذا فمن العادة
أن ينصح الطبيب
باستئصال اللوز بعد أول مرة يحدث فيها
الخّراج، للتخفيف من معاناة المريض ولمنع حدوث مضاعفات
مستقبلية. حيث إن تكرار هذا الالتهاب الحاد للوزتين يحولهما من قلعة أمان ودفاع إلى مستعمرة للجراثيم ومزرعة للميكروبات تنشط فيها
وتبث سمومها في الجسم
كله. فضلاً عن هذا يستحسن استئصال
اللوزتين، خصوصًا في الأطفال، لأن تضخمهما يؤدي إلى انسداد المجرى
الهوائي التنفسي ومن ثم صعوبة التنفس، وخصوصًا في وقت الليل، بالإضافة إلى صعوبة
في بلع الأطعمة، وسوف تلاحظ أن الطفل يفقد القدرة على النطق بشكل سليم خاصة حرفي
(النون) و(الميم) عندها يكون استئصالها إجباريًا بغضّ النظر عما إذا كانت ملتهبة
أو لا. وعندما يصبح التهاب اللوزتين مزمنًا تصاحبه مجموعة من الآثار الجانبية مثل
سخونة الجسم والصداع والتهاب قرنية العين والتهاب العصب البصري والتهاب الأذن الوسطى والآلام الروماتيزمية والتهاب المفاصل،
والتهاب المبيض عند
المرأة والتهاب الكليتين والتهاب
الأعصاب والتهاب العظم والتهاب العضلات، وبعض الأعراض الجلدية مثل
الإكزيما وسقوط الشعر. وأحيانًا ما نحتاج إلى استئصال اللوزة حتى عند عدم التهابها
أو تضخمها، بل عند دخول جسم غريب بها يصعب إخراجه بعملية أخرى مثل دبوس أو شوكة سمك أثناء الأكل أو وجود ورم ما. وأصبحت
عمليات استئصال اللوزتين
تندرج تحت تصنيف جراحات اليوم الواحد،
فالمريض يمكنه الخروج في اليوم الأول للعملية، إذ صارت
أسهل مما كانت عليه في الماضي، بما في ذلك طرق التخدير المعقدة غير المأمونة وطريقة (المقصلة) لقطع اللوزة. الآن يستطيع
المريض مغادرة المستشفى
بعد عملية سهلة سريعة ثم تناول طعام سهل
البلع والسوائل في أول يومين بعدها، ثم بدء تناول الطعام العادي
وتجنب الأطعمة الحرّيفة وصعبة البلع. وفي أحوال نادرة تحدث ظاهرة اللوزة
الباقية، عندما توجد أجزاء دقيقة جدًا من اللوزة بعد استئصالها، سرعان ما تتضخم وتلتهب وتعيد الكرّة، كما أن استئصال اللوز من دون
لحمية خلف الأنف عند
الأطفال يؤدي إلى تضخم اللحمية
ومصاحبتها لأعراض شبيهة بكل أعراض التهاب اللوز، وفي حالة تأخر عملية
استئصال اللوزتين أكثر من اللازم تظهر التهابات ليمفاوية موضعية في البلعوم الفمي تبقى بعد استئصال اللوزتين، ولها ذات الآثار،
وفي الغالب تكون آثارًا
موضعية فقط لا جانبية. وإن كان بعض
الأهالي يخشون على أطفالهم من إجراء عمليات استئصال اللوزتين،
فإن للجراح كذلك الأسباب التي تمنعه أحيانًا من ذلك، على سبيل المثال الارتفاع الشديد في ضغط الدم للمريض، أو وجود حالة
شديدة من السكري، أو أن
يكون المريض بالتهاب اللوزتين مصابًا
بداء ابيضاض الدم (اللوكيميا) أو سيولة الدم (الهيموفيليا) أو سرعة
نزف الدم (حالة عدم تجلط الدم بسهولة بعد النزيف أو الجراح)،
أو في حالة وجود أورام سرطانية في الجسم.
هذه العوامل قاطعة وتمنع إجراء عملية استئصال اللوزتين
منعًا باتًا، لكن أيضا توجد عوامل مؤقتة يستحسن تأجيل العملية بسببها لعدة أيام، أو حتى أسابيع، مثال ذلك حالات الأنفلونزا
والتهاب اللوز الحاد
وارتفاع درجة الحرارة لأي سبب، وأوقات
الطمث عند الإناث.
د. هاني
حجاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق