الخميس، 8 نوفمبر 2012

• رسوم الكتب فى الإسلام... أدوات وفن



          تتجلى براعة الفنان المسلم في ما أبدعه من الرسوم التى زيّنت الكتب، وفى الخطوط التى كُتبت بها.
          كان الخطاط يحدد المكان الذي ينبغى تزيينه بالصور، ويبين الموضوع المطلوب من الرسام توضيحه، واستمر هذا الأمر إلى أن جاء الفنان العبقري «بهزاد» فخرج على القاعدة، واختار بنفسه الموضوعات وحدد المساحات!

          لم تكن الصور، في الصفحات الداخلية للكتاب، محددة بإطار بعكس الصفحات الأولى، التي تفنن في عمل الإطارات المزخرفة والمذهبة لها، ثم تطور فن التذهيب فلم يقتصر على الصفحات الأولى، بل تعداها إلى الصفحات كلها فصارت لها هوامش وإطارات الأمر الذى مكّن المصور من تحديد المساحة المخصصة للتصوير.
          استخدم  الفنان المسلم منظور «عين الطائر» فرسم المناظر وكأن الإنسان يراها من أعلى، مما أتاح له رسم الوحدات على حقيقتها، بعيدا عن الظروف الطارئة من: ضوء وظل، أو اختفاء وظهور، أو تقديم وتأخير، إذ كان يرى ان تلك الظروف طارئة تزول بزوال أسبابها، وتتغير بتغير مكان وزاوية الناظر إلى الأشياء، وزيادة في الوضوح اعتمد الفنان أيضا على أسلوب «الشفافية»، فنراه يرسم ما يوجد داخل الحجرات أو باطن الأرض أو في قاع المياه، ووسيلته في ذلك عدم رسم جدار في الحجرة لنرى ما بها، أو عمل تجويف في سطح الأرض لنرى منه ما في قاع النهر أو البئر.
          لم يكن عمل الفنان سهلا إذ كان عليه أن يجهز بنفسه أدواته: كالفرشاة والألوان والأصباغ والورق، وقد اختص كل فنان بطريقته في تحضير هذه الأدوات.
          كان هناك نوعان من الألوان : الألوان المعدنية والألوان النباتية، وقد فضّل المسلمون الألوان المعدنية،لأنها معتمة، وتحتفظ باللون ودرجته، ولا يمتزج بعضها ببعض مكونة ألوانا ثانوية.
          كانت الألوان تحضّر بسحق خامات المعادن - في هاون خاص - إلى أن تصير ترابًا ناعمًا، ثم تنخل بواسطة قماش رقيق جدًا، ثم تخلط بمحلول لزج. وكان المحلول أنواعًا ثلاثة هي: الزلال، والغراء، والصمغ العربي، ومن الملاحظ أن اللون كان يختلف من عصر إلى آخر بحسب المحلول والمادة التي يُحضّرُ منها، وقد اعتمد النقاد على هذه الخاصية في التحقق من نسبة الصور إلى العصور المختلفة اعتمادًا على تحليل الألوان المستخدمة في تلوينها.
          أما الفرشاة فكان على الفنان أن يصنعها من شعر الحيوانات: في إيران من شعر رقبة قط أبيض، وفي الهند من شعر السنجاب، وكان بعضها يُعدُّ بحيث ينتهي طرفها بشعرة واحدة، ليتمكن من تلوين الخطوط الرفيعة.
          وقد تفنن المصور في شكل الورق فأنتج منه الورق المرقط بالذهب، والرخامي أو السحابي اللون والمزهر.
          وكان عليه أن يصقل الورق، لكي لا يمتص الألوان، وذلك بدهن الورقة بزلال البيض، باستخدام فرشاة عريضة، ثم يتركها لتجف، ثم يضع الورقة على لوح مقوس من الخشب صنع لهذا الغرض، ويحك الورقة بواسطة المحار حتى تصير لامعة.
بهزاد 1450 - 1535م
          كان بهزاد (الإيرانى) من أوائل المصورين الذين وقـّعوا بأسمائهم على الرسوم، واعتاد اختيار مواضع من الرسم للتوقيع فيها تجعل من الصعب اكتشاف اسمه بسهولة.
          وقد ساعدته مكانته فى إجبار الخطاطين على أن يتركوا له اختيار المساحات والموضوعات التي يرسمها، وترجع شهرة بهزاد إلى مقدرته العجيبة في مزج الألوان، واتقانه رسوم العمائر وزخارفها، وحسن توزيع الأشخاص في الصورة وإكسابهم مسحة من الحياة والحيوية.
          وقد عرف فضله الغربيون فقرنوه بـ «روفائيل» المصور الإيطالى الشهير.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق