السبت، 17 نوفمبر 2012

• مراهقون ومراهقات... الحيرة داخل الجسد


         تطرأ على صورة الجسد تغيرات مهمة خلال مراحل النمو الإنسانى، ويحد ذلك حجم الجسم والقوة الجسمية. وتتكون هذه الصورة من الإحساسات الداخلية والتفاعل الاجتماعى مع الآخرين والخبرات الانفعالية.
          وكلما كانت صورة الجسد إيجابية عند الفرد، زاد احترامه لنفسه وثقته بذاته.
          فى السنة الأولى من العمر ينحصر إدراك الطفل لذاته من خلال إدراكه لجسمه، ثم تنمو قدراته المعرفية إلى المستوى الذى يمكنه من الوعى بالبيئة المحيطة به. ويتمكن الطفل فى السنتين الثانية والثالثة من عمره أن يميز بين جسمه وبين ما يحيط به.

          فى السنوات من الرابعة الى العاشرة يضاف إلى إدراك الطفل لجسمه وإدراكه للمحيط بعد آخر يتمثل فى صورته فى عيون الآخرين الذين يصفونه أو يهزأون منه أو يحتفون به أو يغضبون منه.
          وإبان فترة المراهقة يعود المراهق إلى التمركز حول جسمه نتيجة للتغيرات الكبيرة التى تحدث فى جسمه فيتعاظم دور الجسد مرة أخرى.
          ويترتب على هذه التغيرات الجسمية شدة حساسية للنقد من الآخرين فيما يتعلق بالجسم سواء من الرفاق أو الكبار من والدين ومعلمين وأقارب.
          وقد تبين أن السمنة تعتبر عاملاً مهما فى تكوين مفهوم الجسد. كما أن ازدياد حجم الجسم وتغيراته يساهم في تكوين هذا المفهوم خاصة عند الفتيات، حيث يسود اعتقاد بأن الفتاة التى وصلت إلى سن البلوغ بما تشير إليه تغيرات جسدها، هي أكثر تعرضا للمخاطر. وتنتمى هذه الفتاة إلى جماعات أكبر منها سنا وتواجه صعوبات حيث إن نضجها الفيزيائي لا يتوافق مع النضج العقلى والعاطفى. ونادرًا ما يتعرض الفتيان إلى هذه المخاوف. بالرغم من أن البعض منهم يتعرض للابتزاز والإساءة الجنسية من قبل بعض الراشدين. ويشاع بين بعض الأهل أن المراهق يكون فاقد المهارة فى هذه المرحلة. والواقع هو أنه يشعر بالانزعاج من نمو جسمه السريع، إلا أن مهارته تظل كما هى، والبرهان على ذلك مهارات الألعاب الرياضية، ولكن المشكلة هي سيطرة مشاعر الخجل التى تؤثر في حركة المراهق ومهارته.
إدراك صورة الجسد
          تنتشر بين المراهقين وخاصة المراهقات وساوس حول وزن الجسم وتأثير ذلك في إدراك الجسم.
          إن الفتيات يدركن أنفسهن على أنهن سمينات حتى لو كان وزنهن طبيعيا. وغالبية الفتيات تظن بأنهنّ سيكنّ أكثر سعادة وذكاء إذا كُنّ أكثر نحافة. على العكس فقد قال الذكور بأن للنحافة الزائدة آثارًا سلبية عليهم.
          وفى دراسة أجريت فى دولة عربية تناولت المخاوف بين البنين والبنات فى عمر السادسة عشرة. تبين أن الخوف من السمنة عند الذكور كانت نسبته 1% أما الأمر نفسه عند الإناث فكانت نسبته 30% أي أن ظاهرة السمنة هى من أكثر أنواع المخاوف بالنسبة للإناث.        
          وهكذا نرى تأثير النموذج الداخلى أو الصورة الداخلية التى يكونها المراهق عن جسمه وتأثيرها في السلوك بشكل عام وسلوكه الغذائى بشكل خاص. ومما يؤثر في تكوين الصورة الداخلية النماذج التى تشاهدها المراهقات والتى ترمز إلى النجاح والسعادة مثل المغنيات والراقصات وعارضات الأزياء والممثلات وغيرهن.
          كما أن لعبة مثل «باربي» ساهمت فى تكوين صورة الجسد لدى الفتيات طوال طفولتهن وكذلك فى المراهقة.
          وهذا ما حدا بالكثير من دور الأزياء فى العالم إلى إعتماد عارضات أزياء ممتلئات الجسم لتغيير نظرة الفتيات إلى الجسم المثالي.
اضطراب صورة الجسد
          يعود اضطراب صورة الجسد عند المراهقة إلى الانحراف بين الصورة الداخلية لجسدها أي الجسم الذى تودّ أن يكون لها، وبين إدراكها لجسدها كما تراه. وانتشار ظاهرتى الشراهة وفقدان الشهية العصبى (القهامة أو الخلفة) يعود إلى كون النحافة والجمال صنوين فى الكثير من المجتمعات. إذ أن الفتاة تتعلم باكرًا بأنه حتى تكون جميلة يجب ان تكون نحيفة.
          والفتاة التى تحمل هذا المفهوم فإنها على الأرجح ستتعرض للشراهة أو فقدان الشهية العصبى (الذى يؤدى الى الموت اذا لم تتم معالجة هذا الإضطراب بالطرق المناسبة الطبية والنفسية).
          وقد بينت الدراسات أن الفتيات والنساء المصابات بالشراهة أو الخلفة مقتنعات بأن الجمال يزيد من فرص النجاح المهنى. ذلك أن الشراهة والخلفة تظهران في المراهقة بسبب زيادة الأنسجة الدهنية التى ترافق البلوغ، وخاصة عند الفتيات اللواتى يبلغن فى سن مبكرة.
          هكذا، فإن الفتاة التى تبلغ مبكرًا يبدأ جسمها بإنتاج أنسجة دهنية والاحتفاظ بها أكثر منه عند اللواتى يبلغن متأخرًا. من هنا سبب كون الفتيات فى منطقة الشرق الأوسط أكثر سمنة على العموم من الفتيات فى أوربا بسبب البلوغ المبكر حيث إن هذا البلوغ يتأخر فى أوربا. حتى عند الفتيات النحيفات نجد الكثير من الأنسجة الدهنية فى بعض مناطق الجسم أكثر منه عند الفتيات الأوربيات.
          هكذا، فإن الفتاة التى تبلغ مبكرا والمقتنعة بأن الرشاقة هى فى أساس الجمال وأن الجمال أساسى للسعادة فإنها قد تصاب بالشراهة او الخلفة.
          ومن الأمراض التى تضطرب فيها صورة الجسد، اضطراب شكل الجسم الوهمى، حيث يعتقد المريض بأن هناك خطأ فى شكله مما يسبب الإحساس بالقلق الشديد. ويحتاج هذا المرض إلى إعادة تكوين الصورة الداخلية الصحيحة عن الجسم عن طريق العلاج النفسى.
ثلاث كلمات للمرأة مقابل واحدة للرجل
          كشفت دراسة حديثة أن المرأة تتحدث 20.000 كلمة فى اليوم مقابل 7.000 كلمة للرجل أى أن نصيب الرجل من الكلمات يساوى ثلث نصيب المرأة.
          ويرجع تفوق المرأة فى الثرثرة إلى الرحم الذى يفرز هرمون التستوستيرون الذى يعمل على تشكيل مخ الجنين الذكر ليصبح قويا وصامتا كذلك يقلل المنطقة المسئولة عن السمع ولعل هذا سبب شكوى النساء من أن الرجال لا يستمعون إلى ثرثرتهن.
طقوس مرهقة للمراهقة
          للمرور من الطفولة إلى الرشد أهمية كبيرة، بحيث أقامت لها المجتمعات العديدة شعائر وطقوسا واحتفالات. مع وجود اختلافات فى هذه الطقوس، إلا أن البعض منها منتشر بشكل لافت.
          أحد هذه الطقوس يقضى بفصل الذكور عن الأسرة وهذا ما سماه علماء الأناسة (الانثربولوجيا) بالعزل. يقضى الصبى النهار مع أسرته وينام فى مكان آخر مع ذكور آخرين أو بعض أفراد الأسرة. وهذا الطقس يجرى قبل تعليم المراهق أعمال الراشدين فى بداية المراهقة.
          وفى قبائل الناجافو والهوبى، فإن الفتيان يتركون أسرهم منذ بلوغهم ثمانى أو تسع سنوات. أما فى قبائل الكورتاتثى فى ماليزيا، فإن الفتيات يتركن أسرهم منذ عمر ثمانى أو عشر سنوات وينمن فى أكواخ خاصة بهن.
          وهذه الممارسات ترمز الى انفصال الطفل عن أسرته تشير الى بداية مرحلة الرشد، وترمز أيضًا إلى أن الطفل لا ينتمى فقط الى أسرته ولكن الى العائلة الكبيرة والمجتمع والقبيلة.
          ويُلاحظ أن التمييز بين الذكور والإناث هو أحد مواضيع هذه الطقوس. ففى الكثير من الثقافات نرى أن العرى لا يكون محرمًا قبل المراهقة وحتى الآن لا مانع من أن يرى الذكور والإناث بعضهم عراة وهذا ما يصبح غير مقبول فى المراهقة.
          وفى بعض الثقافات لا يسمح للذكور بالكلام مع أفراد العائلة من الجنس الآخر وتطبق هذه القاعدة حتى زواج الأخ أو الأخت. ولهذه الممارسات وظيفتان من حيث إنها تقوى تحريم سفاح القربى من أجل تجنب العلاقات التى تعود إلى الدم نفسه، وكذلك تشير إلى كون أن لكل من النساء والرجال نظام حياة مختلفًا.
          وبشكل عام يرافق هذه الشعائر قطع بعض الأجزاء من الجسم، فيخضع الذكور إلى الختان أو الى وضع بعض الرسوم على أجسادهم بواسطة الجروح. وتخضع الفتيات للختان أيضًا وإلى بعض المحن الجسدية مثل الضرب بالسوط أو التشطيب.
          ويخضع الذكور والإناث عند قبائل الهوبى إلى أنواع من التعليم محددة، حيث يتعلمون الشعائر الدينية كما يتلقون الضرب بالسوط. وفى بعض القبائل يتم ختان الذكور وعزلهم.
          كما أنه يتم تعليم الفتيات قبل الزواج الوظائف الخاصة بهن، كما يتم اقتلاع السنتين الأماميتين ( القواطع العليا ) وتبقى الفتاة بعد ذلك معزولة لمدة عشرة أيام.
          كما يتم فى الصومال تسمين الفتيات بالقوة وبطرق غير إنسانية حيث قد تتعرض بعضهن للموت، وذلك لأن سمنة الفتاة دليل على الوفرة والغنى والجاه عند الوالد.
          وإذا كان كل ذلك مايحدث، فإننا نقول: الحمد لله، المراهقة لدينا أهون وأرحم!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق