الأحد، 11 نوفمبر 2012

• بيكاسو يتحدث عن نفسه... وعن غيرنيكا



  • توفي «بابلو بيكاسو» في 8 أبريل 1973 بموجان (فرنسا)، قبل سنتين من وفاة الجنرال «فرانكو».
  • قرر الكونغرس الأمريكي تطبيق وصية بيكاسو وعودة اللوحة إلى موطنه بإسبانيا في مايو 1978.
  • عادت فعلاً لوحة «غيرنيكا» إلى مدريد (إسبانيا) في 10 سبتمبر 1981 لتستقر بمتحف «برادو».
          جلس «بابلو بيكاسو» (Pablo Picasso) في ركن من مقهى بأحد شوارع باريس، بلده المفضل بعد موطنه الأصلي إسبانيا، على مقربة من مقر اليونسكو، في هذا اليوم 17 من أبريل سنة 1958، جلس في انتظار فنجان قهوته السوداء التي اعتاد النادل تقديمها له كلما حل بهذا المكان، وطفق يفكر في آخر اللمسات التي سوف يضعها على الجدارية التي ينجزها بالمقر الجديد لليونسكو، وبينما هو غارق في التفكير، إذ بشاب يقترب منه ويقتحم عليه خُلوته، ليبادره بالتحية.
          - صباح سعيد يا سيد بيكاسو، هل تأذن لي بالتحدث إليك قليلاً من الوقت؟
          - تفضل يا بني بالجلوس،
          - أقدم لك نفسي، أنا «برنار ديبون» صحفي بمجلة «الفن الحديث» وأهنئ نفسي على هذه المصادفة الجميلة في اللقاء بك، إذ أنني منكب هذه الأيام على كتابة مقالة عنك يا سيد بابلو.
          - هل لك أن تقدم نفسك لقراء المجلة وتحدثنـا عن حياتك الشخصية والفنية.
          بيكاسو: حياتي حافلة بالأحداث والشخصيات التي أعتز بتعرفي عليها ومشاركتها لي جزءًا من حياتي، ويتعذر علي أن استعرضها كاملة في هذا الوقت الوجيز، وسأمكنك من كتيب يعرض أبرز المحطات في حياتي الفنية.. أقصر الحديث وأقول لك أن إطلالتي على الحياة كانت في 25 أكتوبر 1882 بمدينة مالقة (إسبانيا)، وأنا أول ابن لـ «دون خوصي رويز بلاسكو» والسيدة «دونا ماريا بيكاسو»، وقد ورثت لقبي عن والدتي! كان أبي معلمًا للرسم وأعتبره أستاذي.. استقرت عائلتي ببرشلونة وبها دخلت أكاديمية الفنون الجميلة سنة 1895 حيث يدرس والدي، وبعدها انتقلت لمدريد لاستكمال دراستي.. بدأت محاولتي في الرسم وعرض إنتاجي انطلاقا من سنة 1900 بفترة طغى فيها اللون الأزرق في رسوماتي..فعُِرفت بالـ «الفترة الزرقاء»، وفي سنة 1904 استقطبتني باريس للاستقرار بها، وانطلاقا من سنة 1905 تحولت إلى اللون الوردي الذي ساد  رسوماتي (الفترة الوردية) وما بين 1907 و1908 ابتدعت أسلوبًا جديدًا يُعرف بالأسلوب التكعيبي أنا و«جورج براك»  (Georges Braque)، حيث نستخدم الأشكال الهندسية لتكون أبرز سمات لوحاتنا، وكانت أول لوحة في هذا الاتجاه «آنسات أفينيون»...
بيكاسو فنان ومصمم ملابس!
          في سنة 1918 تزوجت راقصة الباليه «أولغا كوكلوفا» بعد عملي إلى جانب فرقة الباليه الروسية ليدياجيليف التي كنت مصممًا لملابسها وديكورها، وأثمر زواجي منها ولدي البكر «بول» ولي ابنة «مايا» مع «ماري تيريز» وبعدها «كلود» وآخر أبنائي «بالوما» الوديعة..
          جربت كل مدارس الفن، ويعتبرني مؤرخو حركة الفن التشكيلي أحد مبدعي «التكعيبية»، كما أنتسب حاليا للحركة «السريالية» التي توصي بإطلاق سراح الخيال ليكون الفنان وكأنه في حالة الرؤيا والحلم..
          الحديث سيطول بنا وأنا على موعد في الورشة التي تحدثت لك عنها لإنهاء جدارية بها، اتصل بي غدا هنا في نفس المكان سآتي لك معي بالكتيب وكثير من الصور.
لوحة غيرنيكا
          - شكرا لك سيد بيكاسو، سأقترح على مخرج المجلة أن يضع على غلافها صورة لأعز اللوحات وأفضلها لديك ماذا تقترح علينا؟
          - إن من أفضل أعمالي وأقربها إلى نفسي ووجداني لوحة «غيرنيكا» التي رسمتها سنة 1937، وهي لوحة كبيرة (زيت على قماش: 776.6 × 349.3 سنتيمتر)، وهي تؤرخ للحرب الأهلية الإسبانية، إذ كلفني بهذه المناسبة «خوسيه ريناو» من الجبهة الجمهورية برسم لوحة تعرض في معرض باريس الدولي، كصرخة غاضبة ضد الإبادة غير الإنسانية للفاشية في إسبانيا وانت تعرف أن «غيرنيكا» كانت بلدة هادئة في منطقة الباسك بشمال إسبانيا، وفي 27 أبريل 1937، تعرضت لقصف وحشي عنيف من قبل الطائرات الألمانية بأمر من الجنرال «فرانكو» ونظامه المستبد بالحكم.. كانت المدينة المسالمة عزلاء من دون حماية، وكان سكانها غارقين في حياتهم اليومية، ليفاجأوا بوابل من القنابل تنهال على المساكن والسكان الأبرياء، وصل وزن البعض منها إلى 500 كيلوغرام من المتفجرات، تلاها قصف مباشر بمدافع طائرات طاردت السكان الذين هرعوا مذعورين إلى الحقول خارج المدينة.. وبعد 45 دقيقة من القصف الغادر أصبحت «غيرنيكا» أطلالا تسكنها جثت أبرياء تملأ الشوارع والأزقة وتحت الأنقاض.. آه يا «غيرنيكا» الشهيدة! إن هذا الحادث المأساوي أيقظ في نفسي شعورًا وطنيا جارفًا، وأوحى لي فكرة هذه اللوحة لتجسيد هذا الدمار والوحشية بلغة رمزية تحمل دلالات عميقة.. إنها بكائية على جدران التاريخ.. وقد عرضتها سنتين بعد ذلك في متحف «الفن الحديث» بنيويورك، وفي الواقع هربتها خشية عليها من دمار الحرب العالمية الثانية، وأوصيت بحزم ألا تعود إلا بعد زوال حكم «فرانكو» وعودة السلام والحرية إلى إسبانيا...
          - شكرا ياسيد بيكاسو، وأنا ممتن لك بهذا التواضع في هذه الجلسة القصيرة، أتمنى لك بقية يوم ممتع.
          - إلى الغد يا بني..








هناك تعليق واحد:

  1. موضوع جيد لقد نال اعجابي حقا واقول ان بابلو بيكاسو فنان عظيم وقد جعلني اريد ان اطور اكثر في موهبتي لربما لربما ساصبح مثله

    ردحذف