الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

• الزواج المبكر: كيف تربي الطفلة طفلاً؟



          الزواج مؤسسةٌ اجتماعيةٌ تحتاج إلى مقوماتٍ للنجاح والاستمرار، ولتضطلع بدورها الاجتماعي التربوي على أكمل وجه ولتكوّن عائلة صحية من النواحي النفسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية لجميع أفرادها من آباء وأولاد، لتكن لبنة المجتمع قوية متماسكة.

          ما يثير التساؤل قضية الزواج المبكر للفتيات التي بدأتْ تستفحل في المجتمع وتلقى المزيد من التأييد والقبول مما ينبئ بإمكان تحوّلها إلى ظاهرة في المجتمع العربي، مشجعو الزواج المبكر للفتاة لهم مبرراتهم وحججهم، وبعض الآباء وأولي الأمر - مع الأسف - يعتبرون المسألة عائلية وحرية شخصية لا مجال لمناقشتها وبحثها، فولي الأمر حر في تزويج بناته ممن شاء متى شاء! فالزواج سترة للفتاة وحماية لها في ظل ما يرونه من انفتاح، ودراسة المرأة وعملها أمر غير ضروري في ظل قوامة الزوج، كثيرًا ما نسمع تعبير «ما جدوى الشهادة للفتاة، ما دامتْ ستعلّق في المطبخ؟!» مما يعطي طاقة سلبية لمن يسمعه وخاصة الفتاة فتترسخ لديها مفاهيم مغلوطة عن دورها الضيق في الحياة بصفتها أنثى. والزواج المبكر يتيح للفتاة خصوبة مبكرة وطويلة، وتكبر مع أبنائها، لكننا ننسى ونتناسى وسط كل هذه المبرّرات للاستعجال في تزويج الفتاة أحيانا قبل بلوغها سن الرشد أنها في الحقيقة طفلة وقطف زهرتها مبكرًا وتحويلها الى زوجة وأم قرار مصيري ومحوري بحاجة إلى أن تشارك به عن نضج ومعرفة وأهلية!
          الزواج بحاجة الى نضج جسدي ونفسي وفكري، فهو ليس مجرد وسيلة شرعية للإنجاب وتكوين عائلة، ونحن نتحدث هنا عن إنسانة لم تنضج تمامًا لتقول كلمتها ولتختر طريقها، ولم تنضج جسديًا بالشكل الكافي، تكثر الولادات المبكرة وتتضاعف مخاطر الحمل لدى الفتيات الصغيرات وتكثر الانعكاسات النفسية والجسدية السلبية على الأم الصغيرة حاضرًا ومستقبلاً وتثقل الأعباء والمسئوليات كاهلها، وتتعرض لتحديات الحياة مبكرًا، قد تتعرّض لفقد الزوج بأكثر من صورة إحداها وليس أقساها الطلاق، وتصطدم بالحاجة الاقتصادية وتدمّر حياتها لأنها معتمدة كليًا على الزوج في كل الأمور.
          إنّ تزويج الفتاة قبل نضجها التام وقبل تأمينها بشهادة أو مهنة تأهلّها للعمل فيه تقليص لفرصتها في العطاء والإنتاج واختزال لإنسانيتها وكينونتها ودورها في المجتمع واختصاره بالإنجاب ورعاية العائلة، واستنزافها نفسيًا وجسديًا قبل الأوان، اعتداء على خياراتها في الحياة وحرمان للمجتمع من طاقاتها وعرقلة لتطور مسيرتها وحصر لدورها.
نرى أنه لابد من سنّ القوانين الصارمة وتطبيقها فعليًا وعدم تجاوزها تحت أي مسمى وعدم السماح مطلقًا بالتحايل عليها، قوانين تحدد سن الزواج للمرأة بعد بلوغها سن الرشد، وأتساءل: تستطيع الفتاة ان تبقى طفلة سنين أخرى فلماذا تفقد طفولتها مبكرًا؟ هل القاصر قادرة على اتخاذ قرار مصيري ومحوري في الحياة مثل قرار الزواج؟ لماذا نستنزف طاقاتها ونعرقل مسيرة حياتها فتصبح أما صغيرة، آفاقها ضيقة، فرصها في الحياة وخياراتها محدودة، آمالها كسيحة معلقة بزوج قد يظلمها وقد.. وقد.. وندّعي بعد ذلك أنّ تزويجها مبكرًا لمصلحتها وحماية لها؟! ثم.. كيف تربي الطفلة طفلاً؟ كيف تنشئ وتربي وتعلّم وهي بحاجة لمن يرشدها ويأخذ بيدها؟!.




هناك 3 تعليقات:

  1. جيد جدا موظوعك ومناقشتك جدا جميلة عاشت ايدك وصح لسانك

    ردحذف
  2. هذه المقالة للكاتبة الأردنية حنان بيروتي قرأتها في مجلة العربي
    أرجو التنويه بذلك
    مع الاحترام

    ردحذف
  3. مقالة للكاتبة حنان بيروتي منشورة في مجلة العربي

    ردحذف