هذه دعوة صارخة بأعلى صوت من أعماق الأعماق، أيها الناس، أيها العقلاء، يا من تبحثون عن نجاح الوطن وتفوق المواطن، يا من تريدون منافسة الأمم المتقدمة فيما توصلوا إليه من علوم، يا من تتفاخرون بالماضي ولا تهتمون ببناء الحاضر والمستقبل: لا تضربوا الأطفال ولا تعذبوهم ولا تحملوهم فوق طاقتهم فربهم أعلم بهم وأرحم.
فأجسامهم نحيلة وأيديهم قصيرة وأرجلهم صغيرة فلا تقحموهم في الأعمال الشاقة ولا تجعلوا أحلامهم البريئة كوابيس مفزعة ولا تحولوا ضحكاتهم التي تشبه أصوات الكروان إلى بكاء وعويل ودموع، لا تطفئوا فيهم شموع المحبة والسعادة والإطمئنان، ولا تشعلوا الحياة ناراً أمام عيونهم فيكبرون والحقد يملؤهم والذل يطاردهم والتشرد يحاصرهم من كل جانب.
عندما تضرب الطفل فإنك تضع أول لبنة جُبن فى شخصيته وتعلمه أن يخضع بلا نقاش وألا يطالب بحقه لأنه لو فعل ذلك فسوف ينال عقاباً أليماً وهو الضرب أو الكي بالنار أو الحرمان من المصروف أو الحرمان من الطعام أو الحبس فى حجرة وهي أنواع من العقاب البدني والنفسي الذي يمارسه بعض الآباء والأمهات على أطفالهم بحجة الحرص على تربيتهم.
يجب أن يُعرض الدين على الأطفال برفق وأن يتعلموا ممارسة العبادات في هدوء وأن توجه لهم النصائح بحب وتسامح وأن نتجنب العنف بشتى أنواعه حتى العنف اللفظي في دعوة الطفل إلى شعائر الدين وأن نفهمه أن الله رحيم قبل أن يكون شديد العقاب وأن الله غفور قبل أن يكون سريع الحساب، ولا نوحي للطفل أن الله الرحيم ورسوله الكريم قد أمروا بضربه وعذابه لو تأخر أو تكاسل عن أداء الفريضة، ولنُعلم الأطفال أن الدين يسر لا عسر وأن الله أرحم على عباده من الأم على أطفالها وأن الله القدير قد وسعت رحمته كل شىء فيكبر الطفل هادئاً متسامحاً محباً لدينه وربه ورسول الله (ص).
إن هؤلاء الأطفال هم أبناؤنا وفلذات أكبادنا، إنهم يحتاجون للمزيد من حبنا وحناننا وعطفنا عليهم، يحتاجون أن نأخذ بأيدهم نحو الحياة بغير عقد وبغير أوامر وبغير تعليمات صارمة وتوجيهات كثيرة ودقيقة، فلنترك لهم حرية الحركة واللعب والتصرف ولنراقبهم دون التضييق عليهم أو ممارسة الضغط أو التخويف ولنجعل من أنفسنا قدوة حسنة أمامهم فى كل مناحي الحياة فلا نغش ونطلب منهم الشفافية ولا نكذب ونطلب منهم الصدق ولا نرائي ونطلب منهم التقـوى ولا نلهث خلف المال بأي أسلوب ونطلب منهم الزهد والعفة.
بارك الله في من كتب هذاالكلام الجميل
ردحذف