الاثنين، 27 أغسطس 2012

• السرقة عند الأطفال ... أسبابها ونتائجها وعلاجها


كيف تتصرف الأم إذا رأت ابنها يسرق؟  
ما هي أشكال سرقات الأطفال؟
ما هي أسباب ودوافع السرقة عند الأطفال؟
كيف نتعامل مع سرقة الأطفال؟  
سرقات الأطفال من القضايا التربوية المهمة التي كثيراً ما يخطئ الوالدان في معالجتها بأسلوب صحيح ـ فقد تمتد يد الصغير إلى شيء لا يخصه في البيت أو في المدرسة فيلقى عقاباً بدنياً مفرطاً من الأب أو الأم أو يقابل بصمت وتجاهل منهما لما فعله. ترى كيف تتصرف الأم إذا رأت طفلها أو طفلتها يسرق بعض الأشياء.
     من الصعب في كثير من الأحيان أن نطلق على ما يأخذه الطفل دون وجه حق، أو دون استئذان سرقة، فقد تمتد يد الصغير إلى لعبة في أحد محال اللعب فيحملها دون أن يشعر بذلك والداه. وقد لا ينتبها إلى ما حدث إلا بعد العودة إلى البيت فيفاجآن بلعبة لم يدفعا ثمنها في يد الصغير، وقد تمتد يداه إلى مكتب أبيه أو مكتبة ليأخذ منها أوراقاً أو أقلاماً، أو كتباً، أو غيرها. هذا الصغير لا يمكن أن تسميه سارقاً، ولكن مخاطر أن يصبح كذلك تتوقف على سلوك والديه  ومعالجتهما لمثل هذا الموقف.
     تأخذ سرقات الأطفال أقل من عشر سنوات، أشكالاً عدة ينبغي أن ينتبه لها الوالدان، ويسارعان في علاجها فقد يطلب الطفل من زميله في المدرسة أن يعطيه مبراة أو قلماً أو ساعةً أو لعبة -إلخ- فيستجيب له، لأن أطفال هذه السن يجدون قدراً كبيراً من السعادة في أن يمارسوا حقهم في التصرف فيما معهم. وعندما يسأله والده، أو والدته عن تلك اللعبة أو القلم، أو الساعة يقول إنه أعطاها لجاره أو زميله فلان، وربما تطلب الأسرة منه أن يستعيد ما أعطاه، ولكن الآخر لا يستجيب إما بضياع ما أخذ، وإما لتصرفه فيه، وإما لحرصه على تملكه. وهنا تكبر المشكلة.
    وقد يعجب الطفل بما في حوزة غيره من اللعب أو الأدوات أو النقود ويعرف سلفاً أن زميله سيرفض إعطائه أو إيجارته الأداة أو اللعبة لبعض الوقت فينتهز أقرب فرصة ليستولي عليها خلسة في غيبة صاحبها، أو في لحظة غفلة منه ويكشف صاحب الشيء المفقود الأمر فيعلن عن فقدها ويلجأ إلى زملائه يسألهم عنها. كما يلجأ إلى العاملين بالمدرسة شاكياً فقد حاجته ويخشَ الطفل الذي أخذ الأداة أو اللعبة أو النقود الاعتراف بما وقع منه حتى لايتهم بين زملائه بالسرقة ويقع عليه العقاب فينعقد الموقف وتكبر المشكلة.
     مفتاح حل الموقف هنا في يد أسرة الطفل الذي أخذ الأشياء إذ على كل أسرة ان تلاحظ أطفالها ملاحظة عن كثب كثيب لصد ما يحدث من تغير في مقتنيات أطفالها. فإذا وجدت الأسرة تغييراً في تلك المقتنيات فعليها الاتصال بالمدرسة، والتحدث مع معلم الطفل. وقد يحدث من هذه المشكلة ألا يسمح الآباء لأبنائهم بأن يحملوا معهم إلى المدرسة أشياء غالية أو نفيسة تكون عرضة للضياع أو السرقة.
الآباء هم السبب:
    يعاني الأطفال في بعض الأسر بتشدد الوالدين في مراقبة سلوكهم فيشعر الواحد منهم أنه مراقب دوماً، وأن جميع حركاته وسكناته محسوبة عليه. وتعتقد بعض الأسر أنها بذلك تحسّن التربية للطفل. فهو لايستطيع أن يفتح الخزانة أو مكتب والده، أو يمسك كتاباً أو يمد يده إلى مذياع أو تلفزيون، وهي تقتر عليه من مصروف الجيب ولا تستجيب لما يطلب من لعب، وأدوات خاصة، مثل هذا الطفل تعيس والثقة مفقودة بينه وبين والديه، وهو ينتهز أول فرصة يغفل فيها الأبوان عنه، ليكسر كل الموانع التي يقفانها في طريقه ويحصل على الأشياء الممنوعة ويخفيها.
    وبذلك يكون البيت برقابته الشديدة على الأبناء وبما يمارسه عليهم من حرمان وتقتير سبباً في انحراف سلوكهم في سن مبكرة. علاج مثل تلك الحالات يتطلب من الوالدين التعرف على دوافع الطفل الفطرية، وميوله، وحاجاته إلى التملك. وإدراك أن شخصية الطفل لا تكتمل ما لم تنتج له الفرصة لتملك الأشياء المناسبة لسنه.
     وقد تصحب الأسرة الطفل في نزهة إلى حديقة عامة فيعجب الطفل بمنظر الأزهار والورود. وفي خلسة من الأب والأم ـ أو على مرأى منهما ـ يقوم بقطف الأزهار فرحاً بمنظرها الجميل، ورائحتها الزكية. إغضاء الأبوين أو الكبار عن هذا السلوك من الطفل يكون مؤشراً على أنهما يوافقان على أن يستبيح الطفل ما ليس له. فتهتز قيمة الأمانة .. وتبهت قيمة الحافظة على ملك الآخرين ويختلط الأمر على الطفل بين حقه وحق غيره. ويكون هذا السلوك بداية الطريق إلى السرقة في المستقبل. فقد يستحل لنفسه أن يأخذ بعض المعروضات المدرسية من العرض النهائي لإنتاج تلاميذ المدرسة. مبرراً ذلك بأنها معروضات عامة. وقد يستحل لنفسه أن يصطحب بعض الكتب من رفوف المكتبة العامة بالمدرسة بعذر أنها ليست ملكاً لشخص بعينه. ويستحل لنفسه في يوم ما أن يأخذ أدوات المائدة التي تقدم له مع الطعام في الطائرة أو في أحد المطاعم متعللاً أن الطائرة أو المطعم ملك الجميع.
     وقد يشعر الطفل أن الأب يعاقبه دوماً على كل صغيرة وكبيرة فيلجأ إلى حيلة ساذجة كأن يسرق آلة العقاب ويخفيها تماماً، أو يحطمها ظناً منه أن ذلك السلوك سوف يمنع العقاب ولو لفترة ما.
     وكثيراً ما يحرص بعض الأطفال على أن يحصل على درجات مرتفعة في الاختبارات المدرسية. وعندما لا يسعفه تحصيله الدراسي يلجأ إلى اختلاس الإجابة الصحيحة من أحد زملائه المعروفين بالتفوق الدراسي أو من الكتاب المدرسي .. أو قصاصات من الورق بهدف الحصول على تقدير مرتفع يفرح به أبوه وأهله. وينال به الحظوة لدى معلمي مدرسته. لكن هذه سرقة. وقد يبدو في أول مرة أنها سرقة هينة لكن أثرها كبير على مقومات الشخصية وعلى اتجاهات الناشئ في المواقف الأكثر تعقيداً مما يعرض له في حياته المستقبلية.

 احذروا التفرقة:قد يشعر الطفل الثاني في الأسرة أن الطفل الأول يتمتع بميزات ليست له. فيظل يصارع ويصارع، ليحصل على الميزات نفسها، لكن الأسرة قد تغمض عينها أحياناً عن تحقيق العدالة بين الأخوة في هذا المجال بل قد تتحيز دون وجه حق لأحد الأبناء، فيصبح هدفاً يسعى الأخوة الآخرون للانتقام منه.
وقد يأخذ هذا الانتقام صورة سرقة يقوم بها أحد الأخوة لما ينفرد به الأخ الأكبر من لعب أو نقود أو خلافه فيأخذها خلسة ويخفيها في مكان غير معروف ويرتاح باله بذلك لأنه حرم أخاه الأكبر من ميزة حُرم منها هو من قبل.  
النصف الآخر:    التعرف على دوافع وأشكال السرقة عند الأطفال نصف الطريق في معالجة هذا السلوك. أما النصف الآخر فهو تصرف وسلوك الوالدين سيما الأم التي ينبغي عليها أن تراعي في تربية طفلها مايلي:
     أشبعي حاجة طفلك إلى المحبة، والعطف حتى لا يجد حرجاً في البوح لك بكل ما يختلج في صدره. وليعبر عن سائر رغباته دون خوف، وعامليه برفق، واستجيبي لطلباته المعقولة، واعتذري عن إجابة ما تعجزين عن تحقيقه .... احترمي حق طفلك في تملك الأشياء المناسبة في اللعب والأدوات وأعطيه الفرصة للمشاركة في اختيار اللعب وشرائها. وربيه على المحافظة عليها وصيانتها، واسمحي له أن يشرك غيره من الأطفال في اللعب بها، وأن يتخلص من الزائد منها. مما كان يستخدمه في مراحل نموه السابقة بإهدائه إلى غيره من الأطفال المحتاجين.
     إمنحي الفرصة لطفلك لاستخدام النقود بتخصيص مصروف جيب يومي مناسب يتصرف فيه بحرية لاستكمال ما قد ينقصه، وما قد يحتاج إليه خلال اليوم. وراقبي استخدامه لنقوده دون أن يشعر بعبء التدخل الدائم في شوؤنه الخاصة وشجعيه على أن يتصدق او يحسن إلى المحتاجين.
     لاينبغي أن يشعر الطفل بأنه طفل مدلل يتصرف وفق هواه، ولا يصح أن يعرفّه سائر أفراد الأسرة بمبادرتهم الطوعية للاستجابة لرغباته. وينبغي أن يكون كل ما يقدم للطفل بموافقة أبويه وتحت إشرافهما وتوجيههما ومحاسبتها للطفل برفق.
     ينبغي أن يشعر الطفل دوماً بانتمائه الكامل إلى الأسرة فهو أحد أفرادها ويتحمل المسؤولية على قدر نضجه في الحفاظ على ممتلكاتها. لذلك لا ينبغي أن يشعر بأنه لا يستطيع فتح الأدراج، أو الخزانات بل على العكس من ذلك ينبغي أن يكلف بإحضار أشياء معينة من الدرج أو الخزانة مع توجيهه إلى الحرص على الأشياء المحفوظة.
     عاملي أبناءك على قدم المساوة، فلا تميّزي أحد الأبناء على إخوته حتى لا يتولد عنده الشعور بالحقد مما قد يدفع من يحس بالظلم من الأبناء إلى الانتقام  ممتلكات الطفل المميز أو ممتلكات الأبوين نفسيهما.
    أرصدي حوافز تشجيعية للأبناء إذا قام أيّهم بعمل يعود على الأسرة بالخير. وقد يكون هذا العمل خدمة ترتبط بنظافة المنزل أو إصلاح أحد الأجهزة المنزلية، كما قد تكون معاونة قُدّمت من أحد الأبناء إلى أخ من إخوته أو عملاً من أعمال البرية بذلك يعرفون أن العمل سبيل لتنمية الثروة.
     راقبي مقتنيات الطفل الخاصة فإذا طرأت عليها أية زيادة أو نقص حددي مصدر الزيادة أو سبب النقص ووجهي الطفل إلى رد ما ليس له إلى صاحبه واستعادة ما نقص من مقتنياته الخاصة.
     علمي طفلك أن يحافظ على المال العام كالحدائق، وأعمدة الإنارة وصناديق البريد، والهواتف العامة، واحرصي على تقديم القدوة منك ومن والده في المحافظة على هذه الأموال.



هناك تعليقان (2):