الخميس، 23 أغسطس 2012

أطفالنا والغذاء السليم


·        لماذا يتعود أطفالنا على أغذية معينة؟

·        ماذا نأكل؟ ولماذا نأكل؟

·        كيف نزرع بأطفالنا ثقافة الغذاء السليم؟  
     لا يزال الآباء والأمهات يتلقفون المعلومات الطبية حول غذاء الطفل، فهذا الطعام ينفعه ويغذيه، وذاك يضره ويؤذيه، وهذا لا يجوز الإكثار منه، وذاك يؤدي إلى تسوس الأسنان...إلى آخر ما هنالك من معلومات رائعة يجتهد الأطباء في نشرها وتوعية المجتمع بها، ولكن هل تكفي هذه المعلومات الطبية لبناء عادات غذائية سليمة عند أبنائنا؟... هل سيُقبل الطفل على الغذاء الصحي لمجرد أنه مفيد؟ وهل سيتخلى عن حبه للحلويات الدسمة ذات الألوان الصناعية لمجرد أنها ضارة؟


    إن العادات الغذائية عادات متوارثة كما هو الحال في العادات الاجتماعية المختلفة... لذا فإن الخطوة الأولى  لبناء عادات غذائية صحية عند أبنائنا هي أن نبدأ بأنفسنا فنقيدها بما ينصحنا به الأطباء، فنحن - كبالغين عاقلين – يفترض بنا أن نكون ناضجين في ضبط أنفسنا أمام الموائد العامرة بالسموم اللذيذة ... ولا نستسلم بالرضوخ لما كان عليه آباؤنا وأجدادنا إلا ضمن ما تقتضيه صحتنا... وهذه الخطوة هي التربية بالقدوة...
    ثم إن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ونعلمه لأبنائنا: لماذا نأكل؟ سنجد عدة إجابات، وبحسب كل إجابة يتوجه السلوك الغذائي عند الواحد منا، فمنا من يقول: نحن نأكل لنشبع، وثانٍ يقول: نحن نأكل لتقوى أجسامنا وتصح، وثالث يقول: أنا آكل لكي أستمتع وأتلذذ ... فالأول – بسبب طريقة تفكيره – يفرط في ملء معدته ولو أتيحت له الفرصة لملء رئتيه لما توانى، ولا يهمه أكان الطعام صحياً أو غير صحي، لذيذاً أو رديء الطعم، المهم هو ملء الخزان، والثاني يكفي أن تقول له: إن هذا الطعام مفيد لصحتك، حتى تراه مقبلا عليه غير عابئ بمرارته أو حلاوته، المهم أنه يحافظ له على رشاقته وحيويته، ويملؤه أملا ً بمستقبل مشرق يتمتع فيه بقوته وأجهزة جسمه ... والثالث اتخذ من الطعام وسيلة إمتاع، الطعم بالنسبة إليه مهم جداً .. .ولا يهم ما وراء هذا الطعم من ضرر أو نفع ... وهذا يبهج نفسه ويمتعها ولكن غالباً ما يقودها – إذا لم يكبح جماحها - إلى هاوية المرض ... فانظر أي نوع من الناس أنت تجاه الطعام، لأن ولدك سيقتدي بك، ونحن عندما نطعم أبناءنا نستخدم بعض العبارات التي توجهه إلى أن يكون واحداً من هؤلاء الثلاثة: فنقول مثلا: هذا العسل يجعلك قوياً، وهذا الحليب ينمي لك عظامك ... أو نقول له: هذا الرز لذيذ جداً، وهذه البطاطا طبختها لك لأنك تحبها ... ولا بأس أن نمزج بين النموذج الثاني (الذي يأكل ليستفيد ويصح) والنموذج الثالث (الذي يتلذذ ويتنعم بالطعام) .. فالطعام غذاء للجسم، وهو في ذات الوقت وسيلة إمتاع ولذة مباحة، ولا تكاد يخلو وقت الترفيه من طعام لذيذ يزيد الترفيه بهجة وسلوى ... أما النموذج الأول (الذي يأكل لمجرد الشبع) فبعيد كل البعد عن الصحة...
     وهناك نموذج رابع لا يقل سوءاً عن الأول، وهو الشخص الذي يأكل ليفرغ توتره... كلما غضب أو حزن أو فرح أو قلق أقبل بنهم على الطعام ليفرغ فيه غيظه وغله ... فنجده ينهش من هنا ويعب من هناك... حتى يزول توتره ... وللأسف كثيراً ما نربي أبناءنا على ذلك، فكلما بكى الطفل أعطيناه قطعة حلوى، وكلما تشنج الرضيع ألقمته أمه ثديها، وكلما تشاجر الأبناء مع بعضهم، عقدنا لحل المشكلة قمة فيها طعام!! وانظروا معي إلى عبارة: هل ستكف عن البكاء إذا أعطيتك حلوى؟!! فنجد الطفل يكبر ويشب وربما اعتقد أن الطعام هو دواء التوتر والقلق، ومما هو معلوم أن معظم حالات السمنة المفرطة ناتجة عن الضغوط النفسية ... ولكي نجنب أبناءنا ذلك علينا أن نعلمهم الوسائل الصحيحة الآمنة لطرد التوتر وتهدئة النفس بعيداً عن الطعام...
     وكذلك من العادات الخاطئة التي يمارسها الآباء تجاه أبنائهم أن يستخدموا الطعام وسيلة لإلهاء الطفل وملء وقته، فنجد هذا الطفل المسكين لا يهدأ فمه عن المضغ ... وبعد هذا كله ربما تشتكي أمه فتقول: إبني لا يأكل!! وهل يعجز هؤلاء الآباء عن إشغال أبنائهم بألعاب تربوية، أو حكايات ماتعة، أو رياضة مفيدة؟
     إن من أجمل الهدايا التي يمكن أن نمنحها لأبنائنا أن نربيهم على غذاء سليم، تصح به أجسامهم، وصحة الجسد ستنعكس بدورها على سلامة العقل وطمأنينة النفس ... وما أجمل هذا الابن صاحب الجسم السليم، والعقل الراجح، والنفس المطمئنة.


     إقرأ أيضًا





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق