الأربعاء، 1 أغسطس 2012

مص الأصابع..... مخاطر وإرشادات

طفلي... يمصّ إصبعه!

إنها مشكلة يشكو من انتشارها الكثير من الآباء والأمهات، وعلى الرغم من أنها لا تترك أي أثر على  الأسنان إذا ما تركها الطفل قبل سن الخامسة، فإن استمرارها بعد هذه السن يؤدي إلى سوء إطباق له نتائج سلبية للغاية.
          قالت إحدى الأمهات: (على الرغم من أنه قد بلغ من العمر عشر سنين، فإنه مازال مصرّا على مص إصبعه، وعندما أوجّه له ملاحظة عابرة، أو أؤنبّه بلهجة حادة، يتظاهر أمامي بابتعاده عن هذه العادة، لكنني لا أكاد أدير وجهي، أو أنشغل بأمر ما، حتى يعيد إصبعه إلى ما كانت عليه!).
          وقالت أخرى: (لم أستطع إرضاعه في الشهور الأولى من عمره، فقد انقطع الحليب عن ثديي فجأة، ومن دون سبب أعرفه، فاضطررت إلى إرضاعه إرضاعًا اصطناعيًا، أي عن طريق الزجاجة والحليب المجفف، لكنني فوجئت فيما بعد بعادة (مص الإصبع) تأسره، وتقيّده بسلاسل تحول دون الإقلاع عنها، والابتعاد عن ممارستها، حتى تاريخ هذا اليوم!).
          أما الثالثة فقد قالت: (أموره كانت طبيعية، وسلوكه كان على ما يرام، ولم يكن يمارس أي تصرّف شاذ، أو عادة سيئة، لكنه منذ ولادة شقيقه الأصغر، الغيرة تنهشه، والتغيّر ينتابه، والتصرفات الغريبة لا تفارقه، وإبهامه الأيمن لايغادر فمه على الإطلاق! حاولت كثيرًا منعه من ذلك، لكنني - مع الأسف الشديد - لم أفلح!).
          وأدلت الأم الرابعة بدلوها، فقالت: (تذكّرني إصبعه الممتصّة... بلفافة الدخان التي يدخّنها والده... فوالده يلجأ إليها حين الغضب، أو حين يكون منشرح الصدر، منفتح النفس، كذلك هو، يلجأ إلى مصّ إصبعه في حالتي الغضب والفرح على حد سواء، وأنا، في حيرة من أمري، فكلاهما يمارس عادة سيئة، وكلاهما لايستطيع الإقلاع عنها، وكلاهما يلجأ إليها في حالات نفسية معينة).
عادة سيئة
          إنها عادة من العادات السيئة، تنشأ غالبًا لدى أطفال الرضاعة الاصطناعية، أي الذين لم تتح لهم فرصة تناول الحليب من أثداء أمهاتهم مباشرة. كذلك تنشأ لدى الأطفال الذين تهجرهم أمهاتهم، أو لا يبقين إلى جانبهم مدة كافية، أو لا يشعرنهم بالحنان الضروري الذي يجب أن يحاط به كل طفل، وهذه العادة - كما ذكرنا - لها جوانب سلبية، ومضاعفات لا تحمد عقباها، وهي تؤثر فيما بعد تأثيرًا مباشرًا في الأسنان والفكين، ويمكن أن نوجز هذه التأثيرات على النحو التالي:
1)    بروز القواطع العلوية بروزًا منفّرًا، مما يعرّضها لخطر الكسر عند أقل صدمة.
2)    تقدم الفك الأعلى نحو الأمام، وبالتالي تشوّه التناسق الوجهي المحبّب.
3)    تراجع الفك السفلي، وابتعاده عن وضعه الطبيعي المفترض.
4)    علو قبة الحنك نتيجة الضغط المستمر من قبل الإصبع.
          وهذه العادة، تعبّر عما يجيش في صدر الطفل من مشاعر وأحاسيس، إنها تعبّر عن حبّ الانتقام من جرّاء ما يحدث معه، إنها تعبّر عن رغبته في التعويض عن أشياء محروم منها، وهو في أمس الحاجة إليها، إنها تعبّر عن عالمه الخفي ودنياه الغامضة ونزعاته، التي لا يعرفها أحد، فلابد إذن من الحكمة، لابد من استخدام الطرق التربوية الملائمة لإبعاده عن تلك العادة، واقناعه بمدى الضرر الذي يحدثه لنفسه بعمله الشاذ هذا، علمًا بأنه من النادر أن يستوعب الطفل هذا الأمر قبل عمر سبع سنوات!
دون عنف أو ضغط
          على كل حال، يجب الانتباه إلى ضرورة تجنّب أسلوب الضغط والإكراه من أجل إبطال هذه العادة، أو اتباع الأساليب القمعية أو العنيفة، التي هي في الحقيقة تضرّ أكثر من أن تنفع، فأساليب من هذا النوع قد تولّد ردود فعل سلبية لدى الطفل، أو تدعوه إلى تصرفات مشينة بغية جذب انتباه والديه، أو التماس اهتمام أكبر من قبلهما!
          بعضهم يربط إصبع الطفل بقطعة من القماش، ليحول دون وضعها في فمه، وبعضهم يضع عليها علقمًا أو سائلاً مرًا أو مادة كريهة الطعم، كي ينفر الطفل من هذه العادة، وبعضهم يلجأ إلى تركيب جهاز فموي ذي نتوءات بارزة وأسلاك مدببة تزعج الإصبع حين مصّها، ولكن تبقى المعالجة النفسية هي الأساس، لأنها تتعامل مع السبب الحقيقي،  وإزاحة السبب يوصل دائمًا إلى بر الأمان!
          يمكن لطبيب الأسنان العام، أن يتدارك هذه الحالة قبل استفحالها، ولكن حين تسوء الأمور وتتعقد الإجراءات، لابد من الاستنجاد بطبيب التقويم المختص، الذي يساعد في إيجاد الحلول المناسبة لكل حالة، إذ يقوم بدراسات مستفيضة معتمدًا على لغة الأرقام، ومستندًا إلى الصور الشعاعية، التي تكشف عن أدق التفاصيل، ومتواصلاً مع الأمثلة الجبسية، التي تضع بين يديه مباشرة نموذجًا حقيقيًا يوضح الإطباق والعلاقات السنية، يفعل ذلك كله، قبل القيام بأي إجراء علاجي، أو تركيب جهاز تقويمي يغيّر الحالة ويوجهها وجهة طبيعية، ضمن برنامج زمني محدد، وضمن مراحل متعددة، مترابطة، بعضها يمسك برقاب بعض، فلكل مرحلة دور ينتهي بمجيء المرحلة التالية، وهذه المراحل بالطبع، تختلف من حالة إلى أخرى، ومن سوء إطباق إلى سوء إطباق آخر.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق