يختلف استقبال الجسم للسيجارة عن استقباله للطعام
والشراب مثلا، ففي الحالة الأخيرة يقوم الجسم بهضم الطعام وتكسيره حتى يستطيع
الجسم امتصاصه والاستفادة بقيمته الغذائية، بينما عند تدخين السجائر يستقبل الجسم
كمية كبيرة من المواد الكيميائية والمسرطنات، والتي يخرج جزء ضئيل منها في عملية
الزفير، بينما يستقر الجزء الأكبر في أعضاء الجسم الداخلية وفي الدم والخلايا.
وتبدأ أضرار السجائر منذ بداية إشعالها، حيث يندفع الدخان ليصل إلى العينين والأنف
والحنجرة، فتفرز العين الدموع، ويهيج الأنف والحنجرة، ويعطل عمل الشعيرات الدقيقة
(الأهداب) التي تحمي وتنظف الشعب الهوائية والرئتين من المواد الغريبة الضارة، وقد
يصل الأمر إلى تدمير تلك الأهداب تمامًا، وفي داخل الرئتين، فإن القطران يقتل خلايا الرئتين السليمة،
فثلاثون في المائة من القطران داخل السجائر تخرج مع الزفير، وتظل النسبة الباقية
داخل الرئتين والحنجرة، ويشير المتخصصون إلى أكذوبة السجائر منخفضة القطران، والتي
لا تختلف عن السجائر المعتادة سوى في عمل بعض الثقوب الصغيرة في فلتر السيجارة
لتخفيض كمية القطران الممتصة، وتغلق أصابع المدخن معظم تلك الثقوب أثناء امساكه
بالسيجارة مما يجعلها عديمة الفائدة، وتصل المواد الكيميائية في السجائر مباشرة
إلى مجرى الدم، فتصل إلى القلب، ثم إلى جميع أنحاء الجسم، وبسبب زيادة نسبة أول
أكسيد الكربون في الدم فإن القلب يبدأ في الخفقان بسرعة زائدة قد تصل إلى 25 ضربة
في الدقيقة الواحدة لتعويض حاجة الخلايا من الأكسجين، ومع التدخين المنتظم، تبدأ
حواس التذوق والشم في الفتور، حيث يغطي القطران اللسان والممرات الأنفية، وتزيد
فرصة تعرض المدخن للنوبات القلبية والسكتة الدماغية بسبب ارتفاع ضغط الدم بنسبة 15
في المائة تقريبًا عن معدله الطبيعي، ولا يؤثر التدخين فقط على ضغط الدم، ولكن
ضرره يصل إلى الدم نفسه، ففي دم المدخن تزداد نسبة أول أكسيد الكربون من 4 إلى 15
مرة أكثر من الشخص غير المدخن، ويبقى أول أكسيد الكربون في دم المدخن لمدة ست
ساعات بعد التدخين، يمتص فيها الأكسجين بشراهة من كل خلايا الجسم، ورغم أن تلك
الآثار السلبية للتدخين على الرئتين والقلب والأوعية الدموية وحاستي التذوق والشم
قد تزول بعد الإقلاع عن التدخين، إلا أن الضرر الذي يصيب البشرة والجلد يستمر ولا
يزول بزوال السبب، فالأوعية الدموية في الجلد تنقبض أثناء التدخين، فيقلل ذلك
الأكسجين اللازم لها، فتظهر التجاعيد، ويعرف الأطباء مصطلح "وجه المدخن"
smoker's face، والذي يصف وجه المدخنين
الهزيل الشاحب ذا الخطوط الداكنة حول العينين وزوايا الفم، وهي الحالة التي يصل
إليها نصف المدخنين تقريبًا على الأقل كما تشير الدراسات. إلى جانب ذلك، فإن أبحاث
الصحة الجنسية الحديثة، والتي أجريت في كلية الطب بجامعة بوسطن الأمريكية، تشير
إلى تعرض 78 في المائة من المدخنين إلى مشكلات في القدرة الجنسية، وفي السيدات
المدخنات، تنخفض الخصوبة بنسبة 43%، وقد يصلن إلى سن اليأس مبكرًا بعامين عن
مثيلاتهن غير المدخنات.
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق